ديسمبر 23. 2024

في ريف حلب الشمالي… ولادة جسم عسكريّ جديد يتوافق مع “هيئة تحرير الشام”

عفرين بوست ــ متابعة

تسعى عدد من الميليشيات المسلحة التابعة للاحتلال التركيّ إلى إنشاء كيانٍ عسكريّ جديدٍ في منطقة أعزاز والباب وجرابلس، وفيما يُروّج أنّ هدف إنشاء الكيان الجديد، هو تنظيم الواقع العسكريّ والأمنيّ وتحصين الجبهات ومكافحة المخدرات وعمليات التهريب، فإنّ ذلك غير صحيح، فالتوقيت والمعطيات الحالية تؤكد غير ذلك تماماً.

ظاهرة إنشاء تكتلات عسكريّة ليست جديدة، فقد سبق أن برزت عدة كتل بشكلٍ متلاحقٍ، ولم يغير ذلك من الواقع الأمني وظلت الفوضى تعصف بالمناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ، واستشرت تجارة المخدرات وتكررت حالات الاقتتال الفصائليّ، والتي انتهزها تنظيم “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) للتدخل متحالفةً مع بعض الميليشيات ضد ميليشيات أخرى.

في بيان مشترك بين عدة ميليشيات أعلن بتاريخ 5/11/2023 عن تشكيل كيان عسكريّ جديد باسم “القوة الموحدة” وتضم ميليشيات: الجبهة الشامية، فرقة المعتصم، تجمع الشهباء. وبحسب البيان فإنّ الغاية هي رفع الكفاءة العسكريّة والحفاظ على السلم الأهليّ ومنع الاقتتال الداخليّ.

ذكر موقع تلفزيون سوريا، نقلاً عن مصادر خاصة أنّ الميليشيات المذكورة عقدت اجتماعات مكثفة خلال الأيام الماضية، للتوصل إلى اتفاقٍ على الخطوط العريضة الخاصة بالتشكيل المزمع الإعلان عنه، آخرها في 30/10/2023 في مقر قيادة ميليشيا “الجبهة الشامية” في مدينة أعزاز قرب معبر باب السلامة. وذلك بحضور متزعم ميليشيا “الجبهة الشامية” المدعو “عزام غريب” والمسؤول للميليشيا المدعو “مضر نجار”، ومتزعم ميليشيا “تجمع الشهباء” المدعو “حسين عساف” (أبو توفيق تل رفعت)، ومتزعم فرقة المعتصم “المعتصم عباس”، ومدير التوجيه المعنوي في الجيش الوطني المدعو “حسن الدغيم”، وآخرين.

وبحسب موقع سوريا كانت الفكرة في البداية تتمحور حول تشكيل مجلس عسكريّ يضم ميليشيات: الجبهة الشامية وفرقة المعتصم وتجمع الشهباء، مع احتمال انضمام ميليشيا “جيش الشرقية”. وأبلغ المسؤول التركيّ عما يسمّى منطقة “درع الفرات”، متزعم ميليشيا “الجبهة الشامية” برفض تشكيل مجلس عسكريّ مع تجمع الشهباء المقرب من “هيئة تحرير الشام”، والعمل على التقارب مع “الفرقة 50” ضمن “الشهباء” (وينحدر معظم أفرادها من مدينة تل رفعت وكانوا سابقاً ضمن الجبهة الشامية)، ومحاولة إعادة دمج الفرقة مع “الشامية”، وبالتالي إضعاف “الشهباء”. إلا أنّ متزعم ميليشيا “الجبهة الشامية” رفض المقترح، وعمل على التنسيق مع ميليشيا “تجمع الشهباء”، وذلك بالترتيب مع الهيئة، ولتجنب إجراءات معاكسة من الجانب التركيّ، تم تغيير التسمية من مجلس عسكريّ إلى قوة موحدة، والغاية منها بداية نواة جديدة في المنطقة تتبع لهيئة تحرير الشام، كون المسار يتم برعاية “الجولاني” بشكل مباشر”.

الواقع ما يجري هو اصطفاف عسكريّ لتشكيل كتلة وازنة بعدما أضحى تدخل “هيئة تحرير الشام” اعتياديّاً في كلّ مناطق ريف حلب الشمالي ووصلت إلى منطقة جرابلس وعلى مشارف منطقة منبج، ووجود ميليشيا “تجمع الشهباء” يعني انعطافاً في مسار الميليشيات في مسعى لاحتواء المتغيرات. 

يُذكر أنه أعلن عن تشكيل ميليشيا “تجمّع الشهباء” مطلع فبراير/شباط 2023، وحينها تم تداول أنّ الغاية منه تحقيق البديل لقيامِ مشروع الإدارة الموحدة الذي تسعى إليه “هيئة تحرير الشام”، ويتضمّن فرض إدارة مدنيّة موحدة في ريفي حلب الشمالي والشرقي وإنشاء مجلس عسكريّ يعمل خارج المناطق السكنيّة، ويكون مسؤولاً عن جميع نقاط الرباط. وعلى مدى شهرين استمرت الخلافات واندلعت الاشتباكات على أشهر بين ميليشيات “الجبهة الشامية وتجمع الشهباء”.

يقابل التشكيل الجديد تشكيلاً آخر تأسس في بداية يوليو/تموز الماضي وضم ميليشيات “فرقة الحمزة/الحمزات وسليمان شاه/ العمشات”. وهي بالوقت نفسه في تحالف مع “هيئة تحرير الشام”، وقاتلوا معاً لطرد ميليشيات “الفيلق الثالث” من عفرين في أكتوبر/تشرين الأول 2022. 

ومنذ نحو عامين تقريباً، بدأت عمليات الاندماج والاصطفافات العسكريّة تطفو على السطح بين ميليشيات الجيش الوطني، إلا أنَّ جميع هذه المحاولات لدمج الميليشيات باءت بالفشل، ومن هذه التجارب “غرفة القيادة الموحدة – عزم”، و”هيئة ثائرون للتحرير”، و”الجبهة السورية للتحرير”، ثم سرعان ما ظهرت تشكيلات أخرى ضمن نفوذ الجيش الوطني تُتهم بالتبعية لتحرير الشام، ومنها “تجمع الشهباء” بقيادة حسين عساف (أبو توفيق تل رفعت).

بالمجمل فإنّ ميليشيا “تجمع الشهباء” اكتسبت الشرعية عبر الانضمام إلى القوة الموحدة، ويُفرض ذلك أمراً واقعاً على بقية الميليشيات والجيش الوطنيّ، وستستمد القوة الموحدة الدعم من “هيئة تحرير الشام” وتنتهي عقدة الخلاف، لكن التشكيل الجديد يمثل خطوة إضافية لاتساع نفوذ “هيئة تحرير الشام”، ولعله خطوة تمهيدية إضافيّة لاستيعاب أي متغير طارئ على واقع إدلب.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons