ديسمبر 23. 2024

مؤتمر حركة التحرر الوطني يُعقد في ظل الاحتلال التركيّ في مدينة عفرين ويضيف عاملاً جديداً إلى المنطقة المحتلة

عفرين بوست ــ متابعة

عقد في مدينة عفرين المحتلة، أمس 28 يوليو، اجتماعٌ باسم مؤتمر حركة التحرر الوطنيّ السوريّ، حضره عددٌ من الضباط من المنشقين عن القوات الحكوميّة.

وكتب العميد محمد العبيد، وهو أحد الضباط الذين حضروا المؤتمر، تغريدة قال فيها: “من هنا نبدأ. بخطى ثابتة وعزيمةٍ لا تلين، نسقط منظمة المجرم وكلّ أدواته، ونبني دولة وطنيّة معاصرة”.

يذكر أنّ العميد محمد العبيد، ينحدر من منطقة القريتين بريف حمص الشرقي، وقد تخرج من الكلية الجويّة عام 1990.

ما هي حركة التحرر الوطنيّ السوريّ؟

في 10/6/2023 أعلن العميد المنشق مناف طلاس، من مقر إقامته المؤقت في العاصمة الفرنسية باريس، عن إطلاق حركة التحرر الوطنيّ.

وقال طلاس، في لقاء صحفي مع يوميّة القدس العربي، إنَّ أولوية حركة التحرر الوطنيّ هي لمّ السلاح غير الشرعيّ المنتشر في سوريا للمحافظة على السلم الأهلي بهدف الوصول إلى حل سياسي. وذكر أنّ حركة التحرر الوطني تهدف إلى إنهاء حالة الوصاية على السوريين تلك التي أفرزتها السنوات الماضية.

وفي قضية التشكيك بتجارب حكم العسكر في بلدان الربيع العربي والاستيلاء على السلطة والانقلاب على الشركاء السياسيين، أكد فشل تجارب الحكم العسكري في دول العالم الثالث بما فيها سوريا، وحصر دور المجلس العسكري بجمع السلاح “غير المنضبط وحصره بيد المؤسسة العسكرية الوطنية والمحافظة على السلم الأهلي وحماية الاستقرار في المرحلة الانتقالية والمساهمة في توفير البيئة الآمنة لمرحلة التعافي بهدف الوصول إلى حل سياسي”.

بعد أيام من رسالة العميد طلاس، قائد المجلس العسكري السوريّ، التي طرح من خلالها مبادرة جديدة للحل في سوريا، بثَّ المجلس العسكريّ، الخميس 15/6/2023، بياناً مصوراً لحركة التحرر الوطنيّ السوريّ المنبثقة عن المجلس، وخاطب البيان الشعب السوريّ وظهر فيه أربعة أشخاص ملثمين يرتدون قمصاناً بيضاء، وقد غطوا شعارات القمصان لاعتباراتٍ أمنية، وظهر النسر الذي في خلفية المشهد دون أيّ علمٍ. في إشارة إلى عدم استقلاليتهم.

وترافق كلام المتحدث ظهور قصاصات ورقيّة مرفوعة أمام معالم حية، دونت عليها تواريخ متقاربة بين 1-15 يونيو 2023، في مناطق سوريّة مختلفة مثل دمشق وحمص ودرعا وبلدة نصيب في درعا وبلة سلمى في ريف اللاذقية ومدينة حلب وحتى بلدة الشدادي بريف الحسكة ومناطق أخرى غير محددة الموقع والتاريخ.

وجاء في البيان “أيها الشعب السوريّ. نحن في حركة التحرر السوري نعيش بينكم ونشعر ما يشعر به جميع أهلنا في الداخل السوري على كامل التراب السوري من آلام وأوجاع منذ 12 سنة، من أجل البقاء في السلطة جعل الحاكم المستبد وطننا مسرح عمليات لمختلف الجيوش الأجنبية وملاذا لكل الميليشيات الطائفية والمرتزقة فاستباحوا العرض والأرض، وعاملوا المواطنين كأجانب ومغتربين بل وكأسرى حرب أحياناً”.

ودعت الحركة السوريين إلى العمل المباشر من أجل إنهاء المأساة من خلال “العمل المخلص والدؤوب لإحلال السلام في سوريا ومحاسبة جميع من تلوثت أياديهم بدماء السوريين” والعمل لبناء سوريا الجديدة الموحدة على أسس ومبادئ “المواطنة والديمقراطيّة وتجاوز جميع أشكال التمييز العرقي والمناطقيّ والطائفيّ”.

تعريف المجلس

لكن كان المجلس العسكريّ قد أصدر العديد من البيانات وأعلن عن الكثير من النشاطات قبل ذلك التاريخ، ففي 21/10/2021، أصدر تحت اسم عرض تقديميّ مختصر عن المجلس العسكريّ السوريّ، مع عبارة “مسؤولية وطن”، عرّف فيه نفسه، وجاء فيه:

المجلس العسكريّ هو هيئة وظيفية مؤقتة بمهمة محددة ضمن إطار زمنيّ محدود، وهي خلق بيئة آمنة ومحايدة كشرط لا غنى عنه لانتقال سياسي ناجح. وهكذا يستمد ضرورته من قرار مجلس الأمن رقم 2254. يعرّف المجلس نفسه على أنه مؤسسة محايدة سياسياً تهدف إلى استعادة الحد الأدنى من الاستقرار والأمن للسماح بإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية.

عملت قيادة المجلس على مدى عدة سنوات على تطوير خطة لاستعادة الأمن والاستقرار ويتم تحديثها بشكل مستمر. وقد تم الإعلان عن وجود المجلس العسكري ببيان في يناير من عام 2021. وأعلن 1600 ضابط منشق و600 ضابط صف دعمهم للمجلس واستعدادهم للعمل تحت قيادته.

وجاء في العرض التقديميّ أيضاً: “بسبب خلفية الضباط القياديين في المجلس (الذين كانوا يشغلون مناصب عليا بدون تحيز عقائدي أو ديني سابقًا) وعلاقاتهم بأعضاء الجهاز الأمني للنظام، فإن هذه الهيئة لديها إمكانات قوية لطمأنة جميع الطوائف السورية وأن تكون بمثابة أداة بناء الجسور مع جهاز الأمن التابع للحكومة والجماعات الأخرى على الأرض. وتكون قادرة على تحقيق ما بدا تحقيقه مستحيلاً مع الشخصيات السياسية لتأسيس هيئة حاكمة انتقاليّة.

الحلقة المفقودة لدى المجلس!

كلّ البيانات الصادرة عن المجلس لا تأتي على ذكر الاحتلال التركيّ للأراضي السوريّة، ودور تركيا في التدخل في مسار الأزمة السوريّة ومصادرته لكلّ أدوات الثورة السياسيّة الممثلة بالائتلاف وكذلك العسكريّة وتحويلها إلى ميليشيات تابعة له تنفذ أجندته في سوريا وخارجها. كما أنّ لتركيا دور مهم في تهميش دور الضباط المنشقين والاعتماد على أشخاص شبه أميين وتعيينهم متزعمي للميليشيات التي تضم في صفوفها بعض الضباط المنشقين بعضهم برتبة عميد وعقيد.

يركز المجلس على هدف وحيد هو إسقاط النظام ويكيل له مختلف التوصيفات، ويحمّله المسؤوليّة الكاملة مع حلفائه، وخلافاً للمبدأ الذي أعلنه المجلس بالعمل لبناء سوريا الجديدة الموحدة على أسس ومبادئ “المواطنة والديمقراطيّة وتجاوز جميع أشكال التمييز العرقي والمناطقيّ والطائفيّ”، فإنّ بياناته تخلو من أدنى إشارة إلى تعدديّة السوريين وحقوق الكرد في سوريا.

ولعلّ اختيار عفرين الكرديّة والخاضعة للاحتلال التركيّة يجيبُ عن كثيرٍ من الأسئلة، فقد شهدت المنطقة أسوأ فصول الأزمة السوريّة من انتهاكات متنوعة تبدأ بالعدوان والاحتلال وأعمال النهب والتتريك وصولاً إلى ارتكاب مجازر بدوافع عنصريّة وعمليات ممنهجة للاستيلاء على أملاك الكرد واعتقال والاختطاف التعسفيّ، وإذا كان المجلس يتحدث عن جمع السلاح فإنّ عفرين المحتلة تشهد أسوأ أشكال فوضى السلاح والصراعات الفصائليّة.

وفيما لم يتبنّى المجلس العسكريّ أيّ علمٍ خاصٍ به، واستخدم شعاراً للنسر السوريّ، فقد عُقد المؤتمر تحت العلم الذي تعتمده الميليشيات المسلحة على أنّه علم “الثورة”.

عفرين في ظلِّ الاتفاق الروسيّ ــ التركيّ أضحت جغرافيا تجميع كلّ عوامل الأزمة السوريّة وحواضنها الاجتماعية بكلّ الفكر الذي تحمله، واجتماع حركة التحرر الوطنيّ السوريّ فيها يعني إضافة عاملٍ جديدٍ إلى المنطقة المحتلة.

السؤال الأكثر أهمية؛ هل عفرين هي الجغرافيا التي يتم فيها إسقاط النظام، وكيف سمحت سلطات الاحتلال التركيّ لحركة التحرير الوطني أن تعقد اجتماعها علناً في عفرين، فيما لو كانت وطنيّة سوريّة مستقلة في قرارها السياسيّ؟ وهذا السؤال يفترض أن تجيب عليه عبر سلوكيات مغايرة عن تلك التي تمارسها الميليشيات المسلحة ذات الخلفية الإخوانيّة أو التركمانيّة.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons