يوليو 07. 2024

أخبار

انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية في عفرين مستمرة منذ احتلالها حتى اليوم

عفرين بوست ــ متابعة

أصدرت منظمة أمواج (بيل) الحقوقيّة في 24/7/2023 تقريراً مطولاً حول انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية في عفرين بعد الاحتلال 2018، استندت فيه إلى عدد كبيرٍ من الشهادات الحية التي وثقت عمليات انتزاع القسريّ للملكيات في عفرين المحتلة وأنها لم تقتصر على بداية الاحتلال بل تستمر حتى اليوم.

90 شهادة حية

وقال تقرير إنّ الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ مارست عدةَ أنماط لانتهاكات حقوق الإنسان بحق السكان الأصليين في منطقة عفرين بدأت مع العدوان عام 2018، وهي مستمرة، وفقاً للتقارير الدورية للجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصّة بسوريا. وتعتبر انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية وتلك المرتبطة بها السّمة الأبرز لهذه الانتهاكات في منطقة عفرين، كما أظهرت الشهادات الموثّقة مع مهجرين من سكان المنطقة الكرد ممن تعرضت ممتلكاتهم للسلب أو التدمير على يد مسلحي ميليشيات الاحتلال والقوات التركية نفسها المسيطرة على المنطقة.

استند تقرير منظمة بيل إلى شهادات ومقابلات أجريت مع 90 مواطناً (30 امرأة و60 رجلاً) وأثبتت وجود أشكالٍ متعددة من الاعتداءات على الملكيات، تتصف بمنهجيتها واستهدافها الواسع النطاق للسكان على أساسٍ إثني تمييزي، منها استهداف وتدمير ممتلكات مدنيين لم يشاركوا في أيّة أعمال قتالية، والاستيلاء على منازل وممتلكات خاصّة بالمدنيين أو مصادرتها تعسفيّاً، ونهب محتوياتها وتدمير أو الاستيلاء على الأراضي الزراعية والمواشي والأشجار المثمرة ونهب المحاصيل.

غياب القانون وخوف من الشكوى

وأظهرت المقابلات انعدام الاكتراث بحقوق الضحايا من قبل قوى الأمر الواقع وتترافق مع شعور مضاعف بالخوف والتهديد بحال فكروا بتقديم شكوى أو حاولوا استعادة ممتلكاتهم، ويرتبط الخوف والشعور بالتهديد بكون المنتهكين منضويين ضمن فصائل المعارضة المدعومة من تركيا، أو مدنيين تربطهم قرابة أو معرفة بمسلحي المعارضة، ويرتبط كذلك بهوية الضحايا وكونهم من الكرد ولا توجد قوة عسكرية تحميهم، بل يُتهمون بكلّ بساطة بأنّهم تابعون للإدارة الذاتية السابقة أو مؤيدون لها.

تثبت إفادات الشهود غياب القانون والاحتكام للسلاح وانتشار الخوف الذي يعيشه من بقي من سكان المنطقة من أقارب وعائلات الضحايا، الذين يخشى بعضهم تلقي اتصالٍ هاتفي من أقاربهم لتفقد بيوتهم وأشجارهم. بالتوازي مع عدم توفر أيّة حلول محلّية فعّالة، سواء أكانت إدارية أو تنفيذية أو قضائية، لحماية أو إنصاف الضحايا الذين يتم انتهاك حقوقهم على نحو ساهم ويساهم بحدوث تغيير ديمغرافيّ في المنطقةِ.

استمرار الانتهاكات

إذ كانت لهذه الاعتداءات على الملكيات وما صاحبها من انتهاكات كالاعتقال والضرب والتهديد به، والخوف من وقوعها دورٌ أساسي في دفع الغالبية العظمى من الشهود وعائلاتهم إلى النزوح قسراً من عفرين، ونادراً ما عاد أحدهم. ورغم أن الشهادات بيّنت أنّ كثيراً من عمليات التدمير والنهب والاستيلاء حدثت بشكل واسع النطاق إبان السيطرة العسكرية التركية أو الأشهر التي تلتها، إلا أنّها أظهرت أيضاً أنها لم تتوقف أبداً، بل ازدادت رسوخاً ومنهجية ودون أنْ تكون مرتبطة بأيّة عمليات عسكريّة جارية، وخاصّةً الانتهاكات الواقعة على الأراضي والمواسم الزراعية، والتي لم تقتصر على الاستيلاء المباشر فحسب، بل صارت الفصائل تتقاسم أرباح المحاصيل وبخاصة الزيتون مع من بقيَ من الأهالي محوّلة إياهم إلى فلاحين مياومين في أراضيهم.

صعوبة في دقة المعلومات

وبينما واجه قسمٌ من الشهود صعوبة بمعرفة اسم الفصيل الذي استولى على أملاكه (47 حالة). إلا أنّ القسم الآخر من الشهود /الضحايا تمكّن من تحديد الجهة المسؤولة عن الانتهاك، إضافة للطيران التركي، في الأعداد التالية من الحالات كما ذكرها الشهود: “فرقة الحمزة” في 10 حالات، “أحرار الشرقية” في 7 حالات، “الجبهة الشامية” في 6 حالات، “الجيش التركي” في 5 حالات، “أحرار الشام” في 3 حالات، “الشرطة العسكرية” في 3 حالات، “فرقة السلطان سليمان شاه” في 3 حالات، ،”فيلق الشام” في حالتين، “لواء السلطان مراد” في حالتين، “الجيش الوطني السوري” في حالتين، “الشعيطات” في حالة واحدة، “صقور الشمال” في حالة واحدة، “لواء المعتصم” في حالة واحدة، و”ثوار حماة” في حالة واحدة.

أما في الحالات المتبقية التي تم توثيقها قال الضحايا إنّ الجهات الفاعلة التي قامت بالانتهاك هي فصائل من “الجيش الحر” أو “المرتزقة” من القوات “التابعة لتركيا” بحسب تعبيرهم، ولكنّهم لم يتمكنوا من تحديد اسم الفصيل بالضّبط.

ويعرض التقرير على نحوٍ موجز خلاصة (90) مقابلة مباشرة أجرتها منظمة “بيل” مع ضحايا انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية أو/ وعائلاتهم. ويسعى لبيان مدى العسَف والقمع الواقع على السكان الكرد في منطقة عفرين الكرديّة السورية، والجرائم والانتهاكات التي يعيشونها على أيدي مسلحي الميليشيات المدعومة من الحكومة التركية بشكلٍ أساسيّ، وتسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي السوريّة في شمال غربي البلاد.

وسبق وأكّدت تقارير حقوقية صادرة عن جهات أممية وسورية، منذ تاريخ العملية وطوال خمسة أعوامٍ من احتلال منطقة عفرين تعرّض سكانها المدنيين، وبشكلٍ تمييزي على أساس الخلفية الإثنية أو الدينية، أو بحجة انتماءاتهم/ن السياسية المختلفة، لأنماطٍ عديدة من الانتهاكات التي اتّسمت بكونها ممنهجة وعلى نطاقٍ واسعٍ. ومن ضمنها أعمال النهب والاستيلاء على الممتلكات المدنية بشكلٍ متكرّر، إضافةً إلى تهجير السكان المدنيين قسراً، وإجبارهم/ن على ترك منازلهم من خلال التهديد والابتزاز والقتل والاختطاف والتعذيب والاحتجاز.

منهجية التقرير

وفي إطار منهجية التقرير قامت بيل بتحليل 90 مقابلة أجرتها لمواطنين من عفرين المحتلة مهجرين قسراً، في الفترة ما بين شهر حزيران 2022 وكانون الثاني 2023، وجمعت الأوراق والوثائق الداعمة والتي تثبت ملكيات الشُهود للعقارات والأراضي التي أوردتها الشهادات وطُلب من الشُهود تحديد مواقع الممتلكات التي وقع عليها الانتهاك عبر خرائط غوغل والتي يورد التقرير بعضاً منها كما حدّدوها برسم اليد خلال المقابلات.

كما طُلب منهم رسم مخطط يَدويّ يظهر مكانها ومحيطها. عدا ذلك طُلب من الضحايا خلال المقابلات معلومات تفصيلية تتعلق بمصادر معلوماتهم/ن حول أوضاع ملكياتهم/ن بعد فقدان القدرة على العودة إليها. كما تم إشراك لجنة استشارية مكوّنة من ضحايا انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية في عفرين، بالتخطيط الأوّليّ للبحث وتم اطّلاعهم/ن على نتائجه وتوصياته.

وبناءً على طلب الشُهود، تمّ إخفاء المعلومات الشخصية المتعلّقة بهم وفقاً لما ورد في “بيان نية الاستخدام” الذي وقّعوه وأوضحوا فيه بشكل مفصّل ما يمكن لـ “بيل” مشاركته واستخدامه وما ينبغي التحفّظ عليه. وبينما طَلب معظمهم/ن الاكتفاء بنشر المعلومات الخاصة بالانتهاكات التي وقعت على ملكياتهم/ن وما صاحبها من ممارسات، ووافق عدد منهم/ن مشاركة اسمه/ا الصريح وهي التي ركّزت “بيل” عليها في هذا التقرير، إذْ تغطّي شهاداتهم/ن قسمًا منه. كما وافق عدد من الضحايا على مشاركة شهاداتهم مع جهات دولية محدّدة، منها لجنة التحقيق الدولية والآلية الدولية المحايدة في سوريا وعدد من المقرّرين الخاصّين والمنظّمات الدولية والحقوقية.

أنماط انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية في عفرين

 من خلال التحليل الذي أجرته “بيل” تم تحديد بعض الأنماط العامة المتكررة في الشهادات، فيما يلي تذكر، على سبيل المثال لا الحصر، بعض أنماط الانتهاكات الأكثر شيوعاً والمصنّفة بمنهجيتها واستهدافها الواسع النطاق للسكان المدنيين بشکلٍ تمیيزيّ.

أــ استهداف وتدمير ممتلكات أفراد مدنيين غير مشاركين بأيّ أعمال قتاليّة.

ب ــ الاستيلاء على منازل وممتلكات الخاصة للمدنيين أو مصادرتها بشكل تعسفي ونهب محتوياتها.

ج ــ الاستيلاء وتدمير ممتلكات المدنيين من الأراضي الزراعية والمواشي والأشجار المثمرة ونهب محاصيلها.

د ــ عدم تقديم حلول فعّالة، سواء أكانت إداريّة أو تنفيذية أو قضائية، لحماية أو إنصاف الضحايا الذين تم انتهاك حقوقهم.

خاتمة وتوصيات

خلص التقرير إلى أنّ الانتهاكات التي ارتكبت في عفرين المحتلة والتي طالت حقوق السكن والأراضي والملكيّة، قد ارتكبت بشكل ممنهج وعلى نطاقي واسع، بهدف إجبار سكان المنطقة الأصليين وخاصة الكرد على الهجرة، وبالحد من وجودهم في عفرين ومنع عودتهم مستقبلاً، وعدد من النتائج الكارثيّة للانتهاكات المذكورة، وأحدها التغيير الديمغرافي بالمنطقة،

وختم تقير منظمة “بيل” بجملة توصيات إلى الجهات ذات العلاقة لإيجاد حل يوقف الانتهاكات وعمليات الاستيلاء والانتصاف لضحاياها وتخفيف آثارها:

أولا: لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا والأمم المتحدة: لتستمر في متابعة الانتهاكات المرتكبة في مناطق السيطرة التركية في سوريا وتوثيقها، وبخاصة المتعلقة بحقوق الأرض والسكن والملكية.

ثانيا: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي: للتعامل مع الوجود التركي في سوريا كقوة احتلال والضغط على تركيا من أجل تنفيذ التزاماتها كقوة احتلال، ودعم السكان المحليين والمنظمات المحلية ومجموعات الدفاع عن الضحايا العاملة ووضع المجموعات العسكريّة والهيئات السياسية والأشخاص المتورطين بارتكاب هذه الانتهاكات من جميع الأطراف على لوائح العقوبات وملاحقتهم قضائيّاً، ومساءلة الائتلاف الوطني السوري بوصفه المظلة السياسيّة للجيش الوطني السوري، الطرف الأساسيّ في ارتكاب الانتهاكات وتهجير السكان المدنيين والطلب منه وضع حد للانتهاكات والسماح الفعلي بعودة آمنة للسكان المدنيين

ثالثاً: الائتلاف الوطني السوري: ومعه “الحكومة السورية المؤقتة ” لممارسة سلطتها بمنع الفصائل المسلحة من ارتكاب الانتهاكات بحق السكان المدنيين وممتلكاتهم، وتأمين المحاسبة الحقيقية والعادية المنتهكين، استناداً إلى زعمها بأن الفصائل الموجودة بالمنطقة جزءٌ من مؤسساتها وتأتمر بأوامرها.

رابعا: المجلس الوطني الكردي: بوصفه عضوا في الائتلاف الوطني السوري أن يتحملَ على الأقل مسؤولية سياسيّة وأخلاقية عن الانتهاكات التي ترتكب في عفرين، واستغلال وجوده ضمن الائتلاف الوطني السوري من أجل متابعة الانتهاكات ومساعدة الضحايا في التقاضي واسترداد أملاكهم وإدانة مرتكبيها بشكل واضح. وتحمل مسؤولياته في ايقاف الانتهاكات ضد سكان هذه المنطقة وايقاف كل سياسات التغيير الديمغرافي فيها.

خامسا: الإدارة الذاتية الديمقراطية: توعية المتضررين من الانتهاكات التي وقعت عليهم وعلى ممتلكاتهم بضرورة وأهمية التوثيق، لاستخدامها في السبل القانونية لتثبيت الحقوق ولا سيما المتعلقة بحقوق السكن والأراضي والملكية. وتأمين الظروف والسماح لمن يريد العودة من الأهالي إلى مناطقهم الأصليّة.

سادساً: المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية: على المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية الضغط على الدولة التركية، للاعتراف بحالة الاحتلال على المنطقة المستهدفة، وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها فعليّا، وتحمل مسؤولياتها كدولة احتلال في حماية السكان المدنيين وممتلكاتهم، وضمان العودة الآمنة والكريمة لسكان المنطقة الذين أجبروا على الهروب من مناطقهم، وضمان حق هؤلاء في استعادة ممتلكاتهم من المنتهكين، وكفالة عدم تهيئة الظروف التي تتيح إفلات الجناة في تلك المنطقة من العقاب.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons