عفرين بوست ــ متابعة
في حلقة من الجدل الدوريّ حول آلية إدخال المساعدات الإنسانيّة أحبطت روسيا مشروع قرار لتجديد عملية ضخمة للأمم المتحدة لإرسال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر تركيا، لمدة 9 أشهر.
استخدمت روسيا حقّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، أمس 11 يوليو، لمنع صدور قرار يمدّد لتسعة أشهر آلية إدخال المساعدات الإنسانيّة لسوريا عبر الحدود، وذلك غداة انتهاء مفاعيل هذه الآلية التي تتيح إيصال مساعدات حيويّة للملايين القاطنين في مناطق تقع خارج سيطرة حكومة دمشق.
وصوتت 13 دولة لصالح القرار، وامتنعت الصين عن التصويت، واستخدمت روسيا الفيتو ضد مشروع القرار، ويحتاج تمرير أيّ مشروع قرار لتسعة أصوات، شرط ألا تستخدم أي من الدول دائمة العضويّة الفيتو.
وكانت الأمم المتحدة ومنظّمات الإغاثة الإنسانية والعديد قد طالبوا أعضاء مجلس الأمن بتمديد هذه الآلية لمدة عام، وأصرّت روسيا على تمديدها لستّة أشهر فقط، فقدمت سويسرا والبرازيل مشروعاً لحل وسط بتمديد الآلية لمدة تسعة أشهر.
ويسعى أعضاء مجلس الأمن الدوليّ منذ عدة أيام التوصّل لاتفاق حول تمديد مفاعيل هذه الآلية المعمول بها منذ 2014. والتي تتيح إرسال مساعدات غذائية وأدوية من تركيا إلى سكّان المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق شمال غربي سوريا دون إذن مسبق من دمشق التي تندد من جهتها بهذه الآلية وتعتبرها انتهاكًا لسيادتها.
وقالت السفيرة السويسرية باسكال بيريسويل عقب التصويت إنّ هذا التمديد “كان من شأنه أن يجعل من الممكن اجتياز أشهر الشتاء الصعبة”، مؤكّدة أنّها تشعر بـ”إحباط شديد” بسبب الفيتو الروسيّ. وأضافت “لن ندع حقّ النقض هذا يضع حدّاً لجهودنا الرامية لإيجاد حلّ”.
واتّهم السفير الروسي في الأمم المتّحدة فاسيلي نيبينزيا الغرب بـ”الاستفزاز لدفع روسيا لاستخدام حقّ النقض”. وأضاف أنّ الآلية “لا تأخذ على الإطلاق في الاعتبار مصالح الشعب السوري”.
فيما توجه مندوب سوريا بسام الصباغ بالشكر إلى روسيا على مبادرتها لتقديم مشروع القرار الذي وصفه بأنه “يمثل محاولة صادقة لتمكين مجلس الأمن من الاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقه للارتقاء بالوضع الإنساني للسوريين بشكل حقيقيّ وفعّال”، كما شكر أيضاً الصين التي دعمت مشروع القرار.
سيدخل مجلس الأمن جولة مفاوضات جديدة حول مشروع قرار جديد، حيث من المتوقع أن تعرض روسيا مشروع قرار خاص بها للتصويت عليه، في الجلسة نفسها، يجدد للآلية ستة أشهر بدلاً من تسعة، ومن غير المتوقع أن يحصل المشروع الروسي على الأصوات التسعة اللازمة.
وعقب الزلزال الذي وقع في 6 فبراير 2023، سمحت حكومة دمشق بفتح معبريّ باب السلام والراعي من تركيا إلى شمال غربي سوريا لفترة أوليّة مدتها ثلاثة أشهر اعتباراً من 13/2/2023، للسماح بإيصال المساعدات الإنسانيّة في الوقت المناسب، وفي 13/5/2023 مددت الفترة ثلاثة أشهر إضافيّة.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإنه وللمرة الأولى في تاريخ الأزمة السورية “يعاني الناس في كل منطقة فرعية من سوريا من درجة معينة من الضغوط الإنسانية”. وقال المكتب في بيان، إن 15 مليوناً و300 ألف سوري يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في عموم الأراضي السورية، مشيرةً إلى أن هذا الرقم يمثل 70 في المئة من سكان سوريا.
وفي الأسبوع الماضي، جدد مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث مطالبته بفتح أكبر عدد ممكن من نقاط العبور لمدة عام على الأقل. وقال غريفيث “إنه أمر لا يطاق بالنسبة لسكان الشمال الغربي وللأرواح الشجاعة التي تأتي لمساعدتهم أن يمروا بهذه التقلبات كل ستة أشهر”، مشيراً إلى أن وكالات الإغاثة تضطر في كل مرة لوضع مساعدات مسبقًا داخل سورية تحسّبًا لإمكانية عدم تمديد التفويض.
سبب الآلية المؤقتة
وكان مجلس الأمن قد سمح للمرة الأولى بتقديم المساعدات عبر الآلية في قرار حمل الرقم 2165 في 14/7/2014 ويقضي بتسليم المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا عبر العراق والأردن ونقطتين في تركيا إضافة إلى المعابر التي تستخدمها بالفعل. لكن روسيا والصين قلصتا هذا العدد إلى نقطة حدوديّة واحدة فقط عبر تركيا في 12/7/2020، بعد سجال طويل لمدة أسبوع، وقد أرادت روسيا والصين تقليص المعابر إلى معبر واحد تشرف عليه حكومة دمشق. وقالتا إنه يمكن وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا من داخل البلاد.
تستند موسكو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 26/ 182 الصادر عام 1991. والذي يشترط تقديم المساعدات بموافقة ونداء من البلد المتضرّر، وعلى أساس احترام سيادته وسلامة أراضيه ووحدته الوطنيّة. وعلى هذا الأساس تم اعتماد قرارات تتضمن آلية مؤقتة لإدخال المساعدات.