عفرين بوست ــ متابعة
تطورات لافتة مع قرب جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التركية في 28/5/2023 وبعد انعقاد القمة العربية في جدة في 19/5/2023 وعودة سوريا رسمياً إلى الجامعة العربيّة، لتجدد دمشق مطالب بانسحاب تركيا من المناطق السورية التي تحتلها. وتطلب أنقرة من الائتلاف المغادرة لتكون وجهتها المحتملة إلى قطر.
ذكر صحيفة الأخبار اللبنانية اليوم الثلاثاء 23/5/2023 نقلاً عن مصادر في “الائتلاف الوطنيّ السوريّ” المعارض أنّ أنقرة أبلغتهم بشكلٍ صريحٍ، أنّها ماضية في خطواتِ الانفتاحِ على دمشق، ضمن الخطّة التي يتمّ الاتفاق عليها وفق المسار “الروسيّ- الإيرانيّ”، والتي تتضمّن، وفق ما تسرّب في وقت سابق، سلسلة خطواتٍ على الأرض ستُنفّذها الأولى تباعاً، بدءاً من فتح الطرق الرئيسة المغلقة، وعلى رأسها طريق حلب – اللاذقية M4، بالإضافة لفتح المعابر الشرعيّة بين البلدين، ومنها معبر “باب الهوى” الحدوديّ في إدلب، والذي تسيطر عليه “هيئة تحرير الشام”.
وأشارت المصادر، في حديثٍ إلى “الأخبار”، إلى محاولات حثيثة يجريها “الائتلاف” لرفع وتيرة التنسيق مع الولايات المتحدة، ودول في الاتحاد الأوروبيّ، لزيادة الضغوط على دمشق ومحاولة عرقلة المصالحة التركيّة – السوريّة.
وذكرت الصحيفة أنّ المعارضة بكافة أطيافها باتت على قناعة تامّة بأنَّ الانفتاح بين دمشق وأنقرة آتٍ لا محالة، ممّا دفعها إلى البحث في الخطوات التي يمكن المضيّ فيها في ظلّ هذا الانفتاح، ومن بينها محاولة الانسحاب الجزئيّ من تركيا، إلى قطر التي تشكّل الواجهة الرئيسة للمعارضة السورية في الوقت الحالي.
يذكر أنّ دمشق اشترطت على أنقرة لمواصلة مسار التصالح أنقرة بوقف دعم الميليشيات المسلحة التي تصفها بالإرهابيّة، وجدد فيصل المقداد وزير الخارجية السوريّة السبت 20/5/2023 في لقاء مع قناة روسيا اليوم مطالب حكومته مواصلة المسار التصالحيّ والتطبيع مع تركيا بالانسحاب القوات التركية من المناطق التي تحتلها شمال سوريا. وذلك بعد يوم واحد من القمة العربية في جدة والتي وصف فيها الرئيس السوري بشار الأسد تركيا أحد أهم عناوين الخطر التي تواجه العرب، واصفاً إياه بـ “خطر الفكر العثمانيّ التوسعيّ المطعم بنكهة إخوانيّة منحرفة”، وبذلك أراد أن ينقل التهديد التركي من شمال سوريا إلى السياق العربيّ، بعد الاحتضان العربيّ له من بعد قطيعة لأكثر من 11 سنة.
اللافت كان الترحيب التركيّ غير المباشر بالقمة العربيّة، فقد نشرت وكالة الأناضول التركيّة المقربة من الحكومة التركيّ تقريراً بعنوان “إعلان جدة إشارات إيجابيّة من القمة العربيّة تجاه تركيا”، وذكر التقرير تصريحات أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، خلال المؤتمر الصحفيّ باختتام القمة بشأن “فتح صفحة جديدة” مع دول الجوار، لا سيما تركيا. وأنّ البيان الختاميّ للقمة العربية المعروف باسم “إعلان جدة”، جاء خالياً من أيّ بندٍ محدد بشأن تركيا، بخلاف “تحفظات” خلال سنوات سابقة، تزامناً مع تنامي العلاقات التركيّة العربيّة، خاصة مع السعودية والإمارات ومصر في الآونة الأخيرة.
وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار تصريح الرئيس التركيّ أردوغان في لقاء مع شبكة CNN الأمريكيّة برفض الانسحاب من المناطق السوريّة، على أنّه يأتي في سياق السباق الانتخابيّ، في الوقت الذي تتابع فيه اللجان الأمنيّة والعسكريّة التي تمّ تشكيلها عقب اجتماع الرباعيّ بين وزراء خارجيّة (سوريا وروسيا وإيران وتركيا) المكلفة بالعمل على إعداد خريطة طريق واضحة لحلّ المشكلات العالقة، تمهيداً لخطوات أوسع من شأنها أن تشرّع الأبواب المغلقة بين دمشق وأنقرة.
بالمجمل كانت قمة جدة تسليماً عربياً ببقاء النظام السوريّ وإقراراً عربيّاً رسميّاً بوقف كلّ أشكال الدعم للمعارضة السوريّة بعد سلسلة من الخطوات والزيارات لمسؤولين عرب إلى دمشق، باستثناء الدوحة، ليبقى الموقف التركيّ رهن التجاذبات والشروط المتبادلة مع دمشق فيما يضبط الجانب الروسيّ إيقاع المحادثات بين الجانبين.