عفرين بوست ــ متابعة
حذّر قائد قوات سوريا الديمقراطيّة من “التطبيع الشامل” بين أنقرة ودمشق، وقال إنَّ هذه “المقاربة تعكس مصالح حكومة أنقرة، وتحمل معها مخاطر كبيرة على مستقبل السوريين وإرادتهم”، وستكون “بعيدة عن إنتاجِ حلٍّ سياسيّ جاد”.
جاء ذلك في لقاء أجرته صحيفة الشرق الأوسط مع مظلوم عبدي؛ القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، ونشرته اليوم الثلاثاء، وأضاف “ينبغي أن نحذّر شعبنا السوري بكل مكوناته، بوجوب الوقوف ضد هذه الصفقة” بين دمشق وأنقرة.
وحول احتمالات التطبيع بين تركيا وسوريا، قال عبدي “في الواقع، العلاقات الأمنية مستمرة بين الجانبين منذ سنوات. الآن يتحدث الطرفان عن التطبيع الشامل. ووفق ما أعلنت الحكومة التركيّة، فإن التطبيع مشروط بترحيل اللاجئين السوريين وتقويض صيغة الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا. وهناك من يتحدث عن نموذج المصالحات من أجل تحديد مصير الفصائل العسكرية العاملة تحت لواء الجيش التركي في المناطق المحتلة”.
وأضاف “نعتقد أن هذه المقاربة تعكس مصالح حكومة أنقرة، وتحمل معها مخاطر كبيرة على مستقبل السوريين وإرادتهم، كما أن نموذج “المصالحات” ليس إلا تكتيكاً مؤقتاً سرعان ما سيؤدي إلى انفجار القضايا مجدداً، كما نرى في درعا، على سبيل المثال. في العموم، التطبيع الذي يتحدثون عنه بعيد عن إنتاج حل سياسي جاد. لا يمكن معالجة معاناة السوريين بهذه الطريقة، خاصةً بعد سنوات طويلة من الحرب المدمرة.
وحول احتمال وجود صفقةٍ ما بين دمشق وأنقرة برعاية موسكو، أجاب عبدي “نأخذ هذا الأمر على محمل الجِد، ونتخذ تدابيرنا حيال ذلك. لو تمّت تلك الصفقة، فستستهدف إرادة أهلنا الذين يحاربون الإرهاب منذ سنوات، ويدافعون عن الأراضي السورية بشجاعة. ناهيك عن أن مضمون الصفقة يستغل اللاجئين السوريين لحسابات سياسية”.
وحذّر عبدي السوريين بكل مكوناتهم بوجوب الوقوف ضد هذه الصفقة؛ “فهي تجذّر سياسة التدخلات التركيّة في شؤوننا الداخليّة، وتجعل منها عنصر تأزيم دائم. إن كانت هناك صفقةٌ ما فينبغي لها أن تعكس إرادة السوريين وحدهم، من خلال إطلاق حوار سياسي مفتوح بين الفُرقاء السياسيين. وعلى الرغم من كل المصاعب، لا يزال مصير وطننا بأيدينا نحن. وبذلك فإننا كسوريين، سنقرر الصيغة التي تلائمنا، وليس من خلال الصفقات التي تتم على حساب شعبنا المكلوم والمضحِّي”.
وعن التطمينات التي قدّمتها واشنطن قال عبدي “أعلنت الولايات المتحدة بشكل رسميّ أنّها تقف ضد العمليات العسكريّة، لكننا نعتقد أن هذا الموقف غير كافٍ لردع الانتهاكات التركية؛ بسبب مواصلة أنقرة نهج الحرب بطرق أخرى. لذا نحض كلاً من موسكو وواشنطن على الالتزام بالتفاهمات والاتفاقيات الموقّعة مع الجانب التركي، وفرض آلية خفض التصعيد وقواعد الاشتباك بصورة ثابتة. بالتأكيد، ينبغي تفعيل الآليات الحقوقية والقانونية لدى حدوث الانتهاكات من أجل محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في شمال شرقي سوريا وكل المناطق المحتلّة، من عفرين إلى سري كانيه – رأس العين”.
وأشار عبدي إلى الحوار مع دمشق برعاية روسية، وأكد وجود تواصل مع دمشق. وكانت هنالك عدة جولات من الحوار، لكن لم يتم التوصل إلى نتائج إيجابيّة.
وعن دور الروسيّ بعدما عززت مواقعها في مطار القامشلي إثر تهديدات تركيا، أوضح عبدي وجود تنسيق مع الجانب الروسي فيما يخص عمليات خفض التصعيد وضمان تطبيق التفاهمات الموقّعة مع الجانب التركي. وأنّ الخطوة الروسيّة تدخل في إطار الأمور اللوجستية. وأضاف: “لم نشهد أيّة تغييرات فعلية على الأرض”.
وفيما يتصل بمستقبل قسد وشرط دمشق حل “قسد” وانضمامها إلى الجيش، قال عبدي “تعمل قوات سوريا الديمقراطية بجهد كبير في مكافحة الإرهاب والدفاع عن الأراضي السورية في شمال شرق البلاد. وتمتاز هذه القوات بخصوصية معينة، وتعمل في نطاقها المحلي، وتأخذ شرعيتها من البيئة الاجتماعية: من الكرد والعرب والسريان. كما تراكم لديها عملٌ مؤسساتي وخبرات جماعية مشتركة بفعل مكافحة الإرهاب”.
وأكد مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية أنّه لا يمكن عسكريّاً تفكيك هذه القوات إلى أفرادٍ هنا وهناك. فلهذه القوات مهام ميدانية مستمرة للدفاع عن الأراضي السورية، ومنها شمال شرقي سوريا؛ حيث تتمركز حالياً. كما تمتلك هيكلاً تنظيميّاً متميزاً، ومن مصلحة شعبنا وأرضنا أن نصونَ هذه القوات ونحافظ على خصوصيتها ونساندها.