عفرين بوست ــ خاص
تحرك رتل عسكريّ تركيّ إلى قرية كفر جنة، أمس الجمعة 15 أكتوبر، وتم الإعلان مجدداً عن اتفاقٍ لوقف إطلاق النار، وشهدت مدينة عفرين أرتالاً عسكريّة لمسلحي “الهيئة” وهي تخرج من المدينة، وكان لافتاً أنَّ الرتل اقتصر على العربات العسكريّة الخفيفة، فيما لم يلحظ خروجُ الآليات العسكريّة الثقيلة والدبابات، التي شوهدت وهي تدخل مدينة عفرين لتعزيز جبهات النزاع المسلح، ما يعني أنّ “تحرير الشام” أبقت على بعض قواتها في عفرين، ويؤكد أنّ بقاءها مديدٌ، وهذا ما لا يمكن أن يحصل إلا بموافقة سلطات الاحتلال التركيّ.
بداية الأحداث
بدأت الأحداث في مدينة الباب المحتلة على خلفية اغتيال الناشط “محمد عبد اللطيف/ أبو غنوم”، وبدأ مسلحو ميليشيا “الجبهة الشاميّة” بمهاجمة مقرات لميليشيا “الحمزات” والسيطرة عليها، وسرعان ما تبلور الانقسام الفصائلي وفقاً لمعطيات الصراع المسلح، وانتقلت الاشتباكات العنيفة إلى إقليم عفرين الكردي المحتل واستمرت أياماً أفضت إلى متغيرات مباشرة بإقصاء ميليشيات معينة من مواقع معينة، فيما تدخل تنظيم “هيئة تحرير الشام” القادم من إدلب ورغم تصنيفه الإرهابي متحالف مع ميليشيات أخرى وسيطر على مدينة عفرين وبلدة جنديرس ونحو 30 قرية، لإنجاز هذه المتغيرات التي تتم تثبيتها بصيغة اتفاقٍ لوقف إطلاق النار.
كفرجنة عقبة تقدم الهيئة
واصل تنظيم “الهيئة” التقدم حتى مشارف قرية كفرجنة في ناحية شرّان، حيث أحد معاقل “الجبهة الشاميّة” التي انسحبت من ناحية موباتا وبعض قراها وقرى في ناحية شيه وأخلت مقراتها في مدينة عفرين، لتكون كفرجنة الخط الدفاعيّ الأساسيّ عن مدينة أعزاز.
وبفشل محاولات التقدم وتجاوز كفرجنة، تم عقد اتفاق بين الهيئة وميليشيا “الجبهة الشاميّة”، رغم أنّ “الهيئة” طرفٌ متحالفٌ وليس أساسيّ وكان لافتاً غياب الميليشيات الأخرى عن الاتفاق، وبخاصة “الحمزات” والتي كانت أصل النزاع المسلح.
في 14 أكتوبر، تم تداولُ صيغةِ اتفاقٍ موقّعة من قبل كل من المدعو “أبو محمد الجولاني” متزعم “هيئة تحرير الشام/ النصرة سابقا” والمدعو “حسام ياسين/ أبو ياسين” متزعم ميليشيا “الفيلق الثالث” يتضمن عودة كلّ الميليشيات إلى مقراتها، بما فيها ميليشيا “الفيلق الثالث” التي تقودها “الجبهة الشاميّة” التي أخلت مواقعها، وعدم التعرض لمقراتها وسلاحها. لكن جولة جديدة من الاشتباكات اندلعت بعد تداول خبر التوصّل إلى الاتفاق، واستمرت حتى منتصف الليل، وتم استهداف قاعدة عسكرية تركية في قرية كفرجنة قيل إن ذلك كان بالخطأ، وجرى الحديث عن بنود لم تتضمنها صيغة الاتفاق، ولم تكن محل التوافق.
إدارة موحدة
تداولت أوساط الميليشيات المسلحة التابعة للاحتلال التركيّ صيغ الاتفاق بينها أنه هو بداية “عهد جديد وإنشاء جيش حقيقي للثورة في ريف حلب الشمالي ضمن منظومة عسكريّة واحدة لكامل الثورة”. وأنّه يتضمن “إدارة واحدة لكل المحرر”. وأنه “لا وجود للفصائل العسكرية إلا على الجبهات بعيداً عن الإدارة والمؤسسات”.
وأنه سيتشكل “مجلس عسكريّ موحّد لكل الميليشيات، وغرفة عمليات عسكريّة موحدة، وإدارة مدنيّة واحدة، تقوم بإدارة المؤسسات المدنية والمعابر والقضاء والشرطة المدنية وتضبط الأمن”، وبذلك تنتهي المظاهر العسكريّة داخل المدن، ويقتصر وجودها على إدارات مركزيّة لا تتدخل بالمسائل المدنيّة.
وقال المدعو عامر الشيخ متزعم ميليشيا “حركة أحرار الشام” أنّه “بعد اتفاق الصلح الذي أفضى إلى وقف لإطلاق النار وفك الاستنفارات العسكرية، باشرنا باستلام المواقع العسكرية من هيئة تحرير الشام في منطقة غصن الزيتون”.
متغيرات في المقرات العسكريّة
وفقاً لنتائج الاشتباكات تغيرت معطيات الانتشار العسكريّ والمقرات الأمنية والعسكريّة في مدينة عفرين المحتلة، وسيطرت ميليشيا “حركة أحرار الشام” على كل من المقرات التالية:
مقر جيش الإسلام في قرية ترندة، مقر المدعو “نعيم” في حي الأشرفية، مقر المدعو “شامو”، مقر المدعو “أبو وكيل الحمصي”، مقر المدعو “أوسو”، مقر المدعو “أبو رياض”، مقر أمنية المدعو “أبو العيس” الكائن بدوار نوروز”.
فيما استولى مسلحو ميليشيا “العمشات” على مقر “أمنية الشاميّة” الكائن في دوار كاوا، واستولى مسلحو هيئة “ثائرون” على مقر المدعو “نضال بيانوني”.
وجودٌ مقنّعٌ للهيئة وتوسيع نفوذ الميليشيات المتحالفة معها
ساهمت الأحداث الأخيرة في توسع نفوذ ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” التي اقتصرت سابقاً على بلدة شيه/ شيخ الحديد وقرى تابعة لها وقريتين في ناحية موباتا/ معبطلي، إلا أنّها وصلت إلى مركز ناحية موباتا، وقرى في ناحية شرّا/ شران.
جاءت عمليات التسليم لصالح ميليشيا “حركة أحرار الشام” الحليف العسكريّ والعقائديّ لهيئة تحرير الشام، بل إنّ مسلحي “الهيئة” تدخلوا في عفرين رافعين راياتها، وعلى هذا النحو يمكن اعتبار أنّ “أحرار الشام” استلمت مقرات “الشاميّة” اسمياً فيما الوجود الفعليّ هو للهيئة، وعلى هذا النحو أفضت الأحداث إلى شرعنة وجوده في إقليم عفرين وتوسيع نفوذه، وبخاصة أنّ الاتفاق غير واضح المعالم، ويتضمن تقديم “الهيئة” الدعم في تفاصيل الإدارة والأمن. وبذلك بدأت “الهيئة” حملة بحثٍ وتعقبٍ عن مسلحي “جيش الإسلام” في حي الأشرفية واعتقلت اثنين كان مختبئين قرب حديقة حي الأشرفية. كما بدأت الوحدة “الوحدة K 9″ الأمنيّة عملية بحث عن الألغام والمخدرات، في المدينة باستخدام الكلاب البوليسيّة.
مع إبقاء الهيئة على دباباته في عفرين وممارسته للصلاحيات الأمنية فعليّاً في مدينة عفرين، فإن الإعلان عن انسحابه كان للترويج الإعلاميّ فقط، وتكون قد خطت خطوة إضافية في مسيرة خطة تعويمه.
في سياق آخر، فإنّ الوجود العسكريّ لمسلحي “هيئة تحرير الشام” ليس جديداً، بل تم تعزيزه في قرى ناحية شيراوا القريبة من خط التماس، وهذا جزء مهمٌ من خطة سلطات الاحتلال التركيّ، والتي تعوّل على مسلحين من خلفية عقائديّة في خطوط المواجهة المحتملة فيما إذا بدأت بعملية عسكرية جديدة في منطقة الشهباء والتي تهدد بشنها على مدى الأشهر الأخيرة.