نوفمبر 09. 2024

سجن الزراعة… واحد من أقبية الموت التي كُشف عنها

عفرين بوست ــ خاص

لا توجد معلومات تفصيليّة حول عموم سجون الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ، ورغم أنّ بعضها معروف بالاسم، إلا أنّه لا يُعرف عدد المحتجزين فيه ولا أسماؤهم. وسجن الزراعة سيء الصيت والذي اقتحمه مسلحو “الجبهة الشاميّة” هو نموذج تلك السجون.

لدى ميليشيا “فرقة الحمزة” ثلاثة سجون، هي: سجن الزراعة في منطقة الباب، وسجن المحموديّة في مقر “الأسايش السابق” في مدينة عفرين المحتلة، والسجن الثالث منزلٌ مستولى عليه لمواطنٍ كرديّ في قرية شنكليه بناحية بلبله.

اقتحام سجن الزراعة

اقتحم مسلحو “الجبهة الشاميّة” يوم أمس الثلاثاء 11/10/2022 أمنية الزراعة وكشفوا عن سجنها. وعثروا على مقبرة خلف مقر الزراعة، عبارة بئر ألقيت فيها جثث الذين قتلوا تحت التعذيب، واستدعت “الشامية” فرق الدفاع المدني لاستخراج الجثث، وعثر أيضاً على لوحات السيارة التي استقلتها الخلية التي اغتالت “أبو غنوم”.

وجاء اقتحام السجن في سياق الاشتباكات العنيفة الدائرة بين مسلحي ميليشيات “الجبهة الشامية” و”الحمزات”، على خلفية كشف تورط متزعمين من “الحمزات” بعملية اغتيال الناشط الإعلامي “محمد عبد اللطيف/ أبو غنوم” وزوجته.

حاولت ميليشيا “الحمزات” تجنب مشهد اقتحام سجنها بحي المحمودية في 28/5/2020، بعد حادث مقتل مستوطن من الغوطة، وكُشف حينها لأول مرةٍ عن نساءٍ عراةٍ داخله، وتم تداول معلومات عن نقلها بعض المحتجزين إلى بلدة بزاعة، حيث معقلها الأساسيّ والبلدة التي ينحدر منها المدعو “سيف أبو بكر بولاد” والتي أعلنت وقوفها إلى جانب “الحمزات”. وبادرت ميليشيا “الحمزة” من قبيل التهويل إلى نشر صور وأسماء أشخاص ادّعت أنّهم “دواعش” محتجزون في سجن الزراعة، وقالت إنهم فروا أثناء اقتحام “الجبهة الشاميّة” للمقر.

سجن الزراعة وقصص مروعة

المعلومات المتوفرة عن سجن الزراعة نقلها سجناء سابقون فيه، وفي شهادة تداولتها معرفات المسلحين في نهاية مايو/ أيار 2020، قال: في قبو سجن “الزراعة” تحصل أمور لم يُسمع بها، ويدير السجن المدعو “محمد الكادريّ/ أبو عبدو”، إضافة إلى شقيقه “حسام الكادري”، أبو عبدو البوشي، “محمد سواس” “الملقب “الضبع”، أبو عبدو البطوشيّ، وأخوه مصطفى، “أبو الكيف”. و”السواس/ الضبع” هو من كان يقوم بدفن جثث في المقبرة الجماعيّة.

قضى الشاهد مدة 9 أشهر في السجن، وأكد أنّ السجناء مختطفون بدون أيّ تهمة، ولكن لمجرد تحصيل الفدية من عوائلهم، وأبعاد المنفردات 1.5 متر × 1 متر واحد، وقد شهد وفاة سجين اختناقاً! وتكرر أفعال “اللواط”، وأشار السجين إلى ارتكاب جرائم الاغتصاب في السجن وطرق التعذيب ومنها “الخازوق بالهروانات، وعمليات اغتصاب بالجملة للسجناء والسجينات أمام أزواجهم!! وذكر أن المدعو الكادري حاول اغتصاب شخصٍ اسمه عمار الزعبي (18 سنة) من بلدة الطيبة ــ محافظة درعا، رغم أنّ رجله مبتورة ومضى على سجنه سنتين ونصف بتهمة الانتماء إلى “داعش”.

وأكد السجين أنّ الماء كان يُمنع عنهم لأيامٍ، ولا يُقدم لهم الطعام إلا كل 10 أيام مرة، وقد يُوضع المازوت في الطعام. كما أفاد الشاهد بأنّ السجن يتبع لسلطات الاحتلال التركيّ ولكن الجولات التي يقوم بها المسؤولون الأتراك شكليّة، ولا تشمل الأقبية وتساءل حول مدى معرفة الجانب التركيّ بما يحدث في السجن.

وفي شهادة للمدعو الدكتور “محمود السايح” من أهالي الباب، أكد وقوع حوادث الاغتصاب على الأطفال واللواط والقتل وتعاطي المخدرات والسرقة والابتزاز والنهب، وقال إنّ المدعو “الضبع” كان يعتبر الاغتصاب مهمة “ثوريّة” وأكبر الأطفال كان عمره 12 سنة، بتهمة أنهم من “أشبال الخلافة”، وقام بذلك بناءً على تعليمات ممن هو أعلى منه.

شهداء كرد قضوا تحت التعذيب

إن العشرات من المختطفين من قبل “الحمزات” من أبناء عفرين كانوا محتجزين في هذا السجن وتعرضوا للانتهاكات الجسيمة من الاحتجاز -الضرب – التعذيب، والبعض منهم فقدوا حياتهم إما تحت التعذيب أو الإصابة بمرض السل، كما عثر على عبوات ناسفة معدّة للتفجيرِ في “أمنية الزراعة “.

من المواطنين الكرد الذين اُستشهدوا تحت التعذيب المواطن هو “حسين حمو” من قرية جقلا ــ ناحية شيه الذي أبلغوا عائلته بعد إخفاءٍ قسريّ لمدة عام باستلام جنازته في 19/8/2019. والمواطن “كاوا عمر” من قرية دار كريه، الذي احتجز مع زوجته وأفراد من عائلتها.

وأفاد مواطن كرديّ من أهالي عفرين كان سجيناً معه، بأنّ “كاوا” فقد حياته على مرأى منه، وقال لعفرين بوست: “لقد تعرض كاوا ليلة وفاته للتعذيبِ الشديد، وجاؤوا به جثة هامدة وألقوه في الزنزانة، وفي الصباح استيقظنا، ووجدناه قد فقد حياته حينها، وكانت صدمة كبيرةً بالنسبة لنا جميعاً”، ولم يتذكر الشاب تاريخاً محدداً لوفاة كاوا، واكتفى بالقول: الوفاة حصلت خلال عام 2020. وسبق خبر الوفاة معلومات بأنّه فقد قدرته العقليّة نتيجة التعذيب.

واُختطف المواطن “كاوا” في 12/9/2018 بمداهمة منزله في قرية جوقه بناحية موباتا مع زوجته روكان منلا محمد بنت عبد المنان (27 سنة)، ووالدها عبد المنان منلا محمد بن طاهر (65 سنة)، وشقيقها طاهر (23 سنة)، ومحمد منلا محمد بن عبد الكريم. وكانت روكان بين النساء اللواتي كشف عن مصيرهن لدى اقتحام مقر “الحمزات” في المحموديّة. واللواتي اُحتجزن لفترة في سجن الزراعة.

ومن معتقلي سجن الزراعة المواطن الكردي “رياض منلا” من أهالي قرية “جوقه” وهو دكتور في الاقتصاد، وقد اختطفه مسلحو “الحمزات” في 23/9/2018 على الأوتوستراد الغربي أمام مكتب السعادة بمركز مدينة عفرين. وفي 8/6/2020، شوهد المواطن رياض في سجن الزراعة. وأفرج عنه في 9/3/2021.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons