عفرين بوست – خاص
تواصل حكومة أنقرة التهديدات الاستعراضيّة، فعلى مدى أكثر من شهرين واصلت الحديث عن عمل عسكريّ وشيك، وأنه سيتم فجأة وبقرار تركيّ مستقل.
والحقيقة أنها اصطدمت برفض دوليّ، فكان رفض واشنطن، وكذلك رفض شريكي أستانه اللذين ضغطا باتجاه المسار التصالحي، ليخرج وزير الخراجية التركي بتصريح يروّج للمصالحةِ ويكشف عن لقاء سابق مع وزير الخارجية السوريّ في بلغراد في أكتوبر 2021.
اليوم يسخّر حزب العدالة والتنمية كل الإمكانات لضمان الفوز بالانتخابات القادمة، ولكن مع التظاهر أنَّ الانخراط بالمسار التصالحي ليس رضوخاً لرغبة موسكو، وقال أردوغان بعد قمة طهران التي تم فيها بحث المسار التصالحيّ أنّ خيار العمل العسكري سيبقى على الطاولة، وجدد في خطابِ الاحتفال بمعركة ملاذ كرد التهديدَ بعملٍ عسكريّ، مخالفاً تصريح وزير الخارجيّة مولود جاويش أوغلو الذي أعلن استعداد بلاده للتفاوض المباشر مع دمشق دون شروط.
ما يريده أردوغان قوله للناخب التركيّ أنّ التوجه إلى التصالح خيارٌ تركيّ من موقع القوة واستقلاليّة القرار، وليظهرَ صانعاً للسلام، بعد أكثر من عقد من التدخل في الأزمة السورية وثلاثة عمليات عسكرية أفضت إلى احتلال مناطق سورية وارتكاب عددٍ هائل من الانتهاكات.
أنقرة تنازلت عن مواقفها المناوئة لحكومةِ دمشق والمتعلقة بالتغيير بالقوة، مقابل شروط أخرى تتعلق بالإدارة الذاتيّة وقوات سوريا الديمقراطيّة، وتأكيد إقامة المنطقة الآمنة بعمق 30 كم، وتمكين المعارضة السوريّة من الشراكة في السلطة، وإحداث ثلاث مناطق تجريبية لإعادة اللاجئين السوريين وصياغة دستور يوافقها وصولاً للمشاركة بإعادة الإعمار.
ما تسعى أنقرة إليه بالتذبذب ما بين التهديد بعمل عسكريّ والدعوة للتصالح مع دمشق، هو أن تحقق بالسلام مع حكومة دمشق ما لم تحققه عسكريّاً عندما اتخذت موقفاً عدائياً حيالها، وهو موقف ينطوي ضمناً على الاستعدادِ للتخلي عن المعارضةِ تدريجيّاً، لقاء خطواتٍ مقابلة من جانب دمشق.