ديسمبر 23. 2024

منظمة حقوقيّة تطالب بتوسيع العقوبات وفرضها على “أبو عمشة”

عفرين بوست ــ متابعة

أصدر المركز السوري للعدالة والمساءلة أمس الخميس 14/7/2022 تقريراً حول الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” ومتزعمها المدعو “محمد حسين الجاسم / أبو عمشة”، ويصفها بالجرائم، وينقل عن مراقبي حقوق الإنسان وصفهم للمدعو “أبو عمشة” بأنه مجرم وطاغية وأنه وفصيله يتحملان مسؤولية التهجير القسريّ للسكان الكرد في عفرين، إلى جانب مصادرة ممتلكاتهم الخاصة.

تقرير المركز السوريّ للعدالة والمساءلة جاء متوافقاً مع تقرير أصدرته منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، الخميس 30/6/2022، حول مصادر التمويل لميليشيا “سليمان شاه/ العمشات”. وأكد المركز أنّ تحقيقات المصادر المفتوحة، التي أجراها فريق التحقيق التابع له، إلى أيّ مدى سمحت هذه الممارسات لأبي عمشة بمتابعة المساعي الاقتصاديّة التي تولد إيرادات تزيد عن 30 مليون دولار أمريكي سنوياً. ودعا المركز السوريّ للعدالة والمساءلة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة OFAC إلى معاقبة “أبي عمشة” بسبب تورطه في الأمر والإشراف على انتهاكات حقوق الإنسان.

تمويل العمليات العسكرية

من الركائز الأساسية لتوليد ثروة “أبو عمشة” هي تجارة زيت الزيتون المنهوب، وللاستفادة من وفرة أشجار الزيتون في المنطقة يجمع “أبو عمشة” حوالي 8 دولارات عن كلِّ شجرة من مالكي الأراضي غير المنتسبين إلى “قسد” إضافة لأخذ 15٪ من محصولهم. يُطلب من الأفراد الذين يُزعم أنهم ينتمون إلى قسد تسليم كل محصولهم إلى الميليشيا، وفي إحدى المناطق، تم دفع إتاوة بقيمة 250 دولاراً أمريكيّاً لكلّ معصرة زيت زيتون من أصحاب المعاصر، بينما تم في مناطق أخرى أخذ ما يزيد عن نصف الأرباح من أصحاب المعاصر. وتموّل هذه الرسوم عمليات الميليشيا وتُثرِي شخصيّاً “أبو عمشة” وأتباعه. وجمعت الميليشيا غرامات قدرها 15 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الأولى من سيطرته على المنطقة. وعلى هذا النحو، يعتبر الزيتون في عفرين حافزاً ومكافأةً على سلب ملكيّة السكان الكرد في المنطقة.

تربط تجارة زيت الزيتون المنهوب “أبا عمشة” وكتائبه بالمؤسسات في تركيا من خلال بيع الزيتون إلى تعاونيّة الائتمان الزراعيّ التركيّ ACC  عبر وسطاء سوريين، مثل شركة جوبري للأغذية Jobri Food  وتقوم لجنة التنسيق الإداريّة بتكريرِ الزيت‎ ثم بيعه إلى المُصَدِّرين الأتراك. ويتم تصدير الزيت إلى جميع أنحاء العالم بموجب ملصقات مزيفة تدّعي أنّ المنتج صُنع في تركيا. وبالإضافة إلى الإتاوات التي يفرضها المسؤولون الأتراك على المُصدِّرين السوريين الذين يحاولون بيع منتجاتهم إلى تركيا، ويقدمون أسعاراً أقل من أسعار السوق للمنتج بالتنسيق مع تعاونيّة الائتمان الزراعيّ التركيّ ACC ، واعترف أحد المُصدِّرين، علي غوريلي، بتورطه بالعملية مشيراً إلى أنّه “لن نتمكن من التصدير بهذا المستوى بدون زيتون عفرين…” وأنّ “زيت زيتون عفرين أصبح منتجاً تركياً”.

يعتبر الابتزاز أساساً لكيفية حصول “أبو عمشة” وميليشياته على ثروةٍ كبيرة. تقوم الميليشيا بعمليات اختطاف منظّمة‎، وتطالب بدفع فدية تتراوح بين ألف و25 ألف دولار من أفراد الأسرة الذين يتعرضون للتهديد إذا لم يمتثلوا لأوامره. كما يطالب الناس بالمال مقابل استعادة بيوتهم. بعد الحصولِ عليها بالقوة، وتجبر الميليشيا المالكين على دفع رسوم تتراوح بين 3ــ 10 آلاف دولار لاستعادة ممتلكاتهم. تستهدف هذه الإجراءات بشكلٍ غير متجانس السكان الكرد بالمنطقة.

استمرار الإفلات من العقاب

انتهاكات “أبو عمشة” معروفة منذ سنوات، ومع ذلك فالجهود المبذولة لمحاسبته كانت غير مجدية حتى الآن. ورفع سكان شيه/ شيخ الحديد نحو 60 دعوى قضائيّة ضده لجرائم متنوعة، تشمل الاغتصاب، والخطف، والاختفاء القسري، والتهديد بالمال، والابتزاز، ومصادرة الممتلكات.

زعمت لجنة من ثلاثة أشخاص، ومرتبطة بالمجلس الإسلاميّ السوريّ، أنها تَحَرَّت الانتهاكات التي ارتكبها “أبو عمشة” وعدد من قادة الميليشيا. وتجدر الإشارة إلى أن “أبو عمشة” متورط باختيار اللجنة، ودعت اللجنة إلى عزله ونفيه من منطقة عفرين “غصن الزيتون” لمدة عامين هِجريَّين. ومع ذلك، حضر “أبو عمشة” العديد من فعاليات “الجيش الوطنيّ” وهي نتاج ثانويّ محتمل من ضغط التركيّ نيابة عنه.

فرض عقوبات على أبو عمشة

معاقبة “أبي عمشة” خيارٌ قابل للتطبيق وللمساءلةِ بالنظر إلى عدم وجودِ سبلٍ انتصاف فعالة أخرى. ستكون العقوبات الدوليّة ذات مغزى على وجه التحديد؛ لأنّه استفاد من الثروة المكتسبة من خلال النهب والابتزاز في سوريا للاستثمار في أصول خارج البلاد. ويمتلك “أبو عمشة” العديد من الأعمال التجاريّة في تركيا نتيجة أعماله الاستغلاليّة في سوريا، والتي تتضمن المطاعم، وتجارة السيارات، وشركات الشحن، ومحلات الذهب، والمباني السكنية. ويقال أيضاً إنّه يمتلك 65 مليون دولار في البنوك التركيّة، والتي يمكن أن تكون نقطة ضغطٍ في حالة مشاركة هذه الحسابات في المعاملات الماليّةِ الدوليّة المرتبطة بالولايات المتحدة.

رغم أنّ العقوبات ليست الإجابة النهائيّة على سؤال المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سوريا، إلا أنّها أداة فعَّالة لملاحقة جناة محددين والحد من الانتهاكات المستمرة. لذلك، يجب أن يكونَ تحديد الأفراد الذين استفادوا من محنة السوريين لتحقيق مكاسب مالية خاصة بهم، مثل “أبو عمشة”، من أولويات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية – مكتب الولايات المتحدة المُكَلَّف بِالتَّتَبُّع والسعي لإنفاذ العقوبات الاقتصاديّة الأمريكية – والمجتمع الدوليّ ككل، رغم التعقيدات السياسيّة للعلاقات الأمريكيّة التركيّة.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons