ديسمبر 23. 2024

إصلاحات “الائتلاف” السوري في خدمة شرعنة الاحتلال وإدامته

عفرين بوست ــ خاص

يعمل الائتلاف على الترويج لعملية إصلاح في صفوفه، والتي جرت بتعليمات تركيّة مباشرة، لتتوافق مع سياستها في سوريا والمنطقة، وتهدف إلى إدامةِ الاحتلال التركي وتأكيد حصريّة تحكّم أنقرة بالائتلاف، فيما التعويل مستمرٌ على مسلحي الميليشيات في المناطق المحتلة لإيجاد مزيد من المتغيرات عبر التضييق على الأهالي والتغيير الديمغرافي.

ما هي التغييرات؟

عقدت “الهيئة العامة” في الائتلاف اجتماعاً طارئاً، بتاريخ 7/4/2022، لمناقشة الإجراءات الداخليّة الإصلاحيّة المتعلقة بالعضويّة والنظام الأساسيّ. الذي يتضمن 37 مادة، وبموجبه تم خفض عدد مكونات الائتلاف من 25 إلى 12، كما زاد تمثيل ما تسمى “رابطة الكرد المستقلين” داخل الهيئة العامة من مقعد واحد إلى ثلاثة مقاعد. وصوّتت “الهيئة العامة” على إنهاء عضوية أربعة مكونات من الائتلاف وهي حركة العمل الوطني، والكتلة الوطنية المؤسسة، والحراك الثوري، والحركة الكردية المستقلة، وعلى إبقاء كل من “هشام مروة” و”نصر الحريري” كأعضاء مستقلين.

وأجرى “سالم المسلط”، رئيس الائتلاف، سلسلة لقاءات ضمن المناطق الواقعة تحت النفوذ التركيّ، بينها “الفيلق الثالث” و”فيلق الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” و”حركة التحرير والبناء” و”ديوان القبائل والعشائر في سجو” وتجمع “رابطة الشباب السوريّ الثائر” في أعزاز. وصرح المسلط بعدها أنّه لمس حالة ارتياح لدى “السوريين” إزاء الإصلاحات التي أجراها الائتلاف الوطني في بنيته الداخلية ونظامه الأساسيّ، بما يؤدي إلى التمثيل الأفضل لمكونات الشعب السوريّ داخل الائتلاف. وبحسب المسلط فإن عدد الأعضاء الحاليين هو 61 عضواً، ومع التغييرات الحالية ربما يصل لاحقاً إلى الـ100، ولكن بوجود شخصيات فاعلة، على حد وصفه.

واستبعد الائتلاف 14 عضواً في 7/4/2022 وقال المسلط: إنّه “تم استبعادهم إما لعدم فعاليتهم أو لاستبدال قانونيّ”، نافياً عدم ارتباط خروجهم بأيّ ملفات فساد ماليّة. وكشف أنّ ميزانية الائتلاف الشهريّة تصل إلى 250 ألف دولار أمريكيّ، وهي بالكاد تغطي رواتب الموظفين التي وصفها بـ”الرمزية”، رغم أنّ عن وزير الداخلية في “الحكومة المؤقتة” محي الدين هرموش، صرح أواخر مارس الماضي، بأنّ لديه معلوماتٍ موثّقة عن ارتباط أعضاءٍ من الائتلاف بالنظام السوريّ، وأنه مستعد لكشفها.

انقلاب

 رداً على قرارات، أعلن الأعضاء المستبعدون عن الائتلاف عن تشكيل كيانٍ جديد باسم “الائتلاف الوطني السوري- تيار الإصلاح”. وفي أول بيان للتيار، وصف ما جرى بـ”الانقلاب” نفذته زمرة دخيلة”، وتعهدوا بكشف مكامن الخلل، وفضح الفاسدين. وطالبوا بـ”نزع الشرعية عن الفئة المتسلقة على شؤون (الائتلاف)، وانتخاب قيادة وطنية جديدة، ووضع الشعب السوريّ في صورة ما يُحاك من دسائس عبر الفئة المرتهنة، وكشف محاولة فرض أجندات وتنازلات مريبة في المفاوضات سيكون في مقدمة الأولويات”، على حد تعبيرهم.

ليرد الائتلاف ببيان حذّر فيه من وجود ينتحل صفته عبر إصدار بيانات تحمل شعار الائتلاف، في إشارة إلى البيانات التي يصدرها التيار.

وفي بيان ثان، للتيار بعد المؤتمر الصحفيّ لرئيس “الائتلاف”، سالم المسلط، ذكر “تيار الإصلاح” أنّ المسلط “أصر على التدليس وإخفاء الحقائق أمام صحفيين دعاهم إلى مقر (الائتلاف) بحضور أعضاء من الفئة المرتهنة”. وتحدث البيان عن رفض المسلط طعوناً مقدمة من الأعضاء المفصولين بشكل تعسفيّ، ولم يعترف بوجود خرق قانونيّ جسيم في الإجراءات التي وصفها التيار بـ”المعيبة”.

الإخوان رفضوا التغييرات

رفضت حركة “الإخوان المسلمون”، وهي إحدى كتل “الائتلاف”، التغييرات، وقالت في بيان حذفته لاحقاً، “فوجئ الرأي العام الوطنيّ في سوريا، كما فوجئت جماعتنا، بقرار صدر عن قيادة (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة)، بفصل بضعة عشر عضواً، بطريقة تمّت خارج الأطر التنظيمية المتوافق عليها ضمن هذه المؤسسة الوطنية، المحكومة بنظام داخلي توافقي يعتبر المرجع القانوني لكل المكونات أطرافاً وأفراداً”.

وخلافاً لادعاء المسلط بأنّ “الإصلاح” قوبل بالارتياح، فقد ظهرت ردود فعلية عكسية، قالت أنّ المفسد لا يمكنه الإصلاح، وكان يجب إجراء تغيير شامل اعتباراً من عامل البوفيه وحتى الرئيس، وأن بنية الائتلاف أصبحت عقيمة على الإصلاح. وبحاجة لإصلاح جذري بمعنى إلغاء وإعادة إنتاج، وكان عليه حل نفسه.   

قرار تركي

توجهات أنقرة الإقليميّة تركز على تدوير زوايا الخلاف مع دول المنطقة وفتح أقنية الحوار معها كالإمارات والسعوديّة ومصر، وبات أعضاء الائتلاف عبئاً عليها، وحان الوقت للتخلّي التدريجيّ عنهم. وجاءت “إصلاحات الائتلاف” في الزمن بدل الضائع، لتمديد صلاحيته.

ولم يكن صدفة أن جاء “الإصلاح المزعوم” متزامناً مع إغلاق مكتب الائتلاف في أنقرة في 14/3/2022، وفيما تذرع الائتلاف بأسباب ماليّة وتقنين النفقات، إلا أنّ القرار جاء وفقاً لجملة عوامل، في مقدمها رغبة أنقرة بالتخلّي عن “الائتلاف” وإسناد مهامه تدريجيّاً إلى “الحكومة السوريّة المؤقتة”، التي تتمسك بها ويترأسها المدعو “عبدالرحمن مصطفى”، ذو الأصول التركمانية، والمعروف بولائه التام لأنقرة وحزب العدالة وهو حاصل على الجنسية التركيّة، وهو عضو في الائتلاف عن الكتلة التركمانيّة. وكذلك بقرار من الداخلية التركيّة لإنهاء عمل اللجنة المشتركة المعنية بشؤون اللاجئين السوريين في تركيا والتي يديرها مكتب الائتلاف بأنقرة، كما أنه يتوافق مع النهج التصالحيّ لأنقرة مع الدول العربية.

اختزالٌ للكرد والسوريين

وهي عملية “اختزال المختزل”، فالائتلاف في أصله كان اختزلاً فاضحاً لإرادة السوريين، وصادر الإخوان المسلمون قراراته، والمطلوب اليوم الحد من هيمنتهم.

ووفق خطة الإصلاح المزعوم اختزل السوريين بمن التقى بهم في المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ. كما اختزل الكرد بجعل من “رابطة الكرد المستقلين” المرتهنين لأنقرة والمؤيدين لاحتلال عفرين ورأس العين وتل أبيض، واجهة كرديّة شكليّة لإضفاء الشرعيّة الشكلية على الاحتلال، وعرقلة الحوار الكرديّ ــ الكرديّ.

يتوافق الإصلاح مع توجهات حكومة أنقرة الحالية، والتي تسعى لإدامة الاحتلال وتثبيته مع كلّ المتغيرات على المناطق المحتلة من تتريك وتغيير ديمغرافيّ وربط أمني وعسكري وإداري، واستغلال خطة موسكو بجعل مناطق شمال سوريا وبخاصة عفرين مكب نفايات الأزمة السورية، عبر ترحيل كل عوامل الأزمة إليها، وترسيخ احتلال المناطق السوريّة يتطلب إضافة مزيدٍ من التركمان إلى قيادات المعارضة وجعلهم كتلة وازنة تتحكم بقراراته وهذا الجناح يمثله المدعو “عبد الرحمن مصطفى”.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons