ديسمبر 23. 2024

ملف| قرية باصوفان الإيزيدية تئن تحت وطأة جرائم الميليشيات الإسلامية من تضييق واعتقال وقتل واستيطان

تقع قرية باصوفان الإيزيدية على سفح جبل ليلون، جنوب مدينة عفرين بـ 35 كم، وشمال شرقي قلعة سمعان بـ 4 كم، وتتألف من نحو 300 منزل.

أصل اسم باصوفان

يعني اسم صوفان “قس” وهو رجل دين مسيحي، وكامل الاسم يعني “بيت القس”.

أما المؤرخ الأسدي يقول إن الكلمة آرامية وتعني “بيت شوفْنا” أي بيت القطر، أما الخوري برصوم فيقول أنه بمعنى “الحد أو النهاية”، ولكن حسب رأيه أن الاسم بمعنى “بيت الملاح أو بيت الصابون” محل تصنيع الصابون لوجود أشجار الزيتون حولها.

أما بحسب أهلها يقال إنه كان يسكن في موقع القرية بعض المتصوفة من أتباع الديانة الإيزيدية، وكان سكان القرى المجاورة يقصدونهم لأجل شفاء مرضاهم بالأدعية، فيقولون حينها: لنذهب عند الصوفيين Ba sofiyan، ثم أدمجت الكلمتان وأصبحتا اسماً للمكان Basofan وBasofiyan.

كما أن شيخ علي أحد شيوخ الإيزيديين كان يقول: بأن أصلها من “بازيوان” وهي اسم قرية في منطقة خالتان في شمالي كردستان، جاء منها أوائل سكانها الإيزيديين، ثم حرف الاسم مع الزمن إلى باسوفان.

أهمية القرية أثرياً

توجد في قرية باصوفان بقايا أثرية لأبنية وسوق وجدران كنيسة ومدافن وصهاريج أثرية منحوتة في الصخر وبقايا حصن صغير ومعاصر قديمة للزيوت تعود للعصر الروماني – البيزنطي من أهمها كنيسة القديس فوقاس التي يعود تاريخها للقرن الخامس الميلادي، كما توجد أعمدة بأخاديد حلزونية وبعض القبور والمدافن القديمة، بالإضافة إلى مزار (مرقد) الشيخ علي الإيزيدي.

أثناء الغزو التركي

كانت القرية تتبع إدراياَ لناحية شيراوا المستحدثة من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة عفرين وتقع على خطوط التماس مع ميليشيات “الجيش الحرَ” الإسلامية، حيث تعرّضت للقصف والاعتداء لأكثر من مرّة، ففي 27 نيسان 2016م وقعت أضرار مادية وضحايا قتلى وجرحى من أهاليها.

وأثناء الغزو التركي وميليشياته لإقليم عفرين في يناير 2018، تم قصف القرية ومحيطها بالطيران والمدفعية حوالي عشر مرات، حيث تضرر المنزل القديم العائد للمرحوم الشيخ “جمو علي أوسو” بشكلٍ جزئي.

ونزح أهلها الكرد الإيزيديين، البالغ آنذاك حوالي 2000 نسمة، ولم يعد منهم سوى 75 عائلة (200 نسمة)، والبقية هُجّروا قسراً، وتم توطين حوالي 150عائلة (1000 نسمة) من المستوطنين فيها.

كما استشهد كل من “نزار سليمان عربو” /35/ عاماً، “سلمو بطال سلمو” /50/ عاماً”، في 7/2/ 2018م، أثناء خدمتهما في مركز للأسايش.

إبان الاحتلال التركي

سيطرت على القرية ميليشيات “فيلق الشام” التي اتخذت من منزل المواطن “سليمان جعفر” مقراً عسكرياً، واستولت على منازل المُهجَّرين قسراً وسرقت ما فيها من محتويات، وسرقت من بقية المنازل مؤن وأواني نحاسية وأسطوانات الغاز وشاشات التلفاز وأدوات وتجهيزات كهربائية وغيرها.

واستولت على كامل المخبز الآلي الحديث مع مجموعة توليد كهربائية، وبجانبه كامل المنزل، العائدين لأولاد المرحوم “عز الدين شيخو”.

وقامت الميليشيا بأعمال حفر داخل القرية في عدة أماكن وفي موقع “كفر لاب”- شرقيها، أمام أعين الأهالي، بحثاً عن الآثار التاريخية وسرقتها.

وقد اتخذ الجيش والاستخبارات التركية من فيلا (بناء طابقي) لأبناء المرحوم “نبي موسى نبو” مقرّاً عسكرياً.

انتهاكاتٌ واعتقالات تعسفية

تعرّض أهالي القرية لمختلف صنوف الانتهاكات والجرائم، منها القتل والاختطاف والاعتقالات التعسفية والتعذيب والإهانات والابتزاز المادي وغيره، حيث اعتقل العشرات منهم، بينهم نساء، وتعرضوا للتعذيب الشديد.

فالمواطنة “غزالة منان سلمو” /50/ عاماً اختطفت من قبل ميليشيا “فيلق الشام” بتاريخ 4/12/2020م، واقتادوها إلى سجنهم الخاص في قرية “إيسكا”، ولا يزال مصيرها مجهولاً إلى الآن، وذلك ضمن حملة اعتقالات شنّها في القرية بُعيد تعرّض سيارة أحد متزعميه بذاك التاريخ لانفجار لغم أرضي قرب قرية “بعيه” المجاورة.

وفي 30/3/2020م، تعرّض المواطن “دلكش عمر عربو” لرصاصٍ حيّ أطلقته عناصر الميليشيا لأنه رفض أوامرهم بإخلاء منزله، حيث شُفي من الإصابة.

وأثناء عودة المواطنة “غزالة أوسو بنت جمو علي” /69/ عاماً إلى القرية بعد النزوح في مارس 2018م، تم استهدافها من قبل حاجز الميليشيا في قرية “كباشين” فأصيبت بطلق ناري وشُفيت منه فيما بعد، بينما تم توطين عوائل من المستقدمين معها في منزلها عنوةً.

في حين فقد “خليل سوري أوسو” /33/ عاماً”، في 2/8/2019م، حياته نتيجة تعرّضه لانفجار لغم أرضي قرب قرية “برج القاص”، أثناء عودته من مناطق النزوح في الشهباء إلى قريته.

وقامت الميليشيا في ديسمبر 2020 بحملة اعتقالات تعسفية في قرية باصوفان الإيزيدية التابعة لناحية شيراوا. واختطفوا عدداً من المواطنين الكرد بتهمة انتمائهم إلى وحدات حماية الشعب وقامت فوراً بنقل المواطنين المختطفين إلى سجن قرية إيسكان في الناحية نفسها وهم كلٌ من : 1ــ علي كاظم علي (22 عاماً). 2ــ باسل مامد حسين (22 عاماً). 3ــ سامر مامد حسين (35 عاماً). 4ــ دلبرين عربو المعروف باسم (دلو عربو) 5- أحمد هندي هندي (32 عاماً)،

كما أقدمت الميليشيا في 21/3/2021 على شن حملة مداهمات واختطاف بحق أهالي قرية باصوفان بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة، وتم اختطاف كلّ من: (جمعة صالح، محمد ناصر، تيسير جمو، محمد ناصر شيخو، صبري حيدر، درويش عرابو، حيدر بركات إبراهيم)، لتطلق سراح خمسة منهم وتواصل الاحتفاظ بكل من “حيدر ابراهيم وتيسير جمو”.

لكن أفظع ما تعرضت له هو الحصار الذي أطبقه جيش الاحتلال التركي وميليشيا “فيلق الشام” على القرية في 3 ديسمبر 2020، بسبب مقتل ضابط تركي ومتزعم بالميليشيا خلال عملية نفذتها “قوات تحرير عفرين” في القرية، فاتخذها الاحتلال حجة لاعتقال أغلب المدنيين، وأنشأ سجناً فيها وقام بمصادرة أجهزة الهاتف فانقطعت أخبار الأهالي فيها، وفرضت حصاراً على قريتي باصوفان وبعية استمر نحو ثلاثة أسابيع خلاله منعت دخول المواد الغذائية إليهما، وكان عناصر الميليشيا يطلقون الرصاص ليلاً لترهيبهم.

اضطهادٌ ديني

تعرض أهالي القرية الإيزيديين لاضطهاد ديني، حيث تم تخريب مزار “شيخ علي” الإيزيدي وسط القرية من قبل الفيلق في أول يوم رمضان المصادف لـ24 نيسان 2020م، وسرقت محتوياته بالتكبيرات وبحجة أنه يعود للكفار، وفيما بعد جرى ترميم قبة المزار قبيل زيارة “نصر الحريري- رئيس الائتلاف السوري السابق” في محاولةٍ لتجميل وجه الاحتلال.

ونكايةً بالأهالي تم تحويل منزل “حنان ناصر عربو” إلى مسجد، ويُجبر الأهالي أحياناً على ارتياده، كما تم تخريب بعض قبور موتى القرية، خاصةً تلك التي كُتب عليها باللغة الكردية.

وعندما دخلها المستوطنون أغلقوا المدرسة الدينية الإيزيدية، وافتتحوا بدلاً منها مدرسة لتعليم الديانة الإسلامية، فيما يجبر الأهالي على إرسال أطفالهم، ويلقى الرافضون إرسال أبنائهم إلى تلك المدرسة معاملة قاسية، كما فرضوا على النساء والفتيات ارتداء اللباس الإسلامي.

قطعُ أشجارٍ مثمرة

قام الاحتلال التركي بقلع حوالي ألف شجرة زيتون وعنب وغيره من حوله عائدة لـ “أولاد المرحوم جمو علي أوسو، محمد علي قرنو، علي حسن أوسو، عائلة مِرجو” لأجل إنشاء طوق أمني، كما قلع نحو 1300 شجرةٍ زيتون وتين ولوز وجوز أخرى عائدة لـ”قدري سليمان، موسى سليمان، جمعة جمو، سليمان جعفر، بكري جعفر، علي جعفر، حسين حسين، ناصر حسن نبو” بغاية إنشاء قاعدة عسكرية.

وقطعت الميليشيات حوالي ألفي شجرة مثمرة متنوعة أخرى في محيط القرية، بغاية التحطيب والتجارة.

المصادر:

– حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

– موسوعة جيايي كورمينج

– عفرين بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons