قال مراسل “عفرين بوست” إنه وفي إطار متابعته لحملة المداهمات التي شنتها المليشيات الإسلامية في عدة مواقع من عفرين خلال نهاية الأسبوع الماضي، قد توصل إلى معلومات تفيد بتشكيل مجموعات من المسلحين بغية سرقة منازل السكان الكُرد.
وأضاف مراسلنا أنه وفي إطار المعلومات التي استطاع استحواذها من أوساط المسلحين، فإن هؤلاء باتوا يعمدون مؤخراً إلى إرسال مجموعات من المسلحين للسرقة ضمن قطاعات خاضعة لاحتلالهم، باستخدام حجج واهية كــــ “البحث عن نساء مطلوبات من قبلهم”.
ومن المعروف أن عفرين وقراها قد قسمت إلى قطاعات، تحتكر فيها كل مليشيا أولوية السرقة واللصوصية والاستيلاء على أملاك المهجرين العفرينيين وتوزيعها على مسلحيها، والمستوطنين من عوائل هؤلاء المسلحين، وبالتالي لا يمكن لأي مجموعة مسلحة التحرك دون موافقة المليشيا التي يخضع لها القطاع.
وأشار مراسل “عفرين بوست” بأنه قد حصل على معلومات بمداهمة مجموعة مسلحة لعدد من الأبنية في مركز مدينة عفرين، ضمن الأحياء الخاضعة لسطوة مليشيا “السلطان محمد الفاتح”، التي تتكون من مسلحين تركمان. منوهاً أن الأهالي علموا لاحقاً بأن المسلحين كانوا مجموعة من اللصوص الذين حاولوا مداهمة البيوت بغية سرقتها، بحجة البحث عن نساء مطلوبات من قبلهم.
ونقل مراسل “عفرين بوست” أن مليشيا “محمد الفاتح” التي تحتل عدة مناطق من مدينة عفرين، قد أنشئت مستودعات للمسروقات، مضيفاً أن الأيام الأخيرة شهدت رمي مسلحي المليشيا التركمانية لأحد المواطنين في حديقة بعفرين، إثر تعرضه للضرب المبرح من قبلهم أثناء سرقة سيارته، قبل أن يعثر الأهالي عليه ويقوموا بإسعافه.
وأضاف مراسلنا أن المليشيا التركمانية قد تعدت خلال الأسبوع الماضي، على عدد من المواطنين العرب القادمين من مناطق أخرى مجاورة لعفرين، عقب تدخلهم في نزاع نشب بين مسلحيها وعوائل كُردية عفرينية، حيث رفض مسلحو المليشيا تدخل المواطنين العرب ودفاعهم عن الكُرد.
المليشيات التركمانية..
منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، حاول الاحتلال التركي على الدوام استغلال المجاميع المسلحة التركمانية لضرب الكُرد، ومنعهم من استحصال حقوقهم، ففي نيسان 2013 أُعلن عن إنشاء ما سمي بـ «المجلس العسكري التركماني»، والذي تلخص دوره في الدرجة الأولى بـ «التنسيق» بين المليشيات التركمانية من جهة، والنظام التركي من جهة أخرى، ولخص أولوياته في «القتال ضد وحدات حماية الشعب YPG، وضد مشروع الإدارة الذاتية في المناطق الكردية شمال سوريا.
وتوجد عشرات المجاميع المسلحة التركمانية التي انخرطت في دماء السوريين عامة والكُرد خاصة في عفرين، ومنها مليشيا “لواء السلطان محمد الفاتح”، التي كانت تحتل ستة أحياء في حلب الشرقية، قبل طردهم منها في العام 2016، إضافة لمليشيات لواء الظاهر بيبرس، كتيبة على يلماز، مليشيا الب أرسلان، مليشيا السلطان عبد الحميد، وغيرها.
وفي تقرير لصحيفة الاخبار اللبنانية نشر بتاريخ السابع من آذار للعام 2014، تحت مسمى الألوية التركمانية… «ثوّار» أم «جـندرمة»؟، قالت الصحيفة حول المجاميع المسلحة التركمانية، أنها بدأت تتكاثر سريعاً، ومنها «كتيبة السلطان محمد الفاتح» بقيادة الشيخ أحمد فياض (أبو عبد الله)، و«كتيبة السلطان مراد» و«كتيبة السلاجقة» و«كتيبة أحفاد الفاتحين» و«نور الدين الزنكي».
ولأن زيادة العديد، واتساع رقعة الانتشار كانا شرطيين أساسيين للحصول على دعم تركي مستمر، فقد تحوّل معظم تلك المجموعات إلى «ألوية» لاحقا. وكان من أبرزها «السلطان محمد الفاتح» التي توسعت في كانون الثاني 2013 لتصبح «لواءً» يضم كتائب «الشهيد محمد أبو عبد الله»، «الباز»، «زين العابدين»، «الشهيد يلماظ علي»، «علي بن أبي طالب»، «المهمات الخاصة»، «الشهيد نورس»، «الشهيد أحمد كريّم»، «الشهيد حسن دحل»، «ملك شاه»، «الدفاع الجوي»، «سرية الهندسة».
ونقلت “الأخبار” عن مصدر ميداني مُعارض قوله إن الأسلحة التي توافرت في يد هذه المجموعات، منذ البداية، كانت نوعية ومميزة على أسلحة سواها. ويوضح: «في وقت كنا نقاتل فيه ببنادق بمب أكشن، كان في حوزتهم بنادق أم 16 وأم 4 وقواذف بشحمها (جديدة). وعندما حصلنا على هذه الأخيرة، صار لديهم صواريخ متطورة». ويضيف: «وقتها لم نكن ندرك سبب تفوق تسلحهم ولا مصدره. ثم صار الدعم التركي أمراً يعلنونه ويتفاخرون به».
ويضيف: الدعم التركي مطلقٌ لهذه الألوية. يتسلمون أحدث أنواع الأسلحة، ويتلقى كل عنصر راتباً شهرياً (يرجح أن التمويل المالي قطري). أما الحدود، فمفتوحة أمامهم دائماً، ويحظى قادة المليشيات باستقبال من قبل الاستخبارات التركية منذ وصولهم الأراضي التركية». ووفقاً للمصدر نفسه، فإن عدداً من متزعمي تلك المليشيات التركمانية التقوا بـ رجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو.
وخلال غزو عفرين، قال أحد متزعمي مليشيا “السلطان محمد الفاتح” المدعو “زهير اسطنبولي” أن هدف «غصن الزيتون» القادم هو «محاصرة عفرين كخطوة أولى». ونشر موقع عثمانلي المصري المعني بفضح سياسات الاحتلال التركي في الرابع عشر من أكتوبر العام 2018، في تقرير له حول دور ميليشيا “محمد الفاتح”.. مؤكداً أنهم وكلاء توطين “العملاء” في شمال سوريا، وأضاف الموقع أن المليشيا هي أحد أهم الأذرع المسلحة التابعة للنظام التركي ضد الأكراد في سوريا.
وتتلقى المليشيا دعماً لوجستياً من تركيا، وأبرز قادته سليمان زنجين، ومراد كوتانيس. وبلغ عدد مسلحيه نحو 1500، معظمهم من التركمان، ويتلقون رواتب وحصص شهرية ثابتة، إضافة إلى معونات غذائية.
وتابعت عثمانلي أن المليشيا نفذت عمليات قتل وتخريب ضد الأكراد والإيزيديين بدعم من جيش الاحتلال التركي في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون ، مؤكداً أن مسلحيها في عفرين استولوا على المنازل في مناطق خاضعة له بريف عفرين، ومنعوا العائلات من الدخول لمنازلهم، أو مزاولة أية أنشطة يومية، بعد إخلائها تماما من السكان، واتخاذها مقرا لهم، وخصصوا فيها أماكن لتخزين الأسلحة والعتاد، واستولى عناصرها على بيوت السكان وأقاموا فيها بعد طرد أهلها وتشريدهم، الأمر الذي يدخل ضمن سياسة تركيا إحداث تغيير ديموغرافي في التركيبة السكانية في سوريا.
مضيفاً نقلاً عن شهود عيان إن المليشيا جلبت عائلات من مناطق الغوطة الشرقية، وقامت بتوطينهم في منازل الأكراد الذين فروا من قراهم، حيث تم توطين 41 عائلة في قرى غزاوية وإيسكا وبرج عبد الله وباسوطة جنوبي عفرين. إضافة لـ 17 عائلة في قرية قره بابا بعد طرد عائلات كردية منها، وتكرر الأمر نفسه في قرية عتمانا\عطمانلي عبر توطين 15 عائلة من عوائل المسلحين.