عفرين بوست ــ متابعة
مع سيطرة حركة طالبان على القصر الرئاسيّ في كابول، سادت أوساط الإسلاميّ من تيارات وحركات مظاهر احتفاليّة، وبادرت للتهنئة، وفي سوريا شهدت المناطق الخاضعة للنفوذ والاحتلال التركيّ في إدلب احتفالات ومسيرات وتوزيع الحلوى وارتفعت أصواتُ المساجدِ بالتكبيرِ مع إعلانِ سيطرةِ طالبان على أفغانستان.
وفي جرايلس السورية التي تحتلها تركيا برفقة الميليشيات الإسلامية المعروفة باسم “الجيش الوطني” صدحت المساجد في جميع أنحار المدينة بالتكبيرات فرحاً بسيطرة حركة طالبان على أغلب الأراضي الأفغانية في 15/8/2021.
فقد رحّب شرعيون ومنظرو “هيئة تحرير الشام” في إدلب بسيطرة طالبان على العاصمةِ الأفغانيّة ومن بينهم السوريّ المدعو “مظهر الويس” أحد شرعيي أحد أعضاء اللجنة الشرعية في “هيئة تحرير الشام”.
والعراقي ميسر علي الجبوري المعروف باسم “أبو ماريا القحطاني”، متزعم مجلس الشورى في “جبهة النصرة” سابقاً، وكان قد قدم من قبل “أبو بكر البغدادي” زعيم “داعش” برفقة أبو محمد الجولانيّ لقيادة التنظيم في سوريا، ولكن حصل الانشقاق عنه، وتمت مبايعة زعيم القاعدة “أيمن الظواهريّ”. ووصف “القحطاني” حركة “طالبان” بـ”الإخوة”، وقال: “أبارك للأمة الإسلاميّة انتصار إخواننا الطلبان على المحتلين في أفغانستان وتعازينا للخونة والمنافقين”.
وقال الشرعيّ التونسيّ في الهيئة الملقب بـ”الإدريسي “إن ما بعد تحرير أفغانستان ليس كما قبله، فطالبان قررت إعادة رسم سياسة العالم من جديد”. مؤكداً أنَّ النموذج الأفضل هو “هيئة تحرير الشام” في سوريا وحركة “طالبان” في أفغانستان”. وأضاف: “نجاح هيئة تحرير الشام وحركة “طالبان” يدعو الأمة إلى إعادة التفكير في الحركات التي أثبتت حنكتها السياسيّة والعسكريّة في إدارة النزاع وإرساء وجودها”.
“فرقة الغرباء” وهي أحد الفصائل المتحالفة مع القاعدة ومعظم عناصرها من المقاتلين الأجانب من أوروبا وتحديداً فرنسا وبلجيكا، وكذلك تنسيقية الجهاد وزعيمها “أبو العبد أشداء” المقرّب من تنظيم “حراس الدين” وقاعدة خراسان باركت أيضاً!
“إخوان” سوريا ومصر بادروا إلى تهنئة “حركة طالبان”، ووصف إخوان سوريا في بيان سيطرة “طالبان” على أفغانستان “بالعيد لكلِّ الأحرارِ والشرفاء”، بينما حثّتِ الجماعة في مصر حركة “طالبان” على تشكيل حكومةٍ رشيدةٍ لتحقيق المساواة وحقن الدماء وفتح آفاق جديدة ومتوازنة مع دول العالم”.
إلا أن السنوات العشر الماضية شهدت صعود الإسلاميين ممثلا في “الإخوان” إلى الحكم، لكنها عادت وانتهت بخسارة ما غنمه تيار الإسلام السياسي وآخره في تونس آخر قلاع حكم الإسلاميين والشرارة الأولى للربيع العربي.
الإسلام خسر مشروعها السياسيّ المعنون “الربيع العربي: بالانقلاب على الحكومة الإخوانية في مصر في 30/6/2013، مؤخراً في تونس، وبذلك عاد الرهان على “طالبان” الحركة السياسية الأفغانية الماتريدية الأصوليّة.
الجولانيّ الذي اتخذ عدة إجراءات بالتبرؤ من داعش بالبداية، ومن ثم فكِّ الارتباط مع “القاعدة” وتغيير الاسم مرتين الأولى إلى “جبهة فتح الشام، ومن بعدها “هيئة تحرير الشام”، وبعث برسائل طمأنة للغرب، في مسعى لإزالة اسم التنظيم عن لوائح الإرهاب، بأمل بخطوة مماثلة لما فعلته واشنطن مع طالبان والحزب الإسلاميّ التركستانيّ”، وتقوم مقاربتها هذه على حساب التيار القاعديّ المتمثل بتنظيم “حراس الدين”، ويقول الزبير (أبو معاذ الفلسطيني)، في صفحته على تليغرام: “هيئة تحرير الشام لن تتبنى الرؤية السياسيّة لتنظيم حراس الدين في كيفيّة التعامل مع الواقع وستبقى منطلقة في مشروعها الشبيه بمشروع طالبان السياسيّ، وهو إقامة كيانٍ سياسيّ إسلاميّ حاكم والعمل وفق هذه الرؤية، والمشروع يتطلب مرونة سياسيّة مختلفة عما كان عليه الحال يوم أن كانت الهيئة تنظيماً عسكريّاً مقاتلاً فقط، والبعض يتساءل ما الذي تغيّر؟ والحقيقة أنَّ هناك تغيّراً فعلاً ولكنه تغيّر تكتيكيّ لازم لطبيعة المرحلة والمشروع، لأنّ للحكم تبعاتٍ سياسيّة لازمة من قبيل تضييق دائرة الأعداء وتوسيع دائرة الحلفاء واستغلال تقاطع المصالح مع أطراف ضد أخرى”.
“هيئة تحرير الشام” تخلّت في الظاهر عن التشدد القاعديّ، في مظهر براغماتيّ، أقامت حكومة مؤقتة، وفيما تواصل موسكو سياسة القضم التدريجيّ في إدلب، تطرح أنقرة على “الهيئة” الخضوعَ” لمتطلباتها، في مسعى لإكسابها المعارضة المعتدلة.
تهنئة جماعة إخوان سوريا ومصر جاءت بعد ثبوتِ فشلِ مشروعها الإقليميّ، لتكونَ طالبان النموذجَ البديل، الساحة الأفغانية من جهة وبين طالبان والأحزاب الأفغانية المحسوبة على الإخوان من جهة أخرى، حيث أطاحت حركة طالبان بحكومة “برهان الدين رباني” في العام 1996 وسيطرت على العاصمة كابل.
الاتفاق الأمريكيّ التركيّ ببقاء القوات التركيّة لتقوم بمهمة حراسة مطار كابول (حامد كرزاي) هو ما تتطلع أنقرة إليه، لإحداث خرقاً في آسيا الوسطى، والتي يعوّل على الميليشيات السوريّة في أدائها، وتأمل أنقرة بإعادة اعتبارها بتنفيذها هذه المهمة لصالح الناتو.