عفرين بوست
عملت سلطات الاحتلال التركيّ بشكل متواصل على إعادة صياغة الميليشيات الإخوانيّة التابعة لها ونقلها من الحالة الفصائليّة وإعطائها توصيف “الجيوش النظاميّة”، وأطلقت عليها اسم “الجيش الوطنيّ عبر عمليتي دمج قبيل عمليتي غزو على الأراضي السوريّة، والخطوة الأخيرة كانت تأسيس غرفة عزم للتسيق الأمني التي سرعان ما عصف بها الانشقاق.
حل لجنة رد الحقوق
اتخذت سلطات الاحتلال التركيّ إجراءات في سياق تجميل الاحتلال والإيحاء القضايا العالقة وبخاصة ما يتصل بالاستيلاء على ممتلكات أهالي عفرين الكرد، فقامت بتوسيع صلاحيات لجنة ما يسمى رد الحقوق، والتي قامت بتثبيت عمليات الاستيلاء بتنظيم عقود إيجار صوريّة لم يلتزم المستوطنون والمسلحون بدفع الإيجار، وكانت اللجنة مشكلة من متزعمي الميليشيات، إلا أنّ ميليشيا “الجبهة الشاميّة” كبرى الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ احتكرت كلّ قرارات اللجنة، وساد عملها الفوضى ليتخذ القرار بحل اللجنة.
حل غرفة عمليات عزم
أفاد مراسل عفرين بوست بأنّ غرفة العمليات المشتركة “عزم” شهدت انسحاب ميليشيات “الحمزات” و”صقور الشمال” و”سليمان شاه/العمشات”، من الغرفة “عزم”، فيما تهدد قيادة “عزم” تهدد الميليشيات المنسحبة عسكريّاً، بحال لم تتراجع قرارها بالانسحاب.
وأضاف المراسل، أنّ ميليشيا “الجبهة الشاميّة استنفرت مسلحيها ضد الميليشيات المنسحبة، وتستخدم الطيران المسير للتجسس على ميليشيا “سليمان شاه/العمشات”.
ما هي غرفة “عزم”؟
تشكلت الغرفة في 15/7/2021، وضمّت في البداية ميليشيات “الجبهة الشاميّة” و”السلطان مراد” وتمَّ تعيين المدعو “مهند الخلف” الملقب “أبي أحمد نور” قائداً لها، والمدعو “فهيم عيسى” نائباً له، بهدف تنسيق الجهود الأمنيّة والعسكريّة.
وبدأت أولى خطواتها بعمل “أمنيّ استهدفت من خلاله بعض الشبكات والخلايا، التي تهدد أمن المجتمع واستقراره”. وعقب ذلك أطلقت الغرفة حملات أمنيّة في عدة مناطق، وبدأت من مدينتي عفرين واعزاز، وأعلنت اعتقال عدد من الأشخاص المطلوبين وصادرت مواد مخدرة وأسلحة وذخائر. كما أطلقت، في 19/7/2021، عملية أمنية واسعة في مدينة الباب وريفها باسم “مخلب الصقر 1”.
في 28/7/2021 انضمّت إلى الغرفة ميليشيات (جيش الإسلام، وجيش الشرقيّة، أحرار الشرقيّة، الحمزة، ملكشاة، صقور الشمال، السلطان سليمان شاه).
وفي 10/8/2021 طلبت “عزم” من الميليشيات المنضوية ضمنها تسوية القضايا المثارة أمام المؤسسات واللجان القضائيّة خلال مدة 20 يومًا، كما طلبت من المؤسسات القضائية والشرطية، تزويدها بجميع الملفات والشكاوى المتعلقة بالتشكيلات العسكرية المنضوية تحتها للعمل على تسويتها.
وفي 16/8/2021 انضمت إلى الغرفة ميليشيات (الفرقة 51، والفرقة الأولى، التي تضم بدورها الفرقة التاسعة ولواء الشمال واللواء 112).
المفارقة أنّ ميليشيا “الشاميّة” هي إحدى الميليشيات التي تنتج الحبوب المخدرة، ولديها مصنع لها في معسكر كفرجنة، فيما ميليشيا “السلطان مراد” اتهمتها الإدارة الأمريكيّة بتجنيد الأطفال. وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكيّة عقوبات بحق اثنين من متزعمي ميليشيا “أحرار الشرقيّة”، ما يعني أنّ الميليشيات كانت تتطلع إلى عملية تعويم والتملص من العقوبات والاتهامات الأمريكيّة.
العلاقة مع هيئة تحرير الشام
في السياق نفسه، جاء تصريح المدعو “أبو محمد الجولاني” حول استعداده للاندماج، وحديثه عن الفوضى الأمنيّة في المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ. وينسجم تصريحُ “الجولانيّ” الحكومة التركيّة تسعى لإزالة اسم “هيئة تحرير الشام” من قوائم الإرهاب
واعتبر مراقبون أنَّ تشكيل «عزم»، يأتي كمحاولة من ميليشيات “الشامية” و”السلطان مراد” لابتلاع بقية الميليشيات الأخرى المنضوية في «الجيش الوطني» والتغلب عليها. ويتهم خصوم “الجبهة الشامية” بالسعي للتغلب، ويستدلون على هذا باللقاءات المكثفة بين متزعمي ما يسمّى «هيئة تحرير الشام»، التي يتخذ منها تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابيّ غطاءً له، وميليشيا «الشامية» مؤخراً. وأنّه مع توسع ميليشيا “الجبهة الشاميّة” يعول عليها لبناء إدارة تنافس إدارة تحرير الشام- خاصة بعدما استقطبت أكثر من 1000 مقاتل، ممن انفصلوا عن حركة أحرار الشام.
وتم تداول شائعات عن دخول المئات من مسلحي «تحرير الشام» إلى مناطق شمال حلب الخاضعة للاحتلال التركيّ تحت مظلة ميليشيا «الجبهة الشامية»، التي تسعى للتغلب في الشمال السوريّ بذريعة “محاربة الفساد والفلتان الأمني”.
وقالت مصادر إعلامية، إنَّ “تحرير الشام” أرسلت 200 مسلح مدربين على حرب التنظيمات وابتلاعها إلى “الشاميّة”، من أجل مساندتها بمشروع التغلب الذي تخطط له.
يبدو إنّ عمليات التنظيم وإعادة الصياغة لم تستطع تتجاوز معضلة التنافس الفصائليّ على السيطرة والزعامة، وتؤكد أنّ الميليشيات غير مهيأة لعملية الاندماج التي روّج لها، وأن التنسيق الأمنيّ هو البداية للوصولِ إلى صيغة تكاملِ في المستوى العسكريّ.