عفرين بوست ــ خاص
وجود أهالي عفرين في مناطق الشهباء والمخيمات، هو قرار إراديّ من الأهالي، لتكون قضية عفرين حية، وتُطرح على بساط البحث على المستوى الدوليّ، إلا أنّ مخاطر جدية تواجه الأهالي وبخاصة في القطاع الصحيّ، وتنذر هذه المخاطر بعواقب كارثيّة نتيجة الحصار المطبق وقصف قوات الاحتلال التركيّ إضافة لانفجار الألغام من مخلفات الإرهاب وتهديدات الإصابة بفيروس كورونا.
قصف قوات الاحتلال التركيّ والميليشيات التابعة له
لا تنحصر مخاطر القصف المتواصل من قبل القوات التركية والميليشيات التابعة لها على منطقة الشهباء وقرى ناحية شيراوا باحتمال أن تودي بحياة المواطنين من أهالي عفرين المهجرين قسراً وأطفالهم والإصابة فقط، بل بخلقِ حالة من الهلع والخوف والضغط النفسيّ بينهم، وفقدان الأمان في تلك المناطق، وتتعمد القوات التركية أن يتم استهداف تلك المناطق في ساعات متأخرة من الليل حتى الصباح بهدف نشر الرعب، وقد تنجلي ساعات الصباح عن كارثة، ومن أمثلتها قصف قرية آقبيه في 25/2/2020 والذي أسفر عن استشهاد المواطن حسن عزت محمد (55 سنة) وزوجته فاطمة علي (46 سنة)، وابنته سيروشت حسن محمد (12سنة)، من أهالي قرية بريمجه ناحية موباتا، ومجزرة أطفال في تل رفعت في 3/12/2019.
الحصار وقطع الطرقات
في ظل الظروف المعيشيّة الصعبة، فإن أدنى البدائل هي بفتح طرق التواصل مع مدينة حلب لتأمين مستلزمات المعيشة والدعم الطبيّ والعلاج، إلا أنّ المنطقة تعاني من حصار خانق تفرضه القوات الحكوميّة (الفرقة الرابعة)، ما يضيّق سبل المعيشة على الأهالي، ويزيد صعوبة العيش فيها. وتفرض حواجز هذه القوات إتاوات ومبالغ طائلة على السلع والمواد الغذائيّة والمحروقات والغاز والأدوية.
حيث يُمنع دخول الخضار والمواد الغذائية إلى مناطق ريف حلب الشمالي، ما تسبب بارتفاعٍ كبيرٍ في أسعارها، الأمر الذي أثر سلباً على الموطن العفريني والذي لا يملك المال الكافي لتأمين قوتهم اليومي، لعدم وجود فرص عملٍ إنتاجيّة، إلا من بعض النشاط الزراعيّ المحدود، والعمل في وظائف خدميّة في المجالس المحلية أو البلديات أو الكومينات.
ومنذ بداية التهجير القسريّ، مُنع المهجرون من عفرين من التوجّه إلى حلب للعمل لإعالة عائلاتهم، وأُغلقت الطرقات أمامهم ما أجبر كثيراً من العائلات أن يسلكوا طرق التهريب إلى حلب والمحفوفة بمخاطر انفجار الألغام من مخلفات داعش بالمنطقة، والتي أودت بحياة العشرات من المواطنين، وإصابات خطرة.
ونتيجة جملةٍ من الظروف والسياسات المتبعة من قبل أطرافٍ عديدة ضاقت سبل المعيشة، ما حدا ببعض العائلات للخروج باتجاه أحياء الشيخ مقصود وشرق الفرات وعفرين.
تدهور الواقع الصحيّ
تُفرض الفرقة الرابعة إتاوات كبيرة على الأدوية وتأخذ عن كل سيارة محملة بالأدوية مبلغ ٤٠ مليون ليرة سورية، للسماح بالدخول إلى المنطقة، فيما كانت تأخذ سابقاً 10ملايين ليرة. وقد أدى ذلك إلى تراجع كبيرٍ في عمل المشافي والخدمة الطبيّة وفقدان أغلب الأدوية الضروريّة.
تفتقر المنطقة إلى إمكانات العلاج المتقدمة، ولا يمكن إجراء العمليات الجراحيّة مثل القلبية والعصبيّة والعمليات المعقدة، وكذلك إجراء الفصوص المخبرية المناعيّة والهرمونيّة، أو التصوير الطبقيّ المحوري والرنين المغناطيسيّ، وقد تؤدي حالات القصف أو انفجار الألغام الأرضيّة إلى بتر أحد الأطراف، والحاجة إلى أطراف صناعيّة.
وفيات خلال الإسعاف إلى حلب
وفيما يتصل بالحالات الإسعافية والحرجة التي تحتاج النقل إلى مدينة حلب، فقد تم منع نزول سيارة الإسعاف الوحيدة إلى مدينة حلب، وحصر عملية النقل بسيارات تابعة للهلال الأحمر السوريّ، إلا أنّ تأخرها لساعات بالحضور، أدى إلى عدة حالات وفاة نذكر منها.
ــ المواطن محمد حسن موسى (43 عاماً)، توفي في 26/7/2021 باحتشاء حادٍ بالعضلة القلبيّة، وقد وصلت سيارةُ الإسعافِ الخاصة بالهلالِ الأحمر السوريّ إلى مدخلِ مقاطعة الشهباءِ، عند دوّار الأحداثِ، ولكنَّه كان قد تُوفي.
الطفلة جوانا جوان حسين: تقيم عائلتها في ناحيةِ الأحداثُ، تبلغ من العمر شهراً، أُدخلت مشفى آفرين في 21/7/2021، وقد تأخرت سيارة الإسعاف ونفذت أسطوانة الأكسجين في تلك السيارة أثناء نقلها إلى مدينة حلب، فنُقلت سيارة إسعاف أخرى تابعة أيضاً للهلال الأحمر السوريّ، فساءت حالتها وتوفيت قبل الوصول إلى مشفى حلب
الطفلة آية رشيد حمو: تقيم عائلتها في ناحية تل رفعت، وتبلغ من العمر سنة، أُدخلت مشفى آفرين بسبب إقياءات حادة، وُضعت تحت المراقبة ولم تستجب للعلاج في جناح الأطفال، وأجري لها إنعاش بعد التثبيط القلبيّ التنفسيّ، في وحدة العناية المركّزة، وأبلغ مكتب إسعاف حلب بضرورة نقل الطفلة وتأخرت سيارة الهلال الأحمر السوري أربع ساعات، ونُقلت الطفلة إلا أنها توفيت بعد تثبيط قلبيّ تنفسيّ”.
محمد أمين موسى كور حمو: تقيم عائلته في ناحية أحرص، ويبلغُ من العمر شهرين، راجع مشفى آفرين في 20/7/2021 وكان يعاني من جرثومةٍ بالدم، بالإضافة لنزلةٍ تنفسيّةٍ، بعد الإسعاف الأوليّ اللازم أُبلغ مكتب إسعافِ حلب بضرورة نقله وحاجته لجهاز تنفسٍ اصطناعيّ بالإضافة إلى عنايةٍ مشددةٍ، وتم توقيع الإحالةُ متأخراً في الساعة 8:30 مساءً، لعدم وجودِ الدكتورة (أ ـ أ) التابعة لصحةِ حلب، فيما وصلت سيارة الإسعاف للهلالِ الأحمر السوريّ الساعة 11:30 ليلاً ونُقلَ الطفلُ محمد إلى حلب متوفياً”.
اليونيسيف تخفّض نقل مياه الشرب:
خفّضت منظمة اليونيسف منذ 11/7/2021 كمية المياه الصالحة للشرب المخصصة لمهجري عفرين وأهالي مناطق الشهباء إلى الأقل من النصف، وكانت التغذية اليوميّة بحدود 2400 متر مكعب، وتم تخفيضها إلى 1000 متر مكعب، ما أدّى إلى حرمان 38 قرية وثلاثة نواحي يقطنها أهالي عفرين المهجرين قسراً من مياه الشرب. ما أجبر الأهالي على تعويض النقص الحاد بالاعتماد على الآبار القليلة الموجودة في المنطقة، والتي لا يمكن أن تلبّي احتياجات المواطنين.
وجاء التخفيض في ظلِ ظروفٍ قاسية التي يعيشها المواطنون المهجرون في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وبعد شتاء شحيح بالأمطار ما أدى إلى ضعف مخزون المياه الجوفيّة وجفاف الآبار وفي ظل الحاجة الماسة للمياه الصالحة للشرب، فيما مياه الآبار السطحية غير صالحة للشرب نتيجة التلوث”.
سلبيّة المراقب الروسيّ
كل الظروف التي يعيشها أهالي عفرين المهجرون قسراً، من فصفٍ تركيّ وحصارٍ وقطع للطرقات ومنع لدخول المواد الغذائيّة والمستلزمات الطبيّة، تقع على مرأى من القوات الروسيّة، التي أنشأت نقاط مراقبة في المنطقة، إلا أن موسكو التزمت الصمت حيالها، ولم تبادر إلى اتخاذ موقف من شأنه تخفيف الضغوط والتضييق على حياة عشرات آلاف المواطنين الكرد المهجرين قسراً.
يذكر أنّ أهالي عفرين موزعون على خمسة مخيمات هي (سردم، برخدان، عفرين، العودة، الشهباء)، والباقي يعيشون في منازل شبهِ مدمّرةٍ نتيجة المارك التي وقعت في المنطقة، وهي غير مؤهلةٍ للسكنِ.