عفرين بوست ــ خاص
يستمر الاحتلال التركيّ بزرع فكر الإخواني بين أبناء منطقة عفرين إلى جانب أبناء المستوطنين عبر جمعيات الداعمة لأفكار دينيّة متطرفة ولا سيما الجمعيات التي مقرها الكويت وقطر، لتحويل منطقة عفرين المحتلة إلى مركزٍ لنشر الفكر الإخواني المتشدد.
وسعت كل من الكويت وقطر منذ بدء الاحتلال التركي لمنطقة عفرين إلى تمويل الجمعيات الموجودة في عفرين تحت ستار العمل الإنسانيّ الذي يفترض أن يقتصر على تقديم الخدمات واحتياجات الناس، بيد أن سياستها الضمنيّة كشفتها فعالياتها ونشاطاتها، إذ كانت تصب في مجرى هدف واحد بجعل منطقة عفرين حاضنة للأفكار الدينيّة المتطرفة، ونشرها في الأوساط الشعبية، وكان المستهدف الأبرز هم الأطفال.
واستهدفت سلطات الاحتلال التركي بصورة خاصة القطاع التعليميّ، وعرقلت سير العملية التربويّة والتعليميّة، بتحويلها إلى بؤر للتشدد والتطرف وتمجيد الاحتلال وتاريخه العثمانيّ، وعمدت في أولى الخطوات إلى إلغاء المناهج الكرديّة واللغة الكردية وإدراج اللغة التركيّة مادة رئيسيّة، كما تسبب الاحتلال في إغلاق عدد من المدارس بسبب تحويلها إلى ثكنات عسكريّ. الأمر الذي أثر سلباً في نفوس التلاميذ المرحلة الابتدائية بصورة خاصة.
وفي سبيل ذلك قامت إغلاق المدارس بغية إحداث تغير في البنية التعليمية والتربوية إلى نظام إخواني متشدد، بعد أن عمدت إلى إلغاء المناهج الكردية، مما أسفرت عن تداعيات سلبية أثرت في نفوس الأطفال وخاصة طلاب المرحلة الابتدائية. ويعد استهداف الأطفال الحلقة الأكثر خطورة في سلسلة تتريك المجتمع وأخونة الثقافة والتعليم، إذ أنه بذلك يستهدف مستقبل المجتمع، لما له من آثار عميقة ومديدة، ما يمكّنه من استثمارهم الأطفال عندما يكبرون في تنفيذ سياسة الحكومة التركيّة.
ولجأت سلطات الاحتلال إلى أسلوب المسابقات لخلق الحافز لدى الناشئة، ليس لمجرد التعلم الأفكار الدينية التي يروّج لها، بل للتنافس في إتقانها واستظهارها.
وفي هذا السياق، أقيم يوم أمس في التاسع من أيار 2021 حفل في مدرج كلية التربية بعفرين، بدعم من قبل ما تسمى “منظمة الأمين الإنسانية” ومشاركة “مديرية التربية والتعليم” التابعة للاحتلال التركي في مدينة عفرين، والغاية من الحفل تكريم 162 طالب وطالبة ممن أتموا حفظ القرآن، وأغلبهم تتراوح أعمارهم ما بين (8 ــ 15) عاماً.
أطفال كرد تحت سوط الأخونة
ومن الواضح أنّ الأطفال في مثل هذه الأعمار يسهل اقتيادهم، ولا يبدون ممانعة إزاء الأفكار التي يتم تلقينهم إياها، وبذلك تسعى سلطات الاحتلال على محو كل الآثار المتبقية في عقول الناشئة من المنهاج الذي اعتمدته الإدارة الذاتيّة.
واستناداً إلى مصدر من داخل مدينة عفرين المحتلة، فقد لاحظ أهالي عفرين من الكرد في الآونة الأخيرة مدى تأثر أطفالهم بتلك الأفكار، إذ يبدون مواقف سلبيّة تجاهم ذويهم وينعتوهم بالكفار.
وتحدث المواطن “أ. س” من أهالي قرية معراته ويقيم في مدينة عفرين، عن تجربته الخاصة، وما وجده من أطفاله، الذين قالوا له إن لم تصلي ولم تصم ستُحرق بنار جهنم، كما أنه على أمهم وأخواتهم ارتداء الحجاب.
المواطن “أ. س” الذي صدمته مواقفه أطفاله المتشددة بادر إلى منع طفله من حضور الدروس التعليمية الدينيّة، بعدما وجد منه بوادر التمرد على العائلة والقيم المتعارف عليها في مجتمع عفرين. ويؤكد المواطن “أ.د. س” على أن سلطات الاحتلال التركي والتابعون لها حوّلوا المدارس في عفرين إلى منابع للتطرف والتشدد، ما يهدد سلامة العوائل على أكثر من صعيد.
كما سعت دولة الاحتلال التركي تحويل إلى المدارس إلى السجون لتكون حواضن للفكر الإخوانيّ. فقد حوّلت مليشيا “الجبهة الشامية” ومدرسة الكرامة إلى سجن يديره عناصر ميليشيا” الشرطة المدنية”.
وفي المناهج التي تم اعتمادها من قبل سلطات الاحتلال تتضمن قائمة المواد وفقاً لجلاء المرحلة الابتدائية 11 مادة رئيسية، منها 3 مواد دينية (التربية الدينية، القرآن الكريم، حياة الرسول محمد)، حيث خصص لكل منها خانة في الجلاء!
وتم تحويل مدرسة “أزهار عفرين الخاصة” العائدة ملكيتها للمواطن عبدو رحيم من سكان قرية “كوندي مازن” إلى مقر عسكريّ، وكانت هذه المدرسة قبل العدوان التركي من أكثر المدارس تنظيماً، بإشراف كادر تدريسيّ مميز تمكن، وتم إنشاؤها وفق المعايير الأوروبية.
وتم تحويل مدرسة فصيل قدور على طريق جنديرس إلى مقر عسكريّ لقوات الكوماندوس بالجيش الاحتلال التركي، وأُغلقت كافة الطرق المؤدية إليه وأقيم دار كبير لتحصين النقطة.
المساعي التركية في هذا الصدد لا تقتصر على إقليم عفرين فقط، ففي منطقة الباب أيضاً، حيث يواصل الاحتلال التركي زرع الفكر القوميّ التركي بين طلاب المدارس، وهناك عددٌ من الصور لأطفال صغار يرفعون شعار الذئاب الرماديّة ذات التوجهات القوميّة المتطرفة.
وكان مستوطنون متطرفون قد خرجوا في مظاهرة ضد (مجلس المحلي في معبطلي) في أيلول 2018، للمطالبة بطرد معلمة كُردية من المدرسة بسبب عدم ارتدائها الحجاب، لتتطور الأمور مع المستوطنين للمطالبة بحل المجلس المعين، احتجاجاً على تمثيل المستوطنين ضمنه، حيث يسيطر عليه متعاونون كُرد مع الاحتلال التركي، إذ تم وقتها اقتحام المتظاهرين المستوطنين بقيادته لمبنى المجلس، والاعتداء على كل من تواجد داخله، ومن بينهم رئيس المجلس “شيخ نعسان”.