ديسمبر 22. 2024

مظمة حقوقية تعرض أدلة بصرية جديدة حول جرف مزار في عفرين

Photo Credit To سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

عفرين بوست

سجّلت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة“، تخريب وتدمير ما لا يقلّ عن 8 مقابر تضم رفات مدنيين ومقاتلين تابعين لوحدات حماية الشعب YPG في منطقة عفرين، من قبل الأطراف المذكورة. وقد حدثت تلك الاعتداءات خلال “عملية غصن الزيتون”[1] أو بعيد السيطرة على كامل المنطقة وريفها، حيث كان من أبرزها تخريب مقبرة قرية “شيخ خورز” (تضم رفات مدنيين) في ناحية “بلبل” في منطقة عفرين، على يد عناصر الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا مرتين، الأولى حصلت في شباط/فبراير 2018، والثانية وقعت في تموز/يوليو 2020.

فضلاً عن تخريب مقبرة تضم رفات مدنيين في قرية “أبو كعبة” التابعة لناحية جنديرس في منطقة عفرين، حيث كانت قد تعرّضت هي الأخرى للتخريب مرتين، مرة في العام 2018، ومرة أخرى في آذار/مارس 2020 من قبل فصائل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.

يضاف إلى ذلك، جرف مقبرة “الشهيد رفيق” في قرية “متينا/ماتنلي” التابعة لناحية “شران”، وتحديداً في النصف الثاني من شهر أيار/مايو 2020، وجرف مقبرة “الشهيدة أفيستا خابور” الواقعة عند مفرق قرية “كفرشيل” بمنطقة عفرين، خلال آب/أغسطس 2018، وتحويلها لاحقاً إلى سوق للماشية، وتدمير مقبرة “الشهيد سيدو” الواقعة في جبل “قازقلي” المطل على قرية “كفرصفرة” شمال غرب جنديرس، في أيار/مايو 2018.

كما تعرّضّت عدد من المزارات الدينية في منطقة عفرين، للنبش والسرقة عن طريق مجموعات تقوم بالتنقيب عن الآثار في المنطقة، وتتبع بشكل مباشر للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، أو تعمل تحت حمايته، حيث كان من أبرز المزارات التي تعرّضت للنبش والسرقة في آب/أغسطس 2018، مزار “حنان” الواقع في قرية “مشعلة” في منطقة عفرين، حيث يضم هذا المزار مقبرة لرمز كردي معروف، يدعى “نوري ديرسمي” بالإضافة إلى قبور شخصيات كردية أخرى.

أمّا الحالة الثانية، فقد تم فيها نبش مزار أيزيدي في قرية “قيبار” بريف عفرين، يدعى “چيل خانه” وتحديداً في أيار/مايو 2020، حيث يعتبر هذا المعبد بمثابة مزار تقصده العديد من العائلات بهدف “التبرّك والتصوف والعبادة”.

إضافة إلى تدمير المزار المعروف باسم “علي داده” قامت تلك القوات القوات التركية بجرف ثلثي مقبرة القرية وإنشاء قاعدة عسكرية استغنت عنها لاحقاً

صورة مأخوذة بواسطة الأقمار الاصطناعية تُظهر التغييرات التي حصلت في المقبرة والمزار الديني الذي تمّ جرفه وتدميره بشكل كامل خلال الأعوام (2017 و 2018 و 2019) من اليسار إلى اليمين.

تنوّعت الممارسات التي قام بها الجيش التركي بمساندة فصائل المعارضة السورية المسلّحة، بحق منطقة عفرين وسكّانها، سواء تلك التي حدثت خلال العملية العسكرية نفسها و/أو بُعيد عملية السيطرة على كامل المنطقة وريفها،[1] وذلك بتاريخ 18 آذار/مارس 2018.

ففي تاريخ 27 شباط/فبراير 2018، عمدت القوات العسكرية التركية إلى تجريف قسم كبير من “المقبرة الفوقانية” في قرية سنارة التابعة لناحية شيخ الحديد/شيه في ريف مدينة عفرين، والتي يمتد تاريخها إلى أكثر من 400 عام[2]، وقام بالإضافة إلى ذلك بتدمير مزارها الأثري المسمّى “علي داده” بالكامل، وذلك بعيد سيطرته على البلدة، وعقب معارك استمرت نحو أسبوع ضد وحدات حماية الشعب YPG التابعة للإدارة الذاتية، في خضم عملية “غصن الزيتون”.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ أهمية هذه المقبرة تأتي من كونها تحتضن أضرحة موتى قريتي سنارة وأنقلة[3] المجاورتين التابعتين لناحية شيخ الحديد/شيه، كما أنها كانت تتضمن ضريح يعود إلى عام 1636 ميلادي، وتقع هاتين القريتين غربي مدينة عفرين، وتبعدان (4-5) كيلو مترات عن الحدود الفاصلة بين سوريا وتركيا، مشيراً إلى أنّ عدد سكان قرية “سنارة” كان قد بلغ في مطلع العام 2018، نحو ثلاثة آلاف نسمة، فيما بلغ عدد سكان قرية “أنقلة” حينها ألفي نسمة تقريباً.

وفي حادثة أخرى منفصلة، أفاد الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الجيش التركي قام بجرف مقبرة في عفرين تضم أضرحة قتلى/مقاتلين من وحدات حماية الشعب ومدنيين من عفرين، وذلك بتاريخ 12 آب/أغسطس 2018، حيث تضم هذه المقبرة رفات من فقدوا حياتهم خلال عملية “غصن الزيتون”، والمسمّاة “مقبرة الشهداء، أو مقبرة الشهيدة “آفستا” الواقعة على طريق قرية “ماراتيه”، مع العلم بأنّ هذه المقبرة التي أنشأت أثناء عملية “غصن الزيتون”، تضم نحو مئتي قبر، وقد كان تمّ جرفها بالكامل.

كما لفت الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ أجزاءً من أضرحة قتلى وحدات حماية الشعب في إحدى المقابر التابعة لها، في قرية “كفرصفرة” التابعة لناحية جنديرس في ريف مدينة عفرين، والمسماة “مقبرة الشهيد سيدو” كانت قد تعرّضت هي الأخرى لدمار جزئي، إثر قصف مدفعي طالها بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018، حيث كان مصدره الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية المسلّحة المرافقة له في عملية “غصن الزيتون”، بينما أضاف بأنّ قرية “سنارة” التابعة لناحية شيخ الحديد/شيه في ريف مدينة عفرين، تضمّ مقبرة أخرى صغيرة ومحدودة وهي “المقبرة التحتانية” التي تقع غربي القرية على طريق ناحية شيخ الحديد/شيه، مشيراً إلى أنها لم تتعرض لأي عملية تجريف.

تُظهر الصورة العليا، مزار “علي داده/دادا” قبل تدميره من قبل القوات التركية (الصورة مأخوذة من صفحة أخبار قرية سنارة)، أمّا الصورة الأخرى/السفلى، فهي مأخوذة بواسطة Google Earth والتي تُظهر المزار والمقبرة بتاريخ 1 أيلول/سبتمبر 2017.
صورة أخرى تُظهر مزار “علي دادا” قبل تدميره من قبل القوات التركية، وجزءاً من المقبرة قبل تجريفها (الصورة مأخوذة من صفحة أخبار قرية سنارة)، أمّا الصورة الأخرى فهي مأخوذة بواسطة Google Earth وهي تُظهر المزار والمقبرة بتاريخ 1 أيلول/سبتمبر 2017.


تفاصيل الحادثة:

(محمود.س.أ)أحد السكان المحليين من أهالي قرية “سنارة” في ريف عفرين، والذي رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية/مقيم حالياً في إحدى الدول الأوربية، اعتبر أنّ جرف قسم كبير من “المقبرة الفوقانية” الواقعة جنوب شرقي القرية وتدمير مزارها انتهاك لتاريخ آبائه وأجداده، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنه وفي النصف الأول من شهر آذار/مارس 2018، أي بعد مرور أقل من أسبوعين على سيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة السّورية المرافقة له على بلدة “سنارة”، علم من خلال أقاربه في القرية، بأنّ الجيش التركي يقوم بجرف المقبرة الفوقانية في القرية بهدف إنشاء قاعدة عسكرية مكانها، وتابع قائلاً:

“لم يجرؤ أحد في القرية على الاقتراب من المقبرة للتأكّد من صحة الخبر، لأنّ ذلك كان ممنوعاً، لذا طلبت من أحد الرجال في قرية “أنقلة” المجاورة لقريتنا، أن يحاول التقاط صورة للمقبرة، إلا أنّه لم يتمكن من ذلك أيضاً، فالعديد من أبناء القريتين كانوا قد اعتقلوا من قبل فصيل “الوقاص” بتهمة التصوير، حيث ظلوا محتجزين عدة أشهر، ولم يتم الأفراج عنهم إلا بعد أن دفعوا فدى مالية، وفي مطلع نيسان/أبريل 2018، تأكدنا بأنّ قسماً كبيراً من مقبرة القرية تمّ جرفها، وذلك عندما استقلّ أحد الجنود الأتراك/الأكراد سيّارة أحد أبناء القرية لأداء عمل ما، وعلى الطريق سأل السائق، الجندي التركي “الذي كان كردي الأصل” عن مدى حقيقة جرف مقبرة القرية من عدمها، فأكدّ الجندي أنّ قسماّ كبيراّ منها تمّ جرفه، واعترف للسائق أنهم صادفوا أثناء الجرف جثتان لم تكونا قد تحلّلتا بعد، وأنا أرجح أن هاتين الجثين هما لعمي “السبعيني” الذي توفي أواخر العام 2017، ومسن آخر من القرية توفي بعده.”

وأضاف المصدر المحلّي/محمود أنّ الجيش التركي جرّف كل قبور أفراد عائلته الراحلين في المقبرة، ولم يُنشأ أي قاعدة عسكرية ثابتة مكانها، كما أفاد لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنه ومع حلول عيد الفطر بتاريخ 15 حزيران/يونيو 2018، سمح الجيش التركي لأهالي القرية بزيارة قبور موتاهم في المقبرة، مشيراً إلى أنّهم تأكدوا حينها من صحّة عملية الجرف وتابع قائلاً:

“أودت عملية الجرف بالمزار وثلثي المقبرة تقريباً، وبعدها بفترة قصيرة أصبحت زيارة المقبرة مسموحة للعامة بعد خروج الجيش التركي منها، فتأكدت من خلال أقاربي في القرية، أنّ عدد القبور التي تعرضت للجرف يبلغ نحو 500 قبر، وبينهم قبر جدي الذي توفي سنة 1915 وقبري أبي وعمي، وبعض القبور الأخرى التي تحتضن أفراد العائلة المتوفين، والتي كانت جميعها تقع أمام مزار “علي داده” التاريخي شمالي المقبرة، ورغم ذلك فإنّ الأهالي لازالوا لم يجرؤوا حينها أيضاً على تصوير المقبرة، نظرا للانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الجيش التركي وفصائل المعارضة السّورية المرافقة له في عفرين وريفها، الأمر الذي خلق ذعراً في نفوس السكان، الذين لا حول لهم ولا قوة إلا الصبر.”

وأنهى محمود حديثه بالقول:

“يؤلمنا ما حصل، الكثير من أهالي قريتنا “سنارة” وقرية “أنقلة” المجاورة خسروا أضرحة ذويهم وأحبائهم، لذا نحمل الجيش التركي مسؤولية هذا الإنتهاك بالكامل، ونتمنى من الأمم المتحدة وحكومات الدول الفاعلة في الشأن السوري أن تضع حداً لإنتهاكات الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية المسلحة ضد سكان، تراث، وتاريخ عفرين، وتنهي احتلالهم لها”.

صورة مأخوذة بواسطة Google Earth تُظهر المقبرة التي تمّ جرفها، واختفاء المزار بشكل كامل، إضافة إلى وجود عدد من الآليات العسكرية المتمركزة على التلّة. يُلاحظ أيضاً تضرر للمساحات الزراعية المحيطة بالمقبرة من جهة يمين الصورة.

وأظهر مقطع فيديو حصري حصلت عليه سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، زيارة الأهالي لقبور موتاهم بالمقبرة الفوقانية في قرية “سنارة”، خلال شهر آب/اغسطس 2018 حيث يظهر أثناء التصوير جزءً من القسم الذي تعرّض للجرف في المقبرة. فيما أظهر مقطع فيديو آخر حصري جانباً من بقايا عظام شرية ي لموتى تمّ جرف قبورهم في المقبرة ذاتها.

صور مأخوذة من المقطع الفيديو (الثاني) الحصري بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، الذي يُظهر بعض بقايا الهياكل العظمية لمتوفين كان قد تمّ جرف قبورهم من قبل القوات التركية في “المقبرة الفوقانية”.
الدائرة الحمراء تُشير إلى زاوية التصوير التقريبية للمقطع الأول الذي تمّ تزويد سوريون من أجل الحقيقة والعدالة به، وتمّ تصويره خلال شهر آب/أغسطس 2018.
صورة مأخوذة من مقطع الفيديو الأول.

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

Post source : سوريون من أحل الحقيقة والعدالة

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons