عفرين بوست – خاص
على وقع الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق من تبقى من السكان الأصليين، من خطف واغتيالات وسجن واغتصاب والسرقة ونهب الممتلكات والثروات الزراعية، تواصل عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية نشاطها المحموم في إقليم عفرين المحتل شمال سوريا.
وفي هذا الصدد، علمت “عفرين بوست” من مصادرها، أنه تم العثور على بقايا جثث أطفال في حاويات النفايات، تم قتلهم بهدف سرقة اعضائهم الحيوية.
وأشارت المصادر إلى أن عصابة مكونة من طبيب وممرضين وثلاثة نساء (تعذّر توثيق أسمائهم حاليا) يقومون بخطف الاطفال وقتلهم لسرقة أعضائهم فيما بعد وبيعها في تركيا بمبالغ طائلة، موضحة أن عناصر من ميليشيا ” الجبهة الشامية” وميليشيا ” الشرطة العسكرية” متورطون بهذه العمليات، حيث تقوم الأولى بتوفير الحماية لأفراد العصابة، بينما تتكفل ميليشيا “الشرطة العسكرية” بتهريب الاعضاء البشرية من عفرين الى تركيا عبر حواجزها المنتشرة في الإقليم.
وذكرت تلك المصادر بعض جرائم هذه العصابة، إذ وقعت جريمة مروّعة بتاريخ 24/4/2020 بالقرب من دوار “نوروز” في مدينة عفرين، حيث أقدمت امرأة مجهولة على إلقاء الطفل” صلاح إبراهيم الرج 9 أعوام ” – من أبناء مدينة حلب – من الطابق العلوي، ليلقى حتفه على الفور ليتم نقله الى المشفى وبحجة تشريح الجثة لكشف اسباب الوفاة، أقدم الطبيب المشترك في العصابة على سرقة اعضاء الطفل.
وشهدت مدينة عفرين جرائم مماثلة كان آخرها في 8 تموز الجاري، حيث أقدمت امرأة مجهولة على رمي الطفل “عماد محمود عكاشة” من الغوطة الشرقية من الطابق السادس في حي المحمودية بعفرين، علماً أن الطفل لم يتجاوز من العمر سوى العامين، وللهدف ذاته.
بعض الجرائم الموثقة:
وفي 5/8/2020 أفاد مراسل “عفرين بوست” في المركز، بأن الجندرمة التركية سلمت جثة الطفل “خليل شيخو (15 عاماً)” إلى ذويه في قرية “فيركان” التابعة لناحية “شرا/ شران”، وهي خاويةً، بعد سرقة أعضاء جسده، وذلك بعد يومين من قتله على الحدود من قبل حرس الحدود التركي. وأفادت قريبةٍ للطفل أن الجندرمة وبعدما قتلت الطفل نقلته إلى الجانب التركي، وسرقت أعضاء جسده، وأعادت الطفل إلى عائلته في اليوم الثاني عصراً، وهو خاوٍ من الأعضاء الداخلية”، وأشارت إلى أن علامات التخييط تظهر على الصدر”.
وكان الطفل الكُردي “خليل شيخو” من قرية “فيركان” التابعة لناحية “شرا/شران”، يحاول عبور الحدود، عندما أوقفت الجندرمة سيارتهم وأطلقت الرصاص عليهم، وقتلت الطفل فوراً، دون أي سؤال، ولم تسلم جثته لذويه حينها.
سرقة الأعضاء في عفرين
وفي 21/12/2018 نشر موقع “عفرين بوست” عن ناشطين كرد من إقليم عفرين المحتل أنّ الاحتلال التركي قام بسرقة الأعضاء من أجساد جثامين الشهداء الذين قضوا في التفجير الإرهابي الذي ضرب سوق الهال في مدينة عفرين في 31/10/2019 والذين جرى إجلاؤهم إلى المشافي التركية.
وأفادت عائلة أحد الضحايا أنها لاحظت وجود آثار أعمال جراحية في منطقة البطن وجرى تخييطها، رغم أن الإصابات كانت في مناطق أخرى، ما أثار شكوكهم حول سرقة أعضاء فقيدهم.
فيما نشر موقع صوت الدار في 28/3/2019 عن مصادر خاصة من مدينة عفرين أن منظمات تركية تقوم بعمليات جراحية لأهالي المدينة مجاناً ليتم فيما بعد اكتشاف عمليات استئصال أعضاء من المرضى الذين عالجتهم هذه المنظمة داخل المشافي التركية، وتبين بأن عدد الحالات الواردة إلى مشفى عفرين بلغ 7 حالات أجريت لهم عمليات جراحية داخل الأراضي التركيّة في أواسط شهر كانون الثاني وشباط 2019، وجميعهم كانوا يعانون من نقص تروية إلا أنَّ مؤسسة “إدارة الكوارث والطوارئ التركية” (آفاد) قامت بإرفاق تقارير وهمية عن تضرر أجزاء من الكلية لديهم وضرورة إجراء عملية جراحية لهم.
وتفيد المصادر بأن فرع مؤسسة (آفاد) التابعة للحكومة التركية بشكل مباشر يستقبل المرضى في المركز الكائن وسط مدينة عفرين ثم يجري الفحوصات الطبية اللازمة ويحوّل هذه الحالات إلى تركيا حيث يتم استئصال الأعضاء، وهناك عشرات العوائل التي تعرض أفراد منها لسرقة الأعضاء.
وقد نشر موقع الحل في 4/8/2020، تقريراً بعنوان “جثث مريبة: هل تتم سرقة أعضاء المصابين السوريين في المشافي التركية”، وذكر التقرير شهادة “أبو جميل”، وهو مزارع ستيني من عفرين، فضّل عدم الكشف عن اسمه، خوفاً من تبعات شهادته، تحدث عبر تطبيق “واتس اب” عن «إصابة قدم ابنه في تفجير سيارة مفخخة العام الماضي في مدينة عفرين، ونقل بعدها لتركيا، ولم يستطع الأب معرفة المشفى الذي نُقل إليه، ليتفاجأ بعد أيام باتصال من أحد الناشطين، يخبره بضرورة المجيء إلى تركيا لاستلام جثة ابنه”. ويضيف “أبو جميل”: “ذهبنا واستلمنا الجثة، وقمنا بدفنها. وكما يحدث مع الجميع، أتانا ببطن مفتوحة”.
سرقة الأعضاء في تل أبيض ورأس العين
ونشر موقع صدى الواقع السوري خبراً في 4/7/2020 عن إقدام مجموعة المدعو “حمزة شاكر” التابعة لميليشيا “فرقة السلطان مراد” على قتل الطفلة ريماس محمد (9 سنوات) من أهالي سري كانيه وتسليم جثتها للسلطات التركية حيث تمت سرقة أعضائها الداخلية في مستشفى تركي ثم سلمت الجثة لاحقاً لذويها.
وفي 25/11/2019 أكد “المرصد” المعارض وجود شكوك في منطقة تل أبيض حول عمليات اتجار بأعضاء بشرية تقوم بها قوات الاحتلال التركي والفصائل الموالية لها في المناطق التي احتلتها مؤخراً في تل أبيض، مستغلين تشريح الجثث في المشافي التركية”.
ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان في تشرين الثاني 2019، تقريراً عن عمليات تجارة أعضاء بشرية يقوم بها جيش الاحتلال التركي ومسلحيه في المناطق التي خضعت لاحتلالهم في “كري سبي\تل أبيض”، مستغلين تشريح الجثث في المشافي التركية.
حيث نقل المصدر عن مصادر موثوقة، أن أحد ضحايا التفجير الإرهابي الذي وقع في تل أبيض وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات، تم إسعافه ونقله إلى المشفى، إلا أنه عاد جثة هامدة.
وبحسب ما قالت المصادر، فإن “أحد أصحاب مخازن قطع غيار السيارات، ويدعى (ف.ط)، أُصيب في الانفجار الذي وقع في تل أبيض، وقد جرى إسعافه ونقله إلى المشفى وكان حياً واعياً ويمشي على قدميه ولم يكن يعاني سوى من إصابة في يده، ولكنهم أعادوه جثة هامدة وبطنه مفتوح وتعرض للخياطة بطول الجرح، وسط شكوك حول سرقة الأعضاء الداخلية له”.
شاهد حي
وأطلق حراس الحدود التركي النار على المواطن “باسل محمد نذير”، (28عاماً) من مدينة الدرباسية، أثناء محاولته، مع سبعة عشر شخصاً، العبور بطريقة غير شرعية إلى تركيا، بقصد العمل، وأصيب بطلقة بقدمه اليمنى، وتم القبض عليه، واقتياده إلى المخفر الحدوديّ، ونُقل، بعد تعرضه للتعذيب، لمشفى تركي.
ويقول: “راودتني الشكوك بعد ملاحظة أنَّ جانبي الأيمن عليه علامات خياطة، فعرضت نفسي على طبيب، بعد تزايد حالات الضعف والمرض التي تنتابني، وفوجئت به يخبرني أنّي بكلية واحدة، وأن كليتي اليمنى قد سُرقت”، حسبما أكد “نذير”، في حديثٍ لموقع “الحل نت”، أدلى به بعد عودته إلى بلدته.
وكر لحفظ الأعضاء المسروقة بريف إدلب
وفي 30/7/2020 عُثر داخل أحد أوكار المسلحين في قرية الغدفة بمنطقة معرة النعمان جنوب إدلب على عدد كبير من الأعضاء البشرية محفوظة بمادة “الكلوروفورم”، فقد حوّل أحد الأطباء حول منزلًا، إلى مختبر طبي بدائي.
وعثر بداخله على عدد كبير من العبوات الشفافة تحوي أعضاء بشرية، منها رأس وعيون وقلوب ورئات وأكباد وكلى وأحشاء أخرى، محفوظة في محلول الكلوروفورم”.
تقارير حقوقيّة ودولية
وتتصدر تركيا قائمة الدول التي تنتشر فيها جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية، في ظل ورود تقارير دولية شبه دائمة، عن استغلال تركيا اللاجئين السوريين في تلك التجارة ونتيجة الصراع الدمويّ في سوريا، الذي أدى إلى تدمير البنية التحتية للبلاد، ومنها المستشفيات ومعامل الأدوية.
وفي 18/6/2019 قال موقع العرب “تركيا تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث احتضانها لعصابات الاتجار بالبشر”، ونقل الموقع عن تقرير لمؤسسة “ويلك فري” الأسترالية أن تركيا تحتل المرتبة الأولى على مستوى أوروبا في تجارة الأعضاء البشرية، وخاصة الكلى والقرنية وأجزاء من الكبد.
وكان محمد علي أصلان النائب في البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي قد قدّم عام 2018، مذكرة استجواب بحق رئيس الوزراء التركي آنذاك بن علي يلدريم من سبعة أسئلة، تتعلق بما يتعرض له الأطفال السوريون، من تجارة بأعضائهم محملاً حزب العدالة والتنمية المسؤولية.
وأشار تقرير لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة صدر عام 2017 بأن نحو 17 ألف طفل لاجئ اختفوا في ظروف غامضة، ورجح البعض أن يكونوا تعرضوا لعمليات خطف، بهدف سرقة أعضائهم.
ووثقت جهات حقوقية عام 2014 وجود 18 ألف حالة تعرضت لسرقة أعضائها في شمال سوريا، واتضح أنهم أجروا تلك العمليات في تركيا، وأكدت في حينه أن “الرقم لا يمثل إلا شيئاً يسيراً من الحقيقة”.
تقارير إعلامية
وفي مايو/أيار الماضي أجرت شبكة “سي بي إس” الأمريكية، تحقيقاً صحفياً بعنوان “بيع الأعضاء للبقاء على قيد الحياة” دعمته بفيلم وثائقي مدته خمس دقائق.
ورصدت فيه الاتجار بالأعضاء البشرية وكيف وقع لاجئون سوريون ضحية ذلك مقابل الحصول على مبالغ زهيدة، ومن خلال شهادات ضحايا وبواسطة كاميرات خفية تأكدت هذه المزاعم.
وكشف التحقيق أن عمليات بيع الكلى والكبد تجري من خلال جهات فاعلة في السوق السوداء، وتستهدف العائلات الفقيرة وغالباً ما يتم خداعهم بالمبالغ المالية التي يوعدون بها عقب الانتهاء من عملية الاستئصال، إذ يختفي الوسيط دون إتمام دفع كامل المبلغ.
كما كشف تقرير لموقع أي دي دبليو الألماني، في 26/11/2017، أن “السلطات التركية متورطة في تهريب الأعضاء البشرية للجرحى السوريين الذين يصلون إلى الأراضي التركية”.
وأضاف التقرير أن “السلطات التركية تقوم بنقل الجرحى الشباب من السوريين من الذين يدخلون إلى تركيا إلى المستشفيات في مدينتي أنطاليا والإسكندريون في سيارات تحرسها الشرطة والمخابرات التركية”.
وتابع أن “الجرحى المصابين يتم تجريدهم من أعضائهم بعد تخديرهم ليتم قتلهم لاحقا ودفنهم في الأراضي التركية أو إرسالهم إلى الحدود، وان معظم الأعضاء التي يتم الاتجار بها هي الكبد والكلى والقلوب والتي تعطى للأشخاص الذين ينتظرون العلاج في تركيا”.
بدورها قالت صحيفة الديار اللبنانية “تركيا ترتكب جريمة العصر” وكشفت بالتفاصيل كيف تركيا تأخذ أعضاء الجرحى السوريين بعد قتلهم. وقالت: إن “المواقع العلمية الأوربية المعروفة بمصداقيتها كشفت عن أعمال سرقة الأعضاء البشرية التي جرت في احدى المستشفيات في أنطاليا”، مشيرة إلى أن “عمليات زرع الأعضاء قد زادت في تركيا خلال العامين الماضيين “، إلى مستشفى أنطاليا وهاتاي حيث تأخذهم سيارات تركية محروسة من شرطة تركية ومخابرات تركية فيجري تخديرهم وسحب الأعضاء من أجسامهم وقتلهم بعد ذلك، ودفن أكثريتهم في الأراضي السوريّة بحجة انهم لا يستطيعون إرسالهم إلى قراهم، وبينت أن “الأطباء السوريين الذين قدموا من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا لمعالجة الجرحى عثروا على أعضاء مسروقة من بعض الجرحى ولكنهم منعوا من الحصول على أي معلومات من الجيش التركي”.
وأكدت الصحيفة أن “من بين 62 ألف جريح مدنيّ وعسكريّ نقلوا إلى تركيا، تم استئصال أعضاء 15.622 منهم، وأعيدوا إلى سوريا لغرض دفنهم”. وزادت تجارة الأعضاء في سوريا، وانضم ما يسمى “الجيش السوري الحر” إلى مستشفيات ميدانية سورية، حيث قام بتسليم السوريين المصابين إلى بعض المستشفيات التركية حيث يتم حصادهم هناك.
وتعتبر سرقة الأعضاء عمل مافياوي يشترك في تنفيذه فرق القتل وخبراء، وقد نشطت هذه التجارة كثيراً في ظروف الحرب الاهلية السورية، وقد وُجدت آثار جراحات كبيرة على أجساد الغرقى الذي انطلقوا من السواحل التركي قاصدين اليونان عبر المراكب المطاطية، ولا يمكن تبرير تلك الجراحات لأشخاص متوفين، إلا أن تكون عمليات التهريب مع سرقة الأعضاء من عمل مجموعات الجريمة المنظمة بعلم الحكومة التركية.
وفي 27/2/2017 قال موقع ترك برس إن “مستشفيات مدينة بورصة تربعت على رأس قائمة المدن التي تستقبل أكبر عدد من التبرعات وعمليات زراعة الأعضاء البشرية في منطقة تركيا أوروبا”، وليطرح السؤال عن سر القفزة النوعية، لأن مجرد التبرع والفتوى لا يقدم الإجابة الكاملة!