نوفمبر 22. 2024

أخبار

بالخرائط: شاهد ماذا حلّ بموقع “عين دارة” الأثري”.. المصنف على لائحة اليونسكو للتراث الانساني

Photo Credit To سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

عفرين بوست ــ خاص

مع استمرار عمليات التنقيب والسرقة والتدمير والتعديات على المواقع الأثرية في إقليم عفرين المحتل، وعبر أعمال تجريف التربة يبدو أن خطراً جسيماً يتهدد كل الآثار في الإقليم لدرجة زوال كاملٍ مناطق ومدن أثريّة تعود إلى آلاف السنين، ولتتحول تلك الآثار إلى مجرد ذكريات وحكايات وصور في أحسن الأحوال مخطوطات إن وجدت. ومن جملة هذه المواقع تلة عين دارة التي تستباح بالكامل.

تظهر الصور الملتقطة لموقع عين دارة الأثريّ عمليات الحفر التي يقوم بها الاحتلال التركي والميليشيات الموالية له عل ىسطح التلة الأثرية وفي محيطها، لدرجة أن معالمها قد تغيرت بشكل كبير.

يذكر أنَّ محيط التل تعرض للحفر وتظهر صور الأقمار الصناعية حجم التخريب الذي تعرضت له التلة الأثرية. وبمقارنة الصور الملتقطة في تواريخ متباينة يظهر جلياً حجم التعديات وأعمال تجريف التربة التي طالت الموقع، باستخدام آليات الحفر الثقيلة في مواضع مختلفة على سطح التل شمال وشمال شرق المدينة المرتفعة، ومن الصور التي تم الحصول عليه: الأولى بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2017، والثانية بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2018، بعد استهداف الموقع بالقصف التركيّ ما أدى إلى تدمير نحو 50% من الموقع، والثالثة التقطت بتاريخ 3 حزيران/يونيو 2018، والرابعة التقطت في 21 أغسطس/أب 2019.

كما يتبين اختفاء الأسد البازلتي الكبير من موقعه على التل الأثريّ جنوب المعبد الحثيّ. وإذ لا تملك الميليشيات المسلحة الإمكانية التقنية لرفع مجسم الأسد البازلتي الضخم، فمن المؤكد أن سلطات الاحتلال التركي هي تقف وراء اختفائه، وقامت بتأمين الآليات المناسبة لرفعه وتحميله ونقله.

 يُذكر أن الموقع أغلق أمام الأهالي منذ أن تم تحويله إلى موقع عسكري، وأصبح مركز للتدريب على الرمي ونشرت شبكة أخبار “نداء سوريا” المحسوب على المعارضة السورية، بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2019، نشرت شبكة أخبار “نداء سوريا” السورية المعارضة، شريط فيديو يظهر تدريبات عسكرية بالذخيرة الحيّة أجرتها وحدة من القوات الخاصة التابعة للجبهة الوطنية للتحريرصوراً لعناصر مسلحين يجرون تدريبات في الموقع باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وقذائف (الآر بي جي).

تاريخ حافل وتنوع حضاري

تختلف الروايات حول تاريخ المدينة الأثرية، ولعلها كلها صحيحة بنسبة كبيرة، لتدل على تعاقب دورات الحياة التي شهدها الموقع، فمن قائل إنها تعود للعصر الآراميّ المتأخر 740 – 530 ق.م

جزء من الموقع يعود تاريخه إلى العصر الحجري الحديث (النيوليت)، أي ما بين نهاية الألف التاسع وحتى بداية الألف الثامن ق.م، وكشفتِ التنقيبات الأثرية فيه عن وجود مستوطنة زراعية عثر فيها على العديد من الأدوات الحجرية الصوانية التي كان يستخدمها الإنسان القديم.

المعبد كان مخصصاً لعبادة الربة عشتار ورب الجبل أو إله الطقس في آن واحد. ويرجّح معظم الباحثين أن المعبد يعود للحقبة الحيثية والهورية، ويقول د.شعث ص 58: “إنَّ المعبد مقام على طراز هيلانيّ، وهو نمط بناء هوري- ميتاني، وقد ساد هذا الشكل من البناء في سوريا الشمالية بين الفترة  (1200-700) ق.م. وبرهنت حفريات عين دارا على الصلة الحضارية الوثيقة التي ربطت مناطق شمال سوريا بالحضارة الحيثية.

عُثر المنقبون في المعبد على كسرات لكتابات هيروغليفية حيثية من الألف الأول ق.م. ويجزم كتاب دليل حلب السياحي: بأن المعبد حيثي ويعود إلى الآلف الأول ق.م. كما عثر في حفريات المعبد على لوحة للآلهة عشتار بالحجم الطبيعيّ، ولكن كما يقول د. أبو عساف (وهو من الفريق الذي عمل في تنقيبات المعبد والتل): “من المؤكد، أن وجود تماثيل الأسود في مدخل المعبد، وعلى البوابة، وفي كل محيط المعبد تقريباً، لايدع مجالاً للشك بأنها على نمط بناء الشعوب الجبليّة في هده البقعة من شمال سوريا، ويقول مورتكارت (ص 229)، هؤلاء الذين كانوا يجهزون أبوابهم ومبانيهم بممرات مزدانة بأسود من الجانبين وحيوانات خرافية، هدفها حماية هذه الأبواب بطريقة سحرية يؤمنون بها. وهذا ما يربط بناء المعبد بفترة ما قبل عام 1200 ق.م، أي فترة وجود الإمبراطورية الحثيّة على الأقل. فالمعبد الرئيسي في آلالاخ، تم تزيينه في مرحلته الأخيرة بتماثيل على شكل الأسود، نحتت من البازلت، وهي تعود إلى سوية بناء الفترة من 1347 –1283 ق.م.

أما تاريخ استقرار الإنسان في القسم الشمالي من تل عين دارا بجزأيه الشمالي والجنوبي، فيعود إلى الألف الرابعة ق.م، واستمر ذلك حتى العهد العثماني مع فترات انقطاع.

ووجد في الموقع دمى أنثوية للربة عشتار وتميمة من الحجر البللوري، مثل عليها (أهورامزدا) الرب الفارسي الممتد مع قرص الشمس المجنّح وتعود إلى العصر الأخميني (البارسي) 530 – 330 ق.م.

ويبدو أن المدينة كانت محصنة ومزدهرة في العصر اليوناني – السلوقي (330 – 80 ق.م)، وعُثر على فخار سوريّ ويونانيّ، وكميات كبيرة من الفضة السلوقيّة. كما استمرت الحياة بالمنطقة في العصر الإسلامي (الأموي والعباسي والمملوكي). وهجرت في الحقبة العثمانية.

المفارقة أنّ المدينة التي صمدت طيلة آلاف السنين، وضعها العدوان التركي على خارطة بنك الأهداف، فقصفها الطيران التركي في أولى أيام العدوان، فيما استكمل العدوان على التلة الأثرية بعد الاحتلال عبر التجريف والحفر. علماً أن الموقع مصنّف على لائحة منظمة اليونيسكو.

العدوان التركي يتجاوز استهداف موقع أثري فقط، بل اعتداء على المواثيق الدولية والإنسانية التي تحظر قصف المواقع الأثرية في حالات النزاع المسلح، ومنها اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافيّة خلال الحروب والصراعاتِ المسلّحة والتي تمَّ إقرارها في 14 أيار 1954.

ــ تدريب بالذخيرة الحية لمسلحي القوات الخاصة، نداء سوريا، 20/9/2019،

Post source : خاص

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons