عفرين بوست ــ خاص
تحت عنوان: “الكُرد: شعبٌ بلا دولة”، خصصتِ الحكومة الفرنسية درساً عن تاريخ الكُرد وطبيعة قضيتهم، في المنهاج المدرسيّ المُقرر للصف الحادي عشر من المرحلة الثانوية، ووُضع الدرس ضمن مادة التاريخ والجغرافيا، الجيوبوليتيك والعلوم السياسيّة.
ويتطرق الدرس إلى الكُرد كـ أكبر شعب عدداً في العالم بدون دولة، ويصل عددهم إلى (نحو 40 مليون)، ويشير أنه يُناضل بعض الكُرد منذ قرنٍ من أجل كردستان مستقلّة، فيما تعترض الدول التي تقع أجزاء كردستان فيها على تشكيل تلك الدولة، إلا أن سقوط صدام وانهيار سوريا أنعش الآمال بإنشاء كردستان مستقلّة (وفق الدرس الفرنسي).
ويُطرح في الدرس: “هل يمكن للصراعات في الشرق الأوسط أن تؤدّي إلى قيام دولة كردية؟”، وتتحدّث تلك الفقرة عن دور القوات الكردية كأوّل قوات دحرت “داعش”.
كما يتحدّث الدرس عن قرار أردوغان وبموافقة ترامب، في غزو مناطق شمال سوريا، في التاسع من أكتوبر 2019، ويعتبر ذلك نهاية التعاون الأميركي الكردي، وفي الوقت نفسه بداية احتلالٍ تركي لمنطقة الكُرد وشركائهم في شمال سوريا.
كما يتوقف الدرس على العدوان التركي على عفرين واحتلالها فيقول: “لا يمكننا القول بأننا لم نكن نعلم، منذ آذار 2018، يحتل الجيش التركي مقاطعة ومدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية، وقد سُلِّمت المناطق للجماعات الجهادية – التي حصلت بوضوح على الحقّ في الغنائم، فقد سرقت حشود الميليشيات البيوت ونهبت عدداً من محال الكرد، فقاموا بعمليات الخطف مقابل الفدية ونفّذوا إعدامات دون محاكمة، وقد فرّ السكان الكرد، وألقي بمئة وثلاثين ألفاً على الطرقات، وهي مهمّة أُنجزت لأنّ أنّ المقصود هو (إنهاء الوجود الكردي) في الشريط الحدودي مع تركيا”.
ويفرد النص فقرة عن دور كرد سوريا في هزيمة داعش فيقول: “لقد كان كرد سوريا أوّل من ألحقوا الهزيمة بالدولة الإسلامية وطرد البغدادي من (عاصمته) السورية، الرقّة، وقدّموا 11 ألف شهيد في هذه المعارك، ليحتفل ترامب بـ (انتصاره) على الدولة الإسلامية، وقد شكر الكرد بطريقته: من خلال تسليمهم لجهاديين آخرين”.
ويطرح الدرس، أسئلة على الطلاب من قبيل:
– هل الوضع الكردي يتشابه في كلّ الدول؟
– هل لا يزال الاستقلال هو الطريق الذي يأمله الكرد كما كان الحال في بداية أعوام العشرينات من القرن الماضي؟
– ما هو الدور الذي لعبه الكرد في القتال ضدّ الدولة الإسلامية؟
– لماذا يمكن لنا أن نقارن بين وضع الكرد السوريين والكرد العراقيين؟
وقد بدأ العام الدراسي الجديد للمرحلة الثانوية في فرنسا بدءاً من منتصف هذا الأسبوع، وسيدّرس الآلاف من الطلبة في المدارس الفرنسية هذه المادة عن تاريخ الكرد وقضيتهم وكفاحهم من أجل الاستقلال، وهزيمتهم لداعش والتحديات التي تواجههم.
وتأتي أهمية هذه الخطوة من كونها ليست مقالاً صحفياً عابراً، يعبر عن وجهة نظر كاتبها، بل يعكس رؤية الحكومة الفرنسية، التي ترغب بإثارة قضية الكرد، باعتبارها قضية حقوقيّة، وتُدرجه في الثقافة الفرنسية العامة.
ومن الأهمية بمكان التوقف لدى تقييم العدوان التركي على مناطق الكرد اعتباراً من عفرين، والتأكيد على النسبة العددية للكرد في المنطقة، وأعمال السلب والسرقات واستمرار الانتهاكات فيها عبر القتل الميداني والخطف وطلب الفديات، وكذلك مصير الأهالي الذي ألقي بهم على عراء التهجير قسراً تحت وطأة الحرب، فيما يشير الدرس بوضوح إلى التغيير الديمغرافي في أقصى حدوده بإنهاء الوجود الكردي على الحدود مع تركيا.
وتعد فرنسا أحد أهم الدول التي تقود الجوقة الأوربيّة، وإقرارها على المستوى الرسمي، بالحقائق عن القضية الكردية يعتبر مؤشر تحول وفق مراقبين، إذ لطالما كان إنكار الوجود أحد أهم المشكلات التي يواجهها الكرد في منطقة الشرق الأوسط.