ديسمبر 23. 2024

عفرين: سجون وأقبية سريّة للتعذيب بإشراف فصائل موالية لتركيا

Photo Credit To تنزيل

نقلا عن موقع “حفريات” – سامر مختار

“ليس فصيل “فيلق الشام” هو الوحيد من يمتلك سجناً سرياً، بل أغلب الفصائل المتواجدة في عفرين وريفها تمتلك سجوناً وأقبية سرية، يحتجَز فيها المختطفون والمعتقلون من أهالي عفرين وريفها”.

هذا ما قالته الشابة هيفين (اسم مستعار) من عفرين، لـ “حفريات“، عندما تواصلنا معها، بعد انتشار خبر إنشاء جماعة” فيلق الشام” الموالية لتركيا سجناً سرياً على الحدود السورية – التركية؛ حيث نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان خبراً جاء فيه أنّ المرصد علم من مصادر موثوقة، أنّ “فصيل فيلق الشام” عمد إلى إنشاء سجن أمني منذ عدة أشهر، وذلك في قرية “ميدان أكبس” التابعة لناحية راجو في ريف حلب الشمالي الغربي، قرب الحدود السورية – التركية”.

وبحسب مصادر المرصد السوري؛ فإنّ “السجن يخضع لإشراف المخابرات التركية وضباط منشقين ضمن “فيلق الشام”، ويضم عدداً كبيراً من المدنيين المعتقلين من مختلف مناطق عفرين وريفها، يجري التحقيق معهم وتعذيبهم ضمن السجن المذكور، إضافة إلى وجود معتقلين من المتهمين بالانتماء السابق إلى الإدارة الذاتية إبان سيطرتها على المنطقة”.

تعيش عفرين وريفها حالة من الانفلات الأمني، تحت هيمنة فصائل مسلحة متعددة، وجميعها تابعة لتركيا وموالية لها، منذ الحرب الأخيرة على المنطقة، واحتلالها عقب معركة “غصن الزيتون”، بتاريخ 20 كانون الثاني (يناير) 2018، وعقب ذلك شنّت الفصائل اعتقالات واسعة للناشطين والمدنيين، هذا عدا عمليات النهب والاستيلاء على الأراضي الزراعية والبيوت، ونهب الآثار وتخريب الأضرحة والمزارات الدينية وسرقتها.

يتزامن خبر إنشاء سجن سرّي لفصيل فيلق الشام، مع حملة مداهمة واعتقال للشرطة العسكرية الموالية لتركيا؛ حيث نفّذت حملة دهم واسعة لمنازل المدنيين في قرية “كورزيلية” التابعة لناحية شيراوا في ريف مدينة عفرين شمال غرب حلب، وذلك بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وجاء في التقرير؛ أنّ الشرطة العسكرية “اعتقلت 10 أشخاص، بينهم 5 مواطنات ومواطنين مسنين، جرى اعتقالهم لأسباب غير معروفة إلى الآن، ومن ثم جرى إطلاق سراح 6 منهم في وقت لاحق، بعد تعرضهم للضرب المبرح والإهانة، وما يزال أربعة مواطنين، بينهم مواطنة، قيد الاعتقال لدى “الشرطة العسكرية”.

كما أنّ عناصر “الشرطة العسكرية” و”تنظيم الإخوان المسلمين” اختطفوا، الخميس 27 آب (أغسطس)، الشاب آزاد أحمد حبش، البالغ من العمر ٢٠ عاماً، من أهالي قرية “معملا\معمل أوشاغي” التابعة للناحية، بذريعة التعامل مع “الإدارة الذاتية”؛ حيث ما يزال مصيره مجهولاً حتى الآن، وذلك، بحسب تقرير، نشره موقع “عفرين بوست”.

 قالت الشابة هيفين من مدينة عفرين لـ “حفريات“: “بعد دخول الفصائل العسكرية الموالية لتركيا إلى عفرين بشهرين تقريباً، باتوا يعتقلون الناس بحجة أنّهم كانوا يتعاملون مع حزب الـ “PKK” (حزب العمال الكردستاني)، التابع لـ “PYD” (حزب الاتحاد الديمقراطي)، ومن المفترض تسليمهم لجهة تركية (شرطة عسكرية أو مدنية)”.

وأضافت: “في إحدى المرات دخلوا منزل أحد المدنيين، وكان الرجل أباً لابنتين، وكان يعمل سابقاً مع حزب “PKK”، لكنّه لم يتعامل بالسلاح، وبالطبع كانت طريقة دخولهم إلى منزل الرجل مرعبة وبشعة كثيراً، وفي لحظة اعتقاله، وهم يهمّون بالخروج من المنزل، تدخّلت ابنة الرجل لتثنيهم عن اعتقاله أبيها، وهي فتاة في العشرين من عمرها، وتدرس في الجامعة، وليس لها أيّة علاقة بأيّ شيء، لا بالحزب ولا بالسياسة، فما كان منهم إلا أن اعتقلوا الفتاة مع أبيها، وبعد مرور يومين من اعتقال الأب وابنته، عادوا إلى المنزل، وقاموا باعتقال الابنة الثانية، التي تبلغ من العمر 16 عاماً، وبالصدفة كان يتواجد أمام منزلهم أخ الرجل الذي قاموا باعتقاله (عمّ البنات)، فقاموا باعتقاله أيضاً، وهكذا اعتقلوا 4 أفراد من عائلة واحدة”.

وتابعت هيفين كلاها: “ها قد مضى عامان ونصف العام على اعتقالهم، ولا أحد يعرف عنهم أيّ شيء، والزوجة لا تعرف إن كان زوجها وابنتاها على قيد الحياة أم لا، كما أنّ الزوجة وأقرباء المعتقلين حاولوا أن يسألوا جميع الفصائل عنهم، والجميع ينكر وجودهم”.

وختمت هيفين كلامها بالقول: “منذ شهرين حصل خلاف بين فصيل يدعى “الحمزات” وفصائل أخرى، نجم عنه تسريب فيديو لنساء معتقلات في سجن سري لفصيل “الحمزات”، لم يكن أحد على علم به، وخلال الفيديو رأت الأم ابنيتها، وعرفت أنّهما ما تزالان على قيد الحياة، لكن بشكل عام حتى لو عرف الأهالي مكان أبنائهم وبناتهم وذويهم، لن يستطيعون زياراتهم أبداً”.

وكان موقع منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” قد نشر تقريراً مفصلاً عن قضية النساء المعتقلات بمكان سرّي تابع لفصيل “الحمزات”، بتاريخ 3 آب (أغسطس)، والذي ذكر أنّه “بتاريخ 28 أيار (مايو) 2020، عُثر على 8 نساء، على الأقل، معتقلات في مقر عسكري يعود لفرقة الحمزة – الحمزات، التابع للجيش الوطني السوري، المرتبط بالائتلاف السوري المعارض، المدعوم من تركيا، وذلك بمحض الصدفة، حين قام أشخاص غاضبون باقتحام مقرّ الفصيل المذكور في مدينة عفرين، على خلفية اعتداء نفّذه عدد من عناصر الفصيل على أحد المحال التجارية، تسبّب بسقوط ما لا يقل عن خمسة مدنيين، بين قتيل وجريح، ليتمّ العثور على المعتقلات مع طفل رضيع كانت إحداهن قد أنجبته خلال فترة اعتقالها”.

كما أشار التقرير إلى أنّ “المعتقلات تمّ تسليمهن بعد الاقتحام إلى جهاز “الشرطة العسكرية” التابع بدوره للجيش الوطني؛ حيث كان من المفترض أن يتمّ عرضهنّ على القضاء، إلا أنّ الشرطة العسكرية عادت وسلمت المعتقلات لفرقة الحمزة التي نقلتهن إلى مكان غير معلوم”.

وخلال تتبع منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” لمجريات القضية “تحدّثت مع ما لا يقل عن 10 مسؤولين (بينهم قادة عسكريون وأمنيون في الجيش الوطني وفي فرقة الحمزة وفي الشرطة العسكرية)، إلا أنّ معظمهم رفضوا الإدلاء بأيّة معلومة، وأكّدوا أنّ “أوامر تركية وردت بالتحفظ عن التصريح بأيّة معلومة حول المعتقلات ومصيرهن””.

كما جاء في تقرير المنظمة؛ أنّ ثلاثة من المصادر التي تحدثت إليهم قالوا إنّ “المعتقلات يخضعن لمحكمة تتبع القضاء العسكري، ورجّح مصدر رابع، أنّه تمّ نقلهنّ إلى داخل الأراضي التركية بالفعل، رغم عدم وجود أدلة دامغة حول أيّ من تلك المزاعم”.

Post source : حفريات

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons