مايو 20. 2024

أخبار

هل تلتزم ميليشيات الاحتلال التركي بقرار إخلاء المقرات والخروج من عفرين.. أم انها مُحاولة ذر للرماد في العيون؟

عفرين بوست ــ خاص

أصدرت قيادة ميليشيا ما يُسمى “الفيلق الثالث” في الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، المعروفة باسم “الجيش الوطني السوري” تعميماً، طلبت فيه من كافة مجاميعها الموجودة داخل مدينة عفرين، بإخلاء مقراتها خلال مدة أقصاها أسبوع دون معرفة تفاصيل إضافية، إلا أنّ أكثر من 15 مليشيا تابعاً لها، رفضت إخلاء مقراتها في حي الأشرفية في مركز إقليم عفرين، بحسب مراسل “عفرين بوست”.

ولعل ظاهر الأمر يوحي بالإيجابية، لجهة إخلاء المدينة من المظاهر العسكرية الميليشاوية، التي أرهقت أهالي عفرين الكُرد، وحتى المستوطنين الذين طلبوا بشكل جماعي إخلاء الميليشيات للمدينة بعد سلسلة من الحوادث الأمنية.

المستوطنون يطالبون بخروج الميليشيات من المدينة

فبعد الاشتباكات التي اندلعت بين عناصر ميليشيا “فرقة الحمزة” وميليشيا “جيش الإسلام” و”أحرار الشام” في مدينة عفرين بتاريخ الثامن والعشرين من مايو الماضي، على خلفية قيام مسلحين من ميليشيا الحمزة بالاعتداء على مستوطن في محل لبيع المواد الغذائيّة، ومقتل مستوطن وطفلين وإصابة آخرين، توجّه في اليوم التالي وفد من مستوطني الغوطة الشرقية، لمقابلة الوالي التركي في مدينة عفرين وضم الوفد مجلس شورى مدينة عربين والهيئة السياسية لدمشق وريفها وممثلين عن فعاليات مدنية ومستقلين، ومن سمّوهم “أولياء الدم”، إلا أن الوفد لم يقابل الوالي بسبب وجوده في ولاية هاتاي، وبذلك قدم الوفد مطالبه إلى نائب الوالي وشملت:

1– القصاص من القتلة وتسليمهم للسلطات التركيّة حصراً، وتحويلهم للقضاء التركيّ، كون المنطقة التي ارتكبت فيها الجريمة تشرف عليها السلطات التركيّة.

2– دفع دية القتلى والتكفل بعلاج الجرحى ونفقاتهم وكفالة أطفال شخص قتيل يدعى “أبو فراس”.

3– تفريغ المناطق السكنيّة من المقرات العسكرية أو إخراج المقرات العسكرية خارج المدن.

4– دعم الشرطة المدنيّة وتكليفها رسميّاً بضبط الأمن والحواجز وتوسيع صلاحياتها لملاحقة الفاسدين من أيّ فصيل.

5– تفعيل قضاء مفتوح الصلاحيات للبت في كل القضايا التي تمس أمن وسلامة المواطنين في المنطقة مهجرين ونازحين ومقيمين.

ووعد الوالي بالاستجابة لكل المطالب، لكنه أشار إلى أنه “لا يملك صلاحيات الموافقة عليها، لأنها تحتاج إلى قرار القيادة في أنقرة وسيقوم برفع المطالب فوراً”. وأكد نائب الوالي أن “مطلب إبعاد القوات العسكرية عن الأحياء السكنية قيد الدراسة مع من سمّاهم الشركاء في سوريا (ويقصد المليشيات الإخوانية) منذ فترة”.

وفي 1/6/2020 عُقد اجتماعٌ عبر الهاتف ضم وفداً من أهالي دمشق، مع والي عفرين، بحضور رئيس المجلس المحلي في عفرين، واستمر الاجتماع مدة ثلاث ساعات. وتم الحديث خلال الاجتماع عن الانتهاكات بحق المدنيين التي تقوم بها المليشيات الإخوانية، والاقتتال العصاباتي بينها، وتم الاتفاق على نقاط منها: إلقاء القبض على المجرم المسبب للأحداث الأخيرة بالمدينة ومن كان معه ومحاسبتهم وإغلاق مقر الحمزات الذي تم اقتحامه من قبل المتظاهرين، وسيتم تحويل المكان إلى جامعة لاحقاً، وطلب إخراج المليشيات من عفرين، قد يتم لاحقاً ولكن ليس خلال هذه الفترة، وطلب الوالي من الوفد إبلاغه إن لم تتم معالجة المشكلة السابقة، وأكّد الوالي على تحسين الخدمات والموافقة على افتتاح كلية الهندسة في عفرين. وعلى منع إخراج المدنيين من منازلهم، وأي مليشيا تقوم بذلك سيتحمل المسؤولية.

وكان إخراج الميليشيات من المدينة خطوة قيد الدراسة من جانب سلطات الاحتلال قبل أن يكون مطلباً من المستوطنين، وذلك في إطار الانتقال إلى الخطوة التالية من ترسيخ الاحتلال وتجميل صورته، بعدما أُرهق أهالي عفرين الكُرد واُستنزفت إمكاناتهم المادية وانخفضت نسبتهم، ولذلك انتقل الاحتلال إلى الأعمال الخدمية وعملية ربط التعليم وشبكة الكهرباء والهاتف والاقتصاد.

الائتلاف يدّعي أنه صاحب القرار

وفي 12/7/2020 ادّعى ما يسمى بـ “رئيس الائتلاف” الجديد والمُعين من قبل الاحتلال التركي المدعو “نصر الحريري”، أنهم بصدد إخراج الميليشيات المسلحة من مدينتي “عفرين” و”سري كانية/رأس العين”، ونشر في تغريدة: “‏ضمن الوظيفة المقدسة للجيش الوطني في حفظ الأمن والاستقرار والدفاع عن الحدود ضد أي تهديد خارجي ومواجهة التنظيمات الإرهابية أو الانفصالية والابتعاد عن التماس مع المدنيين وتفعيل الشرطة العسكرية يأتي قرار خروج التشكيلات العسكرية من مدينتي رأس العين وعفرين خطوة هامة في الاتجاه الصحيح”.

وفي السياق، أصدرت مليشيا “فرقة السلطان مراد” قراراً بإخراج مقراتها العسكرية من مدينة عفرين إلى خارج المدينة، وذلك بعد قرار مماثل في مدينة سريه كانيه\رأس العين شمالي الحسكة. وأصدرت مليشيا “فرقة السلطان مراد” في 11/7/2020، بياناً تأمر فيه الفرقة بـ “خروج جميع المقرات من ضمن مدينة عفرين وإنشاء معسكرات خارج المدينة وقريبة من خطوط الرباط خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام، على حد زعمها.

أولى خطوات تنفيذ القرار قوبلت بالرفض

في 14/7/2020 أزالت ميليشيا “الشرطة العسكرية” حاجز مليشيا “الجبهة الشامية” عند مطعم فين، وحاجزاً آخر عند بن “مم وزين”. وعمدت مليشيا “الشرطة العسكرية إلى سحب الأسلحة من المسلحين، دون أن يتمكن المسلحون من مقاومتهم، ما يشير بوضوح إلى كون القرار تركي جاء في سياق تحسين صورة الاحتلال، التي فضحت بشكل واسع في الآونة الأخيرة، خاصة على الإعلام العربي. وبالمقابل يتخوف ذوو المسلحين من ظروف العيش خارج المدينة، خاصة وأن المسلحين كانوا يعتاشون على السرقة والنهب داخل مدينة عفرين.

وفي حزيران تم إبلاغ الميلشيات عدا “الشرطة المدينة” و”العسكرية” بتسليم مقراتها والخروج من المدينة، خلال مهلة حُددت بثلاثة أشهر. وجوبه القرار بالبداية بالرفض ونشبت إثره اشتباكات لم تدم طويلاً بين ميليشيا “الشرطة العسكرية” وميليشيا “فرقة الحمزة” ووقع إطلاق رصاص متبادل بينهما في بلدة “ترندة\الظريفة”. كما قوبل القرار بتنفيذ بعض الميليشيات تفجيرات معارضةً لذلك.

محاولة تجميل للاحتلال

وكانت المهمة الأساسيّة التي أوكلت للميليشيات هي التضييق على الأهالي الكرد ودفعهم للخروج من المنطقة، ومن بقي منهم فقد أرهقوا بالإتاوات والغرامات التعسفية وأعمال النهب وسرقة المواسم والغرامات فضلاً عن أعمال الخطف وطلب الفديات والاعتقال بتهمة العمل لدى الإدارة الذاتية سابقاً أو مجرد العلاقة معها، وكل هذه الانتهاكات لم تكن تحدث بعلم سلطات الاحتلال والمؤسسات الأمنية التي أنشئت بطابع ميليشاوي بل بتوجيهات الاستخبارات التركية نفسها، ولهذا كانت كل الشكاوى تُهمل وتضيع الدعاوى المرفوعة في قضايا القتل والاختطاف وكل أعمال السرقة والاستيلاء على الملكيات.

وبهذه الصورة، تأتي عملية إخراج الميلشيات من المدينة كعملية تجميل للاحتلال، أو بعبارة أخرى ترسيخ الاحتلال وتحسين ظروفه، مع تجاهل حقيقة أن الاحتلال هو السبب الأساسي لكل ما يحدث من فوضى واقتتال وحوادث أمنية، وأنه هو الذي يقود الميليشيات المسلحة بشكل مباشر، وهو من أدخلهم إلى المنطقة واستقدم المستوطنين من مناطق ريف دمشق والغوطة في سياق الاتفاق الروسي-الروسي وتم استخدامهم في عملية التغيير الديمغرافي.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons