عفرين بوست
أصدر مجلس حقوق الإنسان في الرابع عشر من سبتمبر /أيلول الجاري، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، وتشمل رصد مجريات الميدان خلال النصف الأول من عام 2020.
التقرير من 25 صفحة وجاء تحت عنوان “لا أيدي نظيفة – خلف الجبهات الأمامية والعناوين الرئيسية، استمرار تعرض المدنيين لانتهاكات مروعة ومستهدفة بشكل متزايد من قبل الجهات المسلحة”
يبدأ التقرير من تقييم صد التقرير إجمالاً الأوضاع الميدانية في كافة المناطق السورية، وبدأ بالإشارة إلى تراجع نسبي بأعمال القتال، بسبب تدابير فيروس كورونا، ورصد ما سماه هدوءاً نسبياً في إدلب، أشار إلى استمرار الاشتباكات في شمال سوريا فيما تقع التفجيرات في مناطق راس العين وعفرين مقابل تدهور الحالة الأمنية في دير الزور. ويشير التقرير إلى نشاط “داعش في منطقة السخنة بمحافظة حمص، والاضطرابات في محتفظة السويداء، وزيادة الأزمة الاقتصادية وموجة الغلاء وانعدام الأمن الغذائي.
ذكر التقرير تدهور الوضع الأمني في المحافظات الجنوبية ووقوع الاشتباكات فيها وأعمال انتقامية وقصف عشوائي وزيادة عمليات القتل، واقتحام الجيش السوري لقرى في محافظة السويداء. لا تزال اللجنة تعتبر ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وهيئة تحرير الشام وحراس الدين وغيرها من الجماعات الإرهابيّة.
تحت عنوان الانتهاكات المرتكبة خارج سياق سير أعمال القتال، ذكر التقرير أعمال الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب والعنف الجنسي والوفاة أثناء الاحتجاز، وبلغت حالات الاختفاء القسري في مناطق سيطرة النظام 34 رجلاً وامرأة واحدة و10 أطفال. ووثقت 13 حالة تعذيب، ووقوع 19 حالة وفاة أثناء الاحتجاز، فيما يستمر التضييق على الحياة العامة والتصرف بالملكيات في المناطق التي سيطر النظام عليها. ويخلص إلى الاستنتاج إلى أن الحكومة السورية عملاً بسياسة الدولة المستمرة تواصل ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة بالاختفاء القسري والقتل والتعذيب والعنف الجنسي والسجن، وأنها قد تشكل في بعض الحالات جرائم حرب.
منطقتا عفرين ورأس العين:
شهد المدنيون المقيمون في هذه المناطق “موجة من الانتهاكات التي ارتكبها أفراد “الجيش السوري الوطني”، والقصف والأجهزة المتفجرة المحمولة بالمركبات”.
يذكر التقرير تعرض مدينة عفرين للقصف وتفجير السيارات المفخخة، ومفتل وإصابة العشرات والإضرار بالبنية التحتية. ويذكر أمثلة على القصف والتفجير. وفي الاستنتاج يعتبر أن الهجمات التي استهدفت مدينة عفرين أو وقعت داخلها “نفذتها فصائل أو مقاتلون من الجماعات المسلحة، لا أفراد من قوات حكومية”.
حول الانتهاكات المرتكبة خارج سياق الأعمال القتالية، يقول التقرير تثبتت اللجنة من الأنماط المتكررة والمنهجية لأعمال النهب والاستيلاء على الممتلكات فضلاً عن سلب الحرية التعسفي الذي ارتكبته مختلف ألوية الجيش السوري الوطني في منطقتي عفرين ورأس العين. وقاموا في نهاية الأمر بإجبار السكان وأغلبهم من أصل كردي، على ترك منازلهم…”
فيما يتصل بالنهب والاستيلاء على الممتلكات، ورد بالفقرة (47) “في جميع أنحاء عفرين تشير عدة روايات إلى أن عناصر الجيش السوري الوطني عمدوا بطريقة منسقة إلى نهب أملاك الأكراد” ويورد ما فعله مسلحو ميليشيا سليمان شاه، فقد مروا على المنازل وأمروا الأسر الكردية التي تضم أقل ن ثلاثة أفراد بإخلاء منازلهم لإيواء قادمين من خارج عفرين، وكذلك دفع “ضريبة” عن المحاصيل الزراعية أو مبلغ إيجار معين كشرط مسبق للبقاء بالمنازل التي يملكونها. ويذكر التقرير بالفقرة (48) أن متزعماً بأحد الميليشيات طلب سندات المليات من السكان الأكراد، وقال لمواطن لا يمتلك سند ملكية “لوكان الأمر بيدي، لقتلت كل كرديّ عمره من سنة إلى 80 سنة”.
ويذكر التقرير بالفقرة (49) أنه على غرار ما يحدث في عفرين استولت قوات الجيش الوطني على ممتلكات المدنيين الأكراد، بعد معارك ما يسمى “نبع السلام”، وقام أفراد “ميليشيا الحمزة “بعمليات نهب واستيلاء على الممتلكات منظمة وواسعة النطاق، وشمل كتابة أسماء بعض الألوية على جدران المنازل” وأفاد المدنيون للجنة عن مخاوفهم من البقاء وعدم قدرتهم على العودة إلى ديارهم التي نهبها واحتلها عناصر الألوية أو أسرهم في أعقاب أعمال القتال مباشرةً”.
يذكر التقرير بالفقرة (50) أن ممتلكات المنازل المنهوبة نُقلت وبيعت بطريقة منسقة ما قد يشير إلى سياسة مبيتة نفذتها عدة ألوية، وذكر بالفقرة (51) مثالاً على قيام لواء الحمزة بتحويل منزل أسرة كردية إلى معهد للدراسات القرآنية ودشنها بحضور والي شانلي أورفة.
وحول أعمال سلب الحرية غير القانوني والتعذيب وسوء المعاملة: ورد بالفقرة (52) أن ما سماهم “ضباط الجيش الوطني” ويقصد متزعمي الميليشيات، ردوا على الأهالي المشتكين بالتهديد والابتزاز أو الاحتجاز، فيما اُختطف آخرون ودفعوا فدية لهم مبشرة لقاء إطلاق سراحهم. واللجنة تشعر بالقلق إزاء تكرار “أخذ الرهائن”.
يشير التقرير بالفقرة (53) إلى تعرض المدنيين في عفرين ورأس العين للاحتجاز بسبب صلاتهم مع الإدارة الذاتية، ويتم استجوابهم بمساعدة مترجمين شفويين، ويذكر التقرير أن المدنيين اُحتجزوا في سجن عفرين المركزي أو وحدة تحت الأرض بمقر الشرطة العسكرية. وأشارت الفقرة (54) إلى تعرض المدنيون ذوو الأصول الكردية أساساً للضرب والتعذيب والحرمان من الطعام والماء، والتعذيب بالتعليق بالسقف والضرب مراراً.
توقف التقرير في الفقرتين (55-56) على احتجاز ميليشيا الحمزة لـ 11 امرأة، بينهن امرأة إيزيدية و”3″ كرديات وطفل رضيع، وأن المتحجزات الإيزيديات دعين إلى اعتناق الإسلام خلال الاستجواب.. وان 49 امرأة كردية وإيزيدية احتجزن في رأس العين وعفرين.
في الفقرة (59) أشار التقرير إلى النساء في عفرين ورأس العين واجهن الترهيب ولزمن البيوت، وتعرضت النساء المتحجزات للاغتصاب والعنف الجنسي
وجاء في الفقرة (57) أن مواطنين سوريين بما فيهم نساء كانوا متحجزين، نقلتهم القوات التركية إلى تركيا، ووجهت إليهم بموجب القانون الجنائي التركي تهم ارتكاب جرائم في رأس العين تشمل القتل أو الانتماء على منظمة إرهابية.
الفقرة (60) توثيق حالات عنف جنسي ضد رجال ونساء متحجزين في عفرين، ومن بينها اغتصاب جماعي لقاصر.
الفقرة (62) الإشارة إلى تلقي تقارير عن اختطاف نساء كرديات في عفرين وراس العين وإكراههن على الزواج، ونسبت إلى ميليشيا السلطان مراد.
الفقرة (63) نهب وهدم مواقع دينية وأثرية، وفي الفقرة (74) نهب الأضرحة والمقابر إيزيدية.
الاستنتاج
(65) لدى اللجنة أسباب معقولة للاعتقاد أن مقاتلي الجيش الوطني السوري، وعلى وجه الخصوص اللواء 142 (لواء سليمان شاه) والفرقة (22) (الحمزة) والفرقة (24) ارتكبوا مراراً وتكراراً جريمة الحرب المتمثلة في النهب في منطقتي عفرين، وبما كانوا مسؤولين عن جريمة الحرب في تدمير ممتلكات الخصم أو الاستيلاء عليها.
(66) “لدى الجنة أسباب معقولة للاعتقاد أن أفراد الجيش السوري الوطني ارتكبوا جرائم الحرب المتمثلة بأخذ الرهائن والمعاملة القاسة والتعذيب والاغتصاب الذي يرقى إلى مستوى التعذيب”، وأيضاً “نهب وهدم ممتلكات ثقافية…
(67) تلاحظ اللجنة أن تركيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها تتحمل قدر الإمكان مسؤولية ضمان النظام العام والسلامة العامة وتوفير الحماية للنساء والأطفال، وتظل ملزمة بالالتزامات التعاهدية الواجبة في مجال حقوق الإنسان.
(68) تلاحظ اللجنة الادعاءات التي تفيد أن القوات التركية على علم بوقوع حوادث نهب ممتلكات المدنيين والاستيلاء عليها وأنها موجودة في مرافق الاحتجاز. وبامتناعها عن التدخل قد تكون القوات التركية انتهكت التزامات تركيا المذكورة.
(69) اعتبرت اللجنة عمليات نقل السوريين المتحجزين لدى “الجيش الوطني السوري” إلى الأراضي التركية قد تشكل جريمة حرب المتمثلة بالترحيل غير القانوني للأشخاص المحميين
خاتمة
اختتم بتوصيات، في مقدمتها السعي للتوصل لوقف إطلاق نار طويل الأمد على الصعيد الوطني، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 (2015). والإفراج الفوري والواسع النطاق عن السجناء من جميع المرافق ضروري لإنقاذ الأرواح. وأشار إلى شروط الاحتجاز وخطر الإصابة بالـفيروس كوفيد COVID-19. كما حثت اللجنة الحكومة على اتخاذ خطوات عاجلة وشاملة للكشف عن مصير المحتجزين أو المختفين.
ومن المقرر تقديم تقرير اللجنة في 22 أيلول خلال حوار تفاعلي في مجلس حقوق الإنسان.
تتألف لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا من البرازيلي باولو سيرجيو بينيرو (رئيساً)، والأمريكي كارين كونينج أبو زيد، والمصري هاني مجلي، وقد كُلّفت من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي في سوريا منذ آذار/مارس 2011.