أكتوبر 18. 2024

أخبار

بأوامر تركيّة… ميليشيات ضد أخرى ضمن “الجيش الوطني السوري”، اقتتال وتصفيات

عفرين بوست ــ تقارير

جملة عوامل تقف خلف قرار سلطات الاحتلال التركيّ في إنهاء ميليشيا “لوء صقور الشمال” بالقوة، وكان استخدام ميليشيات (ذات سيطرة تركمانيّة) في هذه المهمة تأكيداً لطبيعة الصراع المسلّح وأبعاده المستقبليّة، فالمطلوب حلّ ميليشيات عربية تأسست بداية الأزمة والإبقاء على ميلشيات أكثر ولاءً لأنقرة. 

من القرار إلى الصراع

خلال اجتماع عقد في قرية حوار كلس- أعزاز بتاريخ 2/8/2024. أبلغت السلطات التركيّة تعليمات بحلّ ميليشيا “صقور الشمال” خلال ثلاثة أيام، وتم تخييرها بتسليم سلاحها ومقرّاتها أو الانضمام إلى ميليشيا “القوة المشتركة”.

ماطلت “صقور الشمال” بتنفيذ القرار التركيّ، وأعلنت في 17/9/2024 انضمامها إلى ميليشيا “الجبهة الشاميّة”، ما أدى لحالة استنفار عسكريّ شامل وحصار مقرّاتها في حوار كلس.

مساء الثلاثاء 16/10/2024 شنّت ميليشيات “القوة المشتركة، والسلطان مراد” هجوماً على مقرّات “صقور الشمال” في حوار كلس والقرى التي تسيطر عليها، وتحوّلت عدة قرى في ريف عفرين إلى ميادين قتال منها قطمة وكفرجنة ومريمين وديرصوان وكمروك وشيخورزة وقزلباشا وزاريه وغيرها، بعد تدخل “الجبهة الشامية” في مساندة “صقور الشمال”.

وأفادت مصادر عفرين بوست أنّ القرى التي وقعت فيها الاشتباكات شهدت حالة نزوح كبيرة وبخاصة كفرجنة، وإصابات بين المدنيين، وذلك بسبب وجود مقرّات عسكريّة وموقعها على مفترق الطرق المؤدية إلى قرى شهدت اشتباكات. 

سيطرة تركمانية

من الواضح أنّ الصراع الحالي هو بين ميليشيات (ذات سيطرةٍ تركمانية) وميليشيات عربيّة ذات خلفية إخوانيّة، واللافت في هذا الإطار أنّ ميليشيات “فرقة السلطان سليمان شاه، وفرقة الحمزات” تم تشكيلهما عام 2016، بأوامر مباشرة من الاستخبارات التركيّة، وبعد أشهر قليلة من تشكيلهما شاركتا في احتلال جرابلس في 24/8/2016، ثم في العمليات العسكرية التي شنتها أنقرة لاحتلال مناطق أخرى في سوريا. فيما تأسست ميليشيا “فرقة السلطان مراد” في تشرين الأول 2012، وكانت كتيبة، وبدعم تركي مباشر تم توسيعها وضم المزيد من التشكيلات إليها لتتحول إلى فرقة 8/12/2015، بعدة وسائل.      

ولكّن ميليشيا “الجبهة الشاميّة” تمّ تشكيلها في حلب بتاريخ 25/12/2014، بعدما مرّت بعدة أطوار وضمت العديد من الميليشيات بينها “لواء التوحيد” الذي تأسس في 18/7/2012، فيم تأسست ميليشيا “لواء صقور الشمال” في 17/11/2011 بريف إدلب. وذلك من قبل المعارضة السوريّة.

“إنهاء ميليشيات عربية ذات خلفية إخوانية، وإبقاء ميليشيات (ذات سيطرة تركمانية) أكثر ولاءً لأنقرة”

وبذلك يمكن توصيف الصراع بأنّه يهدفُ إلى إنهاء وجود كيانات مسلّحة التي برزت في بدايات الأزمة السوريّة، وبعبارة أخرى الميليشيات التي لديها “تاريخ ثوريّ” وفق تقييم المعارضة، وبالمقابل سيتم الإبقاء على الميليشيات (ذات السيطرة التركمانيّة) الأكثر ولاءً لأنقرة والتي أرسلت مسلّحيها للقتال خارج سوريا كمرتزقة، ويُراد تأهيلها لاحقاً لتقوم بدور قادم في مرحلة ما بعد التصالح ما بين دمشق وأنقرة. 

وإدراكاً منها لمضمون الخطة التركّية بادرت ميليشيا “حركة التحرير والبناء” التي ينحدر معظم عناصرها من المناطق الشرقية، ديرالزور وغيرها، للنأي بنفسها في معركة البقاء. وسبق أنّ خاضت قتالاً ضد “القوة المشتركة” في مدينة عفرين، وتخشى مصيراً مشابهاً لـ”الجبهة الشامية”.

المسار التصالحيّ

لا تنفصل الأحداث الحالية عن المسارِ التصالحيّ الذي ترعاه موسكو بين أنقرة ودمشق، والذي كان فتح معبر أبو الزندين في ريف الباب شمال شرقي حلب عربوناً أولياً، إلا أنّ ميليشيات “عربيّة” عارضت فتح المعبر، واعتبرت الأمر بداية نهايات المعارضة المسلّحة، ولم تعد بوسعها مسايرة التعليمات التركيّة عندما تتعلق المسألة بمصيرها.

وبصورة أخرى يمكن اعتبار الأحداث الحالية إعادة صياغة للترتيب الفصائليّ للمرحلة القادمة، وسبق أن قامت السلطات التركيّة بإعادة ترتيب الميليشيات قبل البدء بعملية عسكريّة موسّعة، جرى ذلك قبل العداون على عفرين، وكذلك قبل العدوان على تل أبيض وسري كانيه، إلا أنّ إعادة الترتيب هذه المرّة تمهيدٌ للمرحلة القادمة بما تشتمل على متغيرات سياسيّة وعسكريّة.

تحرير الشّام وملف إدلب الشائك 

وتتضح الصورة أكثر جلاءً بأخذ التصعيد العسكريّ في ريف إدلب بالاعتبار؛ وذلك لخصوصية الوضع في إدلب لجهة الحالة الجهادية المتعددة الجنسيات وبخاصة من العائديّة الروسيّة (أوزبك، طاجيك، شيشان) إضافة إلى الإيغور القادمين من إقليم شينغيانغ في الصين والمنضوين في إطار الحزب الإسلاميّ التركستاني والجهاديين العرب. فالبراغماتية التي أبدتها “جبهة النصرة” وتحوّلاتها إلى “جبهة فتح الشام” ثم إلى “هيئة تحرير الشّام” لم تشفع لها برفع اسمها من لوائح الإرهاب. كما تأتي أهميّة إدلب لوجود معبر باب الهوى مع تركيا ولمرور الطريق الدولي إم ــ 4 فيها، وكان ذلك مضمون اتفاق سوتشي في 17/9/2018، والذي تضمن إقامة مناطق منزوعة السلاح حول الطريق الدوليّ. وكذلك اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب في 5/3/2020.

جدير بالذكر أنّ السلطات التركية سمحت في أكثر من مناسبة لمسلّحي “هيئة تحرير الشّام” بدخول عفرين، ودخلت متحالفة مع ميليشيات “فرقة السلطان سليمان شاه، وفرقة الحمزات” لطرد ميليشيا “الجبهة الشامية” من عفرين أواخر عام 2022، وهناك وجود دائم للكتيبة الأوزبكية في ناحية شيروا.

“تسليم مواقع للنظام السوري، وإطلاق يد تركيا وميليشيات ذات سيطرة تركمانية في عفرين”

وفي بُعد إضافي يربط ما بين الاشتباكات الحالية في قرى عفرين، والسعي لإنهاء ميليشيا “صقور الشمال” بالقوة، جدير قوله إنّ ميليشيا “صقور الشمال” تأسست في جبل الزاوية عام 2012، وإنهاؤها يعني منع عودتها إلى بلد المنشأ.

وباختصار، الخطة المطروحة حالياً، وفق مراقبين، تسليم مواقع في إدلب للنظام السوري مقابل إطلاق اليد التركيّة في عفرين، وتكون الميليشيات (ذات السيطرة التركمانيّة) أداة التنفيذ. إلا أنّ المخاض عسير، صعب ودمويّ!

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons