ديسمبر 23. 2024

زيتون عفرين- موسم مبشر، يعكر صفوه انتهاكات الميليشيات الموالية لتركيا

عفرين بوست- خاص

أشهر قليلة تفصل المزارعين في عفرين عن جني محصولهم الاستراتيجي “الزيتون”، الذي يبشر هذا العام بموسم جيد نتيجة الظروف الجوية المواتية، لكن كما السنوات السابقة يعكر صفو راحة بال أبناء عفرين المحتلّة الانتهاكات المستمرة والمتصاعدة من قِبل الميليشيات الموالية لتركيا.

بدأت الانتهاكات والتعديات على حقول الزيتون مع بداية شهر أيلول، وهذا يعتبر مؤشراً خطيراً على زيادة الانتهاكات هذا العام، وكان مركز توثيق الانتهاكات قد وثق “1400” انتهاك استهدفت القطاع الزراعي في شهر تشرين الأول من العام 2023، وهذا رقم مخيف ومرجح للارتفاع هذا العام.

سرقة مبكرة

نشر شاب من “ناحية راجو” مقاطع فيديو توضح قيام مستوطنين مجهولين بسرقة المحصول قبل النضج بأشهر، وقال المزارع في المقطع المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أسبوع من الآن، أن أكثر من خمسة عشر شجرة مثمرة تعرّضت للجني العشوائي رغم عدم نضوج ثمار الزيتون بعد، متسائلاً عن جدوى السرقة هذه في هذا التوقيت.

من المتعارف عليه يبدأ موسم قطاف الزيتون الأخضر في منتصف شهر تشرين الأول، في حين يبدأ موسم القطاف للزيتون المخصص للعصر بداية شهر تشرين الثاني، وأن القطاف المبكر يؤثر على نسبة الزيت في الثمار ويخفض من نوعية الزيت أيضاً.

قطع جائر

في حين نشر الناشط السوري المعروف باسم “أحمد البرهو” مقطعين مصورين لمجموعة من أشجار الزيتون يقدر عددها بـ 200 شجرة في حقول قرية قطمة، تعرّضت للقطع الجائر بداية الشهر الحالي وهي حامل بالثمار، وهذا الفعل حدث بهدفين الأول سرقة المحصول والثاني قطع الأشجار للاستفادة من الأخشاب، وتقدر خسائر الفلاحين من هذا الانتهاكات بأكثر من 10 ألاف دولار.

أظهر الفيديو مشاهد قاسية لأشجار قطعت نصف مجموعها الخضري الحامل بالثمار وتدهور الأشجار وبالتالي تتطلب أكثر من خمس سنوات لتعويض ما فقد من تلك الأشجار.

تعود ملكية هذه الأشجار لثلاث عوائل من قرية قطمة التابعة لناحية شرّا، حيث تسيطر ميليشيا “الجبهة الشّامية” هناك، ولم يعرف بعد الجهة القائمين بهذا القطع الجائر، لكن من طبيعة المنطقة وآلية القطع وإدخال السيارات الكبيرة إلى الحقول يُعرف أن منْ يقوم بهذا الجرم المنظم ينتمي إلى إحدى الميليشيات الموالية لتركيا نتيجة توزع حواجز تلك الميليشيات على طول الطريق المؤدي إلى تلك الحقول.

أضرار جسيمة

ما هو أكثر ضرراً على أبناء عفرين هي القرارات التي تفرضها تلك الميليشيات، إذ ألغت الميليشيات ولاسيما التابعة لما يسمى “بالقوة المشتركة- العمشات والحمزات” نظام الوكالات التي كانت متبعة في عفرين، وكان الأهالي يديرون أملاك ذويهم المهجرين قسراً.

وجاءت القرارات هذه قبل نحو شهر وتم العمل بها في ناحية شيه وموباتو وبعض أجزاء من ناحية راجو وشيروا، وتم بموجبها مصادرة آلاف من أشجار الزيتون والأراضي الزراعية الأخرى، وبقي الوكيل أمام حلّين لا ثالث لهما، إما أن يقوم باستئجار الأراضي والبساتين التي كان يديرها مقابل بدل مالي يدفعه للمكتب الاقتصادي التابع للميليشيا المسيطرة أو أن يصادر الأرض وإيداعها لأحد المستوطنين.

وبحسب مصادر عدة في عفرين، هذا الإجراء أضرّ كثيراً بالأهالي الذين قاموا بصرف مبالغ كثيرة على العناية بالبساتين والحقول وتمثلت بالفلاحة والتسميد ورش المبيدات وهذه المصاريف ستذهب هباء منثورة بدون مقابل.

يقول علي الأحمد “اسم مستعار لمزارع في ناحية شيه”، كنت أشرف على العناية بخمسمئة شجرة زيتون تعود مليكة 250 منها لشقيقين، قبل خمس سنوات ثبت هذه الأشجار ضمن المكتب الاقتصادي التابع للعمشات ودفعت ما يترتب عليه من ضرائب وإتاوات بشكلٍ دوري.

اليوم فرضت العمشات على علي كف اليد عن أملاك أشقائه بدعوى أنها أملاك لأشخاص يعملون مع الإدارة الذاتية، ودفع “علي” ما مقدار 900 دولار أمريكي كتكاليف للعناية بهذه الأشجار منذ فصل الشتاء إلى اليوم، وبات اليوم مضطراً لترك العناية بأملاك أشقائه حفاظاً على حياته وممتلكاته ويقول “لا أستطيع الرفض، فإن رفضت ستكون العاقبة علينا وخيمة وربما أفقد كل شيء وأضطر للهجرة القسرية مثل أشقائي”.

ناهيك عن الضرائب التي تفرضها الميليشيات على حقول الزيتون كإتاوات، وكذلك تلك المفروضة على المعاصر والتي تقدر بـ 5000 دولار سنوياً، كل هذه الانتهاكات والقرارات تساهم في زيادة خسائر الفلاحين الذي يخافون من القادم نتيجة عدم توفر الأمان وزيادة معدل السرقات.

معدل الإنتاج أفضل

وعن الإنتاج هذا العام، يُشير المهندس الزراعي ريزان إلى أن هذه السنة هي سنة حمل في معظم بساتين وحقول الزيتون في عفرين، وكانت وزارة الزراعة السورية في حكومة دمشق صرحت أن معدل إنتاج مادة الزيتون للعام الحالي بـ740 ألف طن، بزيادة قدرها 6% عن موسم العام الماضي.

وينتج قرابة 60% من الزيتون في المناطق المحتلة من قبل تركيا، وتتركز زراعتها في عفرين وإدلب، وبهذا يكون الإنتاج هذا بغالبيته يصدر إلى الخارج عبر تركيا وتدر على تركيا مرابح طائلة بالقطع الأجنبي.

واحتلّت سوريا المرتبة الرابعة عالميًا بين الدول المنتجة لزيت الزيتون من عام 2004 وحتى 2008، ليتراجع ترتيبها إلى المرتبة العاشرة خلال عام 2019، ويتذرع المسؤولون الحكوميون بالعقوبات والحرب، بينما تشكل صعوبة تأمين الفلاحين مستلزمات الزراعة وقلة الدعم أهم أسباب التراجع.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons