نوفمبر 14. 2024

أخبار

بعد ست سنوات من الإخفاء القسري، محكمة “الراعي” تقاضي “أربعة كُرد” موالين للاحتلال التركي

عفرين بوست ــ متابعة

تشير معلومات من مصادر متقاطعة أنّ /4/ من مواطنين كُرد كانوا منضوين في صفوف الميليشيات المرتبطة بالائتلاف السوري الإخواني المعارض والموالية لتركيا، وشاركوا في العدوان على عفرين عام 2018، واُعتقلوا بعد بسط الجيش التركي سيطرته العسكرية عليها، يمثلون أمام المحكمة العسكرية في بلدة الراعي بمنطقة الباب.

محاكمة بعد سنوات من الإخفاء القسريّ

بعد ست سنوات من الإخفاء القسريّ والاحتجاز السريّ، يوم الخميس 4/7/2024، تم تقديم الأربعة إلى المحكمة العسكرية التابعة للاحتلال التركيّ في بلدة الراعي، وحضروا أولى جلسات المحكمة، وهم:  

1 – مسعود إيبو “أبو المجد كوملة”. 2 – عيسى أبو مريم العفريني. 3- خالد كدلو. 4- قاسم

بالمجمل لم تتوفر معلومات وافية عن المعتقلين الأربعة طيلة ست سنوات، وانقطعت صلتهم مع العالم الخارجيّ بما فيه عوائلهم، وتم تداول شائعات حول تصفية بعضهم.

عملية الاعتقال جرت في ظروف متباينة وتضاربت المعلومات حولها، إلّا أنّها تمّت بعد احتلال عفرين بأشهر قليلة، ولم تشفع لهم مشاركتهم العملية في صفوف الميليشيات المسلّحة في العدوان على عفرين.

في حزيران 2018، تم تداول معلومات عن وجود المدعو مسعود إيبو الملقب بـ”أبو المجد كوملة” في سجن تركي بمدينة عنتاب التركية، بعد أسبوع من اعتقاله من قبل الاستخبارات التركية. وأنّ طلب عائلته بزيارته قوبل برفض النيابة العامة التركية لعدم انتهاء التحقيق معه حسب زعمها. وكانت الاستخبارات التركية قد عيّنت “إيبو” بصفة مسؤول في جهاز الاستخبارات بعفرين قبل أن يتم اعتقاله لأسباب “تتعلق بتسريب المعلومات”.

تمّ الإعلان عن فقدان أثر “إيبو” في 4/6/2018، ونشر موقع سوريا على طول في 29/7/2018 تقريراً تحت عنوان “مفقودون ولكن عند أي جهة؟! ظاهرة اختفاء القادة الأكراد في الجيش الحرّ تحت ضغط جميع الأطراف”، ذكرت فيه تضارب المعلومات حول اختفاء “إيبو” وأنّه واحد من أربعة أشخاص على الأقل معتقلين، قياديين كُرد بارزين فيما يسمى “الجيش السوريّ الحرّ”. ونقل الموقع عن مصدر في المجلس المحلي أنّه يعتقد أنّ “إيبو” والآخرين موقوفون في تركيا، وأنّ الاعتقالات تتعلق “باتهامات زائفة”، وطلب عدم ذكر اسمه لأنّه حالياً عضو في المجلس. ويعتقد عضو المجلس أنّ الاتهامات الموجهة ضد “إيبو” و”أبو مريم” تتعلق بمساعدة الأفراد الذين تمّ تجنيدهم مع وحدات حماية الشعب YPG في عفرين سابقاً، لتسوية أوضاعهم مع السلطات المحليّة المدعومة من تركيا.

وأفادت معلومات متداولة حينها أنّ اختفاء “إيبو” جاء بعد يومين من تعيينه مسؤولاً لدى الاستخبارات التركيّة، بعدما شغل وظيفة مسؤول إعلاميّ، وأن تعيينه تمّ على خلفية مقابلة مع ضابط تركي رفيع المستوى عُرف باسم “جنكيز” في 27/85/2018، وكانت سلطات الاحتلال تعوّل في تعيين بعض الكُرد لأجل ملاحقة أبناء المنطقة الكُرد واعتقالهم. ومن جهة ثانية أرادت إسقاط صفة الاحتلال بترويج فكرة تعيين أشخاص كُرد في الوظائف، وكان “إيبو” منضوياً حينها في كتيبة “مشعل تمو”.

وحتى تاريخ 5/7/2018 لم يبق مما سمي “كتيبة مشعل تمو” وعدد عناصره نحو 40 شخصاً أي أثر، بعدما اعتقلت سلطات الاحتلال سابقاً كلاً من “أبو مريم الحسكاوي” و”أبو مريم العفرينيّ”، اللذين عملا على تجنيد عشرات الشبّان الكُرد لصالح الاحتلال في عفرين، وهرب بعضهم، والبقية نٌقلوا إلى الباب وجرابلس.

تهمة الكُرد واحدة “إنهم كُرد”

بالتوازي مع خبر البدء بمحاكمة المعتقلين الكُرد الأربعة تحدثت مديرة جمعية “ليلون” لونجين محمد خليل عبدو في لقاء مع قناة رووداو الفضائية حول ظروف احتجازهم، لكونها قد تعرّضت للإخفاء القسريّ مدة 30 شهراً رفقة شقيقتها روجين؛ فقد اُعتقلت مع والدها بتاريخ 25/6/2018 وبعد تسعة أيام اعتقلت شقيقتها مع عمها كمال، حيث أفرج عن لونجين مع شقيقتها في 2/12/2020.

وأفادت لونجين بأنها تعرف المعتقلين الأربعة، وقد التقت بهم خلال احتجازها في سجن “حوار كلس” بريف أعزاز، وأنّ اعتقال “قاسم وخالد” جاء بعد اعتقالها بيومين، أما “أبو مجد كوملة” و”أبو مريم العفريني” فقد اُعتقلا قبلها بشهر تقريباً، وكانوا في زنازين متجاورة.

فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة للكُرد لدى اعتقالهم، تقول لونجين: “اتهامات الكُرد كلها واحدة، لأنّهم كُرد، وقد اُعتقلت دون سبب ولم أعرف ما هي تهمتي، ووُجهت إلى المعتقلون الأربعة تهمة التعامل مع الكُرد (الإدارة الذاتية)”. 

سجن سريّ يديره مقنّعون

اُحتجزت لونجين في سجن حوار كلس، وتقول: “معظم السجناء من الكُرد، وكان عدد الرجال منهم نحو 60 والنساء 11 امرأة، فيما عدد العرب كان 2 أو 3، وقد أطلق سراحنا جميعاً، عدا المعتقلين الأربعة”.

وتعرّف لونجين سجن حوار كلس بأنّه “سجن سريّ”، عبارة عن منفردات، وتقول: “لم نكن نعرف من يقوم بإدارة السجن، فالقائمون عليه كانوا مقنّعين ولا تُعرف أسماؤهم، وعرفنا فيما بعد أنّه تم تسليمه لميليشيا فرقة الحمزات، وكان السجّانون يتحدثون إلينا باللغة العربيّة الفصحى”.

ما قالته لونجين كان لافتاً، فاللغة العربية الفصحى غير دارجة في سوريا، إلا أنّ استخدام العربيّة الفصحى كان مألوفاً من قبل عناصر “داعش” وتحديداً العرب، لتجنب التواصل باللهجة العامية.

قضت لونجين ضمن مجموعة من نساء كرديات فترة من الاحتجاز في سجن حوار كلس، ونُقلن منه إلى سجن آخر يقع في مقر الأسايش سابقاً بمدنية عفرين وتديره ميليشيا الحمزات، بينما نُقل المحتجزون الرجال إلى سجن في منطقة الباب، وتم الإبقاء على هؤلاء الأربعة قيد الاحتجاز في حوار كلس.

تعذيب قاسٍ

تقول لونجين: “بسبب قرب المنفردات من بعضها كنّا نسمع أصوات التحقيق والتعذيب الذي تعرّض له المعتقلون الأربعة، كانوا يقولون إنّ كدلو وأبو مريم العفريني متهمان بالتعامل مع الكُرد وضم عناصر كرديّة، واتهموا أبو مجد كوملة بمساعدة الكُرد والدفاع عنهم”.

تذكر لونجين أنها شهدت تعذيب المعتقلين، “تمّ ضرب قاسم كدلو بالعصا والخراطيم على ظهره، تمت تعريته وفتح جروحه بسكين ووضع ملح الليمون فيها، وعرضوه على كلّ السجناء. ولا يغيب ذلك المشهد من ذاكرتي”.

وتضيف: “كان خالد طفلاً عمره نحو 16 سنة لدى اعتقاله، وقد تعرّض للضرب الشديد، وتم ربطه على الباب مدة أسبوعين، ويصبون عليه الماء البارد، لقد تم ضربه بقسوة وأنهكوه بالتعذيب، واستخدموا السكين لجرحه، مع حرمانه من الطعام”.

وتجيب لونجين على سؤال فيما إذا تعرّضت للتعذيب، بتأكيد أنّ كلّ من دخل ذلك السجن تعرّض للتعذيب، وكل سجناء عفرين يتعرضون للتعذيب بصرف النظر عن وجود تهمة أو لا.

احتجاز دون محاكمة

عن سبب تأخّر محاكمتهم، قالت لونجين، “بشكل عام في ذاك السجن كلّ المعتقلين محتجزون دون محاكمة وإجراءات قضائية، ولا يسمح لأهاليهم بزيارتهم، ولم نستطع التواصل مع أهالينا إلا بعد نقلنا منه. ومن بقي في ذاك السجن لم يسمح لأهله بزيارته، سجن حوار كلس سريّ لا يسمح بالزيارة، ولعلّ أهالي المعتقلين يمكنهم زيارتهم بعد نقلهم إلى سجن منطقة الراعي”.

ووفقاً للتجربة التي مرّت بها لونجين تتوقع أن يتم الإفراج عن المعتقلين الأربعة، وقالت: “لم نؤخذ إلى المحكمة، بل حضرت هيئة المحكمة إلينا في السجن، وبعد ذلك بنحو ثلاثة أشهر تم الإفراج عنا”.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons