عفرين بوست ــ متابعة
تتواصل عمليات تشويه الحقيقة والإساء إلى قضية عفرين المحتلة العادلة عبر حوادث محدودة يتولى الإعلام التركيّ ووسائل الإعلام الموالية لأنقرة وفي مقدمها الجزيرة القطرية بالترويج لها وإيجاد إسقاطات غير ذات صلة لها، وذلك لقطع الطريق على أي حالة تعاطف في الأوساط العربية مع قضية عفرين المحتلة وأهلها المهجرين قسراً.
نشر موقع الجزيرة القطريّ، في 21 أبريل/ نيسان الحالي، خبراً حول ظهور رسومات لعَلَم كردستان في منازل خان يونس جنوبي قطاع غزة المدمرة عقب انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي منها، أثار حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي.
وأظهر المقطع المصور داخل منزل مدمر، عَلم كردستان على جدار، وجملة Free Kurdistan التي تعني “كردستان حرة”، وعلى جدار آخر جملة vamos avrina وتعني “هيا إلى عفرين”.
ووثق الصحفي الفلسطيني محمد سلامة عبر حسابه على منصة إنستغرام مقاطع فيديو تُظهر حجم الدمار الذي خلّفه جيش الاحتلال في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
الواقع إنّ الحدث بالمعطى السياسيّ محدود جداً ماذا يعني مجرد خربشات على جدار منزل مدمر، ولم تقدم الجزيرة دوافعه وظروفه، ولكنها عملت على الترويج له وتحميله دلالات تخدم الأجندة التركية.
ونشر موقع الجزيرة أيضاً عدداً من التعليقات من الأوساط العربية التي بلعت الطعم، وأساءت إلى الكرد وقضية عفرين. واعتبر بعضهم أنّ الرسوم دليل على وجود كرد يقاتلون في المناطق الفلسطينيّة إلى جانب الجيش الإسرائيليّ. وبالتالي فالرسالة التي تقصدها الجزيرة مفادها: إنّ الاحتلال التركي لعفرين مبرر، لأنّ الكرد لا يناصرون القضية الفلسطينيّة.
ما أرادت الجزيرة الترويج له يتناقض مع مضمون الكتاب الرسمي الذي وجهته وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطيني في 15/9/2022، إلى وجهاء عفرين الذي تضمن رفض أي شكل للتوطين في عفرين وجاء فيه “نؤكد تقديرنا الكبير لأهلنا أبناء الشعب الكرديّ في سوريا الذين وقفوا واستمروا إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني وقدموا الشهداء وناضلوا في صفوفِ الثورة الفلسطينية وفلسطين وحقوق الشعب الفلسطينيّ لها المكانة في وعيهم وممارسة النضال من أجلها”.
معلوم أنّ العلاقة بين تل أبيب وأنقرة تخادم وتنافع تاريخيّ مع تعاقب الحكومات ورغم اختلافها، وفيما الخلافات بينهما لم تتجاوز الضجيج الإعلاميّ. لا بل إنّ العلاقة التركيّة ــ الإسرائيليّة من الحقائق الثابتة في تاريخ المنطقة، وتعود إلى بداية إعلان قيام إسرائيل، وتعززت هذه العلاقة بالعديد من الاتفاقات الأمنيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والزيارات المتبادلة على أعلى المستويات.
ما يدعو إليه الكرد بشكل عام ينضوي تحت عنوانين رئيسيين الديمقراطية والحقوق القوميّة الثقافية والشراكة السياسية، وهو يتناقض بالمطلق مع مشروع العدالة والتنمية المذهبيّ الدينيّ، والذي يتوافق مع مشروع إسرائيل القائم على أساس دولة دينيّة يهوديّة.
تتدفق اليوم أموال فلسطينيّة باسم “عرب ــ 48” من جمعيات مثل العيش بكرامة ومن أهالي بلدات فلسطينيّة إلى عفرين المحتلة لدعم مشاريع الاستيطان وإسكان حواضن تنظيم “الإخوان” فيها، وأيضاً توطين فلسطينيين مرحلين من مخيمات دمشق فيها، ومعلوم أنّه لا يمكن تحويل شيكل واحد إلى الخارج دون علم الاستخبارات الإسرائيليّة (الموساد).
المفارقة أنّه رغم وجود عشرات الأدلة على التضامن الكرديّ مع عدالة القضية الفلسطينيّة إلا أنّ المسألة عند حركة “حماس” مختلفة بسبب خلفيتها المذهبيّة وتحديداً الإخوانيّة، ومعلوم أنّ تنظيم الإخوان تأسس بعد سقوط الدولة العثمانيّة، وشتم قادته الأوائل مصطفى كمال أتاتورك الذي أنهى في 3/3/1924 ما كان يسمى “الخلافة العثمانية الإسلامية”، إذ كانوا يعتبرون الدولة العثمانية رمز الوحدة الإسلامية وبذلك فإنّ ولاء الإخوان لتركيا تاريخيّ. وفي هذا السياق بارك خالد مشعل احتلال تركيا لعفرين ووصفه بأنّه دليل لانتصار الإرادة التركيّة.