عفرين بوست ــ خاص
العثور على طفل حديث الولادة حياً أم ميتاً في الشوارع ومكبات النفايات، لم يعد حدثاً استثنائياً عابراً، بل أضحى ظاهرة متفشية في كل المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ، والسبب الجوهري وراءها الانحسار الأخلاقيّ والتردّي القيميّ، فيما تشكل الفوضى والانفلات الأمنيّ الإطار العام لهذه الظاهرة المستمرة التي لها علاقة وثيقة بظواهر أخرى، منها جرائم الخطف والاغتصاب والعنف الجنسيّ والدعارة والمتاجرة بالجسد لتحصيل المال.
عثر الأهالي مساء 3 أبريل الجاري، على جثة طفل حديث الولادة مرمية في أحد حقول الزيتون قرب طريق حلب ــ عفرين، ملفوفاً ببطانية، وعلى جسده آثار كدمات ورضوض في أنحاء مختلفة من جسده.
وأشار مراسل “عفرين بوست” أن ما تسمّى بالطبابة الشرعيّة في المشفى العسكريّ في مدينة عفرين المحتلة، كشفت على جثة الطفل، وبعد الكشف عليه من قبل الأطباء تبين أنّه متوفى وعمره عدة ساعات فقط، وقد تم رميه على الطريق بعد الولادة مباشرة.
الحادثة ليست الأولى، بل جاءت في سياق متكرر يرقى لتكون ظاهرة، وتنفتح على مزيد من القضايا والمسائل، تتعلق بمجمل الظروف التي فرضها واقع الاحتلال والانحلال الأخلاقيّ، ولا يمكن تبريرها بالظروف المعيشية والغلاء والفقراء، لأن الفقراء لا يقتلون أولادهم ويرمون جثثهم في العراء.
اللقطاء ومجهولو النسب وتداعيات مستقبليّة
تفشي حوادث رمي الرضع وحديثي الولادة وتحوله إلى ظاهرة يُسقط بالكامل كلّ ادعاء بوجود منطقة آمنة، أو وجود مجتمع متوازن ومستقر، إذ لا يقدم الوالدان على قتل وليدهما أو إلقائه حياً في الطرقاتِ إلا لكونه عبئاً أخلاقيّاً ومبعث العار.
وتفتقد الأسر في المجتمع الذي يعاني الحرب لسنوات طويلة عوامل الاستقرار وينحسر الزواج وتسود العلاقات المشبوهة وتصبح تجارة الجسد والدعارة مهناً رائجة. وإن أسفرت هذه العلاقات عن طفلٍ فإنّه سيكون عبئاً وسيكشف للعلن ما تم ارتكابه سراً. وبذلك فالتخلص من حديثي الولادة جريمة يُراد به ستر جريمة تسبقها والتغطية عليها.
إلقاء حديثي الولادة في الطرقات والعراء، ما هو إلا رأس جبل الجليد، فالعلاقات الجنسية غير المشروعة لا تسفر عن حمل إلا بنسبة ضئيلة جداً، وعادة ما تتخذ احتياطات منع الحمل، ويُستدرك الحملُ إن حدث بعملياتِ الإجهاض، وبذلك فإنّ عدد الولادات لا يشكّل بالمطلق نسبة تتجاوز 1%، كما لا يمكن الركون إلى عدد الحالات العثور على مواليد حديثين أحياء أو أمواتاً على أنّها إحصائيّة صحيحة، وهناك حالاتٌ كثيرةٌ دُفن فيها المواليد بسريّة تامة، وطواها التراب!
وإذا كان إلقاء حديثي الولادة قد باتت ظاهرة، فإنّ حوادث الاغتصاب والجنس المأجور تتجاوز الظاهرة بسعة انتشارها وتعدد أساليبها، ولا يمكن تقديرها بإحصائياتٍ.
اللقيط هو الاسم المتعارف عليه للمولود الذي يُعثر عليه على قارعة الطرقات ومداخل الأبنية وأمام المساجد، ملفوفاً بعناية على أمل أن يلتقطه المارة، وهو مجهول النسب، فيما تُلقى جثة الطفل الميت في مكبِّ النفايات وقد يكون مقتولاً درءاً للفضيحة.
وفي ظروف مجتمع غير مستقر وتجتاحه موجات الفوضى والاشتباكات المسلحة، وعدم وجود مؤسسات اجتماعية ودورٍ للعناية بالأيتام، فإنّ حصول اللقيط على الرعاية هو ضربة حظ استثنائيّة.
وتشكّل زيادة نسبة مجهولي النسب ضربة قاضية لتركيبة المجتمع السوريّ بشكلٍ عام وعفرين على نحو خاصٍ، لجهة العادات والتقاليد، وحتى المستقبل. وذلك بصرف النظر عن الاختلافات والاصطفافات السياسيّة. ذلك لأنّ اللقيط يفتقر إلى عامل الانتماء بكلّ تفاصيله. وستكون لتفشي الظاهرة تداعيات مستقبليّة بما تنطوي عليه من استهداف لتركيبة المجتمع وأصالته وتغيير ديمغرافيته، عبر أفراد من أصولٍ هجينة أو مجهولة النسب.
أمثلة لإلقاء حديثي الولادة
ــ صباح الأحد 21/5/2023، عُثر على جثتي طفلين حديثي الولادة ملفوفتين بكيس قمامة مرميتين في مكب للنفايات في بلدة بزاعة بريف الباب، فيما بعد جرى نقل الجثث إلى الطبابة الشرعية في مدينة الباب.
ــ 19/12/2022، عُثر على جثة طفل حديث الولادة على طريق قسطل جندو بناحية شران بريف عفرين المحتل، مقتولاً وعليه آثار خنق وكدمات في مختلف أنحاء جسده، وجرى رمي جثته في بركة مياه بالقرب من الطريق.
ــ 22/9/2022، عثر الأهالي في مدينة عفرين المحتلة، على جثة طفلة حديثة الولادة موضوعة في كيس وملقاة قرب حاوية قمامة مقابل كازية عبد الرحمن بحي المحمودية، وأكد تقرير الطبيب الشرعيّ أن الرضيعة قُتلت خنقاً.
ــ 12/11/2022، العثور على طفل حديث الولادة في منزل مهجور قرب الجامع الكبير في مدينة الباب.
ــ 19/10/2022، العثور على جثة طفل حديث الولادة في الأراضي الزراعية على طريق زردنا ــ رام حمدان شرقي إدلب ونُقلت الجثة إلى الطبابة الشرعية في مدينة إدلب.
ــ 21/9/2022، عُثر على جثة طفل حديث الولادة، موضوعة أيضاً في كيس نايلون أسود اللون، وملقاة على الطريق الواصل بين قباسين والباب بريف حلب الشرقي.
ــ 21/8/2022، عُثر على طفل حديث الولادة في ناحية موباتا.
ــ 6/12/2021، عثر على طفل حديث الولادة، موضوع على الرصيف في مدينة أخترين.
ــ 12/4/2021، عثرت زوجة المواطن “حسن الجاسم” من المكون العربي على طفل حديث الولادة داخل حاوية القمامة في مدينة جنديرس، وتم إبلاغ ميليشيا الشرطة العسكرية وتسليم الطفل لعائلة حسن الجاسم.
ــ 24/1/2019، وثقت “عفرين بوست” 11 حالة لأطفال حديثي الولادة تخلى عنهم ذووهم في أحياء المدينة؛ جامع الشيخ شواخ: 3 حالات، مدرسة فيصل قدور: حالة واحدة، جامع شيخ بكر: 6 حالات، شارع الفيلات/ فيلا خليل قره تبه: حالة واحدة.
ــ 5/1/2019، نشر موقع “عين المدينة” الموالي للميليشيات الإسلامية، تقريراً عن انتشار ظاهرة رمي أطفال حديثي الولادة في الأماكن العامة، في المناطق التي تحتلها تركيا شمالي سوريا. وأشار التقرير إلى تكرار هذه الحوادث أواخر عام 2018، وقال إنّه قبل وبعد الطفل “عمر” الذي تبناه مسلح من ميليشيا الشرطة العسكرية في عفرين، عُثر على أكثر من طفل حديث الولادة، منهم في مدينة أعزاز بتاريخ 3/10/2018 تكفل به شخص من تل رفعت، وآخر بحالة صحيَّة سيئة نتيجة تعرضه للبرد الشديد، بعدما وُجد مرمياً على قارعة الطريق قرب مدينة سراقب شرقي إدلب بتاريخ 8/12/2018، وفي 16/12/2017 عثر على طفل حديث الولادة في شارع الثلاثين بمدينة إدلب وتم تسليمه لما يسمى “الأمنية”.
انتشار الدعارة
بات خبر افتتاح دور دعارة متداولاً على مختلف المواقع والمعرفات المحسوبة والمقربة من الميليشيات المسلحة في عفرين والباب وأعزاز وغيرها. ونظراً للانتشار المكثف للميليشيات العسكرية داخل المدن والبلدات والقرى وتمتعها بالصلاحية المطلقة في إدارة مناطق سيطرتها فإنّه لا يمكن أن تفتتح وتستمر في عملها إلا بإدارةٍ مباشرة من هذه الميليشيات وحماية منها.
وتنشر مواقع ومعرفات مقربة أوساط الميليشيات ما يُعرف باسم “الإصدارات” وهي مقاطع مصوّرة تظهر تورط متزعمين في الميليشيات وقادة مؤسسات أمنيّة في ممارسة “الجنس”، كما يتم تداول مقاطع مصورة لنساء ورجال يتهمون متزعمي الميليشيات بارتكاب جرائم الاغتصاب أو الجنس مثل المدعو هيثم العفيسي ومحمد حسين الجاسم أبو عمشة.
زادت وتيرة ممارسة الدعارة بعد توجه آلاف مسلحي الميليشيات للقتال مرتزقة في ليبيا وفق أجندة الاحتلال التركيّ. والسبب لا يتعلق بمجرد الحاجة إلى المال، بل جملة عوامل وإغراءات وبيئة الانفلات الأمنيّ.
تتركز دور الدعارة في حيي المحمودية والأشرفية في عفرين، ويتم فيها تشغيل نساء ينحدرن من ريف حلب ودير الزور وإدلب والغوطة أيضاً. وقد راجت هذه الظاهرة بالتوازي مع الارتزاق المسلح وإرسال مقاتلين إلى ليبيا وأذربيجان وإشغال المسلحين في مهمات طويلة.
في 22/8/2020 ذكرت “عفرين بوست” أنّ مستوطنة حلبّية مدعومة من زعامات كبيرة ضمن الميليشيات، افتتحت بيت دعارة في حي المحمودية من عفرين، وإن 200 مستوطنة ممن ذهب أزواجهن إلى ليبيا أو قتلوا هناك، يرتادون ذلك البيت، ولفت المراسل إن مسلحي الميليشيات أنفسهم يتوجهون إلى ذلك البيت بشكل يومي.
وانتشرت بيوت الدعارة بشكل كبير في إقليم عفرين الكردي عقب احتلاله عسكرياً من قبل تركيا وميليشياتها الإسلامية في 18/3/2018 وتدار جميعها من قبل متزعمين مدعومين من قبل الاحتلال التركي.
وفي 12/7/2020، ذكرت “عفرين بوست” أنّها وثقت وجود 37 بيتاً للدعارة موزعة على النحو التالي: 10 بيوت بحي المحمودية، و20 بحي الأشرفية، و7 دور بحي الزيدية، والعدد ليس نهائياً فالمهنة تُمارس بدرجة من السريّة. ولا تقتصر على دور الدعارة. والعبرة بالأشخاص الذين يزاولون المهنة وليس بمكانها ممارستها الذي يخضع للتغيير والانتقال.
أحد عرّابي نشر ممارسة الدعارة في عفرين المحتلة هو المدعو “نضال بيانوني”، وكان متزعماً في ميليشيا “الجبهة الشامية”، وقد عاد إلى عفرين بعد طرد “الشامية” منها، وهو أحد أفرد شبكة “أحمد كبصو” المافيوية، وتم تعيينه مسؤولاً عن سجن تابع للشرطة العسكرية الكائن في مقر الأسايش السابق، وكان “بيانوني” يسهّل افتتاح بيوت الدعارة ويُرغّب الجنود الأتراك بذلك أيضاً.
وتشير بعض وسائل الإعلامية الموالية للميليشيات الإسلامية مراراً وفي إطار “تصفية حسابات داخليّة” إلى تورط متزعمي الميليشيات الإسلاميّة في افتتاح دور للدعارة في مدينة عفرين كالتي كشفت في “المحمودية”، ويتهمونهم بالاتجار بالنساء المستوطنات، وبخاصة الأرامل منهم، زوجات قتلى الميليشيات اللواتي يعانين من الفقر والعوز، وكشفت تلك الوسائل الإعلاميّة النقاب عن دور أخرى في بلدات ميدانكي في ناحية شرّا/ شران وراجو وغيرهما. وحتى المخيم الذي أنشئ في حي المحمودية بزعم دعم المتضررين من الزلزال أضحى شبه ماخور، ويعرف المخيم باسم مخيم “المنتدى السوري”. وتُجلب إليه النساء من مدينتي إدلب والباب. ويحظى بحماية خاصة من ميليشيا “الشرطة العسكرية” ومتزعمها المدعو “أحمد كبصو”.
فخ الدعارة للابتزاز الماليّ
لا تقتصر مسألة الدعارة على ممارسة الجنس المأجور كغاية بحد ذاته، بل تتعداها إلى استثمار الجنس للابتزاز الماليّ عبر الإيقاع بقياديين ومتزعمي الميليشيات أو أصحاب الأموال الطائلة باستدراجهم إلى كمائن “جنسيّة”، والضحية هنا ليس بريئاً، بل متورطٌ ضُبط بطريقة غير قانونيّة متلبساً يرتكب فعلاً شائناً. ويُطالب بمبلغ كبيرة باسم “الشرفية” تحت طائلة الفضح والتشهير وحتى الاعتداء.
في ناحية جنديرس تعمل الميليشيات الإسلاميّة على استخدام النساء، ودفعهنّ لإقامة علاقات جنسية مع أبناء المواطنين الكرد، لابتزازهم مالياً. وسبق أن رصدت “عفرين بوست” أربع حالات (تتحفظ ذكر الأسماء) أُجبر فيها مواطنون على دفع مبالغ ماليّة طائلة 025 ــ 30 ألف دولار، فاضطر بعضهم للفرار خارج إقليم عفرين، بينما اُعتقل أحدهم بعد عجزه عن دفع المبلغ المفروض عليه. ولم تتوان الميليشيات الإسلامية عن انتهاز فرار الشباب الكرد – خشية الملاحقة والاعتقال – للاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم في الناحية.
العنف الجنسيّ
إذا كانت الدعارة ممارسة رضائيّة للجنس المأجور، وتؤمن له الميليشيات المسلحة الحماية والاستمرار، فإنّها بالوقت نفسه تمارس الاغتصاب والجنس بالعنف والإكراه على مستوى مسلحيها وضمن مرافق الاحتجاز، وقد ذُكر العنف الجنسيّ في كلّ التقارير التي صدرت عن المنظمات الدوليّة ولجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا والمنظمات الحقوقيّة والإعلاميّة.
قالت لجنة التحقيق الأممية حول سوريا، في تقريرها الذي صدر في 11/3/2024: إنّ سوريا تواجه موجة من العنف لم تشهدها منذ عام 2020، وفق تحذيرٍها. وأبلغ الجيش الوطني اللجنة بأنّه يحقق مع أفراد بشأن حوادث اغتصاب وعنف جنسي يُدعى ارتكابها. ومع ذلك، تتواصل حالات معزولة من العنف الجنسيّ والعنف الجنساني يرتكبها أفراد من “الجيش الوطني”، بما في ذلك التهديدات بالعنف الجنسي ضد المحتجزات.
وفي التقرير الخاص الذي نشرته منظمة هيومن رايتس واتش في 29/2/ 2024، بعنوان “كل شيء بقوة السلاح: الانتهاكات والإفلات من العقاب في شمال سوريا الذي تحتله تركيا”، تم توثيق جرائم الاختطاف والاعتقالات التعسفية والاحتجاز غير القانوني والعنف الجنسي والتعذيب.
وتقول هيومن رايتس ووتش إنّها وجدت أيضاً أن “الجيش التركي ووكالات المخابرات متورطة بتنفيذ الانتهاكات والإشراف عليها”. وأشار المنظمة إلى أنّ نساء كرديات محتجزات أبلغن عن تعرضهن للعنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب، واحتُجز أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم. وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 58 محتجزًا سابقًا وضحايا للعنف الجنسيّ وأقارب وشهود على الانتهاكات، وممثلين عن منظمات غير حكومية، وصحفيين، ونشطاء، وباحثين.
أصدرت “لجنة التحقيق الأمميّة” الخاصة بسوريا، تقريراً مطولاً في 14/9/2022، وأشارت إلى “انتهاكات” هيئة تحرير الشام وميليشيات “الجيش الوطنيّ” بحق المدنيين في مناطق سيطرتهما في شمالي وشمال غربي سوريا. وقال التقرير إنّ اللجنة جمعت روايات جديدة ذات مصداقيّة من كلّ من الناجين، ذكوراً وإناثاً، بمن فيهم القصّر، عن الضرب وغيره من ضروب التعذيب على أيدي مسلحي ميليشيات “الجيش الوطنيّ”، بما في ذلك الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسيّ التي حدثت في مرافقِ الاحتجاز المؤقتة فيما بين 2018-2021. ووصفت امرأة، كانت محتجزة سابقة، تعرضها للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسيّ في 2018 أثناء استجوابها.
وبحث مجلس الأمن في جلسة مفتوحة يوم 14/4/2021 العنف الجنسيّ في حالات النزاع، لاسيّما حين يُتخذ كأسلوب وحشي من أساليب الحرب، والثغرات والتحديات المستمرة أمام التصدي لهذه الجريمة، مع التركيز على تقديم المساعدة والدعم للناجين والضحايا. واستند التقرير إلى إفادة لجنة التحقيق الدوليّة المستقلة المعنية بسوريا ووقوع 30 حالة اغتصاب في فبراير 2020 في شمالي سوريا ارتكبت من قبل عناصر الميليشيات المسلحة.
نشر موقع المونيتور في 22/7/2021، تقريراً 2021، وذُكر فيه أشكالٌ من الانتهاكات في إقليم عفرين الكرديّ المحتل داخل السجون واغتصاب المعتقلات وأورد التقرير شهادة مواطنة كرديّة اُحتجزت بتهمةِ علاقتها بالإدارة الذاتيّة، وتقول إنّها شهدت 10 حالات انتحار لشابات بعد تعرضهن للاغتصابِ من قبل مسلحي ميليشيا “السلطان مراد”،
وفي شهادة لمختطفة كردية من عفرين أمضت أكثر من سنيتين رهن الاحتجاز في سجن لميليشيا “الحمزات”: قالت: “لقد حوّلنا المسلحون إلى مجرد سلعة بين أيديهم، وممثلات أفلام إباحيّة، بينما كانوا يتعاطون الحشيش المخدر”. وحول المعاملة السيئة والمشينة قالت: “كانوا يقولون لنا، أنتم سبايا عندنا، وبإمكاننا أن نفعل ما نشاء بكم، وكان الضباطِ الأتراك على علم بكلِّ ما يجري، بل كانوا السباقين في ذلك”.
في مايو 20211 أصدر برنامج تقييم القدرات ACAPS تقريراً بعنوان “الحاجات الإنسانيّة في عفرين”، رصد فيه مجمل الأوضاع العامة بالاستناد إلى معلومات مستقاة من مجموعة إعلاميّة توثيقيّة من جملتها شبكة عفرين بوست الإخباريّة. وذكر التقرير انتشار العنف الجنسي والتمييز الجنسي، وبخاصة التحرش الجنسيّ والاعتداء والتعذيب والزواج القسريّ، في عفرين، ووثق مشروع نساء عفرين المفقودات نحو 88 امرأة وفتاة اختفين خلال عام 2020. وحتى 1/1/2021، ما زالت 51 منهن في عداد المفقودين. وتم الإبلاغ عن عدة حالات من الاختطاف والزواج القسري والتخويف من قبل وسائل الإعلام. وتشمل المقيمين في المخيمات في عفرين.
ظواهر أخرى ذات صلة
لا يمكن البحث في قضية إلقاء الأطفال حديثي الولادة بشكل مستقل عن سياق العام للظروف والمتغيرات الطارئة بعد الاحتلال التركيّ، فالقضية ذات صلة وثيقة بقضايا أخرى يشكّل ارتكابها أنواعاً من الجرائم، مثل الاختطاف والاغتصاب والعنف الجنسيّ والإيقاع بالنساء وزواج القاصرات وصولاً إلى جرائم الشرف.
ففي ظل الظروف التي أوجدها الاحتلال التركيّ برزت ظاهرة اجتماعيّة بغاية السلبية كانت انعكاساً مباشراً للفوضى واستخدام السلاح وهي “الزواج القسري”، ويتم إكراه نساء كُرد وغيرهم على الزواج من المسلحين تحت التهديد والوعيد بالاختطاف وفبركة أيّة تهمة. ونظراً لكون المسألة على درجة كبيرة من الحساسيّة يتكتم المواطنون الكرد على هذه الحوادث، وفي بعض الحالات قد يُعلن عنها لاحقاً باسم الزواج العادي بعد مرحلة الخطف.
وإذا كان من المتعارف عليه أنّ الشاب طالب الزواج والنسب يصطحب والديّه أو المقربين في زيارة طلب الزواج فإنّ المسلح يصطحب معه عدداً من المسلحين مع أسلحتهم، وليكون التلويح باستخدام مقروناً بطلب الزواج، وأنّه أمرٌ واقع لا يمكن ردّه.
الطفل ثمرة علاقة شرعيّة وقانونيّة علنيّة بين الرجل والمرأة، وأحد أهم العوامل لاستمرار الزواج، وعندما يكون الوليد نتيجة علاقة سريّة يفتقر الزواج يفتقر لأدنى معايير الانسجام والتوافق، فإنّ ولادة أيّ طفل سيكون عبئاً كبيراً، يتم التخلص منه جنيناً بالإجهاض وبعد الولادة إما بالقتل أو تركه على الطرقات والأرصفة.