مايو 10. 2024

أخبار

الميليشيات المسلحة تستغل الجوع وتستخدم الأطفال للعمل والقتال بالمياومة وبأجور زهيدة

عفرين بوست ــ متابعة

نشر موقع درج السبت 30/3/2024، تقريراً عن استخدام الأطفال مقاتلين مياومين في صفوف الميليشيات المسلحة التابعة للاحتلال التركيّ، وقال إنَّ مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الميليشيات المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع متزعم المجموعة، ويبلغ “أجر” الطفل المقاتل/ المرابط باليوم 3 ــ 6 دولارات، فيما تدفع الفصائل المتشددة 100 دولار بالشهر.

في سبيل تأمين المعيشة سمح مروان قيقوني لطفليه، رباح وشحادة، بالعمل مع الميليشيات المسلحة، للحصول على ثمن الخبز وأساسيات المعيشة شمال غربي سوريا، بأجر يومي مقدراه 3ــ 4 دولارات، بحسب اختلاف مواقع حملهم السلاح وأهميتها، وكعمال بالمياومة، يزيد الأجر بزيادة عدد الأيام.

يشير التقرير إلى أنّ مئات الأطفال والبالغين في شمال غربي سوريا تشبه حالتهم حالة رباح وشحادة، ويعملون كمقاتلين لدى الميليشيات المسلحة ذاتها بأجور يوميّة يُتَّفق عليها بين متزعم المجموعة والأفراد. وتتنوع مهام العمال/ المقاتلين بين حراسة النقاط العسكريّة التركيّة، والتمركز على خطوط المواجهة الأولى والثانية، دون ضمانات أو تعويضات بحال الموت أو الإصابة.

الجوع حمّلهم السلاح

الحرب في سوريا التي بدأت منذ عام 2011 كارتفاع مستوى الفقر والبطالة أجبرت السكان، وبخاصةٍ في مخيمات النزوح، على عمل أبنائهم في صفوف الميليشيات المسلحة كمقاتلين للحصول على الغذاء اليوميّ للأسرة. وتستغل قيادات الميليشيات حاجة السكان وفقرهم، وارتفاع مستويات البطالة، لفرض “أجورٍ” زهيدة على الأطفالِ العاملين في صفوفها.

يمضي عبد العزيز التركي (17 عاماً) الذي يسكن مع أهله في مخيم في مدينة عفرين المحتلة 15 يوماً على خطوط التماس طمعاً بأجر يوميّ أعلى (4 دولارات) ميليشيا “فيلق الشام”.

وذكر تقرير للأمم المتحدة الذي نُشر في حزيران/ يونيو 2023، أنّ الميليشيات التي تدعمها تركيا، جنّدت العام الماضي 611 قاصراً، وتنظيم “هيئة تحرير الشام” المرتبط بالقاعدة 383 قاصراً.

يقول عبد العزيز: “كنت أتقاضى منذ نحو 5 أشهر مبلغ 3 دولارات باليوم مع الفصيل ذاته على خط الجبهة الخلفية مع وجبة طعام. أما أجر الخط الأول فهو أكثر بدولار واحد، وأهلي حقيقةً بحاجة لفرق الدولار، بسبب توقف المساعدات الغذائية عنا، كما أنّ والداي كبيران بالعمر، ويحتاجان دائماً للأدوية، ولا معيل للأسرة إلا أنا وشقيقاتي الثلاث اللاتي يعملن يومياً في الأراضي الزراعيّة.

ترك فيصل الكيويني المهجّر من محافظة حمص المدرسة بعمر 13 سنة، ويعمل في ورشة صيانة دراجات ناريّة في مدينة الدانا شمال إدلب. وببلوغه السادسة عشرة، بدأ العمل ضمن ميليشيات “الجبهة الوطنية للتحرير” بسبب أجر اليومية المرتفع مقارنة بعمله في صيانة الدراجات مقابل دولارين يومياً. ويتقاضى فيصل 3 دولارات باليوم أجراً مقابل حراسة نقطة مراقبة تركيّة جنوب محافظة إدلب، ولا فرق بين العمل في ورشة صيانة الدراجات النارية وحراسة النقطة التركية، فكلامهما بالمياومة، ويحصل يوميّاً على صندويش فلافل أو مرتديلا بأحسن الأحوال.

تجنيد وسمسرة

تعيّن الميليشيات المسلحة أشخاصاً في القرى والبلدات لاستقطاب الأطفال والبالغين، يحصلون على نسبة معينة عن العدد الذي يجمعونه، وتؤخذ النسبة المئويّة من أجر الأطفال والبالغين على الجبهات التي تعرف محليّاً باسم “الرباط”.

يقول الناشط الميداني سامر الإدلبي، يوجد وكلاء للميليشيات العسكريّة في كلّ تجمع للمخيمات يسمون أنفسهم قادة كتائب، يجمعون الأطفال والبالغين الراغبين في عمل المياومة ضمن الميليشيات المسلحة. وكل 15 يوماً، يذهب الوكيل بالأطفال والبالغين الى النقاط العسكريّة ويسلمهم أسلحة ويعود هو إلى منزله بعدما يتقاضى بدل إيجار سيارته ويستلم وجبات طعام لنفسه، ليعود بعد 15 يوماً ليستلم أجور الأطفال والبالغين المكلف بهم ويعود بهم إلى منازلهم، وله حرية التصرف بتوزيع الأجور واقتطاع نسبته المئويّة، وذلك بعلم قيادات الميليشيات.

لا تلتزم الميليشيات المسلحة بإخضاع المنتسبين إلى صفوفها بصفة عناصر على خطوط الجبهات والمواجهة لأيّ تدريبات قتاليّة أو تدريبات على استخدام الأسلحة، وكل ما يهمها هو إيصال هؤلاء المنتسبين إلى خطوط المواجهة الأولى والثانية وحماية النقاط العسكرية التركيّة.

أسفر هذا الاستغلال خلال السنوات الماضية، عن مقتل عشرات الأطفال والبالغين على خطوط المواجهة الأولى بسبب عدم خبرتهم بفنون القتال والاحتماء من النيران المعادية.

قتل دلال الجميل زوجها فاروق الجميل (أسماء مستعارة) على جبهات القتال بريف حلب الشماليّ وترك لها طفلاً عمره أقل من عام، وتقول دلال إنها تزوجت ابن عمها وعمره 18 عاماً، وولدت طفلها بعد عام واحد. وبسبب الفقر والعجز عن تأمين مستلزمات الطفل من حليب وحفاضات، عمل مع ميليشيا “السلطان مراد” عن طريق قريب له في مدينة الباب. وعلى مدار أربعة أشهر، كان زوجها في كل دورة حراسة لمدة 15 يوماً يحصل على 60 دولاراً أمريكياً فقط، يشترون به مستلزمات الطفل والخبز والغذاء البسيط لنا. وقتل زوجها في نيسان 2023، بإصابته بـ7 طلقات في صدره وبطنه على خطوط القتال، وأرسلت لها ميليشيا الحمزات مبلغ 800 دولار فقط كتعويض عن دم زوجها.

تنظيم الهيئة وعنصرية التركستان

لا يقتصر تجنيد الأطفال والبالغين على ميليشيات “الجيش الوطنيّ” و”الجبهة الوطنية” فالفصائل الراديكالية مثل “هيئة تحرير الشام” و”الحزب التركستاني” و”أنصار الإسلام”، تجنّد الأطفال في صفوفها.

يقول ياسر الخزاعي، (اسم مستعار) وهو منتسب إلى “هيئة تحرير الشام”: ما يميّز الفصائل الراديكاليّة هو أنّها تُخضع الأطفال لدورات إعداد بدنيّ وعسكريّ وتعليم على الأسلحة، وأجورها الشهرية ثابتة ولا تعتمد نظام عمل المياومة مثل ميليشيات “الجيش الوطني”، وتمنح منتسبيها شهرياً سلة غذائيّة مع أجر شهريّ يقدّر بنحو 100 دولار أمريكيّ.

يتبع الحزب التركستانيّ سياسة التمييز بالأجور بين عناصره الأجانب والسوريين، فالإيغوري المنحدر من تركستان الشرقيّة (مقاطعة شينغيانج بالصين)، يتقاضى 200 دولار شهرياً، أما السوريون، وبخاصة الأطفال، فيتقاضون 100 دولار.

تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنّ “هيئة تحرير الشام” أنشأ عشرات مراكز تدريب خاصة بالأطفال وألحقهم بدورات عسكريّة وشرعية متزامنة، للتأثير على معتقداتهم وقيمهم وحثّهم على حمل السلاح والقتال في صفوفها، وغالباً ما اتبع الكثير من أساليب تنظيم داعش بتجنيد الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم لضمان ولائهم وبقائهم مدة أطول.

وقال التقرير الصادر في 20/11/2023، إنّ ميليشيات “الجيش الوطني” جنّدت الأطفال ضمن صفوف قواتها مستغلةً الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الطفل. وبحسب التقرير، فإنَّ 12 طفلاً قتلوا خلال مشاركتهم في القتال إلى جانب الميليشيات خلال العام 2023.

بذخ أبناء متزعمي الميليشيات

تختلف حياة الأطفال العاملين كمقاتلين بالمياومة في صفوف الميليشيات عن حياة أبناء متزعمي الميليشيات وبحسب الناشط شهاب الحموي، ينشر أبناء متزعمي الميليشيات على مواقع “إنستغرام” و”فيسبوك” هواياتهم في ركوب الخيول الأصيلة واقتناء المسدسات الحديثة والسيارات الفارهة، وجولات سفرهم في بلدان العالم بعد حصولهم على الجنسية التركية.

يضيف الحموي: “على الطرف المقابل، يُقتل عشرات الأطفال سنويّاً في صفوف الميليشيات بسبب الفقر والحاجة مقابل فتات لا يكفي ثمن وجبة غداء لأبناء متزعمي الميليشيات في الفنادق الفارهة”. ويرى الحموي تشابه سلوك متزعمي الميليشيات مع المقربين من النظام السوري في استعراض ثرائهم وبذخهم، لم يعد هناك إيمان من المنتسبين الى ميليشيات المعارضة بالدفاع عن المنطقة وكل ما يهم العنصر الطفل أو البالغ هو الحصول على أجر يومي يشبه الى حد كبير العمل بالمياومة في أعمال الزراعة والصناعة.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons