عفرين بوست ــ خاص
لا يمكن توصيف المدعو أحمد جمال كبصو بأنّه أحد واجهات الفساد المستشري في المؤسسات الأمنيّة والعسكرية في إقليم الكرديّ المحتل، بل هو تجسيدٌ كاملٌ له، ويرتبط به عدد الأشخاص يشكّلون “شبكة مافيويّة” باسم مؤسسة أمنيّة، وتُعقد الصفقاتِ بعشرات آلاف الدولارات عبر عمليات الاعتقال التعسفيّ ثم الابتزاز والمساوم على أرواح المحتجزين، فيما يُفرجُ عن معتقلين مدانين بجرائم الإتجار بالمخدرات وإرهابيين أقروا بتنفيذ جرائم قتل وتفجيرات.
من هو أحمد كبصو؟
أحمد جمال كبصو “أبو جمال” والمعروف بلقب “الأتور”، ينحدر من بلدة تل رفعت، كان متزعمًا في ميليشيا “الجبهة الشاميّة” ولديه مقر في حي الأشرفية بمدينة عفرين، وكان يدير ما سُمي “أمنية دوار كاوا”، وأُدين “كبصو” مع عددٍ من متزعمي ميليشيا “الشامية” بينهم إبراهيم عبد الجواد عاجوقة (أبو وكيل الحمصي) وعناصر آخرين بالهجوم على مقر لميليشيا “جيش الإسلام” في 13/2/2021، في حي الأشرفية، ما أدى لمقتل مسلحين وإصابة ستة آخرين، وقررت لجنة التحقيق إدانة “كبصو” بالتسبب بالاقتتال، وسجنه لشهرين ونفيه خارج منطقة عفرين، وأًودع في السجن، وخلافاً لقرار اللجنة، أُفرج عنه في 22/2/2021. وفي أغسطس 2021، سلّمته ميليشيا “الجبهة الشامية” الملف الأمنيّ في مقرها العسكريّ بقرية كفرجنة – ناحية شران.
غادر “كبصو” عفرين في أكتوبر 2022، بعد الاشتباكات بين ميليشيا “الفيلق الثالث” ضد تحالف ميليشيات “الحمزات والعمشات” و”هيئة تحرير الشام” والتي انتهت بطرد مسلحي “الفيلق الثالث” من مدينة عفرين. ولدى اقتحام مقره بحي الأشرفية في 19/10/2022 ضبُطت كميات كبيرة من الخمور.
ما يجري في عفرين من انتهاكات يتجاوز السلوك الفرديّ، ليكون سياسة ممنهجة تتم بإدارة مسؤولي المؤسسات الأمنيّة، وعلم مباشر من سلطات الاحتلال التركيّ وبشراكة من ضباط وأشخاص أتراك، وكل عمليات الإفراج عن المعتقلين تعسفيًّا هي صفقة ومساومة على الفدية، ومن لا يدفع يبقى محتجزاً بذريعة أنّه قضيته في عهدة الاستخبارات التركيّة. وتُعرف ميليشيا الشرطة العسكريّة في أوساط المسلحين عامة باسم “الشركة العسكريّة القابضة” لصاحبها “أحمد جمال كبصو” ويقوم عناصرها بأعمال السلب و”التشليح” علناً والتضييق على أصحاب المحلات التجاريّة والمساومة والمقايضة على المعتقلين.
150 ألف دولار ثمن المنصب
عاد المدعو “كبصو” مع العديد من متزعمي ومسلحي الفيلق الثالث وأعلنوا البيعة لـ”هيئة تحرير الشام”، وفي 12/1/2023، تم تعيينه رئيسًا لفرع ميليشيا الشرطة العسكريّة في عفرين، رغم أنّه بالأصل مدنيّ لم يخضع لدورات عسكريّة، ويتبع له عدد من الضباط المنشقين. وتم تعيينه خلفًا للمدعو العقيد محمد حمادين “أبو رياض”، الذي عرف بفساده أيضًا.
في 22/1/2023 قالت “عفرين بوست” إنّها علمت من مصادرها أنّ المدعو أحمد كبصو أصبح مديرًا لميليشيا الشرطة العسكرية في عفرين بعد دفعه رشاوي بلغت 150 ألف دولار لضمان عدم اعتقاله من قبل تنظيم “هيئة تحرير الشام” المصنّف دوليًّا على لوائح الإرهاب. وبمباشرته مهام منصبه قام عناصره بمطالبة أصحاب المحال التجارية الواقعة تحت يد “كبصو” على طريق السرفيس وبمحيط المنطقة الصناعية وسوق الهال بدفع الإيجار تحت تهديد إخلاء المحل والسجن.
وكان المدعو “كبصو” مستوليًا على نحو 50 محلًا ومنزلًا من ممتلكات سكان عفرين الكرد الأصليين، ويقوم بتأجيرها لمصلحته الشخصية بفترة تبعيته لميليشيا “الجبهة الشامية”، وبعد عودته إلى عفرين أعلن مبايعة “هيئة تحرير الشام” ليعين رئيسًا لميليشيا الشرطة العسكريّة في مدينة عفرين المحتلة. وفي 18/1/2023 قام عناصره بجولة على المحال والمنازل الواقعة على طريق السرفيس وفي محيط المنطقة الصناعية وسوق الهال، والتي كان قد استولى عليها “كبصو” سابقًا، مهددين كل من يرفض بطرده من المحل أو المنزل وزجه في السجن.
وذكرت عفرين بوست في 31/1/2023 أنّ “كبصو” وضع يده على منزل مستولى عليه سابقًا وأخرج عائلة المدعو “أبو وكيل الحمصي” منه، ويقع المنزل عند دوار القبان بحي الأشرفية، وتعود ملكيته للمواطن “كمال محمد” من أهالي قرية كوركان – ناحية جنديرس، وقُتل “الحمصي” خلال الاشتباكات بين ميليشيا “الجبهة الشامية” و”هيئة تحرير الشام” على محور قرية خالتا بناحية شيراوا في 17/10/2022، وبقيت عائلته تقيم فيه إلى أن قام أمس المدعو “كبصو” بإخراجهم. وتوجّه عناصره إلى القطاع الذي كان يسيطر عليه المدعو “الحمصي”، وطالبوا أصحاب المحال التجاريّة بدفع الإيجار لهم. علمًا أنّ أصحاب هذه المحال والمنازل كانوا يدفعون الإيجار لميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” إثر طرد ميليشيا “الجبهة الشامية” من مدينة عفرين المحتلة.
شبكة كبصو وشركاءه
يعتمد المدعو “أبو جمال” على شبكة تضم أشخاصاً من داخل ميليشيا الشرطة العسكريّة تدير السجون وتقوم بالاعتقال وفرض الفديات، وأشخاص من خارج الفرع متعددو المهام يلعبون دور الوساطة والمساومة لإخلاء سبيل المعتقلين وترويج المخدرات وبيعها، والإيقاع بأشخاص بجرائم المخدرات بعد بيعهم عن طريق أذرعه، ويعتمد المدعو “كبصو” على عناصر ينحدرون من بلدات حريتان وعندان وتل رفعت بالدرجة الأولى، وكذلك على عناصر ينحدرون من ريف دمشق وكانوا مسلحين سابقين في ميليشيا “جيش الإسلام”، وبذلك تتألف الشبكة من دائرة قريبة ، وأذرع تنفذ المهمات.
المفارقة أنّ المدعو “أحمد كبصو” معروف بفساده وتعاطيه الرشوة للإفراج عن معتقلين من مهربين وتجار المخدرات، فيما يُعلّق على جدار في مبنى الفرع لوحة تدعو إلى الإبلاغ عن تعاطي الرشوة.
ويُعرف من شبكة المدعو كبصو:
ــ أحمد علولو أبو عبدو: وهو معاون المدعو كبصو، وشريكه في معظم الانتهاكات ومنها تهريب السجناء مقابل مبالغ مالية كبيرة. وهو المسؤول عن إدارة سجن معراته. ويمارس المدعو “علولو” كل أنواع الإهانة والإساءة بحق المعتقلين، ويقوم بابتزاز النساء المعتقلات ليسمح لعوائلهن بالزيارة مقابل مبالغ ماليّة وتعديل مضمون الضبوط المنظمة. ويستقوي المدعو “علولو” بشخصٍ يُعرف باسم “المعلم سليمان” يُرجحُ أنه من الاستخبارات التركيّة، وكذلك المترجم لدى الاستخبارات التركيّة المدعو “مصطفى”.
ــ عمار الأحمد: مدير رئيس سجن الشرطة العسكريّة، وهو مسؤول عن عمليات تعذيبِ السجناء.
ــ المساعد المدعو محمد الخضر (أبو وسيم): مسؤول النظارة في الفرع. وهو معروف بسوء أخلاقه وتعذيبه للمعتقلين وشتمهم وإهانتهم.
ــ محمد عبدو قره شيخو الملقب أبو علي الكُردي: ويُعرف باسم جلاد المعتقلين.
ــ أبو أنس حران: رئيس قسم التحقيق وكان مسؤولًا أمنيًا في ميليشيا “جيش الإسلام”، وهو متهم بعلاقة شائنة مع زوجة أحد عناصره.
ــ نضال بيانوني: مسؤول عن سجن خاص في مبنى الأسايش سابقًا.
ــ مسؤول الحواجز ويُعرف بلقب “أبو راس”، ويتبع مباشرة للمدعو “أحمد كبصو”، يقوم بالاعتقالات وتحويل المعتقلين إلى السجن ليصار إلى المساومة على الإفراج عليهم.
ــ أبو زيد شرقية: ويقوم بالتنسيق مع المدعو “نضال بيانوني” باختطاف الأشخاص بعد دراسة أوضاعهم الماديّة، ولدى اكتشاف الأمر يسلم المختطف إلى ميليشيا الشرطة العسكريّة بذريعة أنّه مطلوب بأية تهمة.
ــ مصطفى برو (أبو قتيبة): مسؤول مكتب التحقيق في مباحث الشرطة العسكريّة، وكان مسؤولًا أمنيًا في الفيلق الثالث، ويعمل في تجارة المخدرات. وتعمل بإمرته مجموعتان من عناصر أمنية سابقة في ميليشيا “الجبهة الشامية”، كانوا في معسكر كفرجنة سابقًا، يرتدون اللباس الخاص بميليشيا الشرطة العسكريّة، وهؤلاء موجودون في الطابق الثاني من مبنى الفرع، ولا توجد لهم سجلات ذاتيّة أو أسماء ضمن عناصر الفرع. ويقومون بأعمال التشبيح والخطف ومتهمون بتنفيذ اغتيالات وتفجيرات. وتفيد معلومات أنّ هؤلاء خلايا أمنيّة تابعة للفيلق الثالث الذي تم طرده من عفرين.
أبو وكيل الحمصي أبو علي الكردي
ــ علي حجازي “أبو عمر”، ابن خال المدعو “أحمد كبصو” كان سابقاً من عناصر أمنية ميليشيا “الشامية” في عفرين، واستغل وظيفته للقيام بأعمال النصب وسلب البيوت، وتأجيرها لتتحول إلى بيوت دعارة، وبعد طرد ميليشيا “الشامية” يواصل السلوك نفسه مستقوياً بابن عمته “كبصو” وكذلك بالمدعو “مهند حسين” المتزعم في ميليشيا الشرطة.
ــ أبو أنس حران: يعتبر أحد مفاتيح المدعو “أحمد كبصو”، ويعمل معه المدعو “طلال الحموري”، يعطيه كميات مخدرات لبيعها، وبعد إتمام عملية البيع تتم مداهمة مكان المشتري واتهامه بالإتجار بالمخدرات، والمساومة على دفع مبالغ ماليّة. ويعمل معهم أيضاً شخصُ ينحدر من بلدة عربين ــ غوطة دمشق الشرقية، يدعى “أبو خالد جمال” ويقوم بالدور نفسه.
لا ينفك المدعو “أبو أنس” يتجول بسيارته طيلة النهار، برفقة المدعو “أبو علي” الداعشي ويتحرشون بالنساء وطالبات المدارس، كما يقوم أبو أنس بالوشاية عبر تقارير كيدية يستهدف بها مستوطنين ينحدرون من الغوطة، سبق أن تمّ التغاضي عنه بعد إلقاء القبض عليه متلبساً بوضع غير أخلاقيّ بصبحة امرأة متزوجة في منزل بشارع السياسية.
ــ أبو العز بقعة: ينحدر من منطقة القلمون بريف دمشق، يعتبر نفسه مسؤولًا عن المستوطنين المنحدرين من دمشق، وهو من دائرة المدعو “كبصو” ويعمل مخبراً لديه، في أوساط المستوطنين من ريف دمشق، وتسبب باعتقال عدد كبير بغاية تصفية حسابات قديمة، ويفاوض المعتقل على المال، ويأخذ نسبة منه والباقي للمدعو “كبصو”.
ــ أبو حيدر الصياد: من قرية معارة الأرتيق بريف حلب، ويعمل سمسارًا لدى ميليشيا الشرطة العسكريّة، ويقوم بمفاوضة عوائل المعتقلين، ومماطلتهم ويتذرع بعلاقته الوطيدة مع المدعو “كبصو”. ويقود المدعو “أبو حيدر” سيارات متنوعة تأكيداً على تحسن وضعه الماديّ.
ــ ربيع الحمصي: يُعرف بعلاقة شراكة مع المدعو “كبصو” والمدعو “نضال بيانوني”، ويستولي على أربعة محلات تجارية تعود ملكيتها لمواطنين كرد مهجّرين في مدينة عفرين، ويعمل بتجارة المخدرات وترويج الدعارة. وكان شريكاً للمدعو القتيل “أبو وكيل الحمصي”.
ــ أبو وليد زملكا: أبرز متزعمي ميليشيا “جيش الإسلام” وينحدر من ريف دمشق ويتزعم ميليشيا باسم ” كتيبة سيف الإسلام” في عفرين، وله نشاطات خفية لصالح “كبصو”.
ــ المدعوة إيلاف: وتسكن منزلاً بشارع الفيلات مقابل الفرن ط2، وتعمل بشكلٍ مباشرٍ مع المدعو “كبصو” الذي زود المنزل بكاميرات مراقبة، وتتواصل “إيلاف” مع المهربين وتسلمهم له. ولها علاقة مع الاستخبارات التركيّة وتحضر الاجتماعات في مكتب “كبصو” ضمن الفرع بحضور مترجم يُدعى “مصطفى”، الذي ينقل مضمون الاجتماع مقابل مبالغ ماديّة كما يبلغه بأسماء الأشخاص المشتكين من “كبصو” ويتردد المدعو أبو عبدو علولو على المدعوة “إيلاف” أيضًا.
يُضاف إلى شبكة المدعو “أحمد كبصو” أشخاصٌ آخرون يشغلون مواقع في الجهاز القضائيّ من أمثال القاضي “عمار الأشقر”.
عاد المدعو “أحمد كبصو” إلى عفرين المحتلة بعد طرد ميليشيا “الجبهة الشامية” التي كان متزعماً فيها بعد فكّ الشيفرة بإعلان البيعة لتنظيم “هيئة تحرير الشام” المصنف على لوائح الإرهاب الدوليّة، ودفع مبلغًا كبيرًا للوصول إلى منصب إدارة ميليشيا الشرطة العسكريّة، وأنشأ كيانًا موازيًا يعملُ بالخفاء وسخر إمكانات ميليشيا الشرطة العسكريّة والحصانة التي تحظى بها، لإدارة تجارة الممنوعات والمخدرات وتهريب الأشخاص والاعتقال التعسفيّ، وإنشاء مرافق احتجاز سريّة، يُزجّ فيها الأشخاص دون تنظيم ضبوط ووثائق، فيما يماطل في عرض المحتجزين على القضاء بغاية الابتزاز الماليّ، وكلمة السر في كلّ نشاطاته هي المال عبر تلقي الرشاوي ودفعها.
يُتبع..