عفرين بوست ــ خاص
قرية شوربة Gundî Şorbe، يقال إنّ الاسم مأخوذ من طبخة الشوربة، ويحكى أنّ المنطقة تعرضت لمجاعة قبل نحو قرنين، فكان آغوات القرية يطبخون الشوربة ويوزعونها على أهل القرية وعابري السبيل، وسُميت القرية باسم شوربة، أما الاسم القديم لموقع القرية فهو “مريشا” ولا يُعرف له معنى محدد.
تتبع ناحية موباتا/معبطلي وتبعد عن مركزها مسافة 17 كم، وتقع على رأس هضبة، تنحدر من جهتها الشماليّة الغربيّة نحو وادي زراڤكه Ziravkê وسلسلة جبليّة عالية لجبل هاوار.
عدد بيوت القرية 66، ويتجاوز عدد سكانها 500 نسمة تعود أصولهم إلى عشيرة آمكا/ آمكان الكرديّة، أما عُمر القرية نحو 450 عاماً، يعمل الأهالي بالزراعة البعليّة مثل الحبوب، أشجار الزيتون والكرمة، إضافة لتربية الأغنام والماعز.
ويعرف من أهل القرية “أصلان آغا” أحد رموز مقاومة الاحتلال الفرنسي، قاتل حتى عام 1923م رافضاً إلقاء السلاح، فأعد الفرنسيون قوات كبيرة للقضاء عليه وعلى رفيقه الثائر أحمد روتو، وكان معقل أصلان آغا في جبل هاوار، وهو أول من مثّل عفرين في المجلس التأسيسيّ السوريّ لعام 1928.
العدوان والاحتلال
تعرضت القرية في فبراير 2018م للقذائف أثناء العدوان التركيّ على عفرين، وبسببه هُجر أهل القرية، ولعد الاحتلال عاد من عوائلها نحو 50 عائلة = 175 نسمة والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين نحو 16 عائلة = 100 نسمة من المستوطنين فيها.
تُسيطر على القرية ميليشيا “فرقة الحمزات/الحمزات” التي تتخذ من منزل المواطن عدنان عمر مقرًّا عسكريًا؛ بُعيد اجتياحها للقرية، سرقت من المنازل المؤن والأواني النحاسية وأسطوانات الغاز وشاشات التلفاز والأدوات والتجهيزات الكهربائية وتجهيزات الطاقة الشمسية وغيرها، وكامل محتويات 16 منزلاً مستولى عليها، ومحوّلة وكوابل شبكة الكهرباء العامة.
واستولت الميليشيا على أشجار الزيتون للمُهجَّرين قسراً (400- عدنان عمر، 500- خيرو أحمد آغا، 300- زهير مصطفى بيرم، 300- أولاد مصطفى عيسى، 500- زكي جانكين، 100- حميد عيسى، 200- محمد هورو، 100- مصطفى بيرم)، وفرضت إتاوة 50 % على إنتاج أملاكٍ للغائبين، وإتاوة 3-4 صفيحة زيت زيتون (16 كغ صافي) على كل عائلة متواجدة سنوياً، عدا السرقات التي تطال مختلف المواسم (الزيتون، السمّاق، التين…).
قطع مسلحو ميليشيا “الحمزات” مئات أشجار الزيتون بشكلٍ جائر ونسبة من الغابة الحراجية في وادي مرتيه- شمال غربي القرية، بغية التحطيب والتجارة. وفي 1/12/2019 قطع مسلحو “الحمزات” أشجار الزيتون بشكل جائر من كروم مهجري قرية شوربة، وتعود ملكيتها للمواطنين محمد عمر وحميد عيسى وحسن شيخو.
وقام المدعو طارق جورية الملقب أبو عمار من مستوطني محافظة حمص حي بابا عمرو، وهو مسؤول أمني في ميليشيا “الحمزات” بالتنسيق مع المدعو أبو حمزة، وهو أحد عناصره الأمنية ضمن القطاع الأمني لقرية شوربة، بالاستيلاء على أراضٍ زراعيّة وسط حقول الزيتون العائدة ملكيتها للسكان الأصليين الكُرد في بلدة ميدانكي، وزراعتها بمحاصيل شتوية (القمح، الشعير، الحمص) دون موافقة مالكيها، ولدى تقدم المواطنين بالشكوى أمام لجنة رد الحقوق والمظالم تم تهديدهم لسحب شكواهم أو اتهامهم بالتعامل مع الإدارة الذاتية سابقًا وخطفهم. وبعض أصحاب حقول الزيتون موجودون فعليًا في البلدة أو لديهم وكالات رسمية من أصحابها. وتتجاوز المساحة المستولى عشرة هكتارات من الأراضي الزراعية وسط الحقول، كما تم الاستيلاء على أكثر من 40 هكتارًا وسط حقول الأهالي المهجرين قسرًا من البلدة.
ـــ 4/9/2020 سرق المسلحون محولة الكهرباء المخصصة لبئر الماء والتي كانت تغذي خمس قرى محيطة بقرية شوربة، وسرقوا أيضًا مولدة كهرباء تغذي القرية بالكهرباء.
التتريك والتطرف
وفي إطار الحركة الدينية المتشددة النشطة في المنطقة تم بناء مسجد جديد في القرية. وفرض على الأهالي دفع أموال بحجة التبرع لبناء المسجد. وكان لافتاً وصول تمويلات مصرية لمشروع بناء مدرسة في القرية، بإشراف جمعية الأيادي البيضاء التركية، وبذلك تتكمل حلقتا التتريك عبر المناهج التركيّة ونشر التطرف في القرية.
وتعرّض المتبقون في القرية لمختلف أنواع الانتهاكات، من اختطاف واعتقال تعسفي وتعذيب وإهانات وابتزاز مادي وغيره، حيث اعتقل العشرات، بينهم نساء، وفُرضت عليهم أحكام بالسجن لمدد مختلفة – بعضها لأكثر من عام- مع غرامات مالية، بتُهم العلاقة مع الإدارة الذاتية سابقًا.
الاعتقالات والاختطاف
ــ 3/4/2018، اختطف المواطنان محمد زكريا تاتار من أهالي عرب أوشاغي وجنكيز زكريا عمر من أهالي قرية شوربة، وقد تعرضا لأبشع أنواع التعذيب في سجون الاحتلال التركي، وأفرج عنهما في 25/3/2021.
– وفي 22/9/2018، اختطف مسلحو “الجبهة الشامّية” مواطنين اثنين من أهالي قرية “شوربة”، أحدهما هو الحاج زكي عمر.
ــ 17/4/2020، اعتقلت المواطنة رشيدة (65 سنة) زوجة المواطن علي طاهر 65 عامًا، وذلك أثناء وجودها في حقل الزيتون واقتيدت إلى معسكر كفرجنة لدى الشرطة العسكرية.
ــ 5/5/2020، اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكرية المواطن إدريس سيدو جعفر (45 سنة) واقتيد إلى معسكر كفرجنة.
ــ 10/5/2020، اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكريّة بتعليمات استخبارات الاحتلال التركي مختار القرية المواطن رشيد مسلم عمر وحسن أحمد بيرم (68 سنة). فيما لاحقت الاستخبارات التركيّة مواطنين آخرين من القرية.
ـــ 24/10/2020، اعتقلت الشرطة العسكرية التابعة المواطن عدنان حمزة منصور من منزله في حارة البوبنه، في محيط جامع الشيخ شواخ بمدينة عفرين المحتلة، ويمتلك عدنان مصبنة صابون على طريق عفرين –كفرجنة، وقد يكون سبب اعتقاله العلاقة الشخصية الوطيدة التي تربطه مع عبد المطلب شيخ نعسان رئيس مجلس موباتا الذي اعتقلته الاستخبارات التركية في 14/10/2020.
ـــ 30/1/2021، اختطف مسلحون أربعة مواطنين، هم: حسين معمو بن مصطفى الملقب (حسو)، علي عمر، ريبر مصطفى جعفر، سيامند وحيد جعفر.
ــ 28/7/2021، اعتقلت الاستخبارات التركية رفقة الشرطة العسكرية مواطنين كرديين بعد مداهمة منزلهما في القرية بتهمة الخروج في نوبات الحراسة ابان الإدارة السابقة، وهما: نهاد بيرم (45 سنة) وعابدين عمر (55 سنة). وفي 3/8/2021، اُعتقل نجله الشاب كاوا عابدين عمر (21 سنة) رغم أنّه مصاب بالتوحد. واقتيد إلى المقر الكائن في ناحية موباتا.
ــ 12/12/2021، اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكرية التابعة للاحتلال التركي المواطنين: فريد أحمد مصطفى (48 عاما) من أهالي قرية عمارا، وجهاد محمد منصور (45 سنة) من اهالي قرية شوربة. وذلك من منزلهما في قريتهما، واقتيدا إلى مقر الشرطة العسكرية في مركز ناحية موباتا.
ــ في 27/2/2022، اعتقلت شرطة الاحتلال المواطن المسن نجدت خليل عمر (72 سنة)، واحتجزته لمدة أربعة أيام مع فرض غرامة مالية، بحجة خروجه في نوبة حراسة ليلية في فترة الإدارة الذاتيّة سابقًا.
ــ 20/3/2022، اعتقلت ميليشيا الأمن السياسي في مدينة عفرين المواطن عصام محمد ابن الممرض مصطفى أويشة، بتهمة أداء واجب “الدفاع الذاتيّ” لدى الإدارة الذاتيّة سابقًا، والمواطن “عصام” يسكن في حي الأشرفية، وسبق أن اعتقلته ميليشيا الأمن السياسيّ واحتجز في سجن الراعي نحو سنتين وتسعة شهور.
ــ 7/6/2022، اعتقلت الاستخبارات التركية برفقة ميليشيا الشرطة المدنية المواطنين: أمين ذكي منان (53 سنة)، من أهالي قرية كمروك، ومسعود سامي معمو (38 سنة) من أهالي قرية شوربة. بتهمة نقل الأهالي إلى حفلات عيد نوروز ومناسبات الإدارة الذاتية سابقًا، وأفرجت عنهما بعد دفع فدية ماليّة مقدارها ألف ليرة تركية.
سطو واعتداء
ـــ تعرض المواطن المسن حسني زعيم عمر (65 سنة) في 14/4/2020، للضرب وطعنات سكين على يد مسلحين، أثناء محاولته منعهم من سرقة مقتنيات منزله ليلاً، ولاذوا بالفرار بعدما صرخت زوجته تطلب النجدة، ونُقل الرجل المصاب إلى مشفى في عفرين.
تهمة أخلاقيّة ملفقة وفرض التهجير
في 19/8/2023 داهمت مجموعة من عناصر ميليشيا الشرطة العسكرية مخبر الأسنان العائد ملكيته للمواطن الكرديّ محمد فريد عكاش (58 سنة) في مدينة عفرين بتهمة ملفقة (التحرش الجنسيّ) بقاصر مستوطن، واعتدت عليه بالضرب.
وكان يعمل لدى المواطن فريد في مخبره فتى مستوطن قاصر يدعى يوسف عندان (14 سنة) من أهالي بلدة حريتان، وكان ضمن المجموعة المسلحة التي اعتدت عليه شقيق الطفل، واقتادوه إلى مقر الشرطة المدنيّة وضربوه بشكلٍ وحشيّ للمرة الثانية، ما أدى لإصابته بجروح متفاوتة وبخاصة في ظهره، وبعد عدة ساعات سلموه لميليشيا الشرطة المدنية ليتعرض للتعذيب مجدداً، بحجة استجوابه من قبل قاضي التحقيق المدني.
وطالبت ميليشيا الشرطة المدنية فدية مالية قدرها 7 آلاف دولار أمريكي للإفراج عنه بحجة (شرفية الشاب) مع مغادرة إقليم عفرين كليًّا.
ويُعرف المخبريّ محمد عكاش بأنّه يتمتع بسمعة طيبة وأخلاق حميدة بين أهالي عفرين، وقام بتشغيل القاصر يوسف بسبب سوء الحالة المادية لعائلته، وكان القاصر يوسف مشاكساً يعصي تعليماته وغير ملتزم أخلاقيًّا، وكان محل التوبيخ، ولفق مع شقيقه وعائلته التهمة بالمخبري طمعًا في ممتلكاته من المنزل والمخبر والحقول الزراعيّة.
ومع استمرار احتجاز المواطن عكاش اضطرت زوجته لعرض المخبر والمنزل للبيع لتأمين مبلغ الفدية، إلا أنّ الأثمان المعروضة زهيدة فيما تتم المطالبة ببيع كلّ أملاكه.
استشهاد قاصر
استشهد القاصر جوني عدنان منصور (17 سنة)، بتاريخ 20/1/2022م، نتيجة قصف مدينة عفرين بأربعة قذائف صاروخيّة من جهة مناطق سيطرة حكومة دمشق.
سرقة الآثار
قام مسلحو “الحمزات” في 9/7/2020 ولثلاثة أيام متواصلة بالحفر في منطقة أثرية واقعة في القرية بالآليات الثقيلة كالبلدوزرات. ويقع التل جنوب غربي القرية ويبعد عنها نحو 200 م، ضمن أرض الزيتون الذي يملكه الشقيقان أصلان عمر وأمين عمر. وتم حفر مساحات واسعة من الأرض ومُنع الأهالي الاقتراب من المنطقة.
وتظهر الصورة الفضائية التي تعود إلى تاريخ 28/9/2019 القيام بحفريات ضخمة على كامل مساحة التل المرتفع (الاكروبول)، وتدمير الطبقات واللقى الاثرية التي تحويها، واقتلاع العديد من أشجار الزيتون المعمرة على منحدر التل الشمالي والشمالي الغربي وامتداد الحفريات إلى المدينة المنخفضة بشكلٍ كبير وعلى مساحاتٍ واسعة تقدر بهكتارين (ألفي م2) وتقدر المساحة التي طالتها هذه الحفريات التخريبية على التل المرتفع بنحو (7 آلاف م2). وتل شوربة مسجل لدى وزارة الثقافة ومديرية الأثار السوريّة بالقرار 244 / أ لعام 1981.
أقدم المسلحون على حفر ونبش تل “كمروك” الواقع بين القرى الثلاث (شوربة، كمروك، سمالك) على مدار أشهر بالآليات الثقيلة، بحثاً عن الآثار والكنوز الدفينة وسرقتها؛ بالرجوع إلى صورتين التقطهما غوغل إيرث في (فبراير 2018م، سبتمبر 2019م) يتبين بوضوح مدى الحفر والتجريف الذي طال التل والأضرار التي لحقت بحقول الزيتون المجاورة.
بعض الصور من قرية شوربة وبيوتها القديمة
المصادر
ــ شبكة عفرين الإعلاميّة.
ــ موقع حزب الوحدة الديمقراطي الكرديّ (يكيتي).
ــ كتاب جبل الكرد (عفرين) دراسة جغرافيّة ــ محمد عبدو علي.
ــ مديرية آثار عفرين.
ــ موسوعة جياي كرمينج وموقع لقمان الإلكتروني.