نوفمبر 23. 2024

أخبار

الإيرادات الماليّة الضخمة… كلمة السر في الصراع المسلح حول المعابر في شمالي وشمال غربي سوريا

عفرين بوست ــ خاص

في خضم الأزمة السوريّة والصراع المسلح المستمر منذ أكثر من عقد، برز اقتصاد حربيّ خاص بالميليشيات المتقاتلة قوامه النهب ومصادرة المصانع والمخازن، واللجوء لأعمال التهريب كمصدر مهم للدخل سواء عبر الحدود التركيّة أو المناطق المختلفة، وبذلك كانت الحرب تموّل نفسها ذاتياً لدرجة كبيرة، فاحتدم التنافس بين الميليشيات ودخلت في دوامات الصراع المسلح.

كانت المعابر والحواجز المختلفة أحد مصادر اقتصاد الحرب فهي وسيلة جني المكاسب بفضل تحصيل الإتاوات وفرض الرسوم الجمركيّة، وشكلت مسألة السيطرة على المعابر أحد أهم عوامل الصراع المسلح بين الميليشيات المسلحة التابعة لأنقرة، واعتباراً من سبتمبر 2022 دخل تنظيم “هيئة تحرير الشام” بقوة على خط المواجهات سواء بشكل مباشر أو متحالف مع الميليشيات المنضوية في إطار “الجيش الوطنيّ”، وعدا كونه مصدراً مهماً للتمويل وتعزيز الاقتصاد فالمعابر وسيلة للتحكم بالوضع الميدانيّ والانتقال بين مختلف المناطق كما أنها تمثل ممرات انتقال بين المناطق المختلفة.

برزت أهمية المعابر بالتوازي مع تشكل مناطق تتمتع بشبه استقلاليّة بصرف النظر عن واقع الاستقرار فيها، وذلك اعتباراً من الاتفاق الروسيّ ــ التركيّ في أغسطس/آب 2016 واحتلال أنقرة لجرابلس وتأسيس ترويكا أستانه وعقد أولى اجتماعاتها في 23/1/2017، وإنشاء مناطق خفضِ التصعيد بالتزامن مع العمليات العسكريّة التركية في سوريا واحتلالها على التوالي مناطق الباب وعفرين وتل أبيض ورأس العين. فيما ضمنت لها أستانه نفوذاً كبيراً في إدلب.  

أنواع المعابر في سوريا

تنقسم المعابر وفقاً لمواقعها فمنها معابر حدوديّة مع تركيا وأخرى رئيسيّة رسميّة تفصل بين مناطق تختلف الجهة السيطرة على جانبيه ومعابر بين مناطق سيطرة حكومة دمشق والمناطق الخاضعة للنفوذ التركيّ والخارجة عن سيطرتها إضافة إلى معابر التهريب.

1 ــ المعابر الحدوديّة مع تركيا

هناك العديد من المعابر الحدوديّة على طول الشريط الفاصل، وتنقسم وفقاً للجغرافيا والنفوذ إلى منطقتين: إدلب والمناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ.

أ ــ معابر إدلب:

تقع إدلب تحت سيطرة تنظيم “هيئة تحرير الشام”، وفيها عدد من المعابر أهمها باب الهوى، إضافة لمعابر مغلقة هي أطمة وخربة الجوز وحارم ودركوش، ويخضع فتحها لشرط عمليات الإخلاء الإنسانيّ. فيما معبر كفرسولين خاص بنقل التعزيزات العسكريّة التركيّة.

ــ باب الهوى

يديره “تحرير الشام” وما تسمى “حكومة الإنقاذ” التابعة له، ويعدُّ باب الهوى المعبر التجاريّ الوحيد مع تركيا، وهو معتمَدٌ من قبل الأمم المتحدة لإدخال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر تركيا.

وفي تقرير لموقع المونيتور نُشر في مايو 2020 تحدث عن أهمية فتح معابر تجاريّة مع مناطق حكومة دمشق في محافظة إدلب بالنسبة لـ”هيئة تحرير الشام”، نظراً للدخل الماديّ، ذكر أنّ عوائد معبر باب الهوى تبلغ 4 ملايين دولار شهريّاً.

سيطر مسلحون من “الجيش الحر” على المعبر في 2012، ثم سيطر عليه تحالف الجبهة الإسلاميّة عام 2013، وتحول إلى سيطرة “أحرار الشام” بعد حل “الجبهة الإسلاميّة” عام 2015، حتى انتزعه منها “هيئة تحرير الشام” عام 2017.

ب ــ معابر ميليشيات الجيش الوطني:

تتحكم ميليشيات “الجيش الوطني” التابعة للاحتلال التركيّ بستة معابر حدوديّة مع تركيا، تقع في عفرين وريف حلب الشرقي ومنطقتي تل أبيض ورأس العين، وهي معابر: جرابلس، والراعي، وباب السلامة، والحمام، ورأس العين، وتل أبيض.

ورغم تبعية الميليشيات المسلحة لما يسمى “وزارة الدفاع” فإنّ الحكومة المؤقتة لا صلاحيات لها في إدارة المعابر، وحسب الحكومة المؤقتة، تخضع المعابر الحدوديّة الستة لإشراف مدير واحد، وتوضع الرسوم الجمركيّة المتحصلة منها في حساب الحكومة المؤقتة في مصرف تركيّ بعد خصم مصاريف تشغيل المعابر ورواتب الموظفين. ويذهب 50% من حصيلة الرسوم إلى “الجيش الوطنيّ”، و25% إلى المجالس المحليّة بريف حلب الشرقي وتل أبيض ورأس العين و15% للحكومة المؤقتة و10% لأهالي قتلى المعارك.

ــ معبر باب السلامة

يقع على الحدود التركية – السوريّة، ويبعد نحو 5 كم عن مدينة أعزاز شمالاً، وهو المعبر الثاني حالياً لإيصال المساعدات الإنسانية عبر تركيا بعد توقف نقلها عبر معبر باب الهوى، وتديره ميليشيا “الفيلق الثالث”.

ــ معبر الحمام

ترتبط مناطق ريف حلب الشمالي مع تركيا بمعبر آخر، مثل الحمام، الذي افتتحته تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بعد احتلال منطقة عفرين ليكون ممراً أساسيّاً لإخراج خيرات المنطقة وأهمها زيت الزيت والحطب الذي يتم الحصول عليه من عمليات قطع الأشجار. وتديره حركة “التحرير والبناء”، وقد سيطر عليه “هيئة تحرير الشام”.

ــ معبرا جرابلس والراعي

في ديسمبر/كانون الأول 2017، افتتحت ما تسمى الحكومة المؤقتة معبر الراعي أمام المدنيين وحركة التجارة، وذلك بعد أسابيع من تسلمها إدارة معبر باب السلامة من ميليشيات المعارضة. وتدير “هيئة ثائرون للتحرير” أيضاً معبر الراعي بريف حلب، ويقع المعبر على مسافة 3 كم من بلدة الراعي.

ووسعت سلطات الاحتلال التركي المعابر الحدودية الصغيرة وقامت بتوسيع معبَري جرابلس في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وتديره “هيئة ثائرون للتحرير” وفي 23/5/2017 رفعت تصنيف معبر الراعي إلى فئة “أ” ليكون معبراً مدنيّاً رئيسيّاً.

ــ معبرا رأس العين وتل أبيض

تدير ميليشيا “فرقة الحمزة” معبر رأس العين، أما معبر تل أبيض، فتديره ميليشيا الفيلق الثالث، وهو من الممرات التي تعتمدها السلطات التركيّة لترحيل اللاجئين السوريين قسراً تحت مسمى “العودة الطوعيّة”.

2ــ المعابر الرئيسيّة الداخليّة

يقصد بها المعابر التي تفصل بين مناطق مختلفة النفوذ والسيطرة وتقسم الجغرافيا إلى أربع مناطق نفوذ هي: مناطق سيطرة حكومة دمشق، ومحافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، والمناطق التي تحتلها تركيا وهي مناطق في ريف حلب الشمالي والشرقي وتل أبيض شمال الرقة ورأس العين في والحسكة.

ــ معبر غزاوية وإتاوات على الجانبين

يعتبر معبر غزاوية الفاصل بين ريف عفرين ومناطق ريف حلب الغربي ومحافظة إدلب ويقابل بلدة دارة عزة التي يسيطر عليها تنظيم “هيئة تحرير الشام”، وهو أحد أكثر المعابر فرضاً للإتاوات على حركة المرور ذهاباً وإياباً، وهو ممر تبادل تجاريّ نشط لمختلف البضائع القادمة من ريف حلب الشمالي وبالعكس مخرجاً للبضائع إلى مختلف المناطق حتى إلى خارج سوريا. ويشكّل مصدر دخلٍ كبير لخزينة “هيئة تحرير الشام”، وحوّلته إلى سلاحٍ لخنق إدلب والتسلط على التجار وعموم المدنيين.

توصف محافظة إدلب ومناطق ريف حلب الشماليّ بأنّها “محررة” ووفقاً لهذا التوصيف يفترض أن تكون حركة العبور بينهما سلسلة دون أدنى عوائق، إلا الهيئة بررت إنشاء معبر بدواعٍ أمنية خشية تسلل عناصر “داعش” ومنع التهريب وبخاصة المخدرات، إلا أنّ الإتاوات هي الغاية الأساسيّة لكونها أحد أهم مصادر التمويل.

وتشرف ما تسمى الإدارة العامة للمعابر على إدارة المعبر وهي وتتبع مباشرة لقيادة “الهيئة” ولديها كادر إداريّ وأمنيّ كبير مُنح صلاحيات مطلقة، يفرض الإتاوات على حركة المرور ذهاباً وإياباً، وفي سياق منع تهريب الوقود حددت حجماً محدداً بعشر لترات في خزانات السيارات القادمة من ريف حلب الشمالي. وبسبب إجراءات التفتيش تمتد طوابير السيارات لمسافة 2 كم وتقضي لساعات طويلة بانتظار دورها بالعبور، وتحدد نسبة الإتاوات على كل سيارة والبضائع التي تحملها.

وقد تُختلق الحجج لتعطيل عمل المنظمات الإنسانيّة وكوادرها، وتُفرض الإتاوات على السيارات التابعة لها، حتى لو كانت محملة بمساعدات إنسانيّة، وتخضع للتفتيش والتدقيق.

تأتي أهمية معبر غزاوية لكونها أيضاً معبراً مهماً للمواد الغذائية التي تنتجها محافظة إدلب مثل الفروج والبيض والمنتجات الزراعية مثل “زيت الزيتون والتين وبعض المواد الأخرى من ألبان وأجبان، ومناشر الحجر” والتي يتم تصديرها إلى خارج سوريا وكذلك السلع القادمة من تركيا، وقد تسبب إغلاق المعبر خلال الأشهر الماضية باختلاف واضح في الأسعار بين مناطق شمال حلب وإدلب. وتصل الإتاوات التي تفرضها هيئة تحرير الشام إلى مبالغ مالية تقدّر بآلاف الدولارات على التجار.

برزت خلال الشهر الماضي أزمة محروقات خانقة في إدلب، وارتفعت أسعارها بنسبة كبيرة وشهدت محطات الوقود حالات ازدحام شديد في ظل غلاء أسعار المحروقات وندرة وجودها لا سيّما مادتي البنزين والغاز المنزلي. وكشفت الأزمة عن حجم الإتاوات التي يفرضها التنظيم على المحروقات إذ يفرض مبلغ 30 دولار على كلّ برميل ثم يقوم ببيع المحروقات عن طريقِ احتكار إدخال المحروقات لمحافظة إدلب عبر شركة “وتد” الوحيدة التي تزعم الاستقلاليّة.

ولا تقتصر الإتاوات في معبر غزاوية على جانب واحد، إذ تفرض الإتاوات على الجانب الآخر من المعبر أيضاً، وذكرتشبكة عفرين بوست في 9/1/20224 أنّ عناصر ميليشيا “فيلق الشام” على معبر غزاوية بناحية شيراوا يفرضون إتاوات ماليّة على أصحاب الشاحنات الكبيرة والصغيرة القادمين من محافظة إدلب باتجاه مدينة عفرين المحتلة. وتبلغ قيمة الإتاوة المفروضة على الشاحنات الكبيرة 900 ــ 1300 ليرة تركية بحسب حمولة الشاحنة، والشاحنات الصغيرة 100ــ 300 ليرة تركية. وتحتجز ميليشيا “فيلق الشام” سيارات الشحن التي يمتنع أصحابها عن دفع الإتاوة.

ــ معبر دير بلوط

لا يختلف توصيف معبر دير بلوط عن معبر غزاوية، فهو ثاني معبر يربط عفرين المحتلة بمحافظة إدلب عبر بلدة أطمة، ويتخذ فيه “تحرير الشام” إجراءات التفتيش ذاتها، والتدقيق على كميات الوقود بعدم السماح بكميات قليلة للمغادرين وخزانات ممتلئة للقادمين، وشهد المعبر جولات من التوتر والاستنفار العسكريّ، آخرها ما حدث على خلفية رفض ميليشيات “القوات المشتركة” اعتقال القيادي في “هيئة تحرير الشام” المدعو “جهاد عيسى الشيخ/ أبو أحمد زكور”.  

وفي تأكيدٍ لسطوته داهم “تحرير الشام” مساء 3/1/2024، واعتقل المسؤولين عن التفتيش والتدقيق الأمنيّ فيه وعدد من عناصر الحرس بتهمة التورط في عملية “تهريب مطلوبين بقضايا أمنية لصالحها”.

ــ معبر الحمران

يعدُّ معبر الحمران شرياناً رئيسياً للتجارة بين مناطق شمالي سوريا ويربط مناطق “مجلس منبج العسكري” المنضوي في إطار “قسد” ومناطق سيطرة ميليشيات “الجيش الوطني السوري” التابع لتركيا في منطقة جرابلس بريف حلب الشرقي. وتدخل عبره أيضاً مواد غذائية وكهربائيات وآليات وغيرها، عدا كونه ممراً لقوافل النفط إلى شمال غربي سوريا. وقد شهد المعبر حالات قصف واندلاع حرائق بعضها بسبب قصف طيران مسير وآخر غير معروف السبب.

حاول “تحرير الشام” السيطرة على معبر الحمران الاستراتيجيّ تحت غطاء فزعة العشائر. واندلعت اشتباكات بين ميليشيا “السلطان مراد” التابعة لتركيا، وميليشيا “أحرار عولان” المتحالفة مع “تحرير الشام”، على محاور عدة في شمالي وشرقي حلب، بعد اشتباكات مماثلة بين “أحرار عولان” وجماعة المدعو “محمد رمي/ أبو حيدر مسكنة” المتزعم في “الفيلق الثاني” الذي يسيطر على معبر الحمران.

وتقدر واردات المعبر الماليّة من مرور قوافل النفط، بحو مائة ألف دولار يومياً. وأعلنت وزارة الدفاع فيما يسمى “الحكومة السوريّة المؤقتة”، في 7/3/2023 استلام إدارة معبر الحمران بعد 5 أشهر من المواجهات المسلحة، ولم يمنع ذلك حصولَ “تحرير الشام” على إيرادات، مع وجود ذراع لها في المعبر.

وكانت ميليشيا “أحرار الشام – القطاع الشرقي” وتعرف بـ(أحرار عولان) تسيطر على المعبر لكنه انقسم، وبات قسمٌ منه تابعاً لـ”تحرير الشام” والآخر تابعاً لـ”الجيش الوطني”. وحاول “تحرير الشام” السيطرة على المعبر بهجوم شنه في 14/9/2023، وقطعت القوات التركيّة الطرق المؤدية لمناطق الاشتباكات ورُفعت سواتر ترابيّة وأُغلقت الطرق الفرعيّة الواصلة بين بعض المدن والبلدات الخاضعة للاحتلال التركيّ في الجهة الغربية. وقُتل خلال الاشتباكات 3 مسلحين.

يسعى “تحرير الشام” إلى إيجاد جغرافيا بديلة عن إدلب، إذ يدرك أنّ إدلب هي محل المساومة الروسيّة ــ التركيّة، وقد تخضع لصفقة مبادلة بين الطرفين وبذلك فهي أرضٌ غير مستقرة، وهو يتبع تكتيكات عسكريّة ويعمل على اختراق مناطق ريف حلب كلما سنح له الفرصة سواءٌ مباشرة أو عبر حلفائه، ويحرص في تحركه على ألا يفقد الغطاء التركيّ.

ــ معبر عون الدادات

يقع قرب جرابلس ويفصل بين مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية وميليشيا الجيش الوطني، ومدينة منبج الواقعة تحت مجلس منبج العسكريّ المنضوي في إطار قسد. ويعدّ المعبر الرسميّ لمرور الأفراد والسلع وتدخل من خلاله المحروقات والمواد الغذائية والإلكترونيات وغيرها من السلع.

وغالباً ما تستخدم المعابر بين مناطق “قسد” ميليشيات أنقرة كممراتٍ وسيطة لحركة والسلع وتنقل الأفراد من مناطق سيطرة النظام السوري إلى مناطق التي تحتلها تركيا. كما أنها مهمة بالنسبة لحركة التجارة مع العراق. وهناك معابر تهريب أقل أهمية، مثل معبر أم جلود.

3ــ معابر بين المعارضة والنظام

ترتبط مناطق سيطرة تنظيم “هيئة تحرير الشام” في إدلب والميليشيات المسلحة في ريف حلب الشمالي والشرقيّ مع مناطق سيطرة النظام السوري بثلاثة معابر هي:

ــ معبر ميزناز – معارة النعسان في إدلب، وهو مغلق، ويُسمح من خلاله بإدخالِ المساعدات التي ترسلها الأمم المتحدة من مستودعاتها في مناطق سيطرة النظام السوري.

ــ معبر ترنبة – سراقب: في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ويسيطر عليه تنظيم “هيئة تحرير الشام”.

ــ معبر أبو الزندين: في ريف حلب الشرقي، شرق مدينة الباب، وهو معبر تجاريّ وإنسانيّ يَفصل مناطق سيطرة ميليشيات “الجيش الوطنيّ” عن مناطق سيطرة النظام السوري.

4ــ معابر التهريب

تتوزع معابر التهريب على مختلف خطوط التماس، وتنشط عبرها عمليات التهريب المتنوعة، وإذ يؤكد متزعمو الميليشيات الموالية لتركيا والحكومة المؤقتة والتي يصل عددها إلى 40 ميليشيا، عدم السماح بوجود معابر للتهريب، فإنهم أنفسهم يجنون عوائد عمليات تهريب الأفراد والسلع وحتى المخدرات.

كما توجد معابر من هذا النوع على خطوط التماس بين قوات الحكومة السوريّة و«قسد»، ويتنوع ما يمر خلالها، ويمر عبرها الأشخاص في رحلات الهجرة إلى أوروبا عبر الأراضي التركيّة، كما تُنقل عبرها السلع المختلفة والمحروقات.

دخول المساعدات الأمميّة

فشل مجلس الأمن الدولي في 9/7/2023 في تجديد التفويض الدوليّ للأمم المتحدة بإدخال المساعدات الأمميّة إلى سوريا دون إذن النظام السوري بسبب استخدام روسيا حق الفيتو، ليتوقف دخول المساعدات من معبر باب الهوى الحدوديّ مع تركيا، ووصفت القرار الأمميّ 2672 بتمديد آلية تقديم المساعدات بالآلية “التعسفيّة” وأنها إجراء طارئ ومؤقت.

وبذلك استمر الاستثناء الخاص بدخول المساعدات عبر معبري باب السلامة والراعي مع تركيا حتى 13/8/2023. وكان النظام السوري قد وافق على دخول مساعدات أمميّة عبر هذين المعبرين بعد 10 أيام من الزلزال المدمِّر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غربي سوريا في 6/2/2023، وفي 8/8/2023، أعلنت الأمم المتحدة موافقة دمشق على تمديد دخول المساعدات عبر معبرَي باب السلامة والراعي لمدة 3 أشهر حتى 13/11/2023. وبذلك أصبح دخول المساعدات عبر جميع المعابر مرهوناً بموافقة النظام السوري.

واشترطت دمشق موافقتها على استخدام معبر باب الهوى بوجود إشرافٍ من اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوريّ على توزيع المساعدات. فيما شدّد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على أنّ هذا الطلب “لا يتوافق مع استقلاليّة الأمم المتحدة، كما أنّه ليس عمليّاً، لأنّ اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوريّ ليسا موجودَين في شمال غربي سوريا”.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير سابق، إنّ الحكومة السوريّة وضعت إطاراً سياسيّاً وقانونياً يسمح لها باستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار لخدمة مصالحها، ومعاقبة من تنظر إليهم على أنهم معارضون، وإفادة الموالين. وأكدت التلاعب بتوزيع المساعدات الإنسانية بطريقة تصبّ في مصلحة حكومة دمشق مباشرةً، وليس إيصالها إلى السوريين المحتاجين.

كانت الأمم المتحدة قد اعتمدت في 14/7/2014 القرار 2165 المتضمن آليّة إيصال المساعدات التي تقدّمها جهات ومنظمات دولية للسوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق دون موافقتها عبر 4 معابر، بإشراف المنظمة الدوليّة على عملية توزيع المساعدات عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانيّة (أوتشا). وهذه المعابر هي: باب الهوى، وباب السلامة عبر تركيا، ونقطة الرمثا عبر الأردن، ونقطة اليعربيّة عبر العراق. وكان موقف دمشق الدائم هو رفض الآليّة ووصفها بأنّها “مسيّسة” وأنّها تمثل “انتهاكاً لسيادة واستقلال ووحدة وسلامة الأراضي السوريّة”.

وتدفع موسكو ودمشق باتجاه دخول المساعدات “عبر الخطوط”، من مناطق سيطرة النظام السوري إلى المناطق الخارجة سيطرته شمال غربي سوريا، بالسعي لافتتاح المعابر الإنسانيّة بين المنطقتين وفق المقترح الذي تقدمت به روسيا بفتح معابر في مناطق سراقب وميزناز شرق إدلب، ومعبر أبو الزندين شمال حلب.

يمكن القول إنّ سلوك الميليشيات المسلحة التابعة لأنقرة و”هيئة تحرير الشام”، يخالف كليّاً الشعارات التي ترددها، في مواجهة النظام بل إنّها غير مهتمة بالشأن السياسيّ، ليكون الاقتصاد محل كلّ الاهتمام. لدرجة أنّ مختلف الكيانات والتشكيلات باتت توصف بـ “الشركات الربحية”، ورهنت كل المقدرات العسكريّة لصالح معارك مد النفوذ والسيطرة على المعابر. 

يأتي ذلك في ظل انسداد المسار السياسيّ لحلّ الأزمة والتوافق الروسيّ ــ التركيّ، وصعوبات تغيير الوضع الميدانيّ وخرائط السيطرة العسكريّة بسبب تعقد التدخل الخارجيّ، وأقصى ما يحدث ميدانياً هو اشتباكات محدودة والتمدد وفق آليات القضم التدريجيّ.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons