سبتمبر 20. 2024

أخبار

ما وراء التمويل الإخوانيّ لأجندة أنقرة الاحتلاليّة والاستيطانيّة.. الجمعيات الباكستانيّة الإسلاميّة نموذجاً

عفرين بوست ــ خاص

ما الذي استدرج منظمات إسلاميّة باكستانية لتقوم بتمويل مدرسة شرعيّة في ناحية راجو وتنخرط في خطة التغيير الديمغرافيّ والثقافيّ في إقليم عفرين الكرديّ المحتل، لتسير على خطا المنظمات الإخوانيّة السورية والعربيّة، وما سر التنسيق مع سلطات الاحتلال التركيّ ومؤسساته؟.

إمعاناً في سياسة التغيير الديمغرافيّ والثقافيّ التي تنتهجها سلطات الاحتلال التركيّ في إقليم عفرين الكرديّ المحتل، تم قبل ثلاثة أيام افتتاح مدرسة شرعيّة دينيّة بإيديولوجيا تنظيم الإخوان المسلمين في ناحية راجو بتمويل من منظمة “سيلاني” الباكستانية.

وأفاد مراسل “عفرين بوست” أنّه في سياق الدعاية واستقطاب الطلاب وتشجيعهم للالتحاق بالمدرسة سيمنح كل طالب يسجل بالمدرسة مبلغ 150 دولار أمريكيّ. مستغلين الظروف الاقتصادية العامة المتردية.

افتتاح مدرسة شرعية ليس ظاهرة جديدة في عفرين المحتلة، بل سبق أن تمّ افتتاح مدرسة إمام وخطيب بالمنطقة. وبالإجمال فإنّ افتتاح المدارس الدينيّة والشرعيّة خطوة استكماليّة في إطار لخطة أوسع، فقد طرأ تغيير عام على المناهج الدراسية في المدارس وتمت زيادة حصص الدراسة الدينيّة وكذلك بالنسبة للغة التركيّة، ويتم التركيز في مجمل المناهج على تمجيد الدولة التركيّة ورموزها وتاريخها العثمانيّ والتعليم الديني المتشدد وفق منهج الإخوان المسلمين. يضاف إلى ذلك الحلقات والدورات والدروس الدينيّة في المساجد.

تنفذ أنقرة خطة التغيير الثقافيّ والديمغرافي في عفرين وسائر المناطق المحتلة في شمالي سوريا بكلفة شبه مجانية فقد استنفرت كلّ المنظمات والجمعيات الإخوانيّة وبخاصة الخليجية واستدرجت التمويلات لتنفيذ مشاريع بناء المدارس والبؤر الاستيطانيّة. 

سر التمويل الإخوانيّ لصالح أنقرة

أوجدت أنقرة تنظيماً إسلاميّاً يضم الجمعيات ذات الخلفية الإخوانيّة باسم “اتحاد المنظمات الأهليّة في العالم الإسلاميّ IDSB”، ليكون ذراعها في التدخل شؤون الدول المجاورة واستدراج التمويلات لصالح أجندتها. تحت شعار نصرة المسلمين والمساعدات الإغاثية والإنسانيّة.

عُقد المؤتمر التأسيسيّ في إسطنبول في 1/5/2005، وكان موضوعه: “المؤتمر الدوليّ للمنظمات غير الحكومية في العالم الإسلاميّ: البحث عن رؤية جديدة في عالم متغير”. وشارك في المؤتمر أكثر من 300 منظمة غير حكوميّة من أكثر من 40 دولة. وتم تأسيس الاتحاد رسميّاً بتاريخ 30/12/2005، ونال الرسميّة بصفة “منظمة عالمية” بقرار من مجلس الوزراء وموافقة رئاسة الجمهورية التركيّة، بعد إنهاء إجراءات التأسيس وفق القانون رقم 3335 الخاص بتأسيس المنظمات المتسمة بالعالميّة. ورغم أنّ الاتحاد إسلاميّ عام إلا أنّه عقد كل اجتماعاته السنوية في تركيا، وهي مركز نشاطاته الأساسيّة، ولتكون أنقرة الموجه الأساسيّ لنشاطاته. 

الواقع أنّ “اتحاد المنظمات الأهليّة في العالم الإسلاميّ، هو كيانٌ موازٍ في مهمته واتجاهاته وولائه لاتحادِ علماء المسلمين، وهو متعدد الأهداف، فإلى جانب الترويج وتنفيذ أجندة أنقرة السياسيّة وتقديم صورتها على أنها زعيمة العالم الإسلاميّ السنيّ، فإنّه يجمع التمويلاتِ بزعمِ نصرة المسلمين والمساعدات في سوريا عن طريق المنظمات المنضوية تحت لوائه حول العالم العربيّ، وتذهب الأموال عمليّاً إلى حزب “العدالة والتنمية”، من خلال هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، وقد كشف تقرير لصحيفة “ينى شاغ” التركية في 11 مارس 2011، أنّ الحزبَ جمع تبرعات من 52 دولة حول العالم العربيّ والإسلاميّ، ووُضعت الأموال تحت إمرة أردوغان، ووظفت التمويلات في إنشاء ودعم الميليشيات السوريّة لتكون جيشاً تركيّاً رديفاً لم يقتصر دوره على الحرب في سوريا، بل حتى القتال في ليبيا وأذربيجان. وبذلك كانت كلفة السياسة والتدخل الخارجيّ التركيّ في الحد الأدنى مالياً وبشرياً.

يستغل الرئيس التركيّ حالة الاحتقان التاريخيّ التي تأسس عليها تنظيم الإخوان المسلمين وولاءهم للدولة العثمانيّة، وتاريخياً تأسس تنظيم الإخوان المسلمين عام 1928، بعد مخاض لأربع سنوات بعدما أنهى مصطفى كمال أتاتورك ما سُمي الخلافة العثمانيّة”، وتبنى البعض فكرة أنّ الدولة العثمانية جسدت الوحدة الإسلاميّة. واستمد التنظيم أفكار من مؤسسه الأول حسن البنا، ومن بعد تنظيرات سيد قطب، والذي كان متأثراً لدرجة كبيرة بفكرة الداعية الباكستانيّ أبو الأعلى المودودي، والذي يُعرف بانه أبو التكفيريين”، فهو أحد أهم منظري العنف، وقد انضم في شبابه إلى حركة الدفاع عن الخلافة العثمانية والتي وصلت إلى نهايتها 1924. وبذلك يمكن فهم الخلفية التاريخيّة.

بالمجمل يشكّل الاقتصاد أهميّة استثنائية لدى تنظيم الإخوان المسلمين، ويتجاوز كونه أحد مرتكزات قوته الجماعة وأداةً هامة في تنفيذ مشروعه الفكري والسياسي، بل يتم توظيفه في اختراق المجتمعات واستقطاب المؤيدين عبر المشاريع تنفذ بعنوان إنسانيّة وخدميّة واستغلال تلك الفئات في تحقيق المشروع السياسيّ، وغني عن القول عن التنظيم لديه إمبراطوريّة اقتصادية تضم العديد من المؤسسات الاقتصادية والجمعيات الخيرية حول العالم، وهذه المسالة التي أدركها أردوغان بشكل جيد لتنفيذ مشروعه السياسي مجاناً على حساب تمويلات التنظيم وبخاصة احتلال مناطق من سوريا.

مع احتلال القوات التركيّة مناطق في شمالي سوريا، استنفرت أنقرة الجمعيات ذات الخلفية الإخوانية في مختلف البلاد العربيّة والإسلاميّة في العالم، بشعارات دينيّة وإنسانيّة. فتدفقت التمويلات الطائلة وكان بناء المساجد أحد مظاهر هذا التمويل لتحقيق عدة أهداف. وتدرك كلّ المؤسسات والجمعيات الإخوانيّة إنَّ المشروع التركيّ الاحتلاليّ ينطوي على إنشاء جيب إخواني على الحدود وبذلك فإنّ سبب تدفق التمويلات مذهبيّ دينيّ.    

أولت سلطات الاحتلال التركي اهتماماً خاصاً بالتعليم، نظراً لأنّ نتائجها مديدة، تولت مؤسسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) إدارة الواقع التربويّ والتعليميّ في المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ بإشراف هيئة الشؤون الدينية “ديانت”، وتم بناء وافتتاح عشرات المدارس الدينيّة في المنطقة عبر تمويلات خارجيّة قطريّة، وجمعيات ومنظمات إخوانيّة كويتيّة ومن الأراضي الفلسطينية (عرب ــ 48)، ومن باكستان.

حضور وتمويل باكستاني سابق في شمالي سوريا

لم يكن افتتاح مدرسة بتمويل إخوانيّ باكستانيّ في ناحية راجو حدثاً مستجداً، ففي مدينة رأس العين/سري كانيه المحتلة افتتحت منظمة “بيت السلام” الباكستانيّة في 23/3/2021 مخبزاً ومدرسة باسم سالم المرعي بحضور والي أورفا التركية عبدالله آرين وأعضاء المجلس المحلي لمدينة رأس العين، وممثلي إدارة الكوارث والطوارئ وممثلين عن مديرية التربية التركية في ولاية أورفا وعن هيئة الإغاثة الإنسانيّة İHH.

وافتتحت منظمة بيت السلام الباكستانيّة أيضاً، 9 مدارس في مخيم “الإيمان” بمدينة أعزاز تضم 130 فصلاً دراسياً بإشراف والي كلّس خاقان ياووز أردوغان وحضور نائب رئيس “آفاد” إسماعيل بالاق أغلو.

ــ بيت السلام الخيريّة للرعاية Baitussalam Hayır Vakfı، تأسست في كراتشى، باكستان 2010، وتقول إنّها تعمل في المجال الدَّعويّ (منهج الإخوان المسلمين) وفي مجالات مثل: التعليم، الثقافة، الشباب، الصحة وإغاثة الإنسانية، وتنسق نشاطها في سوريا حصرياً مع إدارة الكوارث والطوارئ ووقف الديانة التركي. وكانت منظمة بيت السلام قد انضمت إلى اتحاد المنظمات الأهليّة في العالم الإسلاميّ في 30/7/2019.

وافتتحت في 12/1/2020 بالتعاون مع جمعية “مسلم هاندز” الخيرية الباكستانيّة، في مدينة جرابلس مدرسة ثانوية باسم نائب والي مدينة غازي عينتاب أحمد تورغاي إمام غيلار. وحضر الافتتاح عدد من المسؤولين الأتراك، بينهم والي غازي عينتاب، وعضو مجلس البرلمان التركي نجاة كوجر عن حزب “العدالة والتنمية”.

منظمة مسلم هاندز هي جمعية الأيدي الإسلامية تأسست عام 1993 في نوتنغهام منظمة غير حكومية في أكثر من خمسين دولة حول العالم تقوم بمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية والنزاعات.

وبالتعاون مع منظمات الإغاثة الإنسانيّة والباكستانيّة، افتتحت في 23/7/2022، مدرسة في مدينة تل أبيض، بحضور نائب والي أورفا، أوغوزهان إردي أتاك.

وفي 13/12/2021 افتتحت مدرسة حمام التركمان الابتدائيّة في تل أبيض بمساهمة من جمعية الأطفال الخيريّة الباكستانيّة UC3  وجمعية الأنصار الخيريّة EIYD ومقرها غازي عينتاب التركيّة، وذلك بتنسيق مع مديرية التعليم في أورفا. وكُتبت على يافطة المدرسة عبارة “بلدية أرض روم الكبرى”.

وقامت جمعية “أنصار الخيرية” و“بيت المال” (مؤسسة الإغاثة الوطنية الباكستانية) بتأهيل مدرسة في قرية خربة الرز في ريف تل أبيض ، خلال عام 2022 لنشر الفكر المتطرف.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons