عفرين بوست ــ خاص
كان تعدد المزارات الدينية في عفرين دليلاً أكيداً على ثقافة التعدد والتسامح الديني في إقليم عفرين الكرديّ، وكانت هذه الثقافة في مرمى الاستهداف بعد الاحتلال التركيّ، مقابل نشر ثقافة التطرف والتضييق على الأهالي وبخاصة أتباع الديانة الإيزيدية.
ذكر مراسل عفرين بوست أنَّ مسلحين تابعين لهيئة تحرير الشام قاموا بتفجير مزار شيخموس (سلطان إبراهيم شيخموس العنزلي – أحد مشايخ الإيزيديين) في قرية كاوندا (الميدانيات) بناحية راجو للتدمير. ليكون ذلك حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات والتعرض للمزار. وأظهرت مقطع مصور للمزار حجم التدمير البالغ الذي تم إلحاقه بالمزار، حيث أحدث فجوة كبيرة في جداره. كما تظهر تضرر القبور في محيط المزار.
يذكر بأنَّ المزار تعرض للتدمير عدة مرات على يد المسلحين وتم حرقه، وقطع الأشجار في محيطه، كما تعرض لعمليات نبش وحفر بحثاً عن الآثار.
يقع مزار شيخموس/ سلطان شيخ موس العنزلي في سهل ميدانا جنوب قرية كاوندا بناحية راجو وإلى جواره قبور تاريخيّة وغابة حراجية وارفة وينتشر على مساحة نحو هكتارين عدد من الأعمدة الحجريّة القديمة الضخمة على شكل شواهد للقبور تعود إلى زمن الرومان. وعلى باب المزار كُتب نصٌ باللغة العثمانيّة يعود إلى عام 1300هـ/ 1882م، ويشير إلى أنّ صاحب المزار هو “شيخموس عنزلي”.
ويُعتقد أنّ المزارَ في الأصل خاص بأتباع الديانة الإيزيديّة، ومن المعروف أنّ للإيزيديين سناجق ورايات ترمز كل منها إلى ملاك وأعظم هذه السناجق ما يعرف باسم سنجق “العنزل” والعنزلي أو الأنزلي أو شيخ إبراهيم العنزليّ وهو أحد مشايخ الإيزيديين من الفئة القاتانيّة إلى جانب “شيخو بكر، وربما لقب شيخموس بالعنزلي لكونه من مشايخ الفئة القاتانيّة الإيزيديّة، وكان متصوفاً متعبداً هناك وتوفي ودفن في المكان نفسه، واتخذه الناس مزاراً يتبركون به بمرور الوقت.
في 28/7/2020 أقدم مستوطنون ليلاً على إحراق مزار شيخموس بذريعة كونه من رموز الشرك بالله، وذلك بعد أيام من ترميمه على يد الاحتلال التركيّ، وأضرم المستوطنون النار في المزار الدينيّ بإشعال إطارات السيارات داخله، ما أدى لتدميره مجدداً.
في 10/2/2019 قام مسلحو الميليشيات المحتلة لقرى “ميدانيات” التابعة لناحية راجو، بأعمال نبش وحفر وتدمير مزار “شيخموس” الشهير، وأحدثت دماراً كبيراً دون أدنى اعتبار للمكانة الاعتبارية التي يحظى بها المزار الديني لدى سكان القرى المجاورة لها، الذين اعترضوا على أعمال حفر القبور، إلا أن المسلحين والمستوطنين أبدوا استخفافهم بالمزار الدينيّ، وادّعوا أن أهل المنطقة لا يعرفون التنعّم بهذه الخيرات!، وقال “المسلحون” للأهالي بأنهم جاؤوا إلى الإقليم لطمس هويته وعليهم أن ينسوا أنّهم كُرد!
كما أقدم مسلحو ميليشيات “فيلق الشام” و”لواء أحرار الشمال” الإسلاميين، والمستوطنون على إزالة الغابة الحراجيّة القديمة التي تحيط بالمزار، لاستخدام أحطابها في التدفئة، رغم أن التقاليد والتراث السائد في عفرين تحرّم قطعها.
وكان المزار قد تم ترميمه في خلال تموز 2019 من قبل سلطات الاحتلال التركيّ على ترميم مبنى المزار وطلائه من الداخل والخارج، إلا أن مستوطنين اعتبروا الخطوة تشجيعاً على الشرك بالله وعبادة الأوثان! هدف الاحتلال من ترميم المزار، تصويره وتقديمه للمنظمات الدولية لتكذيب التقارير الصادرة على وسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية العاملة على توثيق الانتهاكات في إقليم عفرين الكردي المحتل، والتشويش عليها وضرب مصداقيتها.
وتأتي عمليات انتهاك حرمة المزارات والمواقع الدينيّة في عفرين وبخاصة العائدة للعلويين والإيزيديين الكُرد في مسعى لضرب التعدد الدينيّ والمذهبيّ وفرض ثقافة دينيّة متطرفة.