عفرين بوست-خاص
“محمد سعيد سليمان” شخصية مجهولة، ذاع صيته مع احتلال إقليم عفرين الكُردي، من قبل الاحتلال التركي والمسلحين التابعين لتنظيم الإخوان المسلمين، من بقايا (النصرة وداعش).
محمد سعيد وترقية الاحتلال التركي له ثمنا لولائه
“سليمان” مهندس من أهالي قرية “خليلاكا” التابعة لناحية “بلبلة\بلبل”، وفق مصدر مقرب منه سابقا.
يقول المصدر لـ “عفرين بوست”:
“كان سليمان مقرباً من غسان هيتو رئيس الحكومة السورية المؤقتة سابقاً، أحد أبرز الشخصيات الاخوانية من ذوي الاصول الكردية”.
يتابع المصدر: “لسليمان اليد الطولى في ادارة مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الى جانب غسان هيتو، والمركز مؤسسة تتبع الاخوان المسلمين وتدعي اعداد الدراسات، ومركزه اسطنبول”.
قبل تمرّد الإخوان المسلمين المسلح في آذار العام 2011، بدعم مباشر من حكومة العدالة والتنمية الإخوانية، “كان سليمان مقيماً في حلب، ومنها توجه إلى اسطنبول، ليؤسس شركة إنشاءات هندسية في عنتاب”.
يوصف المصدر شخصيته قائلا:
“لا يمتلك ذرة شعورٍ قومي، ويعتبر نفسه مسلماً قبل كل شيء”.
هذا شكّل أحد أهمّ شروط الانتساب لتنظيم الإخوان المسلمين.
وضعته سلطات الاحتلال التركي في منصب رئيس مجلس ناحية “بلبلة\بلبل”، ثم رئيسا لمجلس مركز عفرين في أكتوبر\تشرين الأول العام 2018، خلفاً للمدعو “زهير حيدر” الذي اعتقلته سلطات الاحتلال.
ومكافأة لولائه للاحتلال وتنفيذ أجنداته الساعية لتهجير الكُرد من عفرين عبر خطف المدنيين وتعذيبهم والاستيلاء على أملاكهم بذريعة الانتساب لحزب الاتحاد الديمقراطي او وحدات حماية الشعب او العمل لدى مؤسسات الإدارة الذاتية، كوفئ “سليمان” بتعينه وزيراً لما يسمى “الإدارة المحلية” في الحكومة السورية المؤقتة، ويديرها تنظيم الإخوان المسلمين، بغية تنفيذ ذات السياسات والاهداف في المناطق التي من الممكن أن تقع تحت الاحتلال العسكري التركي في شرق الفرات.
اين عنتاب يا سليمان؟
كان “سليمان” صرّح لإعلام الاحتلال التركي في الثاني عشر من فبراير الماضي، إنه سيحول عفرين إلى عينتاب، وذلك بعد أن شن الاحتلال التركي عدوانه على إقليم عفرين الكُردي في العشرين من يناير العام 2018، وساهم بتهجير قسري لأكثر من 500 ألف من سكانها الاصليين الكُرد، وتدمير عشرات القرى.
ونقل الإعلام التركي عنه قوله إن الإقليم يشهد تطوّرًا ملحوظًا على جميع الأصعدة والمجالات، في الوقت الذي كان أهالي عفرين يعانون من إقامة جبرية، ليمنع عليهم التحرك بين ريف عفرين والمدينة بدون موافقات مجالس الاحتلال، التي تكون من خلال العبور ضمن مكاتب امنية مخابراتية، للحصول على ورقة تخولهم التنقل لشهر واحد.
قال سليمان “إنّ مدينة عفرين تتمتع بثقافة تشبه الثقافة التركية، وهدفنا أن تصبح المدينة في مصاف مدن تركية الجميلة، كغازي عينتاب، هاتاي، حتى إسطنبول وأنقرة، لتكون مدينة جميلة ونظيفة يعيش فيها سكانها بشكل جيد” (وفق وصفه).
فيما كان سليمان يدعي أن عفرين ستتحول إلى عنتاب، كان مسلحو المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم “الإخوان المسلمين” يتابعون أعمال السلب والسطو المسلح، والتي كان أحد ضحاياها في تلك الفترة، الكهل الثمانيني “علي قلندر” من قرية قنطرة التابعة لناحية “موباتا\معبطلي”.
قتل الكهل “قلندر” في فبراير، على يد أحد مسلحي “الجبهة الشامية” وهو يحاول سرقة الكهل الكُردي الذي تمكن من ردعه قبل أن يطلق عليه المُسلح النار من بعيد ليرديه شهيداً!
فبركة وتزييف
وذكر “سليمان” حينها للإعلام التركي أنّ مجالس الاحتلال نجحت في تأسيس ثلاث مستشفيات كبيرة، لكنه لم يكشف عن اسمائها، علماً أن عفرين كانت تحوي قبل احتلالها ستة مشاف هي: (آفرين، جيهان، فرزندا العسكري، السلام، قنبر، ديرسم)، منها مستشفيان أسستهما “الإدارة الذاتية” وهما “مشفى آفرين” الذي استولى عليه مستوطنون، وأطلقوا عليه مسمى “مشفى الشفاء”.
أما المشفى الثاني فكان “مشفى الشهيد فرزندا العسكري”، وهو مشفى حديث متكامل، كان يتبع لـ “هيئة الدفاع والحماية الذاتية في مقاطعة عفرين\وبمثابة وزارة الدفاع في حكومة الحكم الذاتي بـ إقليم عفرين”، حيث حاول الاحتلال فبركة الاخبار والادعاء بأنه من أنشأ المشفى عقب احتلاله للإقليم، تحويرا للحقائق وتزييفها.
وحول التعليم، ادعى سليمان أنّ “249 مدرسة تستقبل 45 ألف طالب، متغافلاً المناهج المتطرفة التي فرضها الاحتلال التركي على عفرين الكُردية، وأن الطلاب الذين يداومون حالياً في مدارس عفرين هم في غالبيهم من المستوطنين المستقدمين من الغوطة وحمص وحماه وغيرها، بموجب اتفاقات تركية روسية، في حين شُرد أطفال عفرين وطلابها بين مخيمات الشهباء ومدينة حلب ومناطق أخرى، إضافة لتعليم اللغة التركية الدخيلة والغريبة على السوريين والإقليم الكُردي!
أما الحق في التعلم باللغة الام “الكٌردية”، فقد أصبح في “خبر كان” ضمن المدارس التي افتتحها الاحتلال التركي وميلشياته، لتتحول إلى حصص غير إجبارية، كمادة ضمن المنهاج، بعدما كان أكثر من 45 ألف طالب كُردي يتعلمون بلغتهم الأم بشكل كامل، خلال عهد “الإدارة الذاتية”، مع منح ذات الحق للمكونات الأخرى في التعلم بلغتهم الام، عبر تخصيص صفوف خاصة سواء لـ “العربية” أم “الكردية”.
كما شهد إقليم عفرين عقب الاحتلال التركي لها، افتتاح مراكز دينية متشددة كـ مركز “سليمان الحلبي” في قرية “كوتانا\كوتانلي” التابعة لناحية “بلبلة\بلبل”، ليُحرّض الأطفال على التطرف والكراهية ضد الكُرد، عبر تلقينهم شعارات الذئاب الرمادية (وهي حركة قومية تركية متطرفة).
عفرين ونبع الارهاب
وعرف عن “غازي عينتاب” عقب اندلاع التمرد المُسلح لتنظيم الإخوان المسلمين العام 2011، بأنها كانت مركز التقاء الاستخبارات التركية مع اغلب متزعمي المليشيات الإسلامية ممن عُرفوا بـ “الجيش الحر\الجيش الوطني”، إضافة لكونها مرتعا للمتطرفين وخاصة “الدواعش”، الذين كان يجري نقلهم إلى الداخل السوري عبر الأراضي والمطارات التركية.
وعليه، كانت المدينة التركية واحدة من الاستراحات التي يمر عبرها التكفيريون للدخول الى سوريا وممارسة إرهابهم هناك، فيما كانت عفرين ومناطق شمال سوريا تُحاصر من قبل المليشيات الإسلامية.
لم يكن حديث “محمد سليمان” عن تحويل “عفرين” إلى “عينتاب” بعيداً عن الواقع، حيث تحول الإقليم الكُردي فعلاً لبؤرة جديدة للتطرف، وحاوية لتجميع المتشددين والتكفيريين من أمثال قتلة الشهيدة “هفرين خلف”، وهو المصير الذي ستلقاه أي منطقة أخرى قد يُكتب لها قدرها الاسود في الخضوع للاحتلال التركي كما شرق الفرات، فيما لو نجح تآمر تنظيم الإخوان المسلمين والصفقات المشبوهة لكل من موسكو وواشنطن.