نوفمبر 14. 2024

أخبار

نشطاء يطالبون بحلّ “الائتلاف السوري المعارض – صنيعة الاستخبارات التركية”… احتجاجات في مناطق الاحتلال التركي

عفرين بوست- خاص

تشهد المناطق المحتلّة في الشمال السوري احتجاجات عدة على مدار الأسابيع الماضية ضد عملية التطبيع التي تسير فيها الحكومة التركية مع النظام السوري، بحيث وصلت إلى أبواب مبنيي “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” و”الحكومة السورية المؤقتة” في مدينة أعزاز واقتحامهما وإغلاقهما؛ وفي عفرين دعا نشطاء إلى احتجاجات واعتصامات مفتوحة، تطالب بحلّ الائتلاف وكفِ يد المنسّقين الأتراك عن إدارة المناطق المحتلّة.

وقد شهدت مدن عفرين وجرابلس والباب واعزز وغيرها تظاهرات عقب تصريحات للرئيس التركي ووزير خارجيته تدعو للمصالحة بين النظام والمعارضة وتطبيع العلاقات فيما بين أنقرة ودمشق، فسقط عشرات القتلى والجرحى أثناء الاشتباكات بين مسلّحي الاحتجاجات من جهة، وجنود أتراك وعناصر لميليشيا الشرطة الموالية للاحتلال من جهةٍ أخرى، بالإضافة إلى اعتقال عشرات المشاركين فيها، لاسيّما أولئك الذين أنزلوا الأعلام التركية من المقرّات والمعابر.

مطالب عدة

تواصلت عفرين بوست مع بعض النشطاء المنظمين لهذه الاحتجاجات لمعرفة الأسباب التي دفعتهم لرفع صوتهم وموقفهم الحالي من الوجود التركي ضمن الأراضي السورية، وهل ثمة بديل مناسب عن الائتلاف المعارض في حال حلّه؟

تتلخص مطالب النشطاء في حلّ الائتلاف وبناء مجلس يمثل الشعب السوري مكانها، إضافةً لرفض المصالحة مع النظام السوري وفتح المعابر التجارية معه، وإنهاء تدخل المنسقين الأتراك في شؤون المنطقة، وضرورة بقاء الجيش التركي ضمن قطعاته العسكرية فقط دون التدخل في أي شيء آخر.

فارس زين العابدين المتحدر من درعا والذي تم تهجيره في إطار الصفقة التي تمّت بين روسيا وتركيا عام 2018 والتي سحبت النشطاء والمعارضين للنظام السوري من ريف دمشق ومنطقة حوران ورحّلتهم باتجاه إدلب ومنها إلى عفرين التي تمّ تغيير ديمغرافيتها في الوقت الحالي، يشير إلى موضوع العلاقات التركية مع النظام السوري بالقول “علاقات تركيا مع نظام الاسد لا تخصنا ولا نعطيها أي أهمية، مثلها مثل باقي الدول العربية التي طبّعت معه، لكن تصريحاتها التي قال فيها أنه سوف يتم مصالحة (المعارضة) معه، هنا ما يهمنا، وهنا بدأنا فعلياً بإسقاط الائتلاف وكل مفرزاته من حكومة وهيئة تفاوض”.

لكن الناشط “ياسر” (اسم مستعار لناشط سوري متحدر من الغوطة بريف دمشق) يرى أنّ التطبيع بين النظام السوري وتركيا لن يتم بالسرعة المطلوبة، وأنّ الشعب السوري لم يكن له وزن في السياسات التركية، بل اعتمد الأتراك على حماية مصالحهم عبر الفصائل السورية المرتبطة بها، وبهذا استطاعت تركيا تجنيد هذه الفصائل حتى ضد الشعب السوري وما حدث من قتل للشبّان في التظاهرات الأخيرة دليل على ذلك.

الائتلاف صنيعة الاستخبارات التركية

يتجمع بشكلٍ يومي العشرات من النشطاء في ساحة نوروز وسط مدينة عفرين للمطالبة بإسقاط الائتلاف وهيئاته المتمثلة بما تسمى بـ”الحكومة السورية المؤقتة” والتي تدار عبر منسقين أتراك مرتبطين بالاستخبارات التركية مباشرة، وعن الأسباب التي تدعوهم للمطالبة بإسقاطه يقول زين العابدين “هذا ليس مطلب بل حق من حقوقنا، نحن لم نقم بتعيينهم أبداً، بل عينهم فرع المخابرات في تركيا، وهم لا يمثلوننا أبداً، ونطالب كل دول العالم بعدم الاعتراف بهم”.

وعن البديل المناسب لحكومة أمر الواقع هذه (الائتلاف وهيئاته) يقول زين العابدين، إنهم سيعمدون إلى تشكيل لجنة لقيادة المنطقة بأسرع وقت ممكن.

ويؤكد ياسر على أنّ الائتلاف لم يقدم أي شيء إيجابي للشعب السوري منذ نشأته، وما حدث في تركيا ضد اللاجئين السوريين مؤخراً أظهر تبعية الائتلاف الواضحة لأفرع المخابرات التركية، وعدم قدرته على ضبط الشارع أو المراهنة على موقف وطني يشرّف الشعب السوري، وإن كان على صعيد إعلامي، ويقول “بات من الضروري استئصال هذا الجسم”.

لا ثقة بتركيا

بدأت تركيا بالتدخل العسكري المباشر في سوريا عام 2016 عبر صفقةٍ مع روسيا، تمثلت بسيطرتها على جرابلس والباب وأعزاز بحجة مقاتلة تنظيم داعش مقابل إفراغ حلب من المقاتلين المعارضين للنظام السوري، وتلته صفقة الغوطة مقابل عفرين واحتلالها عام 2018، واحتلال كري سبي/تل أبيض وسري كانيه/رأس العين عام 2019، مع سيطرتها الغير المباشرة على إدلب؛ وبعد كل هذه الصفقات التي لم يستفيد منها إلا نظام الأسد وروسيا على حساب المعارضة السورية الحقيقية، هل مازال السوريون يثقون بتركيا؟

أجاب زين العابدين على هذا التساؤل بالقول “نحن منذ البداية لم نعوّل على تركيا، لكن طبيعة الجغرافيا معها هي التي أجبرتنا على التعامل معها، إضافةً لسبب آخر، هو الخلاف المتجذر بين بعض الأحزاب الكردية والثوار الحقيقيين”، ويستدرك العابدين حديثه بعدم ثقة الشعب السوري بتركيا “هنا لا أقصد المعارضة، بل الشعب الثائر الذي لا يثق بتركيا أبداً”.

رفع الحصانة عن الائتلاف

وكانت روسيا وتركيا قد اتفقتا في قمة سوتشي التي جمعت الرئيسين بوتين وأردوغان عام 2019، على فتح طرق المعابر الواصلة بين تركيا ومناطق سيطرة النظام السوري وتنشيط خطوط التجارة وطريق “M4″، لكن هذه الاتفاقية لم تنفذ، ويعود اليوم الحديث عنها مجدداً، وتمّ فتح معبر أبو الزندين بمدينة الباب، والتمهيد لفتح معابر أخرى، وتنشيط وتأهيل المسار الرابط بين معبر باب السلامة- أعزاز ومدينة حلب، ووفق نشطاء سوريين، المستفيد من هذا المشروع هو النظامين التركي والسوري، ولن يستفيد منه السوريون شيئاً، بل سيكون الضرر أكبر.

ويقول زين العابدين، “نحن نطالب دول العالم برفع الحصانة والاعتراف عن الائتلاف المعارض، لأغراض عدة، منها منع فتح هذه المعابر تحت اسم المعارضة، وعدم حصر الأزمة السورية وحلّها بدول (روسيا وإيران وتركيا)، وإعادة الموضوع السوري إلى العالمية”، ويضيف “وهذا ما نحاول فعله الآن من هذا الاعتصام، نريد أن تعود القضية السورية إلى العالمية، وأن لا تُحصر بين تركيا وإيران وروسيا في ما يسمى سوتشي وأستانا”.

مستقبل المناطق المحتلّة

يبدو أنّ مستقبل المناطق المحتلّة من قبل تركيا ما يزال غامضاً، ولا يعرف النشطاء ما سيحدث، لكن يتوقع البعض أن يكون هناك مسارات عدة، من ضمنها تمدد “هيئة تحرير الشّام/النصرة سابقاً” أو سيطرة النظام السوري عليها وفق صفقة معينة مع تركيا، ويستبعد الناشط السوري زين العابدين أن تتمدد الهيئة ضمن المناطق المحتلة والتي وصفها “بالمحررة”، دون أن يضع تصور آخر لمستقبل المنطقة، ووصفه بالغامض، لكنه عاد للتأكيد على أن المصالحة لن تتم مع نظام الأسد بأي شكل من الأشكال، ولن يكون هناك تسليم للمناطق إلا بالقتال.

انتهاكات عفرين والمنسق التركي

معظم هذه الاعتصامات الآنفة الذكر تحدث في مدينة عفرين المحتلة والتي تعرّض سكانها الأصليين للقتل والانتهاكات ومصادرة الأملاك، واللافت للأمر أن أبناء عفرين الأصليين ينأون بأنفسهم عن هذه التظاهرات والاعتصامات، وهذا أمر طبيعي في ظل انتشار حالة الفوضى والتنكيل بالكُرد هناك، وهنا يمكن لهؤلاء النشطاء المناهضين لتركيا والائتلاف استغلال ملف الانتهاكات التي تطال الكُرد كملف قانوني ضد تركيا، إلا أنّ هذا لم يحدث إلى اليوم.

ويؤكد فارس زين العابدين على أنّ الانتهاكات التي تطال الكُرد في عفرين لا تحدث بدون علم تركيا ويتابع “ما يخص انتهاك الفصائل لحقوق وأرزاق أهلنا الكُرد هذا يحدث بعلم ومعرفة من المنسقين الأتراك، وهم بالأساس جزء من هذا الفساد والانتهاك”.

ويشير إلى أنّ اعتصاماتهم هذه تضغط باتجاه كف يد المنسق التركي ويتابع “أعيد، لا يهمنا مصالحة تركيا مع النظام المجرم، كل ما يهمنا هو كف يدها عن المنطقة وإلغاء ما تسمى بالمعارضة”.

أخيراً يبدو أنّ الشارع السوري الذي لا يملك اليوم قوة غير التظاهر في بعض الأماكن المعزولة، بات على قناعة تامة أن تركيا لم تدعم السوريين ضد نظام الأسد حباً بمطالبهم في الحرية والكرامة، بل كانت لها أهداف للسيطرة على جغرافية سوريا ومحاربة الكُرد، وعندما فقدت المعارضة قدرتها على خدمة الهدف التركي، بدأت أنقرة تتجه إلى النظام السوري لعقد صفقات معه والقضاء على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بالتنسيق معه، وهنا بات السوريون المعارضون للأسد بين فكي كماشة المصالحة أو البحث عن حلّ بديل يضمن لهم مستقبلهم.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons