ديسمبر 23. 2024

القرار الأممي بإنشاء مؤسسة مستقلة للكشف عن المفقودين في سوريا.. عنوانٌ عريض وضبابيةٌ في آلية التنفيذ

عفرين بوست ــ متابعة

يعد ملف المفقودين أحد أعقد القضايا التي أفرزتها الأزمة السوريّة، والجانب الأكثر تعقيداً في هذه القضية عدم وجود إحصائيات دقيقة لأعداد المفقودين، والعجز عن تحديد الجهة المسؤولة عن الإخفاء القسريّ للسوريين خلال سنوات الأزمة الطويلة.

 أعلنتِ الجمعيّةُ العامةُ للأمم المتحدة، الخميس 29/6/2023 تبنّي مشروعِ قرارٍ لإنشاءِ مؤسسةٍ للكشفِ عن مصيرِ المفقودين والمختفين قسريّاً في سوريا، ودعتِ الجمعية العامة الدول وكلّ أطرافِ النزاع في سوريا للتعاونِ الكاملِ مع المؤسسةِ الجديدةِ. وبحسب تقديراتٍ مختلفةٍ للأمم المتحدة، فإنّ عددَ المفقودين في سوريا منذ عام 2011 يبلغ نحو 100 ألف شخص، وهناك مفقودون قبل هذا التاريخ، ويُعتقد أنّ الأرقام الفعليّة تتجاوز ذلك.

رحّب مجلس سوريا الديمقراطية بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بتشكيل مؤسسة مستقلة معنية بالكشف عن مصير المفقودين والمغيبين قسراً في سوريا، وأبدى كامل استعداه لتقديم جميع أنواع الدعم والمساندة لجميع المبادرات والمساعي التي من شأنها إنهاء الأزمة السورية وتخفيف معاناة السوريين.

وفي لقاء مع المرصد السوريّ لحقوق الإنسان نشر أمس الإثنين 3/7/2023، قال الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بدران جيا كرد: “من المؤلم أن نجد في حصيلة الأزمة السوريّة بالإضافة للضحايا والجرحى مئات الآلاف من المفقودين ومجهولي المصير، والقرار من حيث المبدأ رغم التأخر إلا أنّه مهم جداً وضروريّ،  والبدء بالبحث عن مصير المفقودين جزء أساسيّ من الحل لتحقيق العدالة الانتقاليّة لردم الشروخ وتجاوز العراقيل والتحديات التي تواجه العملية السياسيّة وسبقت هذه المحاولات جهود أخرى وهي الكشف عن مصير المفقودين وخطا الاتحاد الأوروبيّ مسارات أيضاً في هذا الاتجاه، المهم هو آليّة التنفيذ والتقصي؛ هذا مهم جداً، الأمم المتحدة معنية وعبر الجمعية العامة بوضع خارطة عمل وطريق لهذا الملف ولابد لأطراف النزاع في سوريا التعاون الجدي في هذا الإطار ونحن كلنا أمل في أن يتحقق نتاجات عمليّة في هذا الاتجاه.

وأضاف جيا كرد: “نحن في الادارة الذاتية نعمل على تشكيل لجنة بهذا الشأن لكي تكون مساعدة ومكملة للآلية الدوليّة”.

يُذكر أنّ أحد أعقد جوانب قضية المفقودين ومجهولي المصير يتعلق بالتوزع الجغرافيّ وتعدد الجهات المسؤولة عن التغييب القسريّ للسوريّ، ولا تقتصر على المفقودين خلال سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابيّ على مساحات واسعة من سوريا، ولا على المعتقلين من السلطات الأمنية لحكومة دمشق، إلى قضية مفتوحة الآفاق في المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ.

وبالإضافة إلى السجون التي أقامتها سلطات الاحتلال التركيّ هناك عددٌ من السجون الخاصة بكلّ ميليشيا، فيما لا يُعرف تحديداً عدد السجون السريّة والتي تُمارس فيها كلّ أنواع التعذيب والتنكيل، والتي تصل حدَّ الوفاة تحت التعذيب. كما قامت سلطات الاحتلال التركيّ بترحيل عشرات المواطنين الكرد إلى الأراضي التركيّة لمحاكمتهم. ولا تتوفر إحصائيات دقيقة للمخفيين قسراً في إقليم عفرين الكرديّ، الذين يلف الغموض مصيرهم، فالمنطقة مغلقة إعلاميّاً ومن الصعوبة بمكانٍ الحصول على معلوماتٍ دقيقة حول الوضع الإنسانيّ.

ولم يحدد نصّ القرار الأممي طرائقَ عمل هذه المؤسسة التي سيتعينُ على الأمين العام للأمم المتحدة تطوير “إطارها المرجعيّ” في غضون 80 يوماً بالتنسيقِ مع المفوّضِ السامي لحقوق الإنسان، لكنه يشير إلى أنّه سيتعين عليها ضمان “المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين وأُسر المفقودين” والاسترشادُ بنهجِ يركّزُ على الضحايا.

وفيما رحبت العديد من الأطراف الدوليّة بالقرار اعتبر سفير الحكومة السوريّة لدى الأمم المتحدة بسام صبّاغ القرار “تدخّلاً صارخاً في شؤون البلد الداخليّة”. ووصف اللجنة بـ “المسيّسة”. وأعرب عمن رفضِ نهج التسييس الذي تمّ السير به بشأنها.

ووفقاً لاختلاف المواقف وتصويت بعض الدول وامتناع بعضها الآخر يبدو واضحاً أنّ القرار استند إلى مواقف سياسيّة، وليس البعد الإنسانيّ بما ينهي معاناة الأسر السوريّة ويميط اللثام عن مصير أبنائها. فهل يشمل القرار الأمميّ المفقودين في عفرين وسائر المناطق التي تخضع للاحتلال التركيّ؟

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons