عفرين بوست – متابعة
قام الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين علي قره داغي، أمس الاثنين 6 مارس، بزيارة إلى مدينة جنديرس المنكوبة يرافقه المدعو أسامة الرفاعي المسمى مفتياً عاماً لسوريا وكذلك ممثل من رئاسة الشؤون الدينية التركية.
الزيارة في عنوانها المعلن لا قيمة عملية لها، ولكنها تنطوي على دلالات كثيرة إذا أخذنا بالاعتبار إنها استهدفت منطقة محتلة عسكرياً وتم تهجير أهلها قسراً فيما ترتكب شتى أنواع الانتهاكات بحق أهلها الأصليين الكرد، وآخرها السلوكيات العنصرية والإهمال المتعهد للمواطنين الكرد المتضررين من الزلزال وسرقة المساعدات الإغاثية بقوة السلاح.
والواقع أن الهدف الأساسي من الزيارة هو تجميل الاحتلال وسياسة تركيا ومحاولة لاختراق المنطقة الكردية من قبل تنظيم الإخوان المسلمين. وأشار قره داغي قبيل دخوله مدينة جنديرس إلى وجود “حكومة رسمية وطنية إسلامية تقوم بواجبها” وأشاد بالحكومة التركية.
من هو قره داغي؟
هو علي محي الدين قره داغي ينحدر من بلدة قره داغ في محافظة السليمانية في إقليم كردستان، وهو أحد أعمدة تنظيم الإخوان المسلمين ويشغل منصب الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين الذي أسسته قطر عام 2004 بإعلان يوسف القرضاوي عنه، ليكون قناة الترويج للإسلام السياسيّ، ويوصف قره داغي بأنه “رجل القرضاوي وسفير الدوحة لنشر التطرف”. وهو حاصل على الجنسية القطرية ويتولى مكتبه الإعلامي أحد إعلاميي قناة الجزيرة، وهو دائم التنقل ما بين الدوحة وإسطنبول التي تعتبر مقراً أساسياً له.
يعرف عن قره داغي أيضاً علاقته الوثيقة مع شخصيات دينية متطرفة مدرجة على قوائم الإرهاب الدولية منها: الكويتي حامد العلي وعبد الرحمن بن عمير النعيمي.
تولى اتحاد علماء المسلمين مهمة شرعنة تدخل الدوحة في ملفات المنطقة السياسية وفق منظور تنظيم الإخوان المسلمين، والترويج لمصطلح “الخلافة الموروثة” والذي يُقصد به ضمناً إحياء الميراث العثماني، وإفكار المنظر الإسلامي الهندي “أبو الأعلى المودودي”. وقال قره داغي مدافعاً عن تركيا وتاريخها العثمانيّ: “شياطين الإنس هم من ضيّعوا الأمة الإسلامية في عشرينيات القرن الماضي تحت غطاء القومية فأسقطوا الخلافة العثمانية التي كانت جامعة المسلمين، وحامية لهم لأكثر من خمسة قرون، ويعمل أحفاد الشياطين الآن على ضرب أي حركات إسلامية أو ثورات شعبية لإجهاض أي مشروع يجمع المسلمين مرةً أخرى”.
وبذلك يسير قره داغي على خطا سيد قطب تبني فكرة “الأمة” على حساب الانتماء القومي والوطنيّ، وعرف بمقولته: “ما الوطن إلا حفنة تراب عفن”.
وتأكيداً على انتمائه الإخوانيّ ترأس قره داغي مؤتمر الاتحاد الذي عقد في إسطنبول في 24/ 9/ 2013 بعد الإطاحة بحكومة محمد مرسي الإخوانية في مصر لمناقشة ما وُصف “العالم بعد الانقلاب على إرادة الشعوب”.
مهمة قره داغي تتمثل بتسهيل الاختراق الإخواني في المجتمع والمناطق الكردية في العراق وسوريا خدمة لسياسة أنقرة، وفي هذا السياق جاء تعيين ثلاثة أعضاء كرد في مجلس أمناء اتحاد علماء المسلمين وهم:: محسن عبد الحميد رئيس الحزب الإسلامي العراقي وسيد أحمد عبد الوهاب من إقليم كردستان وعبد الرحمن بيراني رئيس جماعة الدعوة والإصلاح وهو من إيران. كما حاول قره داغي عام 2017 تأمين دخول يوسف القرضاوي إلى إقليم كردستان وقوبل بالرفض.
تحاول أنقرة من خلال قره داغي وأمثاله إحداث اختراق على المستوى الفكري والعقائدي في المجتمعات الكردية واستهداف التوجهات القومية الحقوقية بما يخدم أهداف السياسة التركية، وقال قره داغي لدى افتتاح مكتب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في إقليم كردستان في تشرين الأول 2018: اليوم فرحت مرتين، الأولى بافتتاح فرع جديد للاتحاد، والثانية لأنه افتتح في كردستان.
فيما لا يتردد قره داغي الكشف عن ولائه لأنقرة، فقد غّرد بشكل منافق بـ 14 أغسطس 2018 “حباني الرسول الأعظم بزيارة ليلة أمس في المنام، رأيته مقدماً علي وهالة من النور تكلله وتحيط به. بدا مسحة حزن على وجهه الكريم وهو يحمل كيساً مليئاً بالليرات التركية. دهشتُ لأمر الليرات والحزن الباد عليه وسألته، فأجاب أتنام هنيئاً يا قره داغي وأخوتك في الإسلام في محنة وضيق، فأعلم أن هذه الليرات ستكون عملة أهل الجنة يوم القيامة، ومن يقتنيها لنفسه ويكتنزها إنما يضمن لنفسه فوزاً كبيراً عند الله يوم الآخرة.”
بالمجمل لا يمكن النظر ببراءة إلى زيارة قره داغي إلى جنديرس المنكوبة، وأي قرية في عفرين المحتلة، حيث لا تغيب أدنى الوقائع عن المجهر الأمني للاستخبارات التركية ويتواصل العمل على إنهاء الوجود الكردي وتحويل الإقليم إلى جيب إخواني بذريعة الأمن القومي التركي ودعم الثورة السورية التي استهلكت كل شعاراتها وانتهت صلاحيتها منذ بدايتها.