عفرين بوست ــ متابعة
أجرى موقع المونيتور الأمريكيّ لقاءً مطولاً مع قائد قوات سوريا الديمقراطيّة مظلوم كوباني، في أول مقابلة له مع وسائل الإعلام الدوليّة، وذلك عقب غارةٍ لطائرة مسيرة تركيّة استهدفت موقعاً قريباً من مقره الرئيسيّ في شمال وشرق سوريا. وأسفرت الغارة عن استشهاد مقاتلين، وهي المرة الأولى التي يستهدف فيها القصف موقعاً قريباً من قاعدةٍ أمريكيّةٍ في سوريا.
في تقييمه للموقفين الأمريكيّ والروسيّ وصفهما عبدي بالردِّ الضعيفِ إزاء عشرات الغارات الجويّة التركية التي أودت بحياة 11 مدنيّاً على الأقل بالمنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع. وأشار إلى أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا زاد من قيمة تركيا في نظر روسيا والغرب على حد سواء.
وكشف مظلوم عبدي أنّ منفذة هجوم إسطنبول داعشية سابقة، ونفى علاقة قواته مطلقاً بالتفجير وأنّ لديهم مثل هذه السياسة. وانّ مقاومة العدوان التركيّ ستكونُ في المناطق التي تحتلها تركيا نافياً وجود أي نية أو رغبة في محاربة تركيا داخل الأراضي التركيّة.
المواقف الأمريكية والروسية غير كافية للردع
وأوضح عبدي أنّ لأتراك يعرفون أن ّالأمريكيين موجودون هناك. إنها منشأة مشتركة. نجري تدريبات مشتركة لقواتنا هناك. ويجب أن يسأل الأمريكيين أنفسهم ما إذا كان قد تم تحذيرهم مسبقاً، ولكن على حد علمنا، نفذ الأتراك هجوماً فعلياً. وأعرب عبدي عن عدم اعتقاده فيما إذا كان الأمريكيون كانوا يعرفون أن هذا الهجوم كان على وشك الحدوث. ولكن الهجوم وقع رغم وجودهم هناك.
وقال عبدي إنهم يأخذون التهديدات التركيّة على محمل الجد. ما لم يكن هناك جهد جاد لردع تركيا، وخاصة من جانب الولايات المتحدة وروسيا، فإنّهم سيفعلون ذلك.
وفيما يتصل بتصريحات وزارتي الدفاع والخارجيّة الأمريكيّة وتحذيرهما من مزيد من التصعيد، وبالمثل التصريحات الروسيّة أوضح عبدي أنّها قوية على الإطلاق مقارنةً بالتهديدات التركيّة وليست كافية لردع المزيد من العدوان التركي. وهم بحاجة لفعل المزيد.
وأضاف أنّه ما لم يتم منحهم مثل هذا الإذن، لن يقوم الأتراك بشن هجوم بريّ. وقال “هذا ما أؤمن به وما يؤمن به شعبنا. إذا كان هناك غزو بريّ فسيكون بسبب منح هذا الإذن أو لأن روسيا والولايات المتحدة اختارتا الصمت. مؤكداً أنه بدون الضوء الأخضر من واشنطن أو موسكو، لا يمكن لتركيا شن هجوم بريّ.
وأشار عبدي إلى الموقف الأمريكيّ الحالي يرفض توغلاً تركيّاً، ويقولون إنّهم لا يوافقون على أي إجراء من هذا القبيل من جانب تركيا وأنهم سيعارضونه. بعد هجوم اليوم تحدثنا إلى محاورينا الأمريكيين. لكن هذا وضع جديد تماماً ولذا فإننا نقوم بتقييمه بشكل مشترك. وأضاف إنهم قالوا إنّهم لا يتوقعون مثل هذا الهجوم وأنّهم كانوا يقيمون هذا الوضع الجديد. آمل أن تكون نتيجة هذا التقييم أن تتبنى الولايات المتحدة موقفا أكثر حزما في مواجهة العدوان التركي على شعبنا.
وفيما يتصل بالموقف الروسيّ أوضح عبدي إنّهم يقولون بشكل أو بآخر ما يقوله الأمريكيون، إلا أنّهم أقل حزماً مع تركيا. تعارض روسيا التوغل التركي البريّ، لكن هذا لا يكفي. كوباني، منبج، كل تلك المناطق التي تستهدفها تركيا تخضع للسيطرة الروسية.
وأشار عبدي إلى أنّ الثقة بالموقف الأمريكيّ والروسيّ “تتوقف الكثير على كيفية استجابتهم لهذا الوضع الجديد، وصلت هذه الهجمات إلى عتبةٍ حرجة. إنهم بحاجة إلى ردعهم من هنا”.
حول ادعاء أنقرة أنّها تشنُّ الهجمات من الأراضي التركية. قال عبدي: “القوات المسلحة التركيّة تكذب. لقد هاجموا للتو منطقة بعمق 70 كم في أراضينا بين الرقة والحسكة التي تسيطر عليها القوات الأمريكية والروسية بشكل مشترك”.
وأضاف “ليس هناك شك في أن تركيا استغلت الصراع وسوّقت نفسها بنجاح للولايات المتحدة وروسيا على حد سواء. وإذا فشل كلا البلدين في تلبية توقعاتنا في مواجهة العدوان التركي ضدنا، فإن ذلك مرتبط جزئياً بالديناميكيات حول الصراع في أوكرانيا. من الصحيح أيضاً أن اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط وفي سوريا على وجه الخصوص قد تضاءل”.
العقبة بالحوار مع دمشق تكمن بعدم استعدادها له
فيما يتصل بالحوار مع حكومة دمشق أوضح عبدي أنّ روسيا تسعى لاتفاقٍ معها، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فهم بحاجة إلى صياغة سياسة أوضح بشأن سوريا. ليس لديهم استراتيجية غير محاربة “داعش”، وفشلوا في صياغة سياسة واضحة فيما يتعلق بمستقبل المناطق الواقعة تحت سيطرتنا. وغياب هذه السياسة يجعل من الصعب علينا التفاوض بنجاح مع دمشق. وأكّد عدم معارضة الولايات المتحدة لإجراء محادثات مع دمشق.
وأشار إلى العقبة بالحوار مع دمشق تكمن بعد استعدادها له، وعدم ممارسة ضغوطاً كافية. والحكومة في دمشق ترى أنّه لا يمكن الاستغناء عنها، ولا بديل لها، وهذا أكثر استعصاءً على الحل ولا تستجيب لمطالبنا.
كوباني هي الهدف
حول تهديدات أردوغان بغزو بريّ، والمنطقة التي يمكن استهدافها قال عبدي: “لقد تحدثوا مؤخراً عن منبج، لكننا نعتقد أن هدفهم الحقيقي هو كوباني. كوباني رمز كبير للكرد. إنّه المكان الذي انطلق فيه كفاحنا الوطنيّ وأيضاً حيث انطلق القتال ضد “داعس”. كما أنها ذات أهمية استراتيجية، وأشار إلى عدم ملاحظة نشاطٍ عسكريّ تركيّ متزايد، مثل حشد عسكريّ قرب كوباني حتى الآن. وكل ما يحدث هو ضربات جوية. مشيراً إلى انّ العملية ضد كوباني لن تتطلب الكثير من الاستعدادات. ولن تبدي روسيا اعتراضاً على غزوها بالمقابل فهي رمز بالنسبة للأمريكيين
وأوضح عبدي أنّ التطورات الأخيرة التي شهدت سيطرة “هيئة تحرير الشام” على أجزاء من عفرين، وعلاقاتها مع تركيا بشكل عام، تشير إلى استعدادات محتملة لهجوم مشترك ضدنا. تريد تركيا استخدامها في عملية ضد منبج والمناطق المحيطة بها.
علاقة الهجمات بالانتخابات التركيّة
وحول توقيت الهجمات التركيّة أشار عبدي إلى أنّ تركيا تعارض أي مكاسب كردية، سواء كان ذلك في سوريا أو العراق أو إيران أو داخل تركيا نفسها. وتريد تدمير إدارتنا المستقلة. هذا هو هدفها الشامل. لكن بأقرب وقت هناك مسألة الانتخابات في تركيا. ورغم هذه الهجمات، فإنّ أردوغان وحكومته يمهّدون الأرضيّة، ويضعون المزاج العام للانتخابات المقبلة. تركيا ضد كل المكاسب الكردية. وإذا كان المجلس الوطنيّ الكرديّ (المعارض) يديرُ هذه المنطقة، فسيواجه أيضاً العداء نفسه من تركيا. تركيا ضد الكرد.
وأشار عبدي إلى أنّه أمام أردوغان طريقان قبل الانتخابات: إما أن يتوصل إلى اتفاق مع الحركة الكرديّة، فتعطيه ميزة في الانتخابات، أو يشعل الحرب، وأردوغان اختار الحرب.
منفذة تفجير إسطنبول داعشيّة سابقة
وصف عبدي تفجير شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم بمدينة إسطنبول كوباني بأنه كان عملاً استفزازياً تم تصويره من قبل الحكومة التركيّة لتمهيد الطريق للحربِ. وقال: “لقد أجرينا الكثير من الأبحاث وخلصنا إلى أنّ الهجوم نفذته جماعات معارضة سوريّة تعمل تحت سيطرة تركيا.
وكشف عبدي لأول مرة على وسائل الإعلام لأول مرة، أنّ المرأة التي تم القبض عليها والمتهمة بزرعِ القنبلة تنحدر من عائلة مرتبطة بالدولة الإسلاميّة “داعش”، وقُتل ثلاثة من أشقائها وهم يقاتلون في صفوف “داعش”، قُتل واحد في الرقة، وآخر في منبج، والثالث في العراق. وشقيقٌ آخر هو قياديّ في المعارضةِ السورية المدعومة من تركيا في عفرين. وأشار إلى أنّها كانت متزوجة من ثلاثة مقاتلين مختلفين من “داعش”، والأسرة من حلب. ونفى عبدي علاقة قواته مطلقاً بالتفجير أو أنّ لديهم مثل هذه السياسة.
محاربة تركيا ستكون في المناطق المحتلة فقط
وأكّد عبدي أنّهم خططوا للدفاع عن أراضيهم ضد تركيا، والقتال إذا هاجمتهم داخل أراضيهم في سري كانيه/ رأس العين وإعزاز وعفرين وجرابلس. ونفى وجود أيّ نيةٍ أو رغبة في محاربة تركيا داخل الأراضي التركيّة.
وفي ختام اللقاء مع المونيتور أعرب مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية عن وجود إمكانية لإقامة علاقات سلميّة مع تركيا ممكن طالما ظل أردوغان في السلطة، وذلك “بالحكم على التجارب السابقة والهجمات الأخيرة التي شنتها تركيا، للأسف، وأشار إلى أنّ أردوغان هو صاحب الانعطافات. وبراغماتيّ للغاية. وأعرب عن الأمل بإمكانية سلام مع تركيا يوماً ما.
رابط المادة على موقع المونيتور:https://www.al-monitor.com/originals/2022/11/syrian-kurdish-commander-says-kobani-likely-target-threatened-turkish-ground