عفرين بوست ــ متابعة
عقد لقاء أمني في موسكو برعاية من الجانب الروسيّ كخطوة جديدة في المسار التصالحي بين أنقرة ودمشق، بعد سلسلة لقاءات سابقة وتصريحات إعلاميّة ضبابيّة أكدت اللقاءات وعناوينه العريضة دون الكشف عن التفاصيل.
ذكرت قيادة قوات سوريا الديمقراطية أنها حصلت على معلومات تؤكد عقد اجتماع استخباراتي في موسكو خلال الأسبوع الجاري بين الاستخبارات التركيّة والسوريّة، وتم الاتفاق خلال الاجتماع على تأسيس ثلاث مراكز للتسوية في المناطق الحدوديّة ضمن الأراضي التركية، ومن المقرر أن يتم تشكيل لجان بين الطرفين وإعادة الآلاف من المهجرين السوريين إلى مناطق سيطرة النظام في حلب وحماة كمرحلة أولى، إضافة إلى تسليم بعض الأشخاص المطلوبين للنظام.
اللقاء جاء في سياق المسار التصالحيّ الذي بدأته أنقرة بعد قمتي طهران وسوتشي، وقالت وكالة “رويترز”، في 15/9/2022 أن رئيس جهاز الاستخبارات التركي، هاكان فيدان، عقد أكثر من لقاء مع نظيره السوريّ، علي مملوك، في الأسابيع القليلة الماضية. ونقلت عن مصدر من بين 4 مصادر لم تسمها أن “الاجتماع الأخير عقد هذا الأسبوع”، وجرى الحديث عن “لقاء وزيري خارجية البلدين”.
يُذكر أنّ دمشق بدأت في المرحلة الأخيرة تبدي مرونة أكبر في التعاطي مع مسألة عودة اللاجئين السوريين المقيمين منهم في تركيا على وجه الخصوص. وذلك بعد أشهر من تسهيل إجراء معاملات تجديد جوازات السفر للسوريين “المغتربين”، سواء عبر البوابات الإلكترونيّة أو عن طريق البعثات الدبلوماسية، أعلنت القنصلية السوريّة في إسطنبول فتح باب تسوية وضع السوريين الراغبين بالعودة إلى سوريا بجانب تسوية وضع المتخلفين عن “خدمة العلم” بالحصول على إذن بالدخول لمدة 180 يوم يستطيع من خلالها اتخاذ الإجراءات المطلوبة لكف البحث عنه.
وسبق أن تناقلت وسائل إعلاميّة معلومات عن طلب الاستخبارات التركيّة مما يسمى “الائتلاف المعارض” الذي يهيمن عليه “الإخوان المسلمون” مغادرة الأراضي التركيّة، بعدما توقفت الدول الممولة له عن دفع تكاليف نشاطاته.
وجاءت الانعطافة التركيّة بعد جهود روسيّة- إيرانيّة مشتركة لمنع شن عملية عسكرية جديدة شمالي سوريا لاستكمال ما تسميه “حزامٍ أمنيّ” بعمق 30 كم. وكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، 11/8/2022 عن أنه أجرى محادثة قصيرة مع نظيره السوري فيصل المقداد، بالعاصمة الصربية بلغراد، لأول مرة.
بالمجمل المحادثات السوريّة ــ التركيّة ما زالت أمنيّة تقنيّة، وبلغت مستوى متقدماً مع إعلان أردوغان استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وإعلان رئيس الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، زيارة دمشق لتمهيد الطريق أمام انعقاد اللقاءات السياسية بين الجانبين السوري والتركي.
وسبق أن عقدت عدة لقاءات أمنيّة سريّة بمستويات مختلفة في ريف اللاذقية وطهران وموسكو، فيما استمرت القنصلية السورية في إسطنبول بعملها وكانت قناة التواصل وأبلغت عبرها أنقرة مواعيد عملياتها العسكرية في سوريا، ورعت موسكو في يناير 2020 لقاءً علنيّاً بين مملوك وفيدان. وكرر الجانبان موقفيهما، كما عقد لقاء في 19/7/2022 بين الجانبين في طهران.
تطالب دمشق بالتزام أنقرة باتفاقات سوتشي 17/9/2018، بين الرئيسين التركي أردوغان والروسيّ بوتين، وفتح طريق حلب – اللاذقية، واستعادة السيطرة على المعابر الحدوديّة (كسب وباب الهوى) والطرق الدوليّة (إم 4 ــ إم 5) والانسحاب من الأراضي السوريّة. فيما المطلب التركيّ يتمحور حول تعاون دمشق ضد الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطيّة. والتزام النظام بعملية الدمج السياسي والعسكري مع المعارضة بطريقة صحيحة، وتحديد محافظات حمص ودمشق وحلب كمناطق اختبار أولية لعودة اللاجئين وان تشرف أنقرة على عملية العودة في المرحلة الأولى وأن تتابع إجراءات ما بعد عودتهم وإسكانهم في مناطقهم. وجاء افتتاح مركز للتسوية في مدينة معرة النعمان في سياق خطة المسار التصالحيّ.
بالمجمل فإنّ المسار التصالحيّ يشترط تعاوناً أمنياً بين أنقرة ودمشق على أرضية اتفاقية أضنة 1998، وبذلك فهي تستهدف الإدارة الذاتيّة، ولكنها بدرجة أساسيّة ستكون على حساب الميليشيات الإخوانيّة والتي أسفرت الأحداث الأخيرة في عفرين المحتلة عن إخراجها، كما جاء تدخل مسلحي “هيئة تحرير الشام” في عفرين في السياق نفسه، وأيّ خطوة تقدم عليها “الهيئة” خارج الحدود الإدارية لمحافظة إدلب تعني الاستجابة لمطالب دمشق وموسكو!