نوفمبر 22. 2024

أخبار

انخفاض أسعار الزيت والزيتون… أعباء جديدة على كاهل أهالي عفرين، فما الأسباب؟

عفرين بوست – تقارير

فقد زيت الزيتون في عفرين وكامل الشمال السوري 20% من قيمته المالية خلال أقل من أسبوع، نتيجة توقف التصدير وإخراج الزيت من عفرين، مما انعكس سلباً على أهالي المنطقة، الذين يعانون من مصاعب عدة في تأمين قوت يومهم والحفاظ على ممتلكاتهم من السرقة والنهب الذي بات يفوق التصورات، فهل هي لعبة جديدة من الميليشيات والاحتلال التركي؟!

 “تصريح خاطئ لرئيس قسم تكنولوجيا الأغذية في البحوث العلمية الزراعية لدى حكومة دمشق “خالد الشهابي” حول إخراج زيت الزيتون السوري عن معايير الجودة والمواصفات العالمية”

وفق العديد من تجار زيت الزيتون انخفض الطلب على الزيت السوري عامة، خلال الأسبوع الماضي وسادت حالة من الكساد في الأسواق، نتيجة أخبار تم تداولها بين التجار عن إيقاف تصدير الزيت السوري وعدم السماح بتصديره، واستند بعض التجار على تصريحات صدرت من رئيس قسم تكنولوجيا الأغذية في البحوث العلمية الزراعية لدى حكومة دمشق “خالد الشهابي” الذي قال إنّ زيت الزيتون السوري خرج عن معايير الجودة والمواصفات العالمية وفق لهيئة المعايير والمواصفات العالمية، وتبين أن هذا التصريح خاطئ، وتم نفي الخبر بعد أيام من قبل الخبير الزراعي نفسه.

هذا التصريح أثر على سوق الزيت السوري عامة، ووصلت تأثيراته إلى منطقة عفرين، إذ أحجم التجار المعتمدين على التصدير عن شراء كميات كبيرة من الزيت، مما خفض الطلب، وبالتالي باتت الأسعار أقل من السابق بنسبة 20%، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر.

ما صحة الخبر

من خلال متابعة عفرين بوست لصحة الخبر عن تغيير المعيار الدولي، تبين أن هيئة المعايير والمواصفات العالمية تدرس إخراج شريحة زيت الزيتون “البكر العادي” من فئة الغذاء واعتماده كزيت صناعي، وان هذا الإجراء ستطبق على كافة دول العالم وليس على الزيت السوري فقط، ويتعلق هذا الإجراء بنقاوة الزيت وليس جودته.

ويعتبر زيت الزيتون السوري، لاسيّما زيت عفرين الذي ينتج من صنف الأشجار “الزيتي” التي تعتبر منطقة عفرين موطنه الأصلي من أجود أنواع الزيت في العالم وعليه نسبة طلب كبيرة.

وفي سياق هذا الموضوع، نفت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة بالحكومة السورية “عبير جوهر”، ما جاء في صحيفة تشرين قبل أيام عن خروج زيت الزيتون السوري عن المعايير والمواصفات العالمية مستندة إلى تصريح “الشهابي”.

وحول ما يشاع عن أن هيئة المواصفات والمعايير العالمية ستحذف فئة زيت الزيتون البكر العادي السوري من فئة الزيوت الصالحة للاستهلاك مع حلول عام 2028، وأنها ستصنف ضمن فئة الزيوت الصناعية. قالت مديرة مكتب الزيتون. إن «هذا الإجراء ستتخذه الهيئة مع كل الدول المنتجة. لذلك ستقوم وزارة الزراعة منذ الآن بالتقليل قدر الإمكان من هذا التصنيف من الإنتاج. لتكون أغلب الزيوت المنتجة عالية الجودة من نوع الإكسترا، وذلك لعدم خسارة جزء من الإنتاج المخصص للتصدير».

حجم الانتاج مقارنة بالتصدير

وفق لوزارة الزراعة السورية لا توجد قيود عالمية على تصدير زيت الزيتون السوري، وقدّرت الجهات الرسمية في الحكومة السورية حجم الإنتاج في سوريا بـ740 ألف طن من الزيتون وينتج منه ما قدره 94 ألف طن زيت، في حين سمحت الحكومة السورية بتصدير 10 آلاف طن فقط من زيت الزيتون للدول الأخرى خلال هذا العام.

لكن منطقة عفرين وإدلب المعروفتين بإنتاج ما يزيد عن 60% من الزيتون في سورية، تقع خارج سيطرة الحكومة السورية، وبالتالي لا يتم تصدير الزيت من هاتين المنطقتين وفق لقرارت الحكومة، ويتم تصديرها عن طريق تجار محددين عبر تركيا.

“انخفاض سعر تنكة زيت الزيتون (16 كغ صافي) من/70-80/ دولار أمريكي إلى /60-72/ دولار”

انخفاض كبير

تاجر الزيت المعروف في عفرين منذ عقدين من الزمن “بيرم شيخ طاهر” يقول إن أسعار الزيت انخفضت بشكلٍ كبير، إذ تخطت قبل فترة وجيزة حاجز 80 دولار للتنكة الواحدة (16 كغ صافي)، لتنخفض إلى 60-72 دولار حسب نقاوة الزيت ونسبة الأسيد، ويعزي السبب إلى انخفاض الطلب العام على الزيت وتوقف التجار عن تصديره.

وذكر عدد من التجار في عفرين أن الأسعار هذا العام مقارنة بالعام الماضي منخفضة، وتكاليف الإنتاج متزايدة عن العام الماضي، مما سينعكس سلباً على المزارعين.

في الوقت ذاته تزايدت سرقات الزيتون والإتاوات والضرائب المفروضة على المزارعين، إضافة لقرارات أصدرتها الميليشيات بمنع إخراج الزيت من المعاصر إلا بإذن مسبق من مكاتبها المعتمدة.

تجار مرتبطون بمتزعمي الميليشيات

يشير مصدر خاص فضل عدم ذكر اسمه إلى أنّ بعض شركات تصدير الزيت والمواد الزراعية الأخرى مرتبطة بمتزعميالميليشيات وشخصيات متنفذة في سلطات الأمر الواقع التابعة للاحتلال التركي، ومن مصلحة هذه الشركات اليوم تخفيض أسعار الزيت لضمان الربح السريع على حساب أبناء المنطقة.

تقارير سابقة قالت إن المدعو “أبو عمشة/متزعم ميليشيا فرقة السلطان سليمان شاه” عمل على تعيين تجار مقربين له وحصر تجارة الزيت بهم في ناحيتي شيه/شيخ الحديد و موباتو/معبطلي، وهو ما يثبت أن متزعمي الميليشيات يعملون وفق مخطط معيّن لكسب المزيد من المال بطرق عدة، وقد استغلت التصريحات التي صدرت من شخصيات في الحكومة السورية لهذا الغرض، رغم عدم ارتباط المناطق المحتلّة مع السياسة الاقتصادية للحكومة السورية.

وبمتابعة القرار الذي يتم مناقشته من قبل الهيئة العالمية للغذاء، فقد تمّ اقتراح تحسين جودة الزيت وتغيير الاعتمادات عالمياً، لكن دول عدة عارضت تطبيق المقترح وإعطاء مهلة للدول المنتجة للزيتون لتغيير الجودة وفق المعايير الجديدة، ومن بين الدول المعترضة على تطبيق القرار كانت إسبانيا وتونس وإيطاليا التي تعتبر من الخمس الأوئل في إنتاج الزيتون، وتم تأجيل تطبيق المقترح (أي تعديل التصنيف الغذائي لزيت الزيتون ) إلى عام 2026 وأن يطبق في عام 2028.

ووفق هذه المعطيات لا يؤثر هذا التعديل العالمي في الوقت الحالي على سوق زيت الزيتون عالمياً ولا محلياً، بل يتم استغلاله من قبل تجار محليين بهدف تحفيض الأسعار والاستفادة من التخزين على حساب المزارعين.

لها أثر مستقبلي

ووفق للمهندس الزر اعي “ريزان محمد”، هذا التعديل سيؤثر على أسعار زيت الزيتون عالمياً ولكن ليس في الوقت الحالي بل بعد تطبيقه أي في عام 2028، وهذا مرتبط بزيادة طفيفة في تكاليف التصفية وجودة العصر وموعد القطاف، وهذه الأمور تؤثر في نسبة الشوائب والأسيد في الزيت.

“انخفاض أسعار الزيت والزيتون في عفرين مرتبط بلعبة التجار والمحتلّ التركي”

واستبعد ريزان أن يكون تقليل كمية الزيت المخصصة للتصدير هذا العام من قبل الحكومة السورية هو المتحكم بسعر الزيت في الشمال السوري المحتل، وذلك لكون هذه المنطقة تعتمد على تصدير الزيت عبر تركيا، وليس عبر مناطق الحكومة، ونسبة محدودة منها يتم إدخالها إلى مناطق الإدارة الذاتية ومناطق الحكومة السورية وهي مخصصة للاستهلاك المحلي.

بربط المعطيات مع القرارات التركية التي تجبر التجار في المناطق المحتلة على اعتماد حسابات بنكية في مؤسسة البريد التركية PTT لأمور التصدير والتجارة، وحجم الانتهاكات الكبيرة في عفرين في موسم الزيتون، وما ورد من تقارير عن حجم السرقات وربط التجار بمتزعمي الميليشيات، نستطيع التأكيد على أن انخفاض أسعار الزيت والزيتون مرتبط بلعبة التجار والمحتل التركي، التي تهدف إلى إفقار المزارع الذي لا يجد أمل أمامه سوى البيع بأي سعر ليتدبر أمور معيشته اليومية التي أصبحت صعبة ومعقدّة في ظل الاحتلال التركي.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons