نوفمبر 09. 2024

من داخل مسجد في عفرين المحتلة… مستوطنون يستولون على منازل الكُرد يرفضون إخلاءها بزعم المطالبة بالعدالة

عفرين بوست ــ متابعة

اجتمع عدد من المستوطنين الذين ينحدرون من الغوطة الشرقيّة ودير الزور، في مسجدٍ بمدينة عفرين المحتلّة، معترضين على قرار أصدرته المحكمة، يتضمن إخراج بعضهم من منازلَ مستولى عليها بالقوة وإعادتها إلى أصحابها من المواطنين الكُرد المتبقين في المنطقة أو العائدين إليها من وجهة النزوح القسري، وأكّد المستوطنون على نيتهم بعدم إخلاء تلك المنازل حتـى لو قررت المحكمة بذلك، متذرعين بتلك الحجة المتداولة، أنهم جاؤوا إلى عفرين لأنهم خرجوا في ثورة ضد الظلم!

وجاء ذاك الاجتماع “الاحتجاجي”، على خلفية إصدار المحكمة التي تترأسها القاضية “نـوروز حسو” في مدينة عفرين بإخلاء وإعادة منازل لأصحابها الحقيقيين من الكُرد، الذين طردتهم ميليشيا “الجيش الوطني السوري” إبّان احتلال المنطقة من قبل تركيا، وأسكنت فيها عوائل المسلّحين والمستوطنين، في إطار سياسة التغيير الديمغرافي للإقليم الكرديّ.

ووجّه الحاضرون في المسجد رسالة استنكار بحق القاضية “نـوروز حسو”، التي وصفها المتحدث باسمهم بأنّها تصدر أحكاماً جائرةً بحق “الناس” ويقصد المستوطنين، وزعم أنّه أصبح متواتراً ومعروفاً بأنّها تصدر الأحكام دون أي تحقيق وخاصة إخراج من وصفهم بـ”المهجّرين” من البيوت، وتهجيرهم مرةً أخرى.

وبعث المجتمعون برسالة إلى المؤسسات والمحكمة بأنّ “صبر الناس قد نفذ”، وأنّ “مطلب الناس هو تحقيق العدالة وإزاحة أي شخص أو قاضٍ يصدر أحكاماً جائرة وغير عادلة”، وقالوا إنّ “المهجرين الذين جاؤوا من مختلف مناطق سوريا وخاصة من الجنوب لم يأتوا إلى هذه المناطق للسياحة، لكنهم أتوا يحملون قضية الشعب السوريّ في تحرير جميع سوريا وهذه قضيتهم الأساسيّة وقد تركوا بيوتهم ومنازلهم وأراضيهم من أجل عدم المصالحة مع النظام، ومن أجل هذا المطلب الذي يهمُّ الشعب السوريّ بشكل عام؛ وطالبوا بتأمين مساكن تليق بهؤلاء المهجرين ليستقروا فيها بدلاً من بناء المقرات والقصور الفخمة، وإلا فعليهم التنحي عن تصدر المشهد السياسيّ محذرين مما سموه “الانفجار العظيم” والذي هو آتٍ لأن الناس قد احتقنت وهي غير راضية عن تصرفات المسؤولين في المؤسسات”.

المفارقة أنّ ذاك “التجمع الاحتجاجيّ” جاء بعد 3 أيام من وقفة احتجاجية لمجموعة من “المحامين الأحرار” أمام قصر العدل في عفرين للمطالبة بعدم تدخل ما تسمى “الحكومة السوريّة المؤقتة” في شؤون نقابة المحامين والتأكيد على استقلاليّة القضاء ومنظمات المجتمع المدنيّ. فيما ناشد بيان المجتمعين في المسجد بتدخل المؤسسات التابعة للحكومة المؤقتة!

ومن جهةٍ أخرى، كان للتجمع في المسجد غايةً لتوظيف رمزية الجامع وقيمته الدينيّة، والعدالة التي طالب بها المعتصمون هي مجرد عنوان، لأنّ العدالة تفترض إعادة الحق لأصحابه الشرعيين وليس تثبيت عمليات الاستيلاء وانتزاع الملكيات بقوة السّلاح بعد عدوان مسلّح وحرب ضارية لنحو شهرين، كما أنّ عفرين ليست الجغرافيا الصحيحة لشعارات الثورة وإسقاط النظام وبخاصة أنّ المعتصمين ينحدرون من ريف دمشق المنطقة الأقرب لمعاقل النظام السوريّ.

وجه المفارقة الصارخ الآخر، هو أنّهم اتهموا القاضية الكرديّة زوراً بأنها تبت في القضايا دون تحقيق، فيما لم يُعرف طيلة أكثر من ست سنوات من الاحتلال والانتهاكات، ولم يتم تداول أسماء مواطنين كُرد في المؤسسات القضائية التي أوجدتها سلطات الاحتلال التركيّ، مقابل عشرات آلاف الانتهاكات المرتكبة من قبل مسلّحي الميليشيات، مثل حالات الاختطاف والإخفاء القسريّ وانتزاع الملكيات بالقوة دون مستند قانونيّ، ولم تحظَ جرائم القتل بحق مواطنين كُرد وحوادث السرقة والسّلب المسلّح بأدنى إجراءات قضائية.

دعا المستوطنون المجتمعون إلى إيجاد مساكن بديلة ودائمة لهم، وهذا يتطلب بناء المزيد من القرى الاستيطانية على أراضي وأملاك المواطنين الكُرد، فيما لم ترتفع أصواتهم يوماً للمطالبة بالعودة إلى مناطقهم التي قدموا منها، حيث منازلهم وأملاكهم.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons