عفرين بوست ــ متابعة
اللغة الكردية هي أحد أهم مفردات هوية المجتمع في عفرين، ولذلك كان استهدافها متوازيًا مع التغيير الديمغرافيّ، وعملت سلطات الاحتلال على تهميشها وإهمالها بشكل متعمد، مقابل تشجيع تعليم اللغة التركية عبر فرضها في المناهج التعليمية وافتتاح معاهد لتعليمها وتقديم الحوافز لتحقيق هذا الهدف. وتأكيدًا على الاستهداف المتعمد لهوية المنطقة ألغت مديرية التربية التابعة للاحتلال التركي الاسم التاريخي لمنطقة عفرين، وتبنت اسم مديرية التربية والتعليم في منطقة غصن الزيتون أي اسم عملية العدوان والاحتلال لترسيخه عبر عملية التعليم.
توقف التقرير التوثيقي لحزب الوحدة الديمقراطي الكرديّ (يكيتي) الذي صدر في 9/3/2024، على واقع اللغة الكرديّة في الإقليم الكردية بعد الاحتلال التركي له في 18/3/2018، وحتى اليوم.
وذكر التقرير أنه بعدما كان منهاج التعليم باللغة الكرديّة خلال سنوات الإدارة الذاتيّة السابقة (2013- 2017) في عفرين، وذلك كحق طبيعي للكُرد في منطقتهم، لجأ الاحتلال التركيّ منذ عام 2018م إلى إهمال تعليمها على نحوٍ متعمّد وتغيير مناهج المدارس كليًّا، في سياق إجراءات تتريك المنطقة أو تعريبها.
وأشار التقرير إلى أنّ اللغة الكردية وكيفية تعليمها ونشرها لم تكن ضمن اهتمامات السلطات المحلية أو وفود التربية والتعليم التركية التي تزور المنطقة مرارًا، ولا وجود لمركزٍ ثقافي أو معهدٍ خاصٍ كرديّ.
وأوضح التقرير شكليّة التعاطي مع اللغة الكرديّة ووصف السياسات والممارسات بحق الثقافة واللغة الكردية بالعدائيّة، بالتوازي مع إجراءات تتريك المنطقة أو تعريبها، وأنّه رغم إدراج مادة اللغة الكرديّة فيما يسمى بـ”منهاج الائتلاف” للمدارس الابتدائية والصفوف الانتقاليّة للمرحلتين الإعدادية والثانوية منذ عام 2018، إلا أنه جرى إهمالها على نحوٍ متعمّد، من خلال:
1ــ عدم اعتمادها كلغة رسمية في المنطقة إلى جانب العربية والتركية.
2ــ اعتمادها مادة اختياريّة، حتى بالنسبة للطلبة الكُرد، وقد أُلغيت من برنامجي الشهادتين الإعدادية والثانوية، فيما تمّ اعتماد اللغتين العربيّة والتركيّة مادتين إجباريتين وتُرسبان الطالب في صفه عندما لا تتجاوز درجاته الحد الأدنى فيهما.
3ــ تخصيص حصص دراسيّة للغة الكرديّة أقل من تلك المخصصة للعربية والتركية.
4ــ عدم وجود قسم للغة الكرديّة مثل غيرها في “كلية التربية في عفرين- جامعة عينتاب”، أو معهد خاص لها، أو قسم في “جامعة حلب الحرّة- أعزاز”، أو دورات متتالية في المعهد العالي للغات بجامعة أعزاز سوى إقامة دورة يتيمة واحدة فيه.
5ــ بقاء عشرات المدارس، خاصةً في الريف، دون مدرّسين للغة الكرديّة، أو تمّ تكليف مدرّس واحد لعدة مدارس، بحيث لا يتمكن من أداء واجبه؛ ولم تُقم دورات تأهيليّة أو رفع مستوى في اللغة الكردية لحاملي شهادات ثانوية وجامعيّة من أجل سدّ النقص في الكادر التدريسيّ، بينما تُقام دورات متتالية من قبل مديرية التعليم بالتعاون مع “مركز الأناضول و مركز يونس أمره الثقافيين التركيين” في مجال اللغة التركية؛ كما لم تُفتح مسابقة واحدة لتعيين مدرّسين للكردية على غرار مسابقات بقية المواد.
6ــ ترك العديد من مدرّسي اللغة الكردية العمل بسبب الضغوطات والاتهامات الموجّهة إليهم داخل المدارس وعلى الحواجز الأمنيّة.
7ــ في حال عدم وجود مدرّس اللغة الكرديّة، يتم تحويل حصصها الدراسية إلى حصص للرياضة أو الرسم.
يُذكر أنّه تم افتتاح معهد يونس إمره الثقافيّ في مدينة عفرين المحتلة، في 31/8/20223 وهو المعهد الثاني، وذلك بحضور رئيس المعهد البرفسور شرف أتيش. ويهدف المعهد إلى تعليم اللغة التركيّة والفنون المختلفة مثل الخط العربي والرسم والموسيقى وغيرها من المجالات الأخرى. وكان أتيش قد صرح خلال افتتاح معهد باسم “يونس إمره” في مدينة الباب المحتلة في 25/8/2023، قائلًا: “هدفنا الرئيسي هو تعليم اللغة التركيّة لـ300 ألف طفل في المنطقة في المقام الأول”.
وبالنظر إلى أنّ حجم العدد الكبير المستهدف عبر دورات التعليم وإضافة فرض اللغة التركية إلزاميًا في المناهج التعليمية يتضح أنّ أنقرة تستهدف إنشاء إقليم “ناطق باللغة التركيّة” بالقوة وفرض ذلك أمرًا واقعًا في المعطى السياسيّ، ما يعني استمرار واقع الاحتلال حتى لو تم التوصل إلى اتفاق يقضي بالانسحاب التركيّ، نظرًا لما تفرضه اللغة من عوامل الارتباط والتبعية الثقافيّة.
وقد سبق أن تم افتتاح مراكز ثقافيّة ولغوية تركيّة في عفرين المحتلة، ففي 22/9/2021 تم افتتاح فرع لمركز “يونس إمره” الثقافي بحضور رئيس المركز البروفيسور “شرف آتيش” وشخصيات سياسيّة ومدنية. وخلال الافتتاح قال الأكاديميّ التركيّ في تصريح إعلاميّ: “أعزاز لنا، عفرين لنا، بكينا عندما بكى الشعب السوريّ،…”.
وفي 28/1/2021 افتتح مجلس عفرين المحلي بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم مركز الأناضول الثقافي في عفرين. علاوة على مدارس إمام وخطيب التي تدرس وفق المناهج التركيّة.
وأقيمت جملة نشاطات في عفرين المحتلة بإشراف المجلس المحلي التابع للاحتلال تتعلق بتعليم اللغة التركيّة منها:
في 26/2/2024، تم افتتاح “الأكاديمية الدولية” لتعليم وتنمية المهارات والتكنولوجيا والتدريب الاحترافي في مدينة عفرين، وتوفر الأكاديمية تدريبات متقدمة في تطوير البرمجيات وألعاب الذكاء والتصنيع الرقميّ والروبوتات وتقنية المعلومات وغيرها من دورات في الحاسوب واللغات.
في 12/2/2024 أعلنت مديرية التربية والتعليم في عفرين بالتعاون مع معهد يونس امره إطلاق دورة في تعليم اللغة التركيّة في كلّ من (عفرين – جنديرس – راجو – شران) وذلك للمستويات التالية: A1 – A2 – B1 – B2
في 2/2/2024 أقيم في مركز يونس أمره في عفرين حفل توزيع شهادات اللغة التركية لـ 110 طالب وطالبة من المسجلين في دورات تعلم اللغة التركية في المستويات A1, A2, B1, B2، بحضور محمد شيخ رشيد نائب رئيس مجلس عفرين المحلي ومنسقين.
في 29/1/2024 أقام مركز يونس أمره في مدينة عفرين دورة في اللغة التركية وطرائق تدريسها لمعلمي مادة اللغة التركية في المنطقة بهدف توسيع وتطوير معارفهم المهنية وتعزيز أساليب التدريس لديهم. وذلك برعاية مديرية التربية والتعليم.
21/1/2024 أقامت مديرية التربية والتعليم على مدرج كلية التربية في عفرين (جامعة غازي عنتاب)، دورة تدريبية تأهيلية لجميع المعلمين الذين تم تعيينهم حديثًا إضافة لمعلمي الصف ومعلمي اللغة التركيّة.