عفرين بوست ــ خاص
يعرّف “إبراهيم الصمادي” نفسه ثوريًّا وإعلاميًّا وشاعرًا وناشطًا إنسانيًّا ومهتمًا بالتراث والآثار، وهو مستوطن ينحدر من محافظة درعا، حظي باهتمام وسائل إعلام المعارضة التي لمعت صورته وقدمته على أنّه صاحب متحفٍ استثنائيّ للتراث، وقفزت فوق حقيقة مصدر التحف الثمينة وطرق التمويل لشراء مقتنيات أثريّة وتراثيّة قيمتها عشرات آلاف الدولارات. وكأن عفرين هي الجغرافيا التي تطوي سجله في قضايا النصب والاحتيال وتسلق الشعارات.
من هو الصماديّ؟
هو إبراهيم عدنان الصمادي أبو إسلام، من أهالي مدينة جاسم بمحافظة درعا، ويقيم في مدينة عفرين المحتلة منذ عام 2018، بعدما أضحت بعد الاحتلال مقصد كلّ المسلحين وحواضنهم وكذلك الباحثين وراء المال ومتسلقي شعارات الحرية والكرامة.
درس “الصمادي” المرحلة الابتدائية بالمدرسة الكائنة عند دوّار جاسم بمدينة جاسم، لم يكمل الدراسة، بعد رسوبه عامين متتالين في الصف الخامس.
لم يتقن مهنة لكسب العيش، وعمل في بيع الكاسيت وأقراص CD لأفلام إباحية، وكان كثير التردد على المقاصف ومرابع الليل، ولم يردعه غضب والده وتبرؤه منه، لدرجة أنه طلب من معارفه بعدم مناداته “أبو إبراهيم” بل باسم “أبو شريف”، وواصل “الصمادي” الطريق نفسه وأسس فرقة “ندى” للدبكة، لإحياء الأعراس، لكنه لم يفلح وطرد من الحفلات وتعرّض وفرقته للضرب.
تاريخ من النصب والاحتيال
قبل الأزمة السوريّة اقترض “الصمادي” مبلغ 800 ألف ليرة سورية من المصرف، لتمويل افتتاح محل لألعاب الكمبيوتر، إلا أنّه أنفق المبلغ على سهراته في الملاهي الليليّة والراقصات، فلوحق على ذمة مبلغ القرض.
ركب “الصماديّ” كغيره موجة الثورة وشعاراتها، وكان يتطلع إلى تأمين مبلغ القرض وتسديده للمصرف لتتوقف الملاحقة القانونيّة بحقه، إلا أنه مضى في مسار الفساد وجرائم النصب والاحتيال وامتهن ذلك، واقترض من العديد من الأشخاص مبالغ كبيرة وامتنع تسديدها، مهددًا بترويج تهمة التشبيح والولاء للنظام بحق دائنيه الذين اقترض منهم. ما يجبرهم على السكوت. مستغلاً حساسيّة الوضع في المحافظة التي بدأت منها شرارة الأزمة.
في كلّ اللقاءات المصورة التي ظهر فيها المدعو “الصمادي”، يذكر أنّه أقام متحفًا في محافظة درعا باسم “متحف حوران الثوريّ”، ضم بحسب روايته أكثر من 4500 قطعة أثريّة قبل تهجيره من درعا، ويقول إنّ الدافع الأساسيّ لهذا النشاط هو حبه للتراث ومن أجل الحفاظ عليه، وبخاصة أنه رأى قوات النظام تقوم بسرقة الآثار والإتجار بها وتهريبها، كما إنّ جمع التحف استهواه.
والحقيقة أقام خيمة في مدينة جاسم واستعار من الأهالي ومعارفه بعض المقتنيات النحاسيّة وسجاد وبسط قديمة وتراثيّة، وبعد فترة أزال الخيمة وسرق محتوياتها، وطالبه أصحاب النحاسيات بأغراضهم إلا أنّه تهرب منهم وكذلك من الدائنين تحت طائلة التشهير بهم.
قام “الصماديّ” بأعمال النصب والاحتيال بأساليب متنوعة، منها النصب على محلات في مدينة جاسم وغيرها بحجة جمع التبرعات للعوائل الفقيرة بأسلوب الإتاوة، وكان يأخذ 5 آلا ف ليرة من كلّ محل بينها صيدلية. ونشر في غرفة على موقع واتس آب بأنّه بصدد شراء ملابس العيد لأولاد شهيد، وعندما استجاب صاحب محل له شرط إحضار الأطفال رفض وأصر على دفع المبلغ نقدًا ليشتري بنفسه. واحتال على طبيب يدعي “إيهاب الجلم” بمبلغ 500 دولار، واستدان من مهندس يدعى “راتب الجباوي” ولدى مطالبتهما برد المبالغ شهّر بهما واتهمهما بالعمالة للنظام.
وتم تنظيم عدة ضبوط شكوى بحقه بسبب عمليات الاحتيال خلال عام 2017، ولذلك توارى عن الأنظار، ونشر حينها “إنّهم يريدون إسكات صوت الحق وادّعى أنه من أوائل الذين خرجوا ضد النظام”، وممن اشتكى ضده: بسام الحاج علي ويطالبه بباقي ثمن سيارة، محمد رشراش الحلقي طالبه بثمن جرار زراعي نوع فرات، فندي فاعور العامر، الذي طالبه بمبلغ قبضه لقاء ضمان دين قائلًا بالحرف: “ماني دافع وروح اشتكي على بالمخفر لأني رح أفجر المخفر باليومين”.
وبلغ مجموع المبالغ التي نصب بها “إبراهيم الصمادي” على أهالي مدينته جاسم نحو ثمانية ملايين ليرة سورية، عدا المبالغ التي لم يشأ أصحابها الشكوى أو الادعاء. ويُضاف إلى ذلك ثمن المقتنيات التراثيّة والأثرية النحاسيّة والسجاد والأغراض التي استعارها من إنشاء خيمة وتقدر قيمتها بنحو 10 ملايين ليرة.
وفي اللقاءات الإعلاميّة التي أجريت معه ادّعى أنّه اشتراه بماله، وأنّه كان دائم البحث عن القطع النادرة ويدفع ثمنها بسخاء. ونشرت مدونة الاستحقاق في 14/12/2017 تقريراً بعنوان “الشاعر ابراهيم الصمادي عمليات نصب واحتيال وتشبيح بالوثائق” رصدت فيه بالوثائق العديد من أعمال النصب والاحتيال التي قام بها المدعو “الصمادي” قبل قدومه إلى مدينة عفرين المحتلة.
وأسس “الصمادي” مجوعة واتس آب مع كل من “أبو ياسر الفشتكي وأبو أحمد الحمصي”، وتحولت المجموعة إلى مهاترات وتبادل الاتهام بالفساد والعمالة.
الصمادي في عفرين
انتقل الصمادي إلى عفرين بعد احتلالها ورغم اختلاف والبيئة إلا أنه واصل أعمال النصب والاحتيال، وبدأ مرحلة جديدة، وافتتح في 4/4/2021 متحفًا باسم المتحف التراثيّ السوريّ في شارع الفيلات، ويضم 2500 قطعة أثرية متفاوتة القدم، وأكثر من 100 قطعة نقديّة من العهد الإغريقي حتى العثماني، ويزعم “الصمادي” أنّه أحضر معه ما استطاع من موجودات متحفه من درعا، دون توضيح الطريقة التي تم بها النقل.
ومن بين مقتنيات المتحف سيف عثماني يزعم أنه لأرطغرل وعمره 600 سنة وبنادق ومسدسات عثمانية وسيوف دمشقية وبندقية فرنسية عمرها 280 سنة.
ومن خزعبلات الصمادي أنه أهدى بعض المباركين بافتتاح المتحف خنجرًا قال عنه إنه “خنجر الموت”، وأوضح أنه بغاية حقن الدماء. كما ظهر في مقطع مصوّر يحمل سيفًا بيده ويهدد ويرعد ويزبد، في سلوك “داعشي”.
وفي مقطع مصور نشره تحدث عن شخص يدعى “أسامة القاضي” وقال: مصير يا أسامة “السيف البتّار وإلى جنهم”. فيما دافع باستماتة عن شخص يدعى “نزار الحراكيّ”، وفي مناسبة أخرى اتهم “القاضي” بالتشبيح واللصوصية ووصفه بالمجرم، وقال “من حق سيفي البتار أن يقطع رأس هذا الرجل”.
العديد من مواقع والأقنية الإعلاميّة المحسوبة على المعارضة زارت متحف “الصماديّ” وأشادت به مثل قناة حلب اليوم، تلفزيون سوريا، موقع زمان الوصل، موقع عنب بلادي. وروّجت بعض التقارير أنّ المتحف أُفتتح في مدينة أعزاز.
في 15/10/2022 ظهر “الصمادي” على قناة حلب اليوم واشتكى من اقتحام عناصر “هيئة تحر ير الشام” لمتحفه وسرقة محتوياته ونهبه مطالبًا “الهيئة” بمحاسبة الفاعلين.
بوق مدافع عن أبو عمشة
المدعو “الصمادي” هو أحد أفراد الطابور المدافع عن متزعم ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” المدعو “محمد حسين الجاسم/ أبو عمشة”، وتجميل صورته، وهناك آخرون من أمثال: الشاعر النعيمي أبو علاء، فيصل الصفوك، أبو علي الجربا.
وتم تداول أن المدعو “أبو عمشة” قدم دعمًا ماليًّا لتجهيز المتحف مقداره 300 ألف دولار، ومعلوم أنّ ميليشيا “العمشات” متورطة في أعمال البحث والتنقيب عن الآثار في مواقع عديدة من ناحية شيه، ولعل المتحف كان واجهة لعرض اللقى الأثريّة والتعريف بها وعقد صفقات بيعها وتهريبها إلى تركيا.
وأقنع “الصمادي” “أبو عمشة” بتمويل إنشاء مضافة في مدينة عفرين باسم “مضافة درعا” بآلاف الدولارات، وهي غطاءٌ لكثير من اللقاءات والصفقات وحتى استقطاب النساء بحجة المساعدة، وقد تم تداول إصدار خاص بالمدعو “الصمادي” يتواصل فيه مع امرأة ويحاول استمالتها، وقد استخدم إحدى النساء في تهريب الآثار. وفي عفرين تزوج بامرأة من ريف دمشق، ثم طلقها، كما ستكون المضافة ركنًا لتعاطي المواد المخدرة والحشيش في آخر السهرات، والمسألة متعلقة بالمكسب الماليّ.