عفرين بوست ــ متابعة
نشرت صحيفة ديرشيبغل الألمانيّة اليوم الخميس تقريراً كتبه كريستوف رويتر وفيديليوس شميد، بعنوان “يجب على المدعين الفيدراليين التعامل مع ميليشيات التعذيب الموالية لتركيا في سوريا”. تناول الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ في إقليم عفرين، وذكر التقرير إلى ارتكاب جرائم النهب والاغتصاب والتعذيب ومضايقة السكان الكرد، وتوجه بعض الضحايا إلى مكتب المدعي العام الاتحادي.
إفادة أحد ضحايا التعذيب
ونقلت الصحيفة إفادة عن شاهد عرّف نفسه بالرمز” ز9″، الذي قال: كان أشخاصٌ عند نقطة التفتيش (الحاجز) يضعون علمين على زيهم الرسمي. علم “الجيش الوطنيّ” على الساعد والعلم التركيّ على اليمين. وربطوا عصابة القماش حول رأسه واقتادوه إلى السجن. وهناك ضربوه وركلوه وغرزوا إبرة تحت أظافره، وصرخ أحدهم: عليك أن تعترف بأنك إرهابي تعمل لصالح حزب العمال الكردستاني.
لاحقاً تم نقله إلى سجن آخر، حيث ساءت الأمور كثيرًا. يقول ” ز9″ لقد تعرضت لتعذيبٍ، من الصعب أن أتخيله”. وينقطع صوته ويريد استراحة. ثم يواصل ليقول إنَّ الأمر يتعلق باغتصاب النساء، والإذلال أمام السجناء الآخرين، والسجناء الذين يُحرمون بشكل منهجيّ من الطعام.
الشاهد “ز9” تحدث الذي عبر الفيديو، قال إنه لا يمكنه وصف أو كشف المكان. ولا توجد أدلة حول متى وأين عانى وكيف هرب من السجن بعد نحو من ثلاث سنوات. وهو خائف على عائلته التي بقيت في منطقة عفرين السوريّة والمنطقة الكردية التي تسيطر عليها ميليشيات عربيّة بدعم من تركيا. بحسب الصحيفة.
“ز9” هو الشاهد التاسع في الشكوى الجنائيّة التي تلقاها المدعي العام الاتحاديّ في “كارلسروه” هذا الأسبوع. ويريد كما غيره من ضحايا الميليشيات تقديم معذبيهم إلى العدالة، بما في ذلك تهمة “ارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة”.
واليوم أصبحت “كارلسروه” مقر المدعي العام الاتحاديّ بمثابة الأمل الأخير لضحايا عفرين.
الحرب المهملة
تقول الصحيفة: “الحرب الأهلية في سوريا مأساة منسية تقريباً. لم يعد أحد تقريباً يتحدث عن فظائع تنظيم “الدولة الإسلاميّة/ داعش”، وعن التعذيب والإعدامات الجماعيّة التي يرتكبها النظام السوريّ. لقد تجاهل الغرب إلى حد كبير دراما منطقة عفرين السوريّة”.
عندما غزت تركيا شمال سوريا في عام 2018 بحجةِ شن عملية ضد حلفاء إرهابيي حزب العمال الكردستاني، أثار المراقبون والناشطون المؤيدون للكرد مزاعم خطيرة: أنّ القوات التركية كانت تهاجم أيضًا أهدافًا مدنيّة.
وبعد وقت قصير من الغزو، استولت الميليشيات التي انبثقت من صفوف المتمردين السابقين ضد نظام الأسد على السلطة في عفرين. ومعهم، ووفقاً لمضمون الشكوى الجنائية، نشأ حكم تعسفيّ مناهض للكرد.
ويؤكد بحث دير شبيغل هذه الادعاءات. وبناءً على ذلك، لا ينكر حتى السكان العرب في المنطقة القمع الذي يتعرض له باقي الكرد. إذ يتم اعتقال الكرد مراراً وتكراراً، والتهمة دائماً هي أنّ لهم صلات بحزب العمال الكردستاني. ويُقال محليّاً إنَّ الميليشيات تموّلها تركيا. وقد انخفضت مدفوعات أنقرة إلى 100 دولار لكل مسلح الميليشيات شهريًا. ومنذ ذلك الحين، يقوم المقاتلون أيضًا بابتزاز السكان.
وتشير الصحيفة إلى أنّ الاعتقالات أو التهديدات ضد الكرد أصبحت عملاً ضخماً يشبه المافيا، فالمقاتلون العرب تحت قيادة الأتراك يطلبون رشاوى من المتهمين كيلا يتم القبض عليهم وتسليمهم. وتُقدر بحسب أحد سكان عفرين 500 ــ 1000 دولار للعائلة الواحدة”.
إتاوات الحماية وعمليات النهب والطرد
يُعتقلُ أيّ شخص يمتنع عن دفع إتاوة الحماية أو النهب أو يُمنع من زراعة حقوله. يقول أحد سكان المنطقة: “هذا الموسم فرضوا على مزارعي الزيتون دولارين ونصف لكلّ شجرة”. وأولئك الذين لم يدفعوا وجدوا أشجارهم مقطوعة أو محترقة.” يمكن لتركيا أن تضع حداً لكل هذا. لكنها لا تفعل ذلك. يقول المواطن: “يبدو أنَّ هذا يناسبهم”.
وتشتبه الناشطة السورية الكردية صبيحة خليل في ذلك أيضًا. وسيُطرد أكبر عدد ممكن من الكرد من مناطقهم بسبب حكم الإرهاب الذي تمارسه الميليشيات. وسيُستهدف اللاجئون السوريون، وخاصة من عائلات الجيش الوطني، والعرب والتركمان من مناطق أخرى. تقول خليل: “تركيا اليوم أكثر حذراً مما كانت عليه عندما ارتكبت مجازر ضد الكرد والمجموعات العرقيّة الأخرى، فمجازر اليوم أقل دمويّة (التطهير العرقي وتغيير التركيبة السكانيّة).
يقول الصحفي السوري روج موسى، القادم من عفرين: “يجب أن تكون هناك قواعد حتى في المناطق المحتلة. لكن شريعة الغاب هي التي تسود في عفرين. وقد فشلت تركيا حتى كقوة محتلة.
على أمل المحاسبة
لا يعتقد الضحايا من عفرين أنّ الحكومة الاتحادية قادرة على فعل أي شيء لتغيير الوضع. وتقول وزارة الخارجيّة إنَ الحكومة الفيدراليّة انتقدت مراراً الوجود التركي في عفرين، ودعت إلى إنهاء الوجود العسكري هناك سريعاً. لكن تركيا الشريكة بحلف الناتو ليست مهتمة بشكل خاص بهذه المخاوف السياسيّة من ألمانيا.
لذا يأمل الشاهد “ز9″، وزملاؤه الآن في نظام العدالة الألمانيّ. ويقول: “أريد العدالة، أريد تقديم الجناة إلى العدالة”.
وفي حالات أخرى، حصل مكتب المدعي العام الاتحاديّ فعلاً على مذكرات اعتقال بحق أعضاء رفيعي المستوى في جهاز القمع التابع للدولة السوريّة. وأدانت المحكمة الإقليميّة العليا في كوبلنز اثنين من شخصيات النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة وانتهى الأمر بعناصر “داعش” الإرهابيّ في السجون الألمانية بسبب مشاركتهم بالإبادة الجماعية ضد الإيزيديين.
يقول المحامي باتريك كروكر من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ECCHR، الذي قدم الشكوى الجنائيّة مع محاميه: “إن الأحكام الصادرة ضد جلادي نظام الأسد في ألمانيا تُظهر أنّ التحقيق في الجرائم في سوريا يحرز تقدماً”.
يجب تطبيق القانون الجنائي الدولي “بشكل عشوائي”. “أيضًا ضد مجموعات من الجناة المرتبطين بدول حليفة مثل تركيا”.